محمد المهيري.. يعزف على أوتار التراث
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
خولة علي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةبين أصالة الماضي وتطلعات المستقبل، تبرز مكانة التراث في قلوب الأجيال، وتسكن الهوية وجدانهم، وفي هذا العالم المليء بالتطورات المتسارعة، اختار محمد يوسف المهيري، ابن العاشرة ربيعاً، أن يعزف على أوتار الماضي ويحيي إرث الأجداد من خلال «آلة الهبان» التراثية، لم تكن رحلته مع هذه الآلة مجرد تعلم للنغمات، بل كانت قصة شغف وحب، وإحساس عميق بقيمة الموروث الشعبي، فمنذ نعومة أظافره، قرر أن يكون صوته صدى لآلة الهبان، ليعبر من خلالها عن تاريخ الأجداد ويحمل رسالته إلى الأجيال.
آلة تراثية
الطفل محمد يوسف المهيري يحمل في قلبه شغفاً كبيراً للتراث الشعبي الإماراتي، ورغم صغر سنه، استطاع أن يلفت الأنظار بموهبته وتمسكه بتراث الأجداد، واختار آلة الهبان الموسيقية للعزف عليها، منذ أن كان في السابعة من عمره، فقد جذبت هذه الآلة التراثية انتباهه لما تحمله من أصالة وألحان ارتبطت بماضي وتراث الأجداد.
ويعرّف المهيري آلة الهبان، بأنها آلة موسيقية نفخية تقليدية، تتميز بصوتها الفريد الذي يضفي طابعاً خاصاً على الموسيقى الشعبية، وتتكون من القربة التي تُصنع من جلد الماعز وتشكل على هيئة كيس يملأ بالهواء، ويُثبَّت في فوهة القربة مبسم خشبي يُنفخ فيه لملئ القربة بالهواء، مع مزمار يتكون من قصبتين خشبيتين متوازيتين، تُثبتان على قالب خشبي، وتصدر القصبتان نغمات موسيقية عند مرور الهواء عبرهما، وتستخدم الثقوب الموجودة عليهما لتحديد النغمات، أما الجزء الأخير فهو المنفاخ «اللوله» وهو الأنبوب الذي ينفخ فيه العازف لملئ القربة بالهواء، ولا ننسى الطربوش الذي تزينه، وتنتشر آلة الهبان في العديد من المناسبات الشعبية والاحتفالات في منطقة الخليج العربي، وتُعتبر جزءاً من التراث الموسيقي الشعبي الغني لهذه المنطقة.
تحديات
لم يكن طريق الطفل المهيري سهلاً، فقد واجه تحديات عدة، أبرزها صعوبة العزف على آلة الهبان القائمة على النفخ، والحاجة إلى الكثير من الهواء، وهو أمر شاق بالنسبة لطفل صغير، لكنه لم يكن وحيداً في رحلته، فقد وقف إلى جانبه أفراد أسرته، حيث شجعه جده على الاستمرار والمثابرة حتى أتقن العزف عليها، وبدأ في تأليف النغمات الخاصة به.
رسالة حب وانتماء
ولا تقتصر رؤية محمد المهيري على العزف فقط، بل يحرص على تطوير مهاراته في هذا المجال ليساهم بدوره في حفظ التراث الشعبي ونقله للأجيال القادمة، ورغم عشقه للموسيقى التراثية، يحمل طموحاً كبيراً للمستقبل، حيث يسعى لمواصلة الحفاظ على إرث الأجداد من خلال العزف على آلة الهبان، باعتبار الموروث رمزاً للعزة والفخر، ورحلة المهيري مع هذه الآلة ليست مجرد موهبة يجيدها، بل هي رسالة حب وانتماء لأرضه وهويته الثقافية، مما يجعله قدوة لأقرانه ووجهاً مشرقاً يعكس أصالة الإمارات وتراثها الغني.
محطات مهمة
رغم صغر سنه، شارك المهيري في مهرجان الشارقة للتراث لعامي 2023 و2025، حيث أظهر مهاراته أمام الجمهور وأثبت أنه قادر على تمثيل التراث الإماراتي بفخر وإبداع، وكانت هذه المشاركات محطة مهمة في رحلته الفنية، حيث اكتسب خبرات جديدة وتعرّف على فنانين آخرين يحملون نفس الشغف بالموروث الشعبي، مما دفعه قدماً إلى مواصلة تعلم هذا الفن واحترافه.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد المهيري التراث الشعبي التراث الإماراتي التراث
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيل محمود رضا.. أشهر امرأتين في حياة أسطورة الرقص الشعبي المصري
تحلّ اليوم، الخميس الموافق 10 يوليو، ذكرى وفاة رائد الفن الشعبي الفنان محمود رضا، أحد أعمدة الفنون الشعبية في مصر، ومؤسس فرقة رضا الشهيرة للفنون الشعبية التي أنشأها مع شقيقه المخرج علي رضا في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وخلال السطور التالية سنستعرض أبرز محطات حياة الفنان محمود رضا حتى رحل عن عالمنا عام 2020 .
وُلد محمود رضا في بيئة مثقفة، حيث كان والده يشغل منصب أمين مكتبة جامعة القاهرة، بينما عُرفت والدته بحبها للترحال وعدم الاستقرار، إلى درجة أنها انتقلت يومًا إلى منزل جديد دون إبلاغ زوجها، وهو ما يعكس طبيعة أسرية غير تقليدية أثّرت في شخصية الفنان لاحقًا.
تخرج محمود رضا في كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 1954، لكنه لم يسر في طريق التجارة، بل اتجه نحو الفن الشعبي، ليؤسس مع شقيقه فرقة "رضا" التي أحدثت طفرة في هذا المجال، وجعلت الرقص الشعبي المصري يصل إلى العالمية.
البدايات الفنيةكانت انطلاقة محمود رضا في عالم السينما عام 1949 من خلال مشاركته كراقص في فيلم "أحبك إنت"، ثم تلتها مشاركته في فيلم "بابا أمين" للمخرج يوسف شاهين، حيث أدى دور راقص في الكباريه الذي كانت تعمل فيه فاتن حمامة.
توالت بعدها أدواره في العديد من الأفلام مثل:
"أغلى من عينيه"، "قلوب حائرة"، "فتى أحلامي"، "ساحر النساء"، "نور عيوني"، "غريبة"، و"عفريت سمارة"، إلى أن قدّم أشهر أعماله "غرام في الكرنك" عام 1967، الذي يُعد علامة فارقة في مشواره الفني، وواحدًا من أبرز أفلام الفنون الاستعراضية في تاريخ السينما المصرية.
آخر ظهور للفنان محمود رضاوفيما يخص آخر ظهور فني للفنان محمود رضا فكان من خلال مسلسل "قمر 14" وذلك خلال عام 2008.
الحياة الشخصيةارتبط الفنان الراحل عاطفيًا وفنيًا بعدد من المحطات المؤثرة، حيث تزوج في البداية من شقيقة الفنانة فريدة فهمي، زميلته في فرقة "رضا" وبطلة فيلم "غرام في الكرنك"، لكنها رحلت لاحقًا عن عالمنا.
بعد وفاتها، تزوج محمود رضا من سيدة يوغسلافية تُدعى روزا، التي كانت تعاني من مرض القلب (روماتيزم القلب)، وعلى الرغم من تحذيرات أهله بعدم الارتباط بها لصعوبة حالتها الصحية، قرر محمود رضا أن ينتصر للحب ويتزوجها، وقد أنجب منها ابنته الوحيدة شيرين.
أما شقيق علي رضا، فقد تزوج من الفنانة فريدة فهمي، ليكتمل بذلك الرباط العائلي والفني الذي ساهم في نجاح الفرقة وتألقها لعقود.