غزة/القاهرة"رويترز": عندما كان الأستاذ الجامعي نظام سلامة في طريقه إلى نقطة مخصصة لتوزيع المساعدات في جنوب غزة الأسبوع الماضي، تعرض لإطلاق النار مرتين والسحق وسط حشد من الجائعين اليائسين ومع ذلك غادر في نهاية المطاف خالي الوفاض دون الحصول على أي طعام.

بدأ إطلاق النار في المرة الأولى بعد وقت قصير من مغادرته خيمة أسرته في الثالثة من صباح الثالث من يونيو الجاري لينضم إلى حشود على الطريق الساحلي المتجه نحو موقع لتوزيع المساعدات في مدينة رفح تديره مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة جديدة مقرها الولايات المتحدة تعمل مع متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص لإيصال المساعدات في غزة.

أما المرة الثانية التي تعرض فيها سلامة لإطلاق النار فكانت عند دوار العلم القريب من موقع تسليم المساعدات، حيث شاهد ست جثث.

وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن 27 شخصا استشهدوا في ذلك اليوم في إطلاق نار من قوات إسرائيلية على من توجهوا لتلقي المساعدات. وقالت إسرائيل إن قواتها أطلقت النار على مجموعة ممن اعتبرتهم يشكلون تهديدا وإن الجيش يحقق في الواقعة.

وأظهرت لقطات من كاميرات مراقبة نشرتها مؤسسة غزة الإنسانية واطلعت عليها رويترز اصطفاف طوابير في منحنيات داخل أسوار تشبه الأقفاص عند موقع تسليم المساعدات، المعروف باسم (إس.دي.إس1)، قبل أن تُفتح بوابات تسمح بالدخول إلى منطقة محاطة بحواجز رملية حيث تُركت عبوات الإمدادات على طاولات وفي صناديق على الأرض.

وقال سلامة إن اندفاع آلاف الناس بمجرد فتح البوابات كان بمثابة "مصيدة للموت".

وأضاف أن النجاة تكون للأقوى ممن يتمتعون بلياقة بدنية عالية ويستطيعون الوصول مبكرا والدفع بقوة أكبر للفوز بحزمة مساعدات. ووصف سلامة شعوره في تلك اللحظة قائلا إن ضلوعه كانت وكأنها تلتحم ببعضها ولم يستطع التنفس بينما كان الناس يصرخون.

وتطابقت تفاصيل رواية سلامة مع شهادتي اثنين آخرين من طالبي المساعدات التقت بهما رويترز وتحدثا عن الزحف والانحناء بينما كان الرصاص يتطاير فوقهما في أثناء التوجه إلى مواقع توزيع المساعدات أو خلال الخروج منها.

وقال الشهود الثلاثة إنهم شاهدوا جثثا على الطرق المؤدية إلى مواقع تسليم المساعدات في رفح.

وأكد بيان من مستشفى ميداني قريب تابع للصليب الأحمر عدد القتلى الذين سقطوا في الهجوم الذي وقع بالقرب من موقع المساعدات في الثالث من يونيو الجاري.في حين نفت مؤسسة غزة الإنسانية وزعمت إنه لم تقع إصابات أو خسائر في الأرواح داخل موقعها أو في محيطه.

وقال سلامة (52 عاما) إن ما سمعه عن منظومة توزيع المساعدات الجديدة جعله يدرك أنه سيكون من الصعب الحصول على مساعدات، لكن أبناءه الخمسة، وهم اثنان بالغان وصبيان وطفل في التاسعة من عمره، كانوا بحاجة إلى الطعام. وأضاف أنهم يعيشون منذ شهور على تناول العدس أو المعكرونة فقط، وغالبا ما يتناولون وجبة واحدة في اليوم.

وقال أستاذ الإدارة التربوية إنه كان يرفض الذهاب إلى موقع المساعدات التابع لمؤسسة غزة الإنسانية لأنه عرف وسمع كم هو مهين الذهاب إليه، لكن لم يكن لديه خيار آخر بسبب الحاجة الماسة لإطعام أفراد أسرته.

وقالت سلطات الصحة في غزة أمس الاثنين إن إجمالي 127 فلسطينيا قُتلوا بينما كانوا يحاولون الحصول على المساعدات من مواقع التوزيع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، وسط إطلاق نار شبه يومي منذ بدء التوزيع بموجب المنظومة الجديدة قبل أسبوعين.

وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، وهو منظمة إنسانية كبرى، إن منظومة توزيع الغذاء تنتهك على ما يبدو بعض المبادئ الأساسية للمساعدات الإنسانية. وشبهها بما يعرف باسم (مباريات الجوع)، وهي روايات مآساوية عن أناس يركضون ويتقاتلون حتى الموت.وأضاف إيجلاند "يُكافأ قليلون ويخاطر الكثيرون بحياتهم من أجل لا شيء".

وقال "ينص القانون الدولي الإنساني على أن المساعدات في مناطق الحرب يجب أن تقدم من قِبل وسطاء محايدين يمكنهم التأكد من أن الفئات الأكثر احتياجا ستحصل على الإغاثة وفقا للاحتياجات فقط وليس وفقا لاستراتيجية سياسية أو عسكرية".

وقال مصدران لرويترز إن مواقع مؤسسة غزة الإنسانية تشرف عليها شركة خدمات لوجستية أمريكية يديرها مسؤول سابق بالمخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) وتملكها جزئيا شركة استثمار خاصة مقرها شيكاجو، وإن مهمة تأمين المواقع يضطلع بها عسكريون أمريكيون سابقون يعملون حاليا في شركة خاصة.

وتقول الأمم المتحدة، التي تولت تسليم المساعدات سابقا في غزة، إن لديها أكثر من 400 نقطة توزيع للمساعدات في القطاع. وأشارت أمس الاثنين إلى أن هناك حالة من الفوضى المتزايدة من عمليات النهب ودعت إسرائيل إلى السماح لمزيد من شاحناتها بالتحرك بأمان.

وانطلق سلامة وأربعة من جيرانه من منطقة المواصي في خان يونس بجنوب قطاع غزة إلى موقع توزيع المساعدات في الثالثة من صباح يوم الثلاثاء، واستغرقوا ساعتين للوصول إلى رفح التي تبعد عدة كيلومترات وتقع بالقرب من الحدود المصرية.

وبدأ إطلاق النار في وقت مبكر من رحلتهم. وقال سلامة إن بعض النيران كانت قادمة من ناحية البحر، وهو ما يتوافق مع شهادات أخرى عن الواقعة. ويسيطر الجيش الإسرائيلي على منطقة البحر حول غزة.

وقررت المجموعة الصغيرة مواصلة رحلتها. وقال سلامة إنه سقط على الأرض عدة مرات بسبب السير في الظلام على طريق غير ممهد.وأضاف "رأيت أشخاصا يحملون مصابين ويعودون بهم نحو خان ​​يونس".

ولدى وصولهم إلى دوار العلم في رفح على بعد كيلومتر واحد تقريبا من الموقع، كان هناك حشد كبير. كان هناك المزيد من إطلاق النار ورأى رصاصات تصيب مكانا قريبا منه.وقال "يجب أن تنحني وتظل على الأرض"، مشيرا إلى إصابة أشخاص في الرأس والصدر والساقين.وقال إنه رأى جثثا قريبة، منها جثة امرأة، إلى جانب "الكثير" من المصابين.

وأشار آخر من الساعين للحصول على المساعدات تحدثت معه رويترز، والذي سار أيضا إلى رفح في صباح الثالث من يونيو حزيران، إلى حدوث إطلاق نار متكرر خلال الرحلة.

وفي إحدى المرات، اضطر هو وكل من حوله الزحف على الأرض لمئات الأمتار خوفا من التعرض لإطلاق نار. وقال إنه رأى جثة بها إصابة في الرأس على بعد نحو 100 متر من موقع توزيع المساعدات.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إن مستشفى ميدانيا تابعا لها في رفح استقبل تدفقا كبيرا من المصابين الذين بلغ عددهم 184 في الثالث من يونيو ، غالبيتهم أصيبوا بأعيرة نارية، ووصفت ذلك بأنه أكبر عدد من المصابين بأسلحة نارية يستقبله المستشفى في واقعة واحدة. وبلغ عدد الوفيات 27.وأضاف البيان "قال جميع المصابين إنهم كانوا يحاولون الوصول إلى موقع توزيع المساعدات".وعندما وصل سلامة أخيرا إلى نقطة توزيع المساعدات في الثالث من يونيو حزيران، لم يجد شيئا متبقيا.

وقال إن الجميع كانوا يسحبون صناديق الكرتون الفارغة من الأرض وللأسف لم يجد شيئا يذكر.

وعلى الرغم من نفاد المساعدات، لم يتوقف توافد الناس الساعين للحصول على أي غذاء.

وقال إن تدفق الناس كان يدفعه إلى الأمام وهو يحاول العودة أدراجه.

وأضاف أنه بينما كان مدفوعا نحو مكان تواجد حراس المؤسسة، رآهم يستخدمون رذاذ الفلفل على الحشد.

وقالت المؤسسة إنها لا تعلم شيئا عن واقعة استخدام رذاذ الفلفل، لكنها أوضحت أن موظفيها يستخدمون وسائل غير مميتة لحماية المدنيين.

وقال سلامة إنه بدأ يصرخ بأعلى صوته من أجل إفساح مجال له للمغادرة، مشيرا إلى أنه لا يريد سوى مغادرة المكان.

وأضاف أنه غادر خالي الوفاض مكتئبا وحزينا وغاضبا وجائعا أيضا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مؤسسة غزة الإنسانیة توزیع المساعدات فی تسلیم المساعدات الثالث من یونیو إطلاق النار بینما کان فی الثالث على الأرض إطلاق نار وأضاف أن وقال إن

إقرأ أيضاً:

مراسل القاهرة الإخبارية: فوضى توزيع المساعدات بغزة تُفاقم المعاناة وتفتح السوق السوداء

أكد يوسف أبو كويك، مراسل "القاهرة الإخبارية" في غزة، أن شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع لا تصل إلى مستحقيها، بل تتعرض للنهب والبيع في السوق السوداء بأسعار خيالية، وسط غياب تام لأي آلية أمنية أو تنظيمية تضمن توزيعها بعدالة.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يرفض تأمين الطرق المؤدية إلى مراكز توزيع المساعدات، ما يتيح لآلاف المواطنين، إضافة إلى عصابات وعوائل متنفذة، التجمهر حول الشاحنات والاستيلاء على محتوياتها، مضيفا أن كيس الدقيق الواحد يباع بأكثر من 350 دولارا، رغم أنه مخصص مجانًا للعائلات الفقيرة.

السادات الديمقراطي: استهداف سفاراتنا في الخارج يتجاهل دور مصر المركزي في دعم غزةمصر وبريطانيا نحو شراكة استراتيجية.. وعبد العاطي يطالب لامي بضغط دولي لوقف عدوان غزة

وأشار أبو كويك خلال رسالة على الهواء، إلى تصاعد العدوان الإسرائيلي، حيث ارتفع عدد الشهداء منذ فجر اليوم إلى 43، معظمهم في المنطقة الوسطى، خاصة في مخيم النصيرات الذي شهد قصفا عنيفا استهدف منازل سكنية مأهولة، وتمكنت طواقم الإنقاذ من انتشال جثامين 30 شهيدا، بينما لا تزال هناك أنباء عن مفقودين تحت الأنقاض، كما استشهد عدد من المواطنين في مراكز توزيع المساعدات بمنطقة نتساريم شمال البريج، حيث لا يزال إطلاق النار مستمراً تجاه المدنيين الذين توجهوا بحثاً عن الغذاء.

وأضاف أن القصف طال أيضاً مناطق غرب خان يونس، بما في ذلك منطقة المواصي التي تصنفها إسرائيل "آمنة"، مما أدى إلى استشهاد أب وأطفاله الأربعة، وفي مدينة غزة، استهدفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية في منطقة حيدر عبد الشافي، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. 

طباعة شارك غزة السوق السوداء القاهرة الإخبارية الجيش الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • بينهم 54 من طالبي المساعدات.. استشهاد 66 فلسطينيا منذ فجر اليوم
  • قُرب إطلاق منصة وطنية لتنظيم توزيع المساعدات في قطاع غزة
  • استشهاد 14 فلسطينياً بنيران إسرائيلية قرب مراكز مساعدات في غزة
  • قصف إسرائيلي يوقع شهيدين قرب نقطة توزيع المساعدات بـ غزة
  • ميلانيا تأثرت.. ترامب عن نقل سكان غزة ومراكز توزيع الطعام وعن المهلة المعطاة لبوتين
  • حماس تسرقها.. ترامب: إسرائيل تطالب برقابة على مراكز توزيع المساعدات في غزة
  • ترامب: سنعمل مع إسرائيل بشأن مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة
  • فوضى توزيع المساعدات في غزة تُشعل السوق السوداء وتُفاقم المعاناة الإنسانية
  • مراسل القاهرة الإخبارية: فوضى توزيع المساعدات بغزة تُفاقم المعاناة وتفتح السوق السوداء
  • ترامب: مراكز توزيع الطعام في غزة ستكون مفتوحة دون قيود