الغارديان: التهديد بترحيل محمود خليل تجاهل خطير لحرية التعبير
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً عن التهديدات التي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بترحيل الناشط محمود خليل، معتبرة أنها تعكس تجاهلاً خطيراً لحرية التعبير، وأنها مثال صارخ للرقابة الرسمية التي تهدف إلى تقليص الانتقادات الموجهة لإسرائيل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن خليل، الذي تخرج مؤخراً من كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، يحمل بطاقة خضراء تمنحه إقامة دائمة، وهو متزوج من مواطنة أمريكية، وهما في انتظار مولودهما الأول قريباً.
لا تزال التفاصيل المتعلقة بالقضية موضع جدل ذلك أن أصدقاء خليل وصفوه بأنه "شخص طيب، صادق التعبير، ولطيف"، بينما وصفه أحد أساتذة كولومبيا بأنه "شخص يسعى إلى إيجاد حلول عبر الكلام والحوار. هذا ليس شخصاً يشارك في العنف أو يُحرّض الناس على القيام بأفعال خطيرة".
وذكرت الصحيفة أن دونالد ترامب، الذي رحب باعتقال خليل، زعم أن الأخير كان من بين الطلاب "الذين شاركوا في أنشطة مؤيدة للإرهاب، ومعادية للسامية، ومعادية للأمريكيين". لم تقدم الإدارة أي أدلة تدعم هذه الادعاءات، لكن حتى لو فعلت فإن اقتراح أن يكون الخطاب المسموح به أساساً للترحيل يعد أمراً مقلقاً للغاية. وقد تعهد ترامب بمواصلة مثل هذه الجهود لترحيل المزيد من الأفراد.
وأفادت الصحيفة بأن التعديل الأول من الدستور عادةً ما يوفر الحماية حتى للخطاب الذي قد يُعتبر مسيئاً. ومع أن الحكومة تتمتع بمرونة أكبر في ترحيل غير المواطنين، إلا أن خطاب ترامب يعكس نية لتجاوز الحدود المسموح بها. فما معنى أن يكون الشخص "مناهضاً لأمريكا"؟ كما شهدنا خلال فترة المكارثية، يمكن أن يواجه الأفراد هذا الاتهام بسبب آراء سياسية مشروعة. مثل هذه الحملات تتناقض تماماً مع مفهوم النقاش الحر الذي يعد جوهر الديمقراطية الأمريكية.
وأشارت إلى أن ترامب يدفع باتجاه نهج مقلق يقوم على استغلال مزاعم معاداة السامية لقمع منتقدي الحكومة الإسرائيلية. معاداة السامية هي قضية خطيرة تهدد اليهود في جميع أنحاء العالم، ولكن إذا أصبح الاتهام بمعاداة السامية وسيلة لتخويف المنتقدين لإسرائيل، فإن ذلك سيقلل من قيمة هذا المفهوم في وقت تشتد فيه الحاجة إلى التصدي لمعاداة السامية الحقيقية.
وأضافت الصحيفة أن مزاعم ترامب غير المدعومة بشأن كون خليل "مؤيدًا للإرهاب" تستوجب التوضيح. فمن حيث المبدأ، معارضة الهجمات الإسرائيلية العشوائية وغير المتناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين، إضافةً إلى سياسة تجويعهم، لا تعني بالضرورة تأييد الإرهاب. إسرائيل ملزمة باتخاذ رد عسكري على الهجمات التي ارتكبتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وفقًا للقانون الإنساني الدولي. لكن جرائم الحرب من جانب واحد لا تبرر ارتكاب جرائم حرب من الطرف الآخر. وإذا كان خليل قد فعل ذلك، فإن ذلك لا تجعله "مؤيدًا للإرهاب"، بل مؤيدًا لحماية المدنيين.
وقالت إن انتقام إدارة ترامب من خليل هو جزء من هجومها الأوسع على الاحتجاجات الطلابية ضد جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة. قبل أيام قليلة، أعلنت الإدارة عن سحب 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي من جامعة كولومبيا، بزعم فشلها في حماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود خلال الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل، التي كانت الغالبية العظمى منها سلمية بالكامل. وقد تم تهديد جامعات أخرى الآن بتعليق تمويلها بنفس الطريقة.
وذكرت أن "العديد من المحتجين ضد الفظائع الإسرائيلية كانوا من اليهود. ومرة أخرى، يبدو أن تبرير ترامب لفرض الرقابة على منتقدي إسرائيل واهٍ للغاية. إذا قبلنا استثناء إسرائيل من حقوقنا في حرية التعبير، فمن المؤكد أن استثناءات أخرى ستتبعها. فهل نحن في طريقنا نحو تطبيق قانون "إهانة الذات الملكية" على غرار تايلاند، حيث يُجرّم انتقاد الملك؟ - وهو لقب سبق أن أطلقه ترامب على نفسه".
وأشارت الصحيفة إلى أن "فرض الرقابة على انتقاد إسرائيل لا يعد استراتيجية فعالة حتى لحماية إسرائيل. فخطة ترامب "لحل" قضية الفلسطينيين في إسرائيل من خلال ترحيل ملايين الفلسطينيين بالقوة ستكون جريمة حرب ضخمة، وقد رفضتها الدول العربية التي كان ترامب يعتقد أنها ستستقبل اللاجئين أو تدفع لاحقًا لإعادة بناء غزة".
وفي حال فشل تلك الخطة، فإن الحكومة الإسرائيلية تفضّل الإبقاء على الوضع الراهن – الاحتلال المستمر – لكن هذا الخيار يواجه رفضاً متزايداً عالمياً، حيث اعتبرته محكمة العدل الدولية في تموز/يوليو نظاماً للفصل العنصري. وهناك خيار آخر يتمثل في الاعتراف بـ “"واقع الدولة الواحدة" الذي فرضته المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة والقدس، إلا أن الحكومة الإسرائيلية ترفض منح حقوق متساوية لجميع السكان. ومع تقارب عدد اليهود والعرب في المنطقة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، فإن ذلك يعني أن إسرائيل ستفقد أغلبيتها اليهودية.
وقالت الصحيفة إن "الحل الأكثر واقعية وقانونية وديمومة هو حل الدولتين، حيث تعيش دولة إسرائيلية وأخرى فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام. ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كرّس مسيرته السياسية لإحباط إقامة دولة فلسطينية، إلا أن هذا يبقى الخيار الأفضل لتحقيق سلام مستدام".
وأشارت إلى أن ترامب، من خلال ضغطه على نتنياهو للموافقة على الهدنة المؤقتة في غزة، أظهر قدرته على ممارسة النفوذ على الحكومة الإسرائيلية لدفعها نحو اتخاذ خطوات نحو السلام، رغم معارضتها لذلك. ويمكنه أن يمارس الضغوط ذاتها لدفع إسرائيل نحو حل الدولتين.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه لتحقيق دعم سياسي لهذه الخطوة الحاسمة، فإننا بحاجة إلى نقاش حر في الولايات المتحدة. فجهود ترامب لفرض الرقابة على انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية تمثل وصفة لحروب مستمرة وفظائع لا تنتهي. حرية التعبير شرط أساسي إذا كان هناك أمل في تحقيق تغيير إيجابي. وعلى ترامب أن يتراجع عن محاولته المضللة لترحيل خليل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية محمود خليل الاحتلال حرية التعبير امريكا الاحتلال حرية التعبير محمود خليل صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الإسرائیلیة
إقرأ أيضاً:
ماسك يحذف المنشور الذي اتهم فيه ترامب بالضلوع في قضية إبستين
حذف الملياردير الأمريكي الشهير إيلون ماسك منشورا أكد فيه أن الرئيس دونالد ترامب "ضالع في ملفات إبستين".
ونشر ماسك المنشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) الخميس، في خضمّ حرب كلامية شرسة بين ملياردير التكنولوجيا والرئيس الأمريكي، بعد أن شكّل الخلاف حول مشروع قانون الإنفاق الرئيسي الذي طرحه ترامب نهايةً مفاجئةً لتحالفهما الوثيق.
مع تصاعد الخلاف، اقترح ماسك أيضًا عزل ترامب من منصبه.
ويذكر أن "ملفات إبستين" عبارةٌ تُستخدم عاميًا لوصف المعلومات الاستخباراتية التي بحوزة السلطات الأمريكية عن جيفري إبستين، الممول المتحرش بالأطفال الذي توفي عام 2019.
ومع ذلك، بحلول صباح السبت، حذف ماسك منشوره، وبدا وأن ترامب أيضًا يُلمّح إلى تجاوز الخلاف، إذ قال للصحفيين خلال رحلة جوية إلى نيوجيرسي: "بصراحة، كنت مشغولًا جدًا بالعمل على الصين، والعمل على روسيا، والعمل على إيران.. لا أفكر في إيلون ماسك. أتمنى له كل التوفيق فقط".
وبدأ الخلاف عندما انتقد ماسك، الذي تنحى الأسبوع الماضي عن منصبه كرئيس لإدارة كفاءة الحكومة، مشروع قانون الرئيس القادم ووصفه بأنه "عمل مقزز" وزعم أنه سيزيد الدين العام.
ردّ ترامب بالقول إن الملياردير منزعج لأن أحد حلفائه لم يُختَر لدور في إدارة ناسا الجديدة.
وألمح ترامب أيضًا إلى أن ماسك منزعج لأن "مشروع القانون الكبير الجميل" الذي أقره البيت الأبيض سيُنهي الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لشركة سياراته تيسلا.
وقال ترامب "لقد كان يعرف ذلك أفضل من أي شخص آخر تقريبا، ولم تكن لديه أي مشكلة حتى بعد مغادرته مباشرة".
صرح الرئيس لاحقًا، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي مع فريدريش ميرز، المستشار الألماني، أن ماسك يعاني من "متلازمة اضطراب ترامب". وأضاف الجمهوري لاحقًا أنه "يشعر بخيبة أمل كبيرة" تجاه رجل الأعمال.
ومع ذلك، سارع ماسك بالرد، مدعيًا أن الرئيس لم يفز في انتخابات العام الماضي إلا بفضل دعمه.
وكتب على منصة "إكس أنه "لولا دعمي، لكان ترامب قد خسر الانتخابات. لكان الديمقراطيون سيسيطرون على مجلس النواب، ولحصل الجمهوريون على 51 مقعدًا مقابل 49 مقعدًا في مجلس الشيوخ... يا له من جحود!".
ثم نشر أغنى رجل في العالم منشوره عن الرئيس وملفات إبستين، لكنه لم يقدم أي دليل يدعم ادعائه.
وكان ترامب وإبستين ينتميان إلى نفس الدوائر الاجتماعية في نيويورك، وقد صُوِّرا وهما يحتفلان معًا في مناسبات مختلفة في الثمانينيات والتسعينيات.
وانتحر إبستين عام 2019 في زنزانة سجن في مانهاتن أثناء انتظاره المحاكمة بتهم الاتجار بالجنس.
في شباط/ فبراير، تعهدت بام بوندي، المدعية العامة الأمريكية، بنشر ملفات إبستين، إلا أن وثائق "المرحلة الأولى" التي أُفرج عنها لمجموعة مختارة من المؤثرين المحافظين احتوت على معلومات كانت في معظمها متاحة للعامة.
ومع تصاعد الخلاف، أعلن ماسك أنه سيُوقف تشغيل مركبة دراغون الفضائية، التي تستخدمها ناسا لنقل رواد الفضاء من محطة الفضاء الدولية.
بدوره، هدد ترامب بإلغاء جميع العقود الحكومية المبرمة مع مالك شركتي تسلا وسبيس إكس، قائلا: "أسهل طريقة لتوفير مليارات الدولارات في ميزانيتنا هي إنهاء الدعم الحكومي والعقود الممنوحة لإيلون".