هل ما زال من الممكن إنقاذ ممر الحبوب في البحر الأسود؟.. يحمل الكاتب البرتغالي ميجيل جاريدو في موقع "مودرن دبلوماسي"، هذا التساؤل ويمضي به، محاولا اقتراح ما يمكن اعتبارها طريقة فعالة لإعادة روسيا إلى الاتفاق الذي انسحبت منه في يوليو/تموز الماضي، ما فاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم، لا سيما في دول الجنوب العالمي، بعد توقف صادرات الحبوب والغذاء الأوكرانية.

وقد أشرفت مبادرة ممر الحبوب منذ إنشائها في عام 2022 إلى يوليو/تموز من عام 2023، على تصدير ما يقرب من 33 مليون طن من المواد الغذائية الأوكرانية إلى 45 دولة عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا، وكان 65% من صادرات القمح تذهب إلى البلدان النامية.

بالإضافة إلى ذلك، كانت المبادرة حيوية في مجال العمل الإنساني، من خلال تمكين برنامج الأغذية العالمي من الحصول على 725 ألف طن من القمح الأوكراني لتوزيعها على السكان الضعفاء في جميع أنحاء العالم، وكذلك من خلال توفير سياق عام للحبوب من أوكرانيا، وهو أمر إنساني.

اقرأ أيضاً

اجتماع ثلاثي بين تركيا وروسيا والأمم المتحدة لبحث مبادرة الحبوب

دول الجنوب العالمي

الطريقة التي يسوقها الكاتب، والتي يمكن بواسطتها "إجبار" روسيا على العودة إلى اتفاقية الحبوب، على حد قوله، تتمثل في إشراك دول الجنوب العالمي في آلية فعالة لتشغيل الممر والإشراف على خروج الصادرات الغذائية الأوكرانية، بما يعطي روسيا طمأنة كبيرة وللمبادرة زخم أكبر، وفقا لما ترجمه "الخليج الجديد".

ويشير جاريدو إلى الغضب الأفريقي بشكل خاص جراء توقف ممر الحبوب، نظرا لاعتماد دول في القارة السمراء على الصادرات الأوكرانية الغذائية، حيث قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال القمة الأفريقية الروسية الأخيرة في سان بطرسبرج، إن انقطاع الإمدادات يجب أن ينتهي على الفور، وإن "اتفاق الحبوب يجب أن يمتد لصالح جميع شعوب العالم، والأفارقة بشكل خاص"، وهذا يشمل بطبيعة الحال الملايين من الأفارقة الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية المقدمة عن طريق توزيع الغذاء الأوكراني، والذين يحتاجون بالتالي إلى بقاء ممر البحر الأسود.

كذلك جاءت دعوة كل من الهند وجنوب أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلى استعادة المبادرة، وكذلك حث الصين على نفس الأمر لتسلط الأمر على أهمية ممر الحبوب لدول الجنوب العالمي على اختلاف مستوياتها، وهي دول تحرص روسيا على عدم خسارتها.

اقرأ أيضاً

تركيا تتفاوض مع الغرب والأمم المتحدة لاستئناف صفقة الحبوب.. وأوكرانيا تعلن عن تشغيل ممر بديل

وبشكل عام، يقول الكاتب إن الاستمرارية الآمنة وغير المقيدة للصادرات الأوكرانية تصب في مصلحة دول الجنوب العالمي. وهذه هي البلدان النامية التي تحتاج إلى استقرار السوق والهدوء الإقليمي الذي يوفره التدفق المستمر للأغذية الأوكرانية إلى السوق العالمية.

والعديد من هذه الدول هي نفسها مستوردة للحبوب الأوكرانية، بما في ذلك الجزائر وبنجلاديش ومصر وإثيوبيا وكينيا وتونس والعديد من دول الخليج.

وبعضها من القوى الناشئة التي تحاول أن تلعب دوراً لصالح السلام والاستقرار في أوكرانيا - كما هو الحال مع الهند والصين وجنوب أفريقيا والسعودية والبرازيل وإندونيسيا، وبطبيعة الحال، تركيا نفسها.

آلية جديدة للاتفاق

من هنا، تأتي فكرة إشراك دول الجنوب العالمي في آلية اتفاق حبوب البحر الأسود بعد استعادته، بدلا من الاقتصار على الأمم المتحدة وتركيا فقط.

ولابد من تسهيل مثل هذه الآلية من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة، وسوف يتم التوقيع عليها من قبل أوكرانيا وتركيا وغيرها من دول الجنوب العالمي المهتمة - وكلما زاد عددها كلما كان ذلك أفضل، كما يقول الكاتب.

ويقترح جاريدو أن تكون مهام تلك الآلية ما يلي: الاعتراف بالأهمية الحاسمة للصادرات الغذائية الأوكرانية وضرورة حمايتها؛ والتأكيد على الغرض الإنساني والطبيعة السلمية للممر؛ ووضع الإشراف والرقابة عليها تحت مسؤولية الدول الموقعة والأمم المتحدة.

ويرى الكاتب أن المشاركة النشطة لدول الجنوب العالمي الموقعة في أنشطة الممر من شأنها، في حد ذاتها، أن تلعب دورًا حاسمًا في تخويف وإثناء روسيا عن المساس بسلامة الملاحة والتدخل في البنى التحتية التي تعتبر ضرورية للصادرات الأوكرانية الحيوية عالميًا.

اقرأ أيضاً

لعبة القوى تتغير.. اجتماع جدة شاهد على صعود الجنوب العالمي

تفتيش السفن وطمأنة روسيا

وفي مقابل عدم التدخل في الممر، ستحصل روسيا، تحت رعاية الآلية، على ضمانات بعدم استخدام نفس الممر لأغراض أخرى غير الغرض السلمي الذي لا غنى عنه من الناحية الإنسانية والمتمثل في تمكين تصدير الحبوب الأوكرانية، حيث يمكن لدول الجنوب الانضمام إلى عمليات تفتيش السفن الأوكرانية للتأكد من أنها لا تحمل شحنات غير مصرح بها (مثل المعدات العسكرية)، على أن يتم نشر نتائج عمليات التفتيش هذه على الملأ وإبلاغ روسيا رسمياً بنتائجها.

ومع ذلك، يمكن أيضًا ضمان سلامة الملاحة من خلال المرافقة البحرية، والتي ينبغي أن توفرها أوكرانيا ولكن يمكن أن تشمل أيضًا سفنًا من دول الجنوب العالمي المشاركة - وهو ما من شأنه أن يزيد من ردع الهجمات، لأن روسيا لن تجرؤ على مهاجمة القوافل بما في ذلك السفن البحرية من دول الجنوب، كما يقول الكاتب.

ويخلص جاريدو إلى أن مثل هذه الآلية المشتركة، القائمة على اللجوء إلى الوسائل السلمية لتحقيق الأغراض الإنسانية، ستحظى بترحيب الكثيرين في الجنوب العالمي وستكون لها فرص نجاح أكبر من البدائل العسكرية، وستكون هذه لحظة احترام عالمي عظيم لجنوب الكرة الأرضية، ولجميع الدول الأفريقية والآسيوية ودول أمريكا اللاتينية التي انضمت إلى مثل هذه الآلية.

المصدر | ميجيل جاريدو / مودرن دبلوماسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: البحر الأسود صادرات الحبوب الأمن الغذائي دول الجنوب العالمي دول الجنوب العالمی ممر الحبوب من دول

إقرأ أيضاً:

زوارق الاحتلال تحاصر السفينة مادلين.. ومناشدات للعالم بالتدخل لإنقاذها

قال تحالف أسطول الحرية إن صفارات الإنذار انطلقت على متن سفينته مادلين المتجهة إلى قطاع غزة، مضيفا أنه تم تجهيز سترات النجاة تحسبا لاعتراض مسار السفينة.

وذكر التحالف، أن ستة زوارق إسرائيلية تحيط بالسفينة مادلين وزورقان يقتربان منها، فيما ذكر جيش الاحتلال أنه يحاصر السفينة التي ترفض الامتثال للأوامر وتواصل الإبحار نحو غزة.

وبثت النائبة بالبرلمان الأوروبي ريما حسن صورا لإطلاق صفارات الإنذار على السفينة مادلين المتجه إلى غزة.، مضيفة "إنهم هنا"، في إشارة إلى اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي للسفينة.

وقالت المقررة الأممية لحقوق الإنسان في فلسطين فرانشيسكا ألبانيزي، إن زوارق إسرائيلية سريعة وصلت إلى السفينة مادلين، مبينة أن فريق السفينة أبلغ جنودا إسرائيليين بأنهم يحملون مساعدات إنسانية وأنهم سيغادرون بسلام.

كما ناشد نشطاء على متن السفينة العالم الحر للتدخل من أجل تمكينهم من إيصال المساعدات الإنسانية لغزة المحاصرة، بعد أنباء عن اقتراب زوارق إسرائيلية منهم.

نشطاء سفينة #مادلين لكسر حصار #غزة يناشدون العالم الحر للتدخل من أجل تمكينهم من إيصال المساعدات الإنسانية لغزة المحاصرة، بعد أنباء عن اقتراب زوارق إسرائيلية منهم.#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/ufzR8pipn6 — AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) June 8, 2025

وناشدت اللجنة الدولية تناشد العالم الحر  وطالبت كلا من بريطانيا التي تحمل السفينة علمها وفرنسا التي لها سبعة مواطنين على متنها للحيلولة دون الاعتداء على السفينة ولضمان سلامة جميع المتضامنين على متنها.

وفي وقت سابق توعد وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس السفينة مادلين قائلا، إنه أمر الجيش بالعمل من أجل عدم السماح بوصولها إلى غزة، وأن دولة الاحتلال ستعمل بكل وسيلة ضد كل محاولة لكسر الحصار عن القطاع.

كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني رفيع أمس الأحد إن الجيش يعتزم السيطرة سلميا على السفينة مادلين التي تقترب حاليا من سواحل غزة، وجرها إلى ميناء في أسدود، واعتقال النشطاء ثم تسفيرهم في الليلة نفسها إلى خارج إسرائيل.



وأبحرت "مادلين" أبحرت مطلع حزيران/ مادلين الجاري من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه قطاع غزة، في رحلة ترمي لكسر الحصار المفروض عليه من قبل إسرائيل.

وتحمل هذه السفينة على متنها 12 ناشطا من جنسيات متعددة، إضافة إلى مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية.

ومادلين هي السفينة الـ36 ضمن ائتلاف أسطول الحرية، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.

وقد سُميت السفينة على اسم "مادلين كُلاب" أول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في قطاع غزة، وقد فقدت والدها ومصدر رزقها بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأوكرانية: من المبكر الحديث عن جولة مفاوضات ثالثة مع روسيا
  • الرئيس عون يشيد بالدعم الأردني للبنان ويؤكد أهمية تطبيق قرار 1701 في الجنوب
  • روسيا تعلن عن هجوم جوي على مؤسسات صناعة الطيران والصواريخ الأوكرانية
  • في حالة السودان وأفريقيا عموما، يجدر بنا أن نتسائل كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع
  • روسيا: أوكرانيا ترفض استلام جثث قتلاها.. زيلينسكي يخشى مواجهة عائلاتهم
  • لافروف: نأمل في إحياء التعاون الثلاثي بين روسيا والهند والصين
  • زوارق الاحتلال تحاصر السفينة مادلين.. ومناشدات للعالم بالتدخل لإنقاذها
  • أوكرانيا ترفض استلام جثث عسكرييها خلال تبادل الاسرى مع روسيا
  • أخبار العالم | المقاومة الفلسطينية تعلن عن عملية نوعية ضد الاحتلال في غزة.. وألمانيا تكشف تفاصيل جديدة عن عملية «شبكة العنكبوت» الأوكرانية ضد روسيا.. وولي العهد السعودي يعلن نجاح موسم الحج
  • ألمانيا تكشف تفاصيل جديدة عن عملية «شبكة العنكبوت» الأوكرانية ضد روسيا