أسوأ وضع تعيشه “عدن”.. حرارة الصيف تكشف الفساد وانهيار الاقتصاد والأمن (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من بندر علي
في الليل تسمع صراخ الأطفال الذين لا يستطيعون النوم بسبب الحرارة المرتفعة، مدينة عدن عاصمة اليمن المؤقتة تعيش أسوأ فصول السنة.
فصل من غضب السكان المتصاعد يتكرر كل عام دون أن تقوم السلطات المحلية والحكومية وسلطة الأمر الواقع بواجبها رغم الوعود المتكررة كل عام.
ويتظاهر المئات منذ مطلع الأسبوع في معظم أحياء مدينة عدن.
غضب الشارع
وأعلنت المؤسسة العامة للكهرباء بعدن (حكومية)، الأحد، خروج نحو 80 بالمائة من محطات الكهرباء عن الخدمة؛ نتيجة عدم توفر الوقود الكافي، وارتفاع حجم الطلب على الطاقة.
وقال أحمد، وهو متظاهر (19عاما) ل”يمن مونيتور”: منذ أن عرفت نفسي وكل صيف نتظاهر بسبب عدم وجود الكهرباء، هذه مهزلة هم في المكيفات ونحن في جهنم.
يُحمل أحمد ومعظم المتظاهرين المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات والحكومة المعترف بها دوليا المسؤولية عن وضع مدينة عدن.
يقول معين سالمين (21 عاما)، الذي يعمل في محل وجبات سريعة لـ”يمن مونيتور”: حملنا علم الجنوب -علم الانفصال- وحلمنا بدولة جديدة تنتشلنا من الفقر، كنت مؤيد للانتقالي منذ أول يوم لكن السنوات الأخيرة اكتشفنا فسادهم هم مجموعة من الفاسدين.
ويضيف: عشنا في وهم ووعود كاذبة من أجل أن يسوي القادة وضعهم المالي والمعيشي.
وقال سالمين: كل هذا الوضع والمظاهرات لأنهم فاشلين، الدولة معهم، والسلطة معهم ووزارة الكهرباء ووزارة النفط معهم والمجلس الرئاسي معهم ما الذي يريدونه أكثر.
إشارة سالمين لفساد قادة المجلس الانتقالي تتكرر لدى معظم سكان مدينة عدن.
وقال متظاهر ثالث في البريقة لـ”يمن مونيتور”: القمع الذي تقوم به القوات يزيد من غضبنا جميعاً ضد الحكومة والانتقالي.
وأضاف أن المعيب معالجة فشلهم بالقمع: عيب يحرقونا حرارة بدون كهرباء ويقتلونا في الشوارع.
تجار وقود الكهرباء
وقال مسؤول حكومي لـ”يمن مونيتور”: معظم التجار الذي يستوردون وقود الكهرباء تم فرضهم بالقوة من المجلس الانتقالي.
ويضيف: لوبيات متمرسة تسيطر على وقود الكهرباء، وتمنع دخول أي تاجر من خارج لوبياتهم التي أثرت نفسها، من وراء التنافس على عقود تزويد وقود الكهرباء.
وتابع: تحول الأمر إلى صراع بين قادتهم، ما يؤدي إلى تحكم بإدخال السفن وتأخيرها بناءً على ما يريده هؤلاء التجار.
يتحكم المجلس الانتقالي الجنوبي بميناء عدن والسفن الواصلة إليه، كما يتحكمون بوزارة الكهرباء ووزارة النفط اليمنية في مدينة عدن.
في يونيو/حزيران قالت الحكومة إن انفاقها على كهرباء عدن يبلغ 55 مليون دولار شهرياً في حدها الأدنى.
حسب مسؤول في مؤسسة كهرباء عدن تحدث لـ”يمن مونيتور”: فإن الفساد يتجاوز العقود لشراء الوقود إلى تقديم وقود مغشوش، وهو ما يرهق مولدات الكهرباء ومنظومة التشغيل.
ويشير إلى أنه خلال الشهرين الماضيين أكثر من أربع مرات يتم تشغيل الكهرباء بوقود مغشوش.
وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام.
المجلس الانتقالي
وكان أحمد لملس محافظ عدن التابع للمجلس الانتقالي قد وعد بحلّ مشكلة الكهرباء في صيف 2022 وشراء محطة توليد جديدة للكهرباء لكن ذلك لم يحدث. كما قال عيدروس الزُبيدي في يونيو/حزيران 2022 إن الإمارات ستدعم كهرباء عدن بالوقود لمدة ثلاثة أشهر ولم تحضر السفن. ووعد رئيس الحكومة معين عبدالملك بحل مشكلة الكهرباء في مطلع 2022، ولم تنفذ أي وعود.
كما أن وزيري الكهرباء (مانع بن يمين) والنفط (سعيد الشماسي) ومحافظ عدن وثلاثة أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي هم أعضاء في المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويتهم المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية بالفشل في تقديم الكهرباء ويطالب المجلس بإقالتها وتعيين مسؤولين تابعين له لقيادتها. بدلاً من إقالة المسؤولين المباشرين عن هذا الوضع. ولا يعفي ذلك الحكومة من مسؤوليتها تجاه هذا الوضع.
من جهته محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعقبي قال في مقابلة في يونيو الماضي إن “الكهرباء ثقب أسود يلتهم جميع موارد الدولة”، مشيراً إلى فساد كبير للغاية حيث يتم تحويل الديزل الخاص بالمحاطات الكهرباء إلى السوق السوداء لبيعه.
والتي تبدو تهمة تنحصر في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يملك السيطرة الأمنية والتنفيذية في معظم المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرته.
ويعيق وجود جماعات مسلحة -خارج القانون تدير المحافظة- تقديم أي خدمات، كما أن القانون يكون مجمداً فلا توجد سلطة بإمكانها وقفهم.
من بين هذه الحوادث ما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قامت قوة من الشرطة بقيادة مدير شرطة مدينة الشعب ومن المحطة البخارية بكشف عملية نهب لوقود الكهرباء من أنبوب تغذية يربط مصافي عدن والمحطة البخارية، حيث قام المجرمون بعمل حوش كبير وحفر بئر للوصول إلى الأنبوب ونهب الوقود من داخله.
في اليوم ذاته تحركت قوة من الحزام الأمني إلى مقر الشرطة وقامت بالإفراج عن المتهمين وسجن مدير الشرطة مدينة الشعب بعد معركة بين قوات الأمن ومدرعات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي!
هذه التصرفات غير المسؤولة تؤدي إلى امتناع المسؤولين الأمنيين والمحليين عن التحرك لوقف هذه الأسواق السوداء والانتهاكات أو حتى الإبلاغ عنها لأن المخاطرة كبيرة للغاية.
ضرورة إيجاد حل سريع
يحتاج مجلس القيادة الرئاسي للتحرك السريع لإيجاد حلول سريعة لتشغيل كهرباء عدن. وأن يتولى المجلس الرئاسي بشكل مباشر هذه القضية بدلا من انتظار انتهاء فصل الصيف.
يفترض أن تكون هناك توجيهات حازمة للأمن والحزام الأمني وقوات المجلس الانتقالي لمنع إصابة المتظاهرين، وأن يتم توفير الحماية لهم. قبل أن يبدأ المجلس الرئاسي بالقيام بمهمته الرئيسية في تنفيذ اتفاق الرياض ورفع المسلحين من عدن.
اقرأ/ي أيضاً.. أهداف وخبايا.. لماذا يجتهد المجلس الانتقالي لإعلان فشل الحكومة اليمنية؟ (تحليل خاص) “المجلس الانتقالي” يصعد ضد الحكومة ويوجه بعدم توريد الإيرادات إلى البنك المركزيلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية
مقال ممتاز موقع ديفا اكسبرت الطبي...
مش مقتنع بالخبر احسه دعاية على المسلمين هناك خصوصا ان الخبر...
تحليل رائع موقع ديفا اكسبرت الطبي...
[أذلة البترول العربى] . . المملكة العربية السعودية قوة عربية...
معي محل عطور. فيـ صنعاٵ...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: المجلس الانتقالی الحکومة الیمنیة لـ یمن مونیتور وقود الکهرباء الکهرباء فی کهرباء عدن مدینة عدن فی الیمن فی عدن
إقرأ أيضاً:
بيان المسيرات اليمنية “لا أمن للكيان”.. قراءة في الأبعاد والدلالات السياسية والدينية والاستراتيجية
يمانيون / تحليل خاص
في مشهد شعبي غير اعتيادي، خرج اليمنيون بمسيرات مليونية عارمة، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والانتهاكات المتواصلة بحق المسجد الأقصى، تحت شعار صريح: “لا أمن للكيان.. وغزة والأقصى تحت العدوان”. وقد حمل البيان الصادر عن هذه المسيرات مضامين استراتيجية عميقة تتجاوز التنديد اللفظي، إلى خطاب تعبوي وتحريضي ذي أبعاد إقليمية واضحة ، هذا التحليل يسلط الضوء على أبرز الأبعاد والدلالات السياسية والدينية والاجتماعية والعسكرية التي تضمّنها البيان، ويستقرئ رسائله في ظل احتدام المواجهة في غزة، وتنامي الوعي الشعبي المقاوم في عدد من الساحات العربية.
البعد الديني – المقدسات محرك شعبي جامع :
البيان يبدأ بصيغة إيمانية صريحة: “نجدد عهدنا ووفاءنا وولاءنا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله…”
هذه العبارة ليست مجرد افتتاحية تقليدية، بل تعكس مركزية البعد الديني كرافعة سياسية وتعبوية. إذ يتم الربط مباشرة بين الإساءة للنبي محمد صلوات الله عليه وآله ، والانتهاكات التي تطال المسجد الأقصى، في محاولة لإعادة تمركز القضية الفلسطينية في وجدان المسلمين بوصفها قضية عقائدية غير قابلة للمساومة.
من خلال هذه الصياغة، يُراد كسر طوق التجاهل الذي فرضته بعض الأنظمة عبر التطبيع، والتأكيد على أن الأمة الإسلامية تملك قاسمًا دينيًا مشتركًا يتفجر عند المساس بمقدساتها.
البعد السياسي – المواجهة مع المشروع الصهيوني والتحالف الغربي
البيان لا يكتفي بوصف العدوان الإسرائيلي على غزة باعتباره عملاً عدائيًا، بل يوسع المشهد ليضعه في سياق صراع دولي، من خلال وصف الدعم الغربي للعدو الإسرائيلي بأنه يأتي من “أمريكا والغرب الكافر وصهاينة العالم”.
هذا الخطاب يُعيد تفعيل مفردات “المواجهة الحضارية”، ويصور الصراع القائم بأنه ليس مجرد نزاع سياسي، بل صراع على القيم والهوية والوجود. كما أنه يبعث برسالة ضمنية إلى الأنظمة العربية التي تقيم علاقات مع العدو الإسرائيلي، بأن الموقف الشعبي المقاوم هو في وادٍ آخر، وهو ماضٍ في التصعيد.
إضافة إلى ذلك، فإن التأكيد على أن “فكرة تراجعنا عن موقفنا المساند لغزة هي من أفشل الأفكار” يُعدّ رسالة سياسية قوية بأن التحركات الشعبية في اليمن ليست ظرفية، بل تنطلق من موقف استراتيجي ثابت في مناهضة الاحتلال والوقوف مع المقاومة الفلسطينية.
البعد التعبوي والاجتماعي – المسيرات كأداة ضغط ونفير شامل
يستعمل البيان مفردات قوية للدعوة إلى التعبئة الجماهيرية: “لن نكتفي أمام إساءة اليهود المتكررة ببيانات الإدانة، بل نرد بالنفير والخروج المليوني…”
في هذا الإطار، المسيرات ليست فقط استجابة عاطفية، بل تحولت إلى فعل سياسي منظم، يُستعمل كوسيلة ضغط داخلي وخارجي، ورسالة مفادها أن الشارع لا يزال حاضرًا وفاعلًا في معادلة الصراع، رغم كل الضغوط الاقتصادية والحصار.
كما يدعو البيان شعوب الأمة الأخرى للتحرك، في محاولة لتوسيع دائرة المقاومة الشعبية، والتأكيد على أن نضال غزة ليس نضالًا محصورًا بفصيل أو شعب، بل هو نضال أممي إسلامي جامع.
البعد العسكري – رسائل نارية ومواقف غير تقليدية
البيان لم يخلُ من رسائل مباشرة موجهة إلى الميدان العسكري: “نقول لمجاهدينا في القوات المسلحة: لا تسمحوا للعدو الصهيوني أن يشعر بشيء من الأمان طالما وغزة تحت الإبادة…”
هذه العبارة تُعبّر عن تحول لافت، حيث يتم الربط بين التحركات الشعبية والخطاب العسكري المباشر، في إعلان ضمني أن اليمن، كجزء من محور المقاومة، يحتفظ بحقه في الرد العسكري إذا استدعت الحاجة، وأن “الأمن” الإسرائيلي أصبح مرهونًا بوقف العدوان على غزة.
البيان يضع “العدو الصهيوني” في حالة استنفار، ليس فقط داخل حدود فلسطين، بل على مستوى الجغرافيا الإقليمية، ويعيد التأكيد أن أي استهداف للبنية المدنية في غزة سيُقابل بمواقف عملية، وليس بمواقف إدانة تقليدية.
البعد الإنساني والتضامني – دعم معنوي صلب للمقاومة
يُختتم البيان برسالة إلى غزة وفلسطين: “اصبروا وصابروا فأنتم تجاهدون في سبيل الله ولن يضيع الله صبركم… ونحن معكم.”
في هذه الصيغة المزدوجة، يندمج الخطاب الإيماني بالسياسي. فهو من جهة يُطمئن أهل غزة بأن صبرهم في سبيل الله لن يذهب هدرًا، ومن جهة أخرى يؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم، وأن الظهير الشعبي في اليمن وكل ساحات المقاومة موجود وحاضر.
بهذه العبارات، يتجاوز البيان منطق التضامن الرمزي، إلى تعهد ميداني ومعنوي بالدعم والصمود، وهو ما يمنح فصائل المقاومة دفعة معنوية كبرى وسط حصار خانق وعدوان مستمر.
ختاماً : اليمن يُعيد التموضع في قلب معادلة الصراع
البيان الصادر عن المسيرات اليمنية لا يمكن قراءته بوصفه فقط موقفًا تضامنيًا تقليديًا، بل هو إعلان عن تموضع استراتيجي جديد، يحمل عدة رسائل إلى الكيان الإسرائيلي ’’لا أمان ما دام العدوان قائمًا’’ وإلى الأنظمة العربية ’’ لا تطبيع يغطي على جرائم الاحتلال’’ ، وإلى شعوب الأمة ’’ التحرك الشعبي ممكن وفاعل، والنفير الجماهيري واجب’’ وإلى غزة والمقاومة ’’ لستم وحدكم، والأمة لا تزال حية’’.
من هنا، فإن المسيرات المليونية، التي خرجت من بلد يعاني ويلات الحرب والحصار، تُعيد التأكيد أن القضية الفلسطينية لا تموت ما دام هناك من يعتبرها بوصلته الأخلاقية والعقائدية والسياسية.