رأي.. إردام أوزان يكتب لـCNN عن المفارقة الجيوسياسية في سوريا: لماذا تعارض إسرائيل وإيران الشرع؟
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لطالما كان الصراع السوري ساحة صراع بين القوى الإقليمية والعالمية. ومن بين التناقضات العديدة في هذا الصراع، يبدو تقارب المواقف بين إسرائيل وإيران ضد الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع من أبرزها.
ورغم اختلاف دوافعهما، يرى كلا الطرفين، العدوّين اللدودين، في استقرار سوريا بقيادة جديدة تهديدًا استراتيجيًا لنفوذهما وأمنهما.
يُبرز هذا التوافق الساخر مركزية سوريا في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. فبينما تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها من خلال زعزعة الاستقرار، تُركز إسرائيل جهودها على مواجهة وكلائها وتوسع الإسلاميين المتشددين قرب حدودها.
الأهمية الاستراتيجية لسوريا بالنسبة لإيران: شريان حياة مهددبالنسبة لإيران، لطالما كانت سوريا ركيزةً أساسيةً في "محور المقاومة"، وجسرًا بريًا حيويًا لحزب الله في لبنان، وبوابةً لبسط نفوذها في بلاد الشام. استثمرت طهران بكثافة في نظام الأسد والميليشيات المتحالفة معه، مما ضمن بقاء سوريا ضمن نطاق نفوذها. ومع ذلك، فإن التحولات الجيوسياسية الأخيرة، بما في ذلك سقوط حكومة بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول، هددت هيمنة إيران الراسخة.
رغم تراجع نفوذ إيران بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، لا تزال طهران ملتزمة بعدم التخلي عن سوريا سريعًا. وقد شاركت الميليشيات المدعومة من إيران بنشاط في أعمال العنف الساحلية الأخيرة، حيث اندلعت توترات طائفية وعسكرية. ويُظهر تورط إيران في هذه المناوشات، إلى جانب الاشتباكات المتزايدة على الحدود السورية- اللبنانية، عزمها على الحفاظ على أهمية استراتيجية، بل ووجودها إن أمكن، حتى لو أدى ذلك إلى تقويض المرحلة الانتقالية الهشة في سوريا.
ومن المرجح أن يؤدي أي جهد لتحقيق الاستقرار في سوريا في ظل حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع إلى تقليص قدرة طهران على العمل بحرية، مما يجعل عدم الاستقرار خياراً أكثر جاذبية للقيادة الإيرانية.
منظور إسرائيل: المخاوف الأمنية وتهديدات الإسلاميينبينما تسعى إيران إلى استغلال حالة عدم الاستقرار، تنبع معارضة إسرائيل للشرع من مخاوف مختلفة. لطالما نظرت إسرائيل إلى سوريا من منظور التهديدات الأمنية. وقد أدى وجود وكلاء إيرانيين على طول حدود إسرائيل إلى غارات جوية إسرائيلية منتظمة ضد أهداف مرتبطة بإيران، إذ لا تزال إسرائيل مصممة على منع سوريا من أن تصبح قاعدة لعدوان طهران.
مع ذلك، لم يُخفف إزاحة الأسد من قلق إسرائيل. يُمثل أحمد الشرع، القائد السابق لجماعة جهادية مسلحة، مجموعة جديدة من التحديات. يخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن قيادة الشرع لن تكون قادرة، أو غير راغبة، في كبح النفوذ المتنامي لهيئة تحرير الشام، وهي فصيل إسلامي ذو جذور في تنظيم القاعدة.
أكد رئيس الوزراء نتنياهو على ضرورة نزع السلاح من جنوب سوريا لمنع هيئة تحرير الشام والجماعات الإسلامية الأخرى من ترسيخ حدودها. ولا تنبع مخاوف إسرائيل بشأن الشرع من تاريخه كقائد عسكري فحسب، بل أيضًا من خوفها من تحول سوريا إلى دولة مجزأة تسيطر عليها الفصائل الجهادية. وقد اعتمدت إسرائيل استراتيجية مزدوجة: احتواء الصعود الإيراني، وضرب معاقل الإسلاميين استباقيًا لضمان عدم حصول أي من الطرفين على موطئ قدم حاسم.
التداعيات الإقليمية: مشهد استراتيجي معقدإلى جانب إسرائيل وإيران، لا يزال مستقبل سوريا موضع خلاف بين قوى إقليمية أخرى. على سبيل المثال، دعمت تركيا الاتفاقات بين الحكومة الانتقالية والقوات التي يقودها الأكراد، وهي خطوة نظرت إليها إسرائيل بعين الريبة. في غضون ذلك، اتخذت إسرائيل خطوات لحماية الأقلية الدرزية في جنوب سوريا، خوفًا من رد فعل انتقامي محتمل من الفصائل الإسلامية.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا عودة ظهور داعش، حيث استغلت خلاياه النائمة المرحلة الانتقالية الفوضوية لاستعادة زخمها في وسط وشرق سوريا. ويفاقم مستقبل الوجود العسكري الأمريكي الغامض حالة عدم الاستقرار، تاركًا مصير سوريا معلقًا في الميزان.
رغم سقوط الأسد، لم تتجه سوريا نحو الاستقرار. بل لا تزال البلاد ساحةً للمصالح الأجنبية المتنافسة، دون أي قوة قادرة على فرض سيطرتها الكاملة. إن تورط إيران في العنف الساحلي، واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، وضعف قبضة الحكومة الانتقالية على السلطة وإثارة الجدل، كلها عوامل تُسهم في وضعٍ متقلب وغير متوقع.
الطريق إلى الأمام: الحد من التشرذم وضمان الاستقرارإن اتباع نهج جديد في الحكم والدبلوماسية أمر ضروري إذا كانت سوريا تريد التحرر من الصراع الدائم والتلاعب الأجنبي.
جهود خفض التصعيد الإقليمية: يتعين على المجتمع الدولي تسهيل المفاوضات المباشرة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين ــ تركيا وإسرائيل وإيران وروسيا ودول الخليج ــ لإنشاء إطار لخفض التصعيد يعالج المخاوف الأمنية مع الحد من التدخل الأجنبي.
انتقال سياسي سليم: لا إيران ولا إسرائيل مهتمتان حقًا باستقرار سوريا في ظل نظام الشرع. فبدون إصلاحات هيكلية وجهود لضمان تمثيل سياسي واسع النطاق، تُخاطر سوريا بالبقاء مجزأة ومنطقة حرب بالوكالة بدلًا من الانتقال إلى دولة فاعلة. ينبغي أن يُلبي الانتقال الشامل والهادف، في المقام الأول، توقعات السوريين.
إلى أن تُتخذ هذه الخطوات، سيظل مستقبل سوريا رهنًا بالتنافسات الخارجية بدلًا من التعافي الداخلي. ومفارقة وقوف إسرائيل وإيران ضد الحكومة نفسها ليست سوى فصل آخر من فصول صراعٍ تُميّزه التناقضات، وتغيّره التحالفات، ودورة حربٍ لا نهاية لها على ما يبدو.
* نبذة عن الكاتب:
إردام أوزان دبلوماسي تركي متمرس يتمتع بخبرة 27 عامًا في الخدمة الدبلوماسية. وقد شغل العديد من المناصب البارزة، بما في ذلك منصبه الأخير كسفير لدى الأردن، بالإضافة إلى مناصب في الإمارات العربية المتحدة والنمسا وفرنسا ونيجيريا.
ولد في إزمير عام 1975، وتخرج بمرتبة الشرف من كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. واكتسب معرفة واسعة بالمشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث قام بتحليل تعقيدات الصراعين السوري والفلسطيني، بما في ذلك جوانبهما الإنسانية وتداعياتهما الجيوسياسية.
كما شارك في العمليات الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتخصص في مجال حقوق الإنسان والتطورات السياسية الإقليمية. وتشمل مساهماته توصيات لتعزيز السلام والاستقرار من خلال الحوار والتفاوض بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. ويواصل حاليا دراساته عن الشرق الأوسط بينما يعمل مستشارا.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأكراد الجيش السوري الحكومة الإسرائيلية الحكومة السورية بشار الأسد داعش إسرائیل وإیران
إقرأ أيضاً:
المهندس البشير: مشاريع مذكرة التفاهم مع شركات دولية تسهم بتحقيق الاستقرار والاستدامة وتأمين الطاقة في سوريا
دمشق-سانا
أكد وزير الطاقة المهندس محمد البشير أن المشاريع التي تتضمنها مذكرة التفاهم التي تم توقيعها اليوم مع مجموعة شركات دولية متخصصة بمجال الطاقة، ستسهم بتحقيق الاستقرار والاستدامة وتأمين أمن الطاقة في سوريا، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتسريع عجلة إعادة الإعمار، وتخفيف الأعباء عن الشعب السوري.
وقال البشير خلال مؤتمر صحفي اليوم مع الرئيس التنفيذي لشركة أورباكون القابضة رامز الخياط: تواجه سوريا تحديات في مجال الطاقة على مسارين، الأول متعلق بالبنية التحتية لمحطات التوليد، وهذه المذكرة وهذا الاتفاق سيحلان هذه المشكلة وهذا التحدي بشكل كبير جداً، أما المسار الآخر فهو مسألة توريدات المشتقات النفطية (الفيول والغاز) التي نحتاجها من أجل التوليد في المحطات الغازية، حيث سنشهد إمدادات جديدة من الغاز سواء من خط الغاز القادم من الأردن، أو من خط الغاز الذي نقوم الآن بصيانته وتأهيله، والذي يصل كلس بحلب، وخلال الأيام القادمة سنعمل على تحقيق إمدادات من الغاز للداخل السوري.
وأضاف الوزير البشير: توفير إمدادات الغاز سيساهم في زيادة توليد الكهرباء وعدد ساعات التشغيل، الأمر الذي ينعكس على الواقع المعيشي للناس، فاليوم يتم تشغيل الكهرباء بحدود أربع ساعات يومياً بسبب التوليد القليل، وبعد زيادة التوريدات في الأسابيع القليلة القادمة سيصل عدد ساعات التشغيل إلى حوالي 10 ساعات يومياً، وسينعكس ذلك على الواقع الاقتصادي وواقع التنمية الشاملة، وستسهم المشاريع المتوقع إنجازها خلال ثلاث سنوات في تحقيق الاستقرار والاستدامة، وتحقيق أمن الطاقة في سوريا خلال الفترة القادمة.
وتابع وزير الطاقة: هذه الاتفاقية بمشاركة الولايات المتحدة تشكل تطبيقاً عملياً لرفع العقوبات عن سوريا، وهذا يتيح الفرص للاستثمار في سوريا، ومن هنا ندعو جميع الشركات الإقليمية والدولية والمحلية للتوجه إلى الاستثمار داخل سوريا، فالقطاعات الحيوية متهالكة الأمر الذي يخلق فرص عمل استثمارية واعدة على جميع المستويات الصناعية والتجارية والسياحية والطاقة وغيرها، وسنبدأ منذ يوم غد استلام المواقع للشركات، والعمل في الميدان لتنفيذ المشاريع.
وقال الوزير البشير: لرفع العقوبات دور كبير جداً في إعادة إحياء الاستثمار في سوريا، وعودة المستثمرين والشركات في جميع القطاعات، وهناك الكثير من الشركات تقدمت إلينا، وبعد سقوط النظام قابلنا آلاف الشركات التي تريد العمل والاستثمار في سوريا، حيث كان هناك عائق العقوبات الغربية، والجميع كان مترقباً لرفع العقوبات، وبعد رفعها تحررت سوريا من القيود، وتوقيع مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات العاملة في الطاقة في أمريكا وتركيا وقطر، دليل عملي على رفع العقوبات، الأمر الذي سيفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في سوريا في مختلف القطاعات.
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة أورباكون: ستكون الفائدة للبلد والشعب والاقتصاد بشكل كبير جداً، ورتبنا تحالفاً قوياً جداً مع أفضل الشركات التركية والأمريكية في مجال الطاقة، وسيتم استخدام تكنولوجيا أمريكية وأوروبية في المشاريع الغازية، وأفضل التكنولوجيا العالمية في مجال الطاقة الشمسية.
وأضاف الخياط: سيتم تمويل المشروع من خلال البنوك الإقليمية والدولية، إضافة لضخ رأس المال المطلوب للمشروع من قبل الشركات وجميعهم سيساهمون بذلك، ونأمل أن يتم الانتهاء من المشاريع قبل الموعد المحدد، وبأعلى نوعية لتمكين الشعب السوري من العودة إلى الحياة الطبيعية، وتحول سوريا من دولة لديها عجز في الطاقة إلى دولة مصدرة لها.
المهندس البشير 2025-05-29tarekسابق عودة 730 مهجراً من مخيمات اللجوء في الأردن إلى مناطقهم في ريف حمص انظر ايضاً المهندس البشير يستقبل مجموعة من رجال الأعمال السوريين في كندادمشق-سانا استقبل رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد البشير مجموعة من رجال الأعمال السوريين والصناعيين والمستثمرين …
آخر الأخبار 2025-05-29الكرامة يواجه حطين في أبرز مواجهات المرحلة السابعة بالدوري الممتاز لكرة القدم 2025-05-29وزير الأوقاف يترأس اجتماعاً لتطوير العمل الدعوي في المساجد 2025-05-29“شباب سوريا والمستقبل”… مساحة شبابية تفاعلية للتعرف على مسؤوليتهم في إعادة الإعمار والمساهمة في قيادة التغير بالمجتمع 2025-05-29وزير الصحة يبحث مع الوكالة الألمانية سبل تطوير القطاع الصحي ودعم التنمية المستدامة 2025-05-29وزير النقل يتلقى اتصالين من نظيريه التركي والقطري لدعم التعاون في مجال النقل البري 2025-05-29قوى الأمن الداخلي تنفذ حملة في بلدتي السحيلية وابطع بريف درعا 2025-05-29مستشار وزير الرياضة والشباب يشارك بمؤتمر الذكاء الاصطناعي في الرياضة بإمارة دبي 2025-05-29مركز العلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل في جامعة حمص يقدم خدمات علاجية نوعية وتدريباً للطلبة 2025-05-29تربية حمص تجري جلسات تدريب ودعم نفسي للمتأهلين للمرحلة الثالثة من مبادرة تحدي القراءة العربي 2025-05-29الخياط: سنشارك بالاستثمار في عدة قطاعات أبرزها المقاولات والبنية التحتية وإعادة الإعمار إضافة إلى مشاريع الطاقة
صور من سورية منوعات تأثير القهوة على الصحة يعتمد على جيناتك 2025-05-29 هاتف “أونر400 برو” يحول الصور الثابتة إلى فيديوهات 2025-05-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |