في إتجاه مخاطبة قوى التحرير وحواضنها الأجتماعية…مأرب: ميدان النزال والحسم وصناعة النصر
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
(1) الأهمية الجغرافية والأجتماعية والحضارية
حين نتحدث عن مأرب من زاوية جغرافية، لا يمكن عزلها عن موقعها كمركز قيادي واستراتيجي لما يُعرف بـ”المَشرِق” اليمني، ومرجعية قبلية كبرى لـ”مذحج”، وعاصمة حالية لإقليم سبأ الذي يضم محافظات مأرب، الجوف، والبيضاء.
لكن مأرب ليست مجرد موقع جغرافي أو كيان إداري؛ فهي روح حضارة وسِجل لأصل نساني عريق – إنها بإختصار : آية في كتاب الله العزيز “بلدة طيبة ورب غفور”، ومشهد من نبوءة نبي الله سليمان، وموطن العرش والسد، وجذور المجد السُبئي.
هي مهد حضارة سبأ، وأصل قحطان، وراية مذحج، وعمق اليمن الشرقي الذي شكّل عبر التاريخ بموروثه الحضاري والأسلامي النقيض الموضوعي لقبة الهادي ومركزها الكهنوتي في صعدة،
و خط الدفاع الأول في وجه المشروع الإمامي بنسختيه: المذهبية المتعصبة، والسلالية المتعالية، لاسيما وأن الإمامة كانت كيانًا دخيلًا على اليمن، وعبّرت باستمرار عن عداء واضح لكل مفردات الهوية اليمنية، من سبأ إلى قحطان، ومن معين إلى حمير، حتى أن الإمام يحيى حميد الدين – كما يُروى – كان يحمل كراهية دفينة لمسمى سورة “سبأ”، متمنّيًا لو لم يكن هذا المسمى في المصحف الشريف، في تعبير فاضح عن نزعة طمس للتاريخ اليمني، بما فيه من موروث حضاري وإسلامي سابق لعصر إمامة الهادي ، وكأن اليمن لم يولد الا بمجيئه الى صعدة.
■ الإنسان
يحمل الإنسان في مأرب ملامح الإنسان اليمني الشرقي بأمتياز فهو : يقِظ، حذِر، متحفّز على الدوام ، كما وصفه الروائي الأستاذ محمود ياسين- هذه السمات لم تكن طارئة، بل تشكّلت عبر تراكم زمني منذ انفجار سد مأرب العظيم، وما تبعه من سيول مفاجئة وغزوات مباغتة من صحارى مفتوحة، خلقت إنسانًا شديد الحذر والانتباه لأي خطر قادم من هنا او هناك ، وحتى لا يُؤخذ على حين غِرّة.
■ الصحراء
تحيط بمأرب مساحات شاسعة من الصحارى المنبسطة، ما يجعلها جغرافيًا عصية على الاجتياح، خاصة من قِبل مليشيات الحوثي الإرهابية القادمة من الجبال والكهوف ، فقد ثبت أن البيئة الصحراوية المفتوحة لا تلائم طبيعة قتالها، وأن هذه المساحات الصحراوية يمكن أن تبتلعها دون ان تبقي لها أثرا ، ومع ذلك، لم يكن اندفاع الحوثيين نحو مأرب محض مغامرة، بل خضع لحسابات اقتصادية بحتة، بدفع من شركات نفط إيرانية كانت تطمح للسيطرة على ثروات مأرب من النفط والغاز، كمقدمة للوصول إلى حضرموت.
كان منسّق هذا التوجه هو ما عُرف بـ”إيرلو”، السفير الإيراني لدى الحوثيين، والذي لم يكن في حقيقته سوى سمسار نفطي يعمل لصالح ثلاث شركات إيرانية كبرى موّلت جانبا من المعركة طمعًا في عقود استثمارية ضخمة بعد سقوط مأرب.
■ الأهمية الكفاحية
لمأرب سجل نضالي ضارب في عمق التاريخ، حيث كانت دومًا في طليعة القوى التي واجهت المشروع الإمامي، وأسهمت بفاعلية في تقويضه. وقد أشار الباحث اليمني بلال الطيب في دراسته “مأرب.. تاريخ من الرفض” إلى أن الإمام يحيى حميد الدين، بعد استلامه الحكم عام 1904، حاول مدّ سلطته إلى الجنوب والشرق، لكن مأرب والجوف تصدّتا له بتحالف قبلي ضم أيضًا أمير بيحان “الهبيلي”، فشكّل هذا التحالف سدًا منيعًا أمام التوسع الإمامي.
لم تكن مأرب مجرد ممر للمقاومة، بل كانت في صدارة الفعل الثوري. ففي عام 1948، دوّى صوت الشهيد الشيخ علي ناصر القردعي برصاصته التي أنهت حياة الإمام يحيى، وأسقطت رأس الحكم الكهنوتي، في لحظة كانت بمثابة الشرارة الأولى على طريق ثورة 26 سبتمبر 1962.
“وفي عام 1957، سطرت قبائل صرواح ملحمة جديدة حين أطلقت انتفاضة مسلحة ضد الإمام أحمد حميد الدين. ورغم أنها لم تُكلل بالنجاح، إلا أنها جسّدت مجددًا روح التمرّد الكامنة في وجدان أبناء مأرب”، تلك الروح التي لم تخمد قط، لا في وجه الإمام يحيى ولا في وجه وريثه أحمد.
لقد كانت مأرب “جمهورية بالهوى والانتماء، حتى قبل أن يُعلن النظام الجمهوري رسميًا”. وعندما اندلعت ثورة 26 سبتمبر، كانت في مقدمة الحواضن الشعبية للثوار، واحتضنت الجيش الجمهوري بقيادة الشهيد علي عبد المغني، وقاتلت معه ببسالة حتى ارتفعت رايات الجمهورية على رمالها وجبالها.
وفي لحظات مفصلية، مثل حصار السبعين يومًا في صنعاء ، حاولت فلول الإمامة الالتفاف على العاصمة من الشرق، لكن قبائل مأرب تصدّت لهم، وخاضت معارك ضارية أسهمت في فك الحصار، وإنقاذ الجمهورية من السقوط.
يتبع…
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: صناعة النصر قوى التحرير الإمام یحیى
إقرأ أيضاً:
صوفان: إعطاء الأمان الذي حصل في بداية التحرير ساهم إلى حد كبير في حقن الدماء، هناك إنجازات كبرى تحققت في مجال السلم الأهلي شهد بها القاصي والداني
2025-06-10najwaسابق صوفان: الدفع نحو الاستعجال في مسار العدالة الانتقالية أو القيام بتنفيذها بشكل فردي سيؤدي إلى الفوضى وظهور الدولة وكأنها لا تستطيع القيام بمهامها، وذلك سيفتح الباب أمام التدخلات الخارجية انظر ايضاًصوفان: الدفع نحو الاستعجال في مسار العدالة الانتقالية أو القيام بتنفيذها بشكل فردي سيؤدي إلى الفوضى وظهور الدولة وكأنها لا تستطيع القيام بمهامها، وذلك سيفتح الباب أمام التدخلات الخارجية
آخر الأخبار 2025-06-10مؤتمر صحفي لعضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي في وزارة الإعلام بدمشق 2025-06-10سلام: لبنان يعمل والمجتمع الدولي لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم 2025-06-10أجواء حارة بشكل عام وسديمية في المناطق الشرقية والبادية 2025-06-09كلية طب الأسنان في جامعة دمشق تحصل على الاعتماد الأوروبي ضمن برنامج Leader الذي تقدمه الجمعية الأوروبية لطب الأسنان 2025-06-09“الوفاء والصمود” فعالية جماهيرية بحمص في ذكرى رحيل الشهيد الساروت وحصار حمص 2025-06-09وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة 2025-06-09وفاة طفلة غرقاً في بحيرة بريف عفرين شمال غرب حلب 2025-06-09ذبح 894 أضحية في مسلخ دمشق الفني خلال أيام عيد الأضحى 2025-06-09بمناسبة حلول عيد الأضحى.. الرئيس الشرع يستقبل وزير الداخلية وعدداً من مسؤولي الوزارة 2025-06-09منتخب سوريا لكرة القدم للرجال يواجه نظيره الأفغاني غداً في تصفيات كأس آسيا
صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |