لجريدة عمان:
2025-07-31@16:53:42 GMT

الأخلاق الناعمة في المجتمع العمانيّ

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

كثيرا ما نسمع عن «الثّقافة النّاعمة»، أو «الدّبلوماسيّة النّاعمة» من حيث ربطها بالتّأثير والجاذبيّة دون إكراه، أو دعوة مباشرة، ولها تأثيرها البعيد، ويمكن تمثيلها بالنّقط المتباينة، ثمّ تتسع هذه النّقط أفقيّا بشكل دائري للتحوّل إلى ظاهرة مؤثرة، وهذا ينطبق تماما على الأخلاق. والأخلاق هنا بمعنى السّجايا الّتي عبّر عنها الأثر «الدّين المعاملة»، وليست بالمعنى المباشر للقيم الكبرى الّتي لها أبعاد إجرائيّة إلزاميّة مباشرة كالمساواة والعدالة.

وفي المقابل لها أيضا مصاديق أخلاقيّة أفقيّة تدخل في دائرة السّجايا وحسن التّعامل مع الآخر.

وهنا أضرب مثلا بعُمان؛ فمع تأريخ عُمان الموغل في القدم، وامتدادها قديما شمالا وجنوبا، وتأثير الجانب البحريّ شرقا وشمالا وجنوبا أيضا على الخصوص، وما تبع ذلك من هجرات قبليّة، وتأثيرات دينيّة وثقافيّة؛ لم تسوّق عُمان مع نهضتها الحديثة نفسها إعلاميّا بشكل كبير إلّا في الفترة الأخيرة. لهذا لمّا تسافر أحيانا حتّى إلى دول عربيّة، وتذكر لهم «عُمان» يسأل أين عُمان؟ فتجيبه إلى أقرب معلم قريب منها، أو رمزيّة سياسيّة شهيرة.

في المقابل هناك جانب عكسيّ تماما؛ فمع النّهضة الحديثة أيضا كانت هناك هجرات عمّاليّة للعمل في عُمان، خصوصا من الدّول الآسيويّة القريبة، ومن بعض الدّول العربيّة. وهؤلاء تعاملوا مع العمانيين في أسواقهم ومنازلهم ومدارسهم وأماكن عملهم عموما، ولم يكن هناك خطّة سياسيّة أو دينيّة أو ثقافيّة مرسومة للتّأثير عليهم ولو إيجابا. بيد هناك «أخلاق ناعمة» -إن صح التّعبير- تمثلت في حسن تعامل العمانيين معهم في الجملة، ولا يعني ذلك عدم وجود سلبيات اجتماعيّة وتعامليّة خصوصا من بعض المنتفعين كاستغلال الكفالة سابقا من بعض أفراد المجتمع استغلالا سلبيّا، لكنّها لا تشكّل ظاهرة أكثر من كونها حالة فرديّة كأيّ مجتمع بشريّ آخر، إلّا أنّ الصّفة الغالبة أفقيّا حسن التّعامل مع الجميع. شكّل هذا بُعدا أخلاقيّا نُقطيّا تحوّل في الخارج إلى صورة حسنة حول عُمان، لتمدّد هذه النّقط أفقيّا.

بدأ هذا التّفكير لديّ مبكرا قبل حوالي ستة وعشرين عاما لمّا كنت في أحد الأسواق الّتي يكثر فيها الوافدون؛ لشراء غرض إلكتروني لأحد المساجد في بُهلا عام 1999م تقريبا، فدخلت إلى أحد المحلّات، يبيع فيها رجل مسنّ، وكان ملتحيا، ولا أدري أكان هندوسيّا أم سيخيّا، وكنت حينها لا أفرّق بينهما، وكنت أمازحه وأنا بهيئتي الدّينيّة، حينها قال لي - ولا زلت أذكر كلامه -:«أتعجب من حسن تعاملكم معنا، وعدم التّفريق بيننا». ثمّ ذكر لي بعض معاناته في دول ما عمل فيها، خصوصا وهو في هيئته الدّينيّة.

بعدها كانت لدي صور ونماذج عديدة، قد يكون ذكر بعضها فيه شيء من الحساسيّة لا يناسب المقام، بيد أني وأنا قادم هذه الأيام من «نوراليا» في سيريلانكا لأشارك المسلمين هناك عيد الأضحى والكتابة عنه؛ أدركتُ مدى حضور هذه «الأخلاق النّاعمة» في المجتمع السّيريلانكيّ مثلا. وأنا مثلا في العاصمة «كولومبو» في المقهى أو الشّارع أو الشّاطئ أو السّوق أو المسجد أو النّزل أو القطار أو (التّك توك) - وعادتي أختلط بالنّاس، وأحاول أقترب منهم - إلّا أنّ السّيريلانكيّ هو من يقترب منّك. وفيهم سمة اللّطافة وحسن المعشر.

ولمّا يسألك من أين؟ وتجيبه: من عُمان؛ لم أجد أحدا منهم في الجملة سألني: أين عُمان؟ لكنّه يبادر مباشرة بالقول: أميّ أو أختي أو أبي أو أخي أو عمّي أو صديق لي عمل أو يعمل في عُمان، ويرجع بالثّناء عنها. هذا شاهدته إلى حدّ التّواتر، وليس حالة أو حالتين.

وفي النّزل «نوراليا» - وكان ملكا شخصيّا لعائلة بوذيّة أصلها من مدينة «كاندي» حوّل إلى نزل صغير - كان من يعمل فيه ابنهم ذو التّسعة عشر عاما، مع خادمه الّذي كان في الأربعين من عُمره. وكانوا في قمّة الكرم والسّماحة والبشاشة، فسألته أين باقي أسرته؟ قال لي: والدتي تعمل ممرضة في كاندي ومعها أخي الأصغر، وأبي يعمل مهندسا في مسقط في عُمان، وحاليا هو في مسقط.

وذكر لي الصّورة الحسنة الّتي ينقلها عن عُمان، وحسن تعامل النّاس معه، وكانوا يقدّمون لي مع كلّ وجبة تمر الخلاص العمانيّ. وجدت هذا الثّناء أيضا في المسجد القريب في قرية «Haweliya»، وينسب إليها. وجدت في المسجد شبابا من جماعة التّبليغ الشّهيرة، وكانوا خارجين للدّعوة في سيرلانكا أربعين يوما، وفي هذا المسجد سبعة أيام، فجاء يسلّم عليّ أمير الجماعة، وقالوا لي: هذا أميرهم في سيريلانكا عموما. وقد زار عُمان ويذكر مشاهد حسنة عنها، إلّا أنّ حسن تعامل النّاس معه هو الّذي زاد حسن انطباعه عنها، وجذبه إليها.

ذكّرني هذا بالرّجل السّيريلانكيّ المسن الذي وجدته في مسجد العاصمة هانوي عاصمة فيتنام في رمضان الماضي، وكتبتُ عنه في مقالي: «عيد الفطر في هانوي»، ويتمثل في أنني «وجدت رجلا من سيرلانكا عمل في عُمان ما بعد 1977م، وكان يسكن في روي، ويثني كثيرا على عُمان، وبعد 1979م نقلته الشّركة إلى هانوي، ولا زال فيها حتّى اليوم، بيد أنّ زوجته لا زالت تعمل في عُمان»، إلّا أنّه يملك حنينا وذكريات حسنة عن عُمان. والشّاهد بين صاحبينا أنّ عُمان -والحمد لله- حافظت على هذه الحسنة «الأخلاق النّاعمة»، فلم تتغيّر بسبب التّحديث، كما يجب أن نحافظ عليها لنورّثها للأجيال الأخرى، وهذا خير ما يورث.

كما أنّ السّياسة في عُمان في علاقتها الخارجيّة، وفي دبلوماسيّتها المتزنة حافظت على هذه الصّورة الحسنة. وما ذكرته سلفا لا يعني ملائكيّة المجتمع العمانيّ، فهناك هنات؛ لأسباب إجرائيّة أو فرديّة سبق أن ذكرتها في أكثر من مقالة، وبعضها طبيعيّ كأيّ مجتمع آخر، إلّا أنّ الظّواهر العامّة لا تقرأ من خلال هذه الجزئيّات الطّبيعيّة في المجتمعات البشريّة، ولا يبنى عليها ظواهر وصور كليّة.

وقد ذكرت نماذج من الأخلاق النّاعمة لدى العمانيين في مقالات أخرى في جريدة عُمان، وفي بعض كتبي كالتّعارف، وإيران التّعدّديّة والعرفان. وما أرمي له هنا ضرورة المحافظة على هذه الصّورة الحسنة في المجتمع العمانيّ، وقد لا نلقي لها اهتماما آنيا، لكن لها تأثير كبير على البعدين الجغرافيّ والوطنيّ والتّأريخيّ؛ فالّذي يشاركنا اليوم سوف يرجع غدا إلى بلده، وينقل ما شاهده لأصدقائه وأبنائه وأحفاده. لهذا يجب الحدّ من الصّور السّلبيّة إجرائيّا وفرديّا، والّتي تؤثر سلبا على هذه الصّورة الحسنة، حتّى لا تتحول إلى ظاهرة تنقض ما سبق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأخلاق الن فی المجتمع فی ع مان على هذه إل ا أن

إقرأ أيضاً:

اليونيسف تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية

العُمانية: تعد سلطنة عُمان من الدول الرائدة في مجال تنمية الطفولة المبكرة، سواء على مستوى السياسات أو الخدمات المقدمة، كما أنها من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل، وبادرت مبكراً إلى سنّ التشريعات اللازمة لحماية حقوق الأطفال.

وأكد مكتب منظمة الأمم المتحدة "اليونيسف" في سلطنة عُمان على أن إصدار قانون الطفل في عام 2014 دليلاً واضحاً على هذا الالتزام، بالإضافة إلى قانون التعليم المدرسي 2023 الذي أكد على حق الطفل في الالتحاق بالتعليم المبكر، وقانون الحماية الاجتماعية 2023 الذي قدّم منظومة متكاملة للمنافع والتأمينات الاجتماعية والتي اعتمدت أفضل الممارسات الدولية في تقديم المنافع بما فيها منفعة الطفولة ومنفعة الأشخاص ذوي الإعاقة والعمل على تطويرها لتعظيم العائد في تحقيق الحماية والاستثمار في تنمية الطفولة وترسيخ مبادئ العدالة.

وقالت سعادة سومايرا تشودري ممثلة مكتب منظمة الأمم المتحدة "اليونيسف" في سلطنة عُمان إنها تشهد تقدمًا مهمًا في مجال الحماية الاجتماعية، من خلال تعزيزها للسياسات الوطنية التي تهدف إلى دعم الأطفال والأسر، وضمان وصول الخدمات للفئات الأكثر احتياجًا، وشمل هذا التقدم تطوير نظم الحماية الاجتماعية وتحسين التنسيق بين القطاعات لضمان استجابة متكاملة لاحتياجات الفئات المستفيدة.

وكشفت أن المكتب يقوم بدور محوري في دعم الجهود التي تنفذها سلطنة عُمان، من خلال تقديم الدعم الفني والمشورة الاستراتيجية في تصميم السياسات والبرامج، وتعزيز القدرات الوطنية في جمع البيانات وتحليلها لاستخدامها في التخطيط القائم على الأدلة، كما يعمل بالشراكة مع الجهات الحكومية على تعزيز نظم حماية الطفل وضمان اندماجها ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، بما يسهم في بناء نظام شامل ومستدام يُعنى برفاه كل طفل.

وأضافت سعادتها أن التعاون بين سلطنة عُمان ومكتب "اليونيسف" يرتكز على شراكة استراتيجية طويلة الأمد بدأت منذ عام 1971، وتهدف إلى تعزيز حقوق الطفل في مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم، والصحة، والحماية، والتغذية، والنماء في مرحلة الطفولة المبكرة. ويعمل الجانبان بشكل وثيق على تطوير السياسات والبرامج الوطنية التي تضمن لكل طفل في سلطنة عُمان التمتع بحقوقه بشكل متكامل وعادل، بما يتماشى مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ورؤية "عُمان 2040".

وأوضحت سعادتها أن التعاون بين الجانبين يتمثل في برنامج قطري مشترك يتم التنسيق بشأنه مع الجهات المعنيّة بشؤون الطفل في سلطنة عُمان، ويُعاد إعداد هذا البرنامج كل خمس سنوات مع إعداد خطط سنوية للتنفيذ، حيث يجري خلاله النقاش حول الأولويات والبرامج الوطنية التي تُدرج ضمن إطار دعم اليونيسف لجهود الحكومة في مجال تعزيز رفاه الأطفال.

وأشارت سعادتها إلى اهتمام سلطنة عُمان المتزايد بتنمية الطفولة المبكرة، وهو ما يُترجم من خلال إدماج هذا الملف ضمن أولويات الخطط الوطنية، وزيادة الاستثمار في برامج الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، لافتةً إلى أن التركيز على السنوات الأولى من حياة الطفل يعكس الفهم العميق لسلطنة عُمان حول أهمية هذه المرحلة في تشكيل قدرات الطفل ومهاراته المستقبلية.

وأفادت أن سلطنة عُمان حققت مراكز متقدمة في مؤشرات تنمية الطفولة والتحصين الشامل للأطفال والالتحاق بالتعليم الذي يشمل جميع الأطفال دون استثناء، وتواصل إظهار التزامها من خلال تبني حلول مبتكرة لتعزيز دور الأسرة والطفل، مثل تشريع قانون العمل والسياسات الصديقة للأسرة التي تمنح الوالدين وقتاً كافياً لرعاية الطفل في مراحله الأولى، مؤكدةً أن هذه الجهود تضعها في موقع ريادي على خارطة العالم في مجال رعاية الطفولة وحمايتها.

وذكرت المسؤولة الدولية أن سلطنة عُمان تنفذ حزمة متكاملة من البرامج التي تهدف إلى تنمية قدرات الأطفال والناشئة، سواء في مجالات التعليم، أو الصحة، أو المشاركة المجتمعية واليوم، نلاحظ نقلة نوعية في تبني مقاربات شاملة تراعي احتياجات الأطفال من مختلف الفئات، بما في ذلك الأطفال ذوي الإعاقة، والأطفال المعرضين للخطر، مشيرةً إلى أن "اليونيسف" تدعم هذه التوجهات وتعمل على تعظيم أثرها من خلال التعاون الفني وبناء القدرات.

وأردفت سعادتها أن من التعاون الوثيق مع وزارة التنمية الاجتماعية والجهات المعنيّة الأخرى كوزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، تكاتفت الجهود من أجل تحليل وفهم مسار تنمية الطفل وحمايته من جميع أشكال الإساءة أو الخطر، وأن هذا التعاون المؤسسي يُجسد العمل المشترك على تحديث دليل حماية الطفل وإعداد دراسة عن إنشاء مراكز متكاملة للطفولة المبكرة؛ بهدف تعزيز آليات التنسيق والتكامل بين الجهات المعنيّة، بما يضمن تحسين متابعة حالات الأطفال، وتحقيق اتساق واستمرارية في الإجراءات والمتابعة بجودة عالية بين جميع الأطراف ذات العلاقة.

ولفتت إلى أن القوانين الوطنية مثل قانون الطفل ودليل حماية الطفل تُعد من الإنجازات المحورية التي تضع سلطنة عُمان في مصاف الدول الساعية لحماية حقوق الطفل، ومن منظور دولي، فإن هذه التشريعات تعكس التزاماً حقيقياً من سلطنة عُمان بمواءمة قوانينها مع الاتفاقيات والمعايير الدولية، التي تسهم في تعزيز بيئة قانونية توفر الحماية والإنصاف للأطفال.

وتابعت سعادتها قائلة إن لسلطنة عُمان دور مهم ومحوري في دعم البرامج التنموية والإنسانية المتعلقة بالطفولة، سواء على الصعيد الوطني أو من خلال مشاركتها في الجهود الإقليمية والدولية، وأن اليونيسف تؤمن أن سلطنة عُمان قادرة على أن تكون صوتاً مؤثراً للأطفال في المنطقة، من خلال دعم المبادرات التي تعزز الصحة، والتعليم، وحماية الأطفال، خاصة في سياقات الأزمات الإنسانية.

وقالت سعادتها إن سلطنة عُمان محط أنظار العالم بفضل مواقفها النبيلة وتوازنها في دعم قضايا الطفولة والإنسانية وتُعد سياستها السلميّة والحيادية عاملاً أساسياً في جعلها شريكاً موثوقاً وصديقاً للجميع، خصوصاً في ظل الأزمات الإنسانية المتكررة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي هذا الإطار، قدّمت دعماً سخياً لأطفال غزة من خلال التبرع بمبلغ 385 ألف ريال عُماني (مليون دولار) لصالح الأطفال في القطاع، وذلك في إطار دعمها المتواصل للأعمال الإنسانية والإغاثية التي تنفذها "اليونيسف" حول العالم.

وأضافت سعادتها أن أبرز المبادرات لتطوير برامج التعليم ما قبل المدرسي تمثلت في دعم تطوير البيئة المدرسية الصديقة للطفل، وتمكين المعلمين من استخدام أساليب تعليمية شاملة من خلال تعزيز إطار مهارات المستقبل، كما تضمّن العمل مع وزارة الصحة على بناء قدرات الكوادر العاملة في تقديم خدمات رعاية الطفولة المبكرة، إضافة إلى دعم برامج التغذية، مثل الرضاعة الطبيعية والصحة النفسية، فيما تضمّن التعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم، إجراء دراسة شاملة تستعرض عدداً من المسارات المحتملة لتفعيل قانون التعليم، والذي ينص على أن التعليم ما قبل المدرسي هو حق أساسي لكل طفل، وفي هذا الإطار ومن هذا المنطلق، تعمل اليونيسف على تحليل الاستراتيجيات المختلفة وتحديد المسارات المناسبة لضمان البدء بتقديم خدمات التعليم المبكر للأطفال في سلطنة عُمان. بالإضافة إلى إعداد دراسة لتعزيز تنمية الطفولة المبكرة من خلال إنشاء مراكز تقدم خدمات تعليمية وصحية للأطفال في هذه المرحلة العمرية.

وأفادت سعادتها أن مكتب "اليونيسف" في سلطنة عُمان ينفذ مجموعة من البرامج التي تهدف إلى بناء وتعزيز قدرات الكوادر في الصفوف الأولية، ودعم العاملين في المجال الاجتماعي الذي يشمل تقديم الدعم الفني المستمر للشركاء في وزارتي الصحة والتربية والتعليم لضمان جودة واستدامة التدخلات، مؤكدةً أن هناك التزاماً متنامياً نحو تحسين جودة خدمات التأهيل والرعاية المقدمة للأطفال من ذوي الإعاقات وبالجهود الواضحة لتطوير البنية الأساسية والخدمات وتوفير الكوادر المؤهلة، لافتة إلى ضرورة تعزيز الدمج المجتمعي والتعليمي، وتطوير أدوات الكشف المبكر والتدخل في مراحل الطفولة الأولى.

وأوضحت سعادتها أن مكتب "اليونيسف" يقوم بدور محوري في دعم الحكومة العُمانية لتطوير نظام وطني مُوحد لحماية الطفل يقوم على الوقاية، والرصد، والتدخل المبكر، كما يعمل على تعزيز التوعية المجتمعية، وبناء قدرات العاملين في الصفوف الأمامية، وتطوير الأدلة والإجراءات الموحدة للتعامل مع حالات العنف والإساءة والإهمال، حيث أطلق المكتب برنامجاً لتدريب المُدربين في مجال التربية الإيجابية؛ بهدف تعزيز وعي أولياء الأمور ومقدمي الرعاية حول عدد من المحاور الأساسية، من بينها حماية الطفل، والتغذية السليمة والتفاعلية، وتحفيز التعلم المبكر، وتعزيز الدمج المجتمعي للأطفال.

وفيما يتعلق بنشر الوعي لجميع فئات المجتمع، بيّنت أن بالتعاون مع شركائها من الجهات المعنيّة ومؤسسات المجتمع المحلي واللجنة الوطنية لشؤون الأسرة، تم إطلاق حملة توعوية وطنية تحت شعار "أطفالنا أمانة" حظيت بتفاعل واسع وتقبل كبير من المجتمع، ويتم تفعيلها بشكل مستمر لتذكير أفراد المجتمع بأهمية تنمية الطفولة المبكرة، وتسليط الضوء على المراحل الأولى من حياة الطفل لما لها من أثر مباشر على مستقبل الطفل والنشء.

وذكرت سعادتها أن مكتب "اليونيسف" عمل على تصميم وتنفيذ حملات تواصل وتغيير سلوك تركز على دور الأسرة والمجتمع في حماية ودعم الطفل، خاصة في القضايا الناشئة مثل التنمر الإلكتروني، والصحة النفسية، والعنف بهدف إشراك الأطفال واليافعين أنفسهم في التعبير عن احتياجاتهم وتمكينهم ليكونوا جزءاً من الحل، كما أطلق بالتعاون مع شركائه من الجهات الحكومية، استراتيجية وطنية للتواصل الاستراتيجي من أجل التغيير السلوكي المجتمعي، وهي مبنيّة على أدلة علميّة تتناول الممارسات والعادات والمستوى المعرفي المتعلق بتنمية الطفولة المبكرة وأهميتها، وتبحث سبل معالجة التحديات المجتمعية التي قد تعيق هذا النمو، لا سيما تلك التي لا تشملها السياسات أو الخدمات المباشرة، بل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوعي والمعرفة المجتمعية، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعوية استراتيجية وموجهة تستهدف الفئات الرئيسة من المجتمع؛ بهدف رفع المؤشرات الاجتماعية المؤثرة على تنمية الطفولة المبكرة، مثل تعزيز الرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة، بما يسهم في خلق بيئة داعمة لنمو الطفل وتطوره الشامل.

واختتمت سعادة ممثلة مكتب منظمة الأمم المتحدة "اليونيسف" في سلطنة عُمان بالتأكيد على تطوير برامج تعزز من المهارات الحياتية والاجتماعية للأطفال واليافعين مثل مهارات التواصل، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنيّة للإسهام في تعزيز شعورهم بالانتماء والاندماج، إلى جانب دعم المبادرات التي تتيح لهم مساحات آمنة للمشاركة والتعبير، لربطها بالسياسات الوطنية لضمان استدامتها.

مقالات مشابهة

  • “فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية
  • ملتقى الصداقة العماني الصيني يناقش توسيع آفاق التعاون المشترك
  • «البرازيل ليست حديقة خلفية».. بين تحدي الهيمنة وصعود القوة الناعمة في الجنوب العالمي
  • العراق والمخدرات: قراءة في منظومة الحرب الناعمة على المخدرات
  • المقصورات... إلياذات الشعر العماني
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • "اليونيسف" تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • اليونيسف تؤكد أهمية الدور العماني في دعم البرامج التنموية والإنسانية
  • جدول أعمال ملتقى الصداقة والتعاون العماني الصيني - الدورة الثالثة
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الحب.. القوة الناعمة