ما تداعيات اعتقال إمام أوغلو على الاقتصاد التركي؟
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
أنقرة – في ضربة قوية للأسواق التركية عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو انزلقت الليرة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وتكبدت بورصة إسطنبول خسائر فادحة، وسط موجة بيع مكثفة للأصول التركية، ما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مخاطر الاستثمار في البلاد.
ويعد إمام أوغلو من أبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان، وقد ألقت خطوة اعتقاله بظلال ثقيلة على المشهد الاقتصادي، وزادت من التوترات في الأسواق المالية.
وبينما حاولت الحكومة تهدئة المخاوف، إلا أن رد فعل الأسواق كان عنيفا وسريعا، ما أثار تساؤلات حول مستقبل الليرة التركية، وأداء البورصة، ومدى تأثير هذه الأزمة على تدفقات الاستثمار الأجنبي في تركيا.
هبوط تاريخيشهدت الليرة التركية أكبر انخفاض يومي لها على الإطلاق خلال تعاملات الأربعاء، وهوت إلى مستوى قياسي بلغ 42 ليرة للدولار وتراجعت 11% في ظل موجة بيع مكثفة ضربت الأسواق المالية.
ورغم محاولات البنوك المحلية التدخل لدعم العملة التي تحسنت جزئيا إلى 38.90 ليرة للدولار في أحدث التداولات، إلا أن الليرة لا تزال عند أدنى مستوياتها التاريخية.
وكانت الليرة قد أغلقت أول أمس الثلاثاء عند 36.67 ليرة للدولار، ما يعني أنها فقدت أكثر من 12% من قيمتها خلال ساعات، لتصبح العملة الأسوأ أداء بين الأسواق الناشئة لهذا العام.
إعلانويتم تداول الليرة التركية عند 38 مقابل الدولار، في أحدث تعاملات.
وتسببت موجة البيع في تدخل البنوك التركية، حيث قامت المؤسسات المالية ببيع ما يقارب 8 مليارات دولار في محاولة لوقف التدهور الحاد، وفقا لما نقلته وكالة بلومبيرغ عن مصادر وصفتها بالمطلعة.
ولم يكن هذا التدخل كافيا لاحتواء الأزمة، إذ واصلت الليرة تراجعها وسط مخاوف متزايدة بشأن الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
ولم تكن سوق الأسهم التركية بمنأى عن التداعيات الاقتصادية، حيث انهار مؤشر "بيست 100" (BIST 100) الرئيسي بنسبة 6.9% عند افتتاح التداولات أمس الأربعاء، ما دفع بورصة إسطنبول إلى تعليق التعاملات مؤقتا بموجب آلية "وقف التداول التلقائي"، وبعد استئناف التداول، قلص المؤشر بعض خسائره، لكنه سجّل أسوأ أداء يومي له منذ أواخر 2023.
وتكبدت جميع القطاعات خسائر حادة، إلا أن القطاعات المصرفية والاتصالات كانت الأكثر تضررا:
مؤشر قطاع البنوك تراجع بنسبة 7.02%. مؤشر الأسهم القابضة انخفض بنسبة 6.69%. قطاع الاتصالات كان الأكثر تضررا بانخفاض 7.56%.كما انخفض سعر السندات الدولية التركية بشكل حاد كذلك، إذ انخفضت السندات التركية لعام 2045 بمقدار 1.5 سنت، ليتم تداولها عند 85.13 سنتا للدولار، مسجلة أكبر انخفاض ليوم واحد منذ أكثر من عام، في حين انخفضت الأسهم التركية الممتازة بأكثر من 5%، مسجلة أسوأ أداء يومي لها منذ أواخر عام 2023.
وشهدت السندات الحكومية لأجل 10 سنوات قفزة في عوائدها بمقدار 175 نقطة أساس لتصل إلى 29.94%، وهو أعلى مستوى لهذا العام، ما يعكس تزايد قلق المستثمرين من المخاطر السياسية وتأثيراتها المحتملة على الاقتصاد الكلي.
المخاوف الاستثماريةوأثار اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، قلق المستثمرين الأجانب، الذين رأوا في هذه الخطوة مؤشرا على تصاعد المخاطر السياسية في تركيا، ما دفعهم إلى إعادة النظر في استثماراتهم بالبلاد.
إعلانووصف رئيس أبحاث الأسواق في أوروبا، نيك ريس التطورات الأخيرة بأنها "صدمة للنظام السياسي والاقتصادي التركي"، مشيرا إلى أن المستثمرين كانوا يرون اتجاها نحو مزيد من الاستقرار، لكن الأحداث الأخيرة بددت هذه التوقعات، وهذا أدى إلى موجة بيع مكثفة لليرة والأسهم التركية.
وفي محاولة لاحتواء التداعيات الاقتصادية المتسارعة، سعى وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إلى طمأنة الأسواق عبر تصريح مقتضب نشره على حسابه في منصة "إكس"، قال فيه إن السياسة الاقتصادية للحكومة لا تزال بلا تغيير. لكن هذه الرسالة لم تكن كافية لتهدئة المخاوف المتزايدة.
من جهته يرى المحلل الاقتصادي بلال بغيش أن التقلبات الحادة التي شهدتها الأسواق التركية خلال اليومين الماضيين كانت نتيجة طبيعية للتطورات السياسية الداخلية، لكنه يشير إلى أن الأسواق العالمية تركز حاليا بشكل أكبر على قرارات الفائدة المرتقبة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ما يجعل تأثير العوامل الداخلية على المدى الطويل أقل حدة.
ويضيف بغيش في حديث للجزيرة نت، أن التضخم العالمي وضغوط أسعار الفائدة، خاصة في ظل تأجيل أي تخفيضات مرتقبة في معدلات الفائدة الأميركية، كانا يضعان بالفعل تحديات أمام الاقتصاد العالمي، ما يجعل الحصول على التمويل الخارجي أكثر صعوبة، وزيادة تكلفته أمرا حتميا.
ويتابع: التقلبات قصيرة المدى أمر واقع في الأسواق المالية، لكنها بطبيعتها مؤقتة. مؤكدا أن المستثمرين الذين يراهنون على مستقبل الاقتصاد التركي ويمتلكون مراكز استثمار طويلة الأجل هم الأكثر استفادة في هذه المرحلة.
ويشدد على أن تركيا بحاجة إلى تعزيز استقرارها الاقتصادي من خلال تحسين بنيتها التحتية الاقتصادية وتبني إصلاحات هيكلية أعمق لدعم النمو المستدام.
إعلانوأبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة دون تغيير في نطاق 4.25% – 4.5% كما كان متوقعا لكن صانعي السياسات أشاروا إلى أنهم ما زالوا يتوقعون خفض تكاليف الاقتراض 0.5% بحلول نهاية العام.
تعديلات محتملةوفيما يتعلق بتوقعاته للأيام المقبلة، يعرب الأكاديمي في جامعة السلطان محمد الفاتح، عن تفاؤله بقدرة الأسواق على استعادة استقرارها بسرعة، ويرى أن المراكز الاستثمارية طويلة الأجل ستظل تحقق مكاسب.
ويضيف أن الحكومة قد تلجأ إلى "تعديلات بسيطة" لدعم استقرار السوق عند الضرورة، لكنه لا يرى حاجة ملحة لذلك في الوقت الحالي.
ويشير إلى أن بورصة إسطنبول كانت تتحرك في نطاق أفقي، لكن التعافي بدأ يظهر خلال الأسبوعين الماضيين، ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه الصاعد مع انقشاع الضبابية السياسية.
ويختم تحليله بالتأكيد على أن أسهم بورصة إسطنبول تُعد من بين الأكثر جاذبية عالميا بالدولار، حيث لا تزال أسعارها دون مستوياتها في أوائل العقد الماضي، ما يفتح فرصا استثمارية مهمة أمام المستثمرين الباحثين عن الاستفادة من الأسعار المنخفضة.
وارتفع مؤشر الأسهم التركية بيست 100 بنسبة 1.67% إلى 10025 نقطة، في أحدث تعاملات اليوم الخميس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأسهم الترکیة بورصة إسطنبول إمام أوغلو فی أحدث إلى أن
إقرأ أيضاً:
الليرة السورية تصعد مقابل الدولار بعد رفع عقوبات قيصر
ارتفع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار خلال تعاملات اليوم الخميس في السوق الموازية وسط تعاملات متذبذبة في حين واصل مصرف سوريا المركزي تثبيت سعر الصرف في تعاملات البنوك، وذلك بعد يوم على تصويت مجلس النواب الأميركي بالأغلبية لصالح إلغاء قانون قيصر ورفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ سنوات.
سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار في دمشق وحلب وإدلب زاد سعر صرف الليرة السورية إلى 11 ألفا و250 ليرة عند الشراء من 12 ألف ليرة مسجّلة مساء أمس، كما ارتفع إلى 11 ألفا و400 ليرة عند البيع من 12 ألفا و500 ليرة. في الحسكة زاد سعر صرف الليرة إلى 11 ألفا و500 ليرة عند الشراء من 12 ألفا و250 ليرة، كما ارتفع عند البيع إلى 11 ألفا و600 ليرة من 12 ألفا و300 ليرة مسجّلة مساء أمس. ثبت مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية عند 11 ألف ليرة عند الشراء و11 ألفا و110 ليرات عند البيع.
رفع قانون قيصر
وأفادت وزارة الخارجية السورية في بيان بأن تصويت مجلس النواب الأميركي لصالح إلغاء قانون قيصر "تطور يمثل محطة محورية في إعادة بناء الثقة وفتح مسار جديد للتعاون، مما يمهد لتعاف اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بيتكوين تهبط إلى أقل من 90 ألف دولار وسط مخاوف من الذكاء الاصطناعيlist 2 of 2ما تأثير خفض الفائدة الأميركية على الاقتصاد والمواطن؟end of listولفتت إلى أن هذه الخطوة وما سيليها من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل تؤسس لمرحلة من التحسن الملموس في حركة الاستيراد، وتوفر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار، وتنشيط الاقتصاد السوري.
وعلق حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بالقول إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.
وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد الحصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.
وفي وقت سابق أكد الحصرية على أن اقتصاد بلاده ينمو بوتيرة تفوق بكثير تقديرات البنك الدولي البالغة 1% للعام 2025، وذلك بفضل عودة نحو 1.5 مليون لاجئ خلال الفترة الأخيرة، جاء ذلك وفق تصريحات أدلى بها عبر رابط فيديو إلى مؤتمر "رويترز نكست" في نيويورك الأسبوع الماضي.
إعلانوقال الحصرية إن الحكومة تسعى إلى إعادة بناء الثقة بعملتها ونظامها المالي، من خلال طرح عملة جديدة من 8 فئات مع حذف صفرين من الليرة السورية التي سجلت نحو 11 ألفا و57 ليرة مقابل الدولار مؤخرا على منصة "وورك سبيس" التابعة لمجموعة بورصات لندن، وأوضح: "ستكون العملة الجديدة إشارة ورمزا لهذا التحرر المالي".
وكان البنك الدولي قدّر في يوليو/تموز الماضي نمو الاقتصاد السوري بنسبة 1% في 2025 بعد انكماش 1.5% في 2024 بسبب تحديات أمنية ونقص سيولة وتعليق مساعدات.
لكن الحصرية رأى أن المؤشر لا يعكس الواقع "احسبوا فقط الحد الأدنى الذي يمكن أن تضيفه عودة اللاجئين إلى الناتج المحلي الإجمالي".
وعلى الرغم من غياب بيانات اقتصادية موثوق بها بعد الحرب، فإنه قال إن مؤشرات التضخم وسعر الصرف تعكس بداية تعاف اقتصادي.