وقفة تضامنية حاشدة لدعم مادلين وكسر الحصار.. هكذا احتضنت غزة سفينة الأمل (صور)
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
احتشد المئات من الأطفال والنساء والمواطنين الفلسطينيين، الإثنين، قرب ميناء مدينة غزة المحاصرة، في وقفة تضامنية وصفت بـ"الحاشدة"، وذلك في مشهد يختزل روح الصمود والأمل، ودعما لسفينة "مادلين"، التي حاولت كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وخلال الوقفة نفسها، رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، ولافتات كُتبت عليها شعارات شُكر وامتنان لركاب السفينة الذين تحدّوا الاحتلال وعبّروا عن تضامنهم الفعلي مع سكان القطاع المحاصر، الذي يرزح تحت حصار مشدّد منذ ما يزيد عن 18 عاما، وتصاعد على نحو غير مسبوق في العدوان الأهوج الجاري على غزة .
وقال المتحدث الرسمي باسم الوقفة، في كلمته من قلب الحشود، إنّ: "سفينة مادلين قد مثّلت بارقة أمل كبيرة لأهالي قطاع غزة، وأحيت في قلوبهم الإحساس بأن العالم لم ينسَ معاناتهم".
وأضاف: "هذه السفينة لا تمثل مجرد قطعة بحرية، بل هي رسالة حيّة من أحرار العالم، تؤكد أن غزة ليست وحدها، وأن صوتها يصل رغم جدران الحصار والقمع والإغلاق".
وتابع: "العدو الإسرائيلي لم يكتفِ بإجرامه بحق الفلسطينيين، بل إنّه قد وسّع دائرة اعتداءاته لتطال المتضامنين الدوليين الذين كانوا على متن السفينة، عبر الحصار والمنع والاعتقال والترويع".
من جانبها، قالت رنا الزبدة، وهي إحدى المشاركات في الوقفة، إنّ: "هذه الفعالية الشعبية جاءت لتبعث برسالة تضامن ووفاء لكل أبطال سفينة مادلين"، مضيفة: "رغم التهديد والقصف، اجتمع اليوم مئات الأطفال والنساء والأشبال هنا قرب شاطئ غزة، ليقولوا للمتضامنين: شكراً لكم، لقد نقشتم أسماءكم في ذاكرة فلسطين ووجدان غزة".
إلى ذلك، شهدت الوقفة مشاركة واسعة من الفصائل والمؤسسات الأهلية والنشطاء الغزّيين، الذين أكدوا على: "ضرورة استمرار هذه الفعاليات الداعمة لكل الجهود الدولية الرامية لكسر الحصار البحري والإنساني عن غزة"، مطالبين في الوقت نفسه، المجتمع الدولي، بـ"التدخل الفوري لحماية المتضامنين والضغط على الاحتلال للسماح بدخول السفن الإغاثية والإنسانية".
كذلك، شهدت الوقفة ذاتها، إطلاق أناشيد وطنية مع توزيع رسائل شكر خطّها أطفال غزة بأيديهم، مُوجّهة إلى طاقم سفينة مادلين، إذ عبّرت عن مشاعر الامتنان والتقدير لمحاولتهم كسر جدار العزلة.
تجدر الإشارة إلى أنّ سفينة "مادلين" قد انطلقت ضمن حملة دولية لكسر الحصار البحري عن قطاع غزة، وحاولت الوصول إلى شواطئه حاملة نشطاء سلام من عدة جنسيات، قبل أن تعترضها قوات الاحتلال الإسرائيلي وتمنعها من إكمال مهمتها الإنسانية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات غزة الاحتلال سفينة مادلين غزة الاحتلال سفينة مادلين المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كيف سعت إسرائيل إلى تحويل سفينة مادلين لفخ إعلامي؟
في مشهد وُصف إعلاميا وسياسيا بـ"الاعتراض"، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على اختطاف سفينة "مادلين"، التي كانت تقل ناشطين ومساعدات في محاولة رمزية لكسر الحصار البحري المفروض على غزة.
وجرت العملية في المياه الدولية قرب شواطئ القطاع، حيث منعت البحرية الإسرائيلية السفينة من استكمال رحلتها، واقتادتها إلى ميناء أسدود.
لكن ما بدا حادثا أمنيا -بحسب الصحافة الإسرائيلية- سرعان ما كشف عن أبعاد أعمق، حيث تبين أن العملية كانت جزءا من خطة إعلامية ودبلوماسية محكمة، نسّقتها وزارة الخارجية الإسرائيلية مع الجيش لتطويق أي انتقادات محتملة.
وكشفت وسائل إعلام عبرية عن حملة استباقية، تضمنت التحضير الميداني واللغوي للسيطرة على المشهد الإعلامي، بما فيها ترويج رواية تعتبر النشطاء "مجرد مؤثرين يسعون إلى الضجة"، مع تعمد نشر صور ومقاطع فيديو تهدف إلى إبراز ما وُصف بـ"الوجه الإنساني" لإسرائيل.
منذ انطلاق "مادلين" من إيطاليا مطلع يونيو/حزيران، كانت البحرية الإسرائيلية في حالة استنفار، حيث شرعت في تدريبات مكثفة على سيناريوهات اعتراض السفينة.
إعلانورافق هذه التحضيرات الميدانية تهديدات علنية أطلقها وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ضد النشطاء على متن القارب، مؤكدًا أن إسرائيل ستمنعهم من الوصول إلى غزة بأي وسيلة.
ووجّه للجيش الإسرائيلي تعليماته لاتخاذ "أي إجراء ضروري" لصد القافلة ومنعها من كسر الحصار، زاعمًا في بيان رسمي، أن الهدف من الحصار هو منع تسلّل الأسلحة إلى حركة حماس.
وأضاف كاتس مخاطبًا الناشطة السويدية غريتا تونبرغ ورفاقها "من الأفضل أن يعودوا أدراجهم، لأنهم لن يصلوا إلى غزة".
وعلى الجانب الآخر، عمل جيش الاحتلال على توصيل رسالة إستراتيجية بما وصفته الصحافة المحلية بـ"الخدعة الإعلامية" التي دارت وراء الكواليس لإدارة أحداث قرصنة سفينة "مادلين"، إذ لم تكتف إسرائيل بتنفيذ العملية، بل استغلت التغطية الإعلامية لنشر صور وفيديوهات تهدف إلى تصوير الحدث على أنه استجابة إنسانية هادئة، وفق موقع "واينت" العبري.
بل وصلت الأمور إلى عرض مشاهد من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينما قرأها خبراء أنها محاولة واضحة للتشويش على القضية، ومحاولة لإبعاد الأنظار عن الهدف الإنساني للسفينة، وفقا للموقع ذاته.
وعلى عكس حادثة سفينة مرمرة عام 2010، التي شهدت اعتداء واضحا من الجيش الإسرائيلي أسفر عن ضحايا مدنيين على متنها، ودفعت لانتقادات دولية واسعة، اتخذت إسرائيل هذه المرة خطوات مدروسة ومختلفة للتحكم بالرواية الإعلامية والسيطرة على المشهد مسبقا.
إذ تولت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتنسيق مع الجيش المهمة، مع حصر التصريحات في الوزارة، ما يعكس محاولة واضحة لتجنب تكرار الأضرار الإعلامية التي لحقت بها سابقًا، وفقا لموقع "واينت".
رواية مزيفة وواقع مختلف
وعملت منظومة الدعاية الإسرائيلية من داخل غرف العمليات الإعلامية المشتركة على إدارة تدفق المعلومات إلى وسائل الإعلام العالمية في إحكام، كما حافظت وزارة الخارجية على اتصال مستمر بحكومات الدول التي ينتمي إليها الناشطون، لضمان نقل الرواية الإسرائيلية فورا وفي إحكام، ومنع انتشار أي روايات معاكسة.
إعلانفي الوقت نفسه، وثّق المتحدث باسم الجيش تفاصيل عملية السيطرة على السفينة، بما فيها لحظات تقديم السندويشات والمياه للناشطين، والتي كانت جزءًا من خطة ممنهجة تهدف إلى تعزيز صورة إسرائيل كدولة ذات سيادة، تتصرف بهدوء ورباطة جأش تجاه ما تصفه بـ"الاستفزازات".
وتفسيراً لذلك، يرى استشاري الطب النفسي، الدكتور عبد الرحمن مزهر، أن ما قامت به إسرائيل يعكس اعترافا غير واع بالهزيمة، إذ إن تبني الاحتلال أساليب تشبه تلك التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية في تعاملها مع الأسرى يكشف عن تقليد لا واعٍ للمنتصر. فالطرف المهزوم، في كثير من الأحيان، يسعى إلى تقليد من ألحق به الهزيمة، ليس فقط عسكرياً، بل أيضاً في البعد المعنوي والنفسي، في محاولة يائسة لاستعادة السيطرة على صورته أمام العالم.
وأضاف مزهر في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الحملة الإعلامية الإسرائيلية اعتمدت على مزيج مقصود من العنف والمنحنى الإنساني الزائف، في محاولة لخلق حالة من التشوش العاطفي والمعرفي لدى الجمهور العالمي، فمشاهد توزيع المياه والشطائر كانت جزءاً من إستراتيجية متعمدة لتبييض صورة الاحتلال وتضليل الرأي العام، بتصدير صورة "القوة الهادئة والإنسانية"، في الوقت الذي يُمارس فيه القمع والاحتجاز على مدنيين عزّل.
رغم المحاولات الإعلامية الإسرائيلية لعرض هذه الصورة، كشفت المعلومات لاحقًا عن معاناة النشطاء المحتجزين في ظروف قاسية وغير صحية. حيث أعلن الناشط البرازيلي تياغو أفيلا، الذي كان على متن السفينة، عن بدء إضرابه عن الطعام منذ ساعات الصباح الباكر من يوم الاثنين.
وقد أبلغ عدد من النشطاء عن تفشي بق الفراش داخل مركز الاحتجاز، وتوفير مياه غير صالحة للشرب، ما يعكس انتهاكًا صارخًا لحقوق المحتجزين، وطلبت السلطات الإسرائيلية إبقاء النشطاء رهن الاحتجاز حتى موعد ترحيلهم، وسط قيود قانونية تقضي بحجزهم حتى 72 ساعة قبل الترحيل القسري، ما لم يوافقوا على المغادرة طواعية.
إعلانوفي خطوة قانونية، تمكن محامو مركز "عدالة" من مقابلة عشرة من النشطاء، بينما حصل الصحفيان عمر فياض من قناة الجزيرة ويانيس محمدي على محامين خاصين.
واعتبر ائتلاف أسطول الحرية، أن ترحيل 4 من أصل 12 ناشطًا بعد انقطاع الاتصال بهم يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوقهم، ويكشف زيف الصورة التي حاولت إسرائيل تسويقها عن "الاحتجاز الإنساني" والظروف المريحة.
في مواجهة الأسئلة القانونية والأخلاقية، لجأت إسرائيل، بحسب مراقبين، إلى سلاح التحكم بالمصطلحات، فقد سعت منظومة الدعاية الإسرائيلية إلى إعادة توصيف ما جرى بعبارة "اعتراض" بدل "قرصنة"، محاولة بذلك الالتفاف على القانون الدولي، وتلطيف صورة الجريمة.
هذا التلاعب اللفظي – وفقاً لخبراء – لم يكن تفصيلا عابرا، بل جزءا من خطة مدروسة لإعادة تشكيل الرؤية العامة. وفعلا، تبنّت وسائل إعلام غربية كبرى هذه الرواية، متجاهلة أن العملية وقعت في المياه الدولية، وأن السفينة لم تكن تحمل سلاحا أو تشكّل تهديدا عسكريا.
لكن هذا التوصيف لا يصمد أمام القواعد القانونية الصريحة التي يقرّها القانون الدولي للبحار. فـ"الاعتراض" يعدّ إجراء مشروعا فقط إذا جرى في المياه الإقليمية لدولة ما أو ضمن شروط استثنائية في المياه الدولية، مثل حالة المطاردة الحثيثة لسفينة خرقت قوانين الدولة المعتَرِضة.
في هذا السياق، يؤكد أستاذ القانون الدولي الدكتور خالد خويلة، أن العملية التي استهدفت سفينة "مادلين" تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، لكونها وقعت في المياه الدولية، حيث لا تملك إسرائيل أي ولاية قانونية إلا بتفويض صريح من مجلس الأمن، وهو ما لم يحدث.
ويضيف خويلة في حديثه للجزيرة نت، أن ما حدث يشكّل خرقا مباشرا لحرية الملاحة المنصوص عليها في المادة 87 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (1982)، والتي تحظر اعتراض السفن المدنية في أعالي البحار، باستثناء حالات محددة مثل القرصنة أو الاتجار بالبشر، وهي لا تنطبق على قافلة إنسانية.
إعلانكما يوضح أن حمل السفينة لمساعدات إنسانية يجعل اعتراضها انتهاكا للمادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، التي تُلزم الدول بالسماح بمرور الإغاثة إلى السكان المدنيين، خصوصًا في ظل الحصار.
ويرى خويلة، أن ما جرى يعدّ قرصنة بحرية بحسب المادة 101 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لاستخدام إسرائيل القوة ضد سفينة مدنية في عرض البحر دون أي سند قانوني. ويشير أيضًا إلى أن مصادرة الأجهزة الإلكترونية والتشويش على الاتصالات يعدان خرقا واضحا للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل حرية التعبير.
ويختتم، تأكيد أن التبريرات الإسرائيلية، كادعاء "منع كسر الحصار" غير قانونية، لأن الحصار نفسه غير قانوني بحسب بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق. ويضيف أن الهدف الحقيقي من العملية هو منع الشهود من الوصول إلى غزة والتعتيم على الانتهاكات الجارية، في تجاوز صريح للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر العقوبات الجماعية بحق المدنيين.
رغم نجاح إسرائيل في فرض روايتها في بعض وسائل الإعلام الغربية، إلا أن الشارع العالمي لم يصمت. فقد شهدت عدة عواصم أوروبية وعربية مظاهرات ووقفات تضامنية مع نشطاء سفينة "مادلين"، رُفعت خلالها لافتات تطالب بالإفراج عن المحتجزين وإنهاء الحصار المفروض على غزة.
ففي نيوزيلندا، نظم ناشطون وأحزاب معارضة مثل حزب الخضر مظاهرة أمام سفارة إسرائيل في ويلينغتون، مطالبين بإطلاق سراح الناشطين وضمان وصول المساعدات. كما خرجت احتجاجات في روما ومدريد، إلى جانب مظاهرات حاشدة في فرنسا وتركيا، تندد بالاعتراض وتطالب بحرية الملاحة ورفع الحصار.
على الصعيد الرسمي، اتسمت المواقف الغربية بالتردد والحذر. ففي إيطاليا، طالبت النائبة ستيفانيا أسكاري باتخاذ موقف واضح ضد اعتراض السفينة واعتبرت العملية خرقًا خطِرًا للقانون الدولي. وفي إسبانيا استدعت وزارة الخارجية القائم بأعمال السفير الإسرائيلي للاحتجاج على الاعتراض في المياه الدولية، بينما اكتفت ألمانيا بضمان سلامة مواطنيها دون إدانة قوية لإسرائيل.
إعلانتجنبت معظم الدول الغربية اتخاذ إجراءات حازمة، مما يعكس موقفًا يميل إلى التهدئة أو حتى التواطؤ السياسي، بحسب مراقبين يرون في هذا سابقة خطِرة. منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة العفو الدولية، أكدت أن الاعتراض انتهاك صارخ للقانون الدولي، ودعت إسرائيل لاحترام التزاماتها الإنسانية وضمان وصول المساعدات.
المحلل السياسي نضال أبو زيد يؤكد، أن المواقف الرسمية الغربية الغامضة تعكس قبولًا ضمنيًا للإجراءات الإسرائيلية التعسفية، وهو ما قد يزيد من نشاط التضامن العالمي مع غزة، عكس ما تريده إسرائيل.
وتساءل ناشطون عن رد الفعل، لو كانت السفينة محتجزة لدى دولة غير حليفة، مؤكدين أن التخاذل الغربي الحالي لا يساهم فقط في شرعنة الانتهاكات، بل يعزز استمرار الحصار. ورغم محاولات إسرائيل الحثيثة لتشكيل الرواية الإعلامية والسياسية عن حادثة سفينة "مادلين"، إلا أن صوت المعاناة الإنسانية يبقى هو الأعلى والأكثر تأثيرا، لا سيما لدى الشعوب.