هكذا عززت تصريحات ترامب الدعم الشعبي الأوروبي لغزة
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
لندن- شهدت مدن أوروبية كبرى تصاعدا ملحوظا في المظاهرات الداعمة لفلسطين، وخاصة قطاع غزة، بعد فترة من التراجع النسبي في النشاط الاحتجاجي. ويعود ذلك إلى تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بسبب السياسات الأميركية المتشددة تجاه القضية الفلسطينية ودعمها غير المشروط لإسرائيل في حربها المستمرة ضد غزة.
في السياق، قال كريس نيانام مسؤول أمن المسيرات الوطنية بحملة "التضامن من أجل فلسطين" البريطانية، للجزيرة نت، إن العاصمة لندن شهدت مظاهرتين وطنيتين منذ 18 يناير/كانون الثاني الماضي، مع استمرار التحركات في الشوارع تأكيدا على التزام الحركة الاحتجاجية بالضغط الشعبي.
وأشار إلى أن حادثة ذلك اليوم، التي شهدت تدخلا أمنيا مكثفا، وأكبر حملة اعتقالات ضد متظاهرين في المملكة المتحدة، لم تَثْن المحتجين عن التظاهر بل زادتهم تصميما على مواصلته.
حركة قوية
وأضاف نيانام "الحركة ملتزمة تماما بالبقاء في الشوارع ولدينا احتجاج، الخميس المقبل، ضد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر للمملكة المتحدة، وسنستمر في الاحتجاجات خلال الأسابيع والأشهر المقبلة".
وتأتي هذه الزيارة بعد أيام من انتقاد عضو البرلمان البريطاني إيميلي ثرونبري لنائب وزير الخارجية الإسرائيلي، وذلك إثر قيامه بتصويرها سرا ومشاركة الفيديو على الإنترنت، حيث يخطط التحالف المنظم للمسيرات الوطنية في لندن للوقوف أمام البرلمان احتجاجا على الزيارة.
إعلانوبرأيه، فإن التركيز الإعلامي على القضية الفلسطينية تراجع جزئيا بفعل انشغال الإعلام الغربي بأزمات أخرى، لكنه شدد على أن الحركة الاحتجاجية لا تزال قوية وتشهد مشاركة واسعة، حيث بلغ عدد المشاركين في احتجاج، 15 مارس/آذار الجاري، 50 ألف شخص.
وفي بيان شاركه التحالف المنظم للمسيرات الوطنية في لندن، أدانت حملة "التضامن من أجل فلسطين" بأشد العبارات تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ما سمته "تطهيرا عرقيا محتملا بحق سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة"، وأكدت أن هذه الخطط تمثل "جريمة تاريخية تتحدى القانون الدولي وتنتهك الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني".
كما لفتت الحملة إلى أن "إسرائيل كانت قد ناقشت خططا مشابهة منذ سنوات، حيث أعدت وزارة استخباراتها في أكتوبر/تشرين الأول 2023 خطة لتهجير سكان غزة إلى مصر بالقوة، أي قبل أكثر من عام من تولي ترامب الرئاسة".
وحسب البيان ذاته، تأتي هذه الخطط "في وقت تسعى فيه حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى فرض سيادتها الكاملة على الضفة الغربية، بما يكمل مشروع الاستيطان في كامل فلسطين التاريخية".
وأكد نيانام أن الاحتجاجات في بريطانيا "تُعد الأقوى". وتحدث عن وجود مظاهرات في فرنسا وألمانيا شارك فيها الآلاف في بعض المناسبات "وإن كانت أقل زخما مقارنة بلندن".
وشدد على أن الاحتجاجات في بريطانيا قد تكون محفزا لحراك شعبي أوسع في بقية العواصم الأوروبية، لذلك يستشعر تحالف التضامن مع فلسطين، المكون من عدة مؤسسات أبرزها "أوقفوا الحرب" و"حملة التضامن مع فلسطين"، المسئولية تجاه قيادة هذا الحراك ضد الحكومات.
ووفقا له، فإن إعراب وزير الخارجية والحكومة البريطانيين عن القلق بشأن قطع المساعدات والكهرباء عن غزة، هي "أقوال خالية من أي أفعال ممكنة يُفترض أن تكون مسؤولة وفورية من قبل الحكومة التي تستطيع إيقاف إسرائيل عند حدها، ولكن هذا لا يحدث".
من جانبه، قال حاييم بريشيث، وهو أستاذ تاريخ وأكاديمي ناشط في مناهضة الصهيونية، إن السياسات المتشددة التي تنتهجها إدارة ترامب، والتي تضمنت تهديدات علنية ضد الفلسطينيين وخططا مثيرة للجدل مثل شراء غزة وتحويلها إلى وجهة سياحية، كانت أحد العوامل الرئيسية في دفع الجماهير الأوروبية للنزول إلى الشوارع.
إعلانوفي حديثه للجزيرة نت، وصف بريشيث تلك التصريحات بـ"الجنون السياسي الذي يتبناه ترامب"، وأضاف أنها أسهمت في إثارة غضب الشارع الأوروبي وعززت الشعور العام بضرورة التصدي لهذه السياسات العدوانية.
وأشار إلى أن دعم إدارة ترامب لإسرائيل بشكل غير مشروط أدى إلى تقويض مصداقية النظام القانوني الدولي، مما تسبب في مخاوف متزايدة من أن هذه السياسات ستشجع انتهاكات إضافية في المستقبل.
وبرأي بريشيث، فإن استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل دون قيود، بالتزامن مع تعقد المشهد السياسي في الشرق الأوسط وأوروبا، سيبقي القضية الفلسطينية في دائرة الضوء. وأضاف أن الضغط الشعبي المتزايد قد يدفع الحكومات الأوروبية إلى اتخاذ مواقف أكثر استقلالية في التعامل مع هذه القضية، في محاولة للحفاظ على الاستقرار الداخلي وتجنب تصاعد التوتر مع الجماهير الغاضبة.
يُشار إلى أن تحالف تنظيم المسيرات الوطنية ببريطانيا أكد أن مطالبهم تتضمن وقف بيع الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض عقوبات صارمة عليها حتى تمتثل للقوانين الدولية وتنهي الاحتلال، كما يدعون إلى تحرك عاجل لإنشاء قوة حماية دولية في غزة والضفة الغربية لضمان أمن المدنيين الفلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء: الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين تنذر بتحول مواقف الغرب تجاه إسرائيل
تشير موجة الاعترافات المتسارعة من دول أوروبية وغربية بدولة فلسطينية إلى حدوث تحول لافت في مواقف هذه الدول تجاه إسرائيل، مما ينذر بانتهاء مرحلة الدعم غير المشروط لتل أبيب، وفقا لما يؤكده خبراء في العلاقات الدولية والقانون الدولي.
وارتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 148 من أصل 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد توج هذا التوجه بتصريحات من فرنسا وبريطانيا وكندا بشأن نية كل منها الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر/أيلول المقبل، بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك.
ويرى البروفيسور جون كويغلي أستاذ القانون الدولي المتقاعد من جامعة أوهايو الأميركية أن إعلان فرنسا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين يحمل أهمية رمزية وقانونية وسياسية كبيرة، مشيرا إلى وجود صلة مباشرة بين القرار الفرنسي و"الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة"، وفق تعبيره.
وقال كويغلي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أقر بهذه الصلة صراحة.
التزامات قانونية جديدةمن جهتها، أوضحت الدكتورة لينا الملك الخبيرة في القانون الدولي أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية تترتب عليه التزامات قانونية جديدة على الدول المعترفة، وفي مقدمتها عدم دعم الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل، واحترام القانون الدولي.
وأضافت أن هذه المسؤوليات كانت قائمة مسبقا، لكن الاعتراف سيجعل الالتزام بها أكثر وضوحا وملزما من الناحية القانونية.
في المقابل، اعتبرت لارا بيرد-ليكي الباحثة في الشؤون الخارجية والدفاع لدى البرلمان البريطاني أن ربط الاعتراف البريطاني بشروط مسبقة يعد "إشكاليا"، لافتة إلى أن بريطانيا تمنح إسرائيل من خلال هذا الطرح القدرة على التأثير في القرار السيادي البريطاني بشأن الاعتراف بفلسطين.
وقالت إن تصريحات رئيس الوزراء كير ستارمر بأن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل إذا لم تتخذ إسرائيل "خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة" تعكس استمرار التردد في اتخاذ موقف مستقل، وتبقي ورقة الاعتراف مشروطة بسلوك الحكومة الإسرائيلية.
إعلانويأتي هذا الحراك السياسي عقب انعقاد مؤتمر حل الدولتين في نيويورك برعاية السعودية وفرنسا يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وبمشاركة رفيعة من دول عدة رغم غياب الولايات المتحدة.
وعقب المؤتمر أطلقت 15 دولة غربية بيانا جماعيا نُشر عبر موقع الخارجية الفرنسية يدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين ووقف إطلاق النار في غزة.
وكان ماكرون قد أعلن في 24 يوليو/تموز الماضي نية بلاده الاعتراف رسميا بدولة فلسطين خلال أعمال الجمعية العامة المقبلة.
كما أعلنت مالطا أول أمس الأربعاء الماضي أنها ستقدم على الخطوة نفسها في سبتمبر/أيلول المقبل.
وتأتي هذه التطورات السياسية والدبلوماسية فيما تتواصل المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين 2023 بدعم أميركي مباشر، وسط اتهامات موثقة بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
وحتى الآن، أسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية عن استشهاد وإصابة أكثر من 207 آلاف فلسطيني -معظمهم من النساء والأطفال- بالإضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات الآلاف من النازحين، ومجاعة متفاقمة أودت بحياة العديد من المدنيين.