تأييد كبير من الخبراء للمنتجات البديلة كأدوات لمكافحة التدخين
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خلصت القمة الثانية عشرة للسجائر الإلكترونية، التي تعد منصة محايدة تجمع العلماء، والجهات التنظيمية، وصناع القرار، وخبراء الصحة العامة، وممارسي الرعاية الصحية لاستكشاف أحدث الأبحاث حول المنتجات البديلة للتدخين، بهدف الحد من الوفيات والأمراض المرتبطة بالتدخين، والتي كانت قد عقدت أواخر العام 2024 في المملكة المتحدة، إلى أن المنتجات البديلة من السجائر الإلكترونية تشكل خياراً أقل خطراً من السجائر التقليدية.
وقد جاء هذا الإجماع العلمي في وقت تتزايد فيه الأدلة على أن دخان السجائر التقليدية يحتوي على أكثر من 6000 مادة كيميائية، من بينها نحو 100 مادة تعتبر سبباً رئيسياً للأمراض المرتبطة بالتدخين، وتنتج عند احتراق التبغ في درجات حرارة تتجاوز 600 درجة مئوية، مما يؤدي إلى توليد الرماد والدخان المحمل بالمواد السامة، التي ترتبط بأمراض القلب والرئة والسرطانات المختلفة.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ علم السموم الفخري في إمبريال كوليدج لندن، البروفيسور آلان بوبيس، في تصريح له ضمن ندوة عقدت في إطار القمة بمشاركة 6 خبراء من أصل 27 متخصصاً، أن السجائر الإلكترونية والمنتجات البديلة المسخنة أقل خطراً من السجائر التقليدية؛ لأنها لا تعتمد على عملية الحرق، وبالتالي لا تنتج رماداً أو دخاناً يحتوي على هذه المواد السامة.
ومن جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة العمل ضد التدخين من أجل الصحة، هيزل تشيزمان، ضمن جلسة حملت عنوان: "دور التدخين الإلكتروني في تحقيق مجتمع خالٍ من التدخين"، أن استخدام المنتجات البديلة المسخنة يعد من أكثر الوسائل فعالية لتقليل استهلاك السجائر التقليدية.
وأضافت تشيزمان بأن نصف الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين استخدموا السجائر الإلكترونية كوسيلة مساعدة، مؤكدة أن هناك قيمة كبيرة في المنتجات البديلة، مثل السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخن منخفضة المخاطر (HTPs)، كأدوات تساعد المدخنين على الإقلاع من خلال التحول إلى خيارات أقل خطورة.
وبدورها، أيدت الأستاذة المشاركة في مركز الطب المبني على الأدلة بجامعة أكسفورد، الدكتورة نيكولا ليندسون، زميلتها تشيزمان؛ مستعرضة نتائج أبحاث نشرتها مراجعة كوكرين، والتي أثبتت أن السجائر الإلكترونية أكثر فاعلية من علاجات تعويض النيكوتين (NRTs) في مساعدة المدخنين على الإقلاع.
وخلال جلسة أخرى حملت عنوان: "فهم وتصحيح المفاهيم حول الضرر"، ناقشت الباحثة في كلية كينجز بلندن، الدكتورة كاتي إيست، تأثير الأفكار المغلوطة على استمرار التدخين، كاشفة أن ما نسبته70% من المدخنين البالغين في إنجلترا يعتقدون خطأً أن المنتجات البديلة تضاهي السجائر التقليدية في المخاطر أو أنها أكثر خطورة منها.
وأكدت إيست أن هذه المفاهيم الخاطئة تؤدي إلى عزوف المدخنين عن التحول إلى البدائل الأقل خطورة، وتثبيط محاولات الإقلاع، مع زيادة احتمالية الانتكاس والعودة إلى التدخين التقليدي.
أما المستشار الحكومي والموظف السابق في وحدة التحليل الاستراتيجي لرئاسة الوزراء البريطانية ومالك شركة Counterfactual الاستشارية حالياً، كليف بيتس، فقد أشار إلى أن بعض السياسات التنظيمية تزيد المخاطر بدلاً عن تقليلها بسبب تجاهلها سلوكيات المدخنين وردود أفعالهم.
وأضاف بيتس أن التركيز الحصري على منع التدخين بين الشباب أدى إلى إهمال المدخنين البالغين، الذين يفوق عددهم المدخنين القُصَّر بـ 20 مرة في المملكة المتحدة، محذراً من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج غير مقصودة بحسب الدراسات والبيانات، مثل زيادة التجارة غير المشروعة، وانتشار المنتجات غير الخاضعة لمعايير السلامة والجودة، وتبني سلوكيات أكثر خطراً، والتحايل على القوانين، مما يفاقم المشكلة.
وقد أكد البروفيسور بيتر سيلبي من جامعة تورنتو، خلال حديثه في الجلسة ذاتها، أن تقليل المخاطر لا يعني انعدامها تماماً، شارحاً بأن تدخين سيجارة واحدة في حالة من عدم الإدراك أو انعدام التركيز لسبب أو لآخر والتعرض لحريق، أو استخدام سيجارة إلكترونية غير مطابقة للمواصفات والتعرض لانفجارها، كلاهما يشكلان خطراً.
وشدد سيلبي في حديثه على أهمية تقليل المخاطر الإجمالية من خلال توفير هذه المنتجات تحت تنظيم صارم يضمن سلامتها، مختتماً بالدعوة لضرورة توفير المنتجات البديلة الآمنة والمدعومة علمياً وإتاحتها ضمن إطار تنظيمي يوازن بين تقليل المخاطر وتعزيز الفوائد للمجتمع.
ويشار إلى أن المنتجات الخالية من الدخان تتميز بمجموعة من الخصائص التي تجعلها بديلاً أفضل للمدخنين البالغين، إذ إنها تستند إلى تقنيات متطورة مصممة للقضاء على عملية الحرق، مما يقلل من التعرض للمواد السامة مقارنة بالسجائر التقليدية. وعلى ذلك، فإن الدعم العلمي لهذه المنتجات يجعلها خياراً أفضل لمن لا يرغبون في الإقلاع عن التدخين تماماً، ما يسهم في تحقيق تقدم ملموس نحو تقليل المخاطر الناجمة عن التدخين التقليدي.
-انتهى-
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المنتجات البديلة السجائر التقليدية الحرق السموم السجائر الإلکترونیة السجائر التقلیدیة المنتجات البدیلة تقلیل المخاطر
إقرأ أيضاً:
الإنترنت الكوانتمي وكسر قواعد الاتصالات التقليدية
هل سمع أحدنا عن الإنترنت الكوانتمي؟
أثناء مطالعتي للمستجدات العلمية وأخبارها، لفت انتباهي مصطلح «الإنترنت الكوانتمي» الذي لم يكن حضوره في قاموسي العلمي قويا -من قبل- رغم تطرقي في مقالات سابقة إلى مفهوم فيزياء الكوانتم وارتباطها بعدد من المظاهر العلمية وتطبيقاتها مثل الحوسبة الكوانتمية؛ فأبحرت في عباب البحر الرقمي باحثا عن المزيد فيما يتعلق بهذا الحقل العلمي، ووجدت بعضا من الدراسات العلمية المنشورة التي قدّمت توضيحا نظريا وتطبيقيا لمفهوم «الإنترنت الكوانتمي»؛ فوجدته بمثابة الانعكاسِ السريع في تقنيات الكوانتم وبدايةَ عهدٍ جديدٍ في عالم الاتصالات؛ فخلافا للإنترنت الكلاسيكي الذي يعتمد في نقل المعلومات على وحدات بت كلاسيكية (0 أو 1)، يستعمل الإنترنت الكوانتمي وحدات بت كوانتمية، المعروفة بالكيوبيت، مستغلًا ظواهر استثنائية مثل التشابك الكوانتمي والتراكب والنقل الآني. تحمل مثل هذه الخصائص إمكانات كبيرة في مجالات الهندسة والأمن الإلكتروني، كما أنها تنبئ بتحولات جذرية في البنى الاجتماعية عالميًا. نستعرض في هذا المقال المبادئ العلمية لهذا النظام الاتصالي، والتحديات التقنية المصاحبة وحلولها، والتداعيات الأمنية، والتحولات المجتمعية المرتقبة نتيجة تطوير الإنترنت الكوانتمي وانتشاره المرتقب عبر قراءتنا لهذا المشهد واستطلاعنا للدراسات المنشورة.
قبل التطرق إلى فهم الإنترنت الكوانتمي وسبل استعماله، نحتاج إلى المقارنة بين الحوسبة الكوانتمية -الذي سبق تناولها في مقال مستقل- والإنترنت الكوانتمي؛ حيث تهدف الحوسبة الكوانتمية إلى استعمال مبادئ ميكانيكا الكوانتم -مثل التراكب والتشابك- لتصميم حواسيب قادرة على حل مشكلات معقّدة بسرعةٍ تفوق قدرات الحواسيب التقليدية، وسبق أن وجدنا أن هذه الحواسيب يمكنها معالجة كميات ضخمة من البيانات في وقت واحد، وتُعد الحوسبة الكوانتمية ذات فعالية لعمليات معقّدة مثل: تحليل الشيفرات، ونمذجة الجزيئات، وحل مسائل التحسين المعقّدة التي يَصعُب على الحواسيب التقليدية التعامل معها. أما الإنترنت الكوانتمي؛ فيهدف إلى نقل المعلومات الكوانتمية بين الأجهزة عن طريق الكيوبتات المتشابكة، وليست الغاية هنا الحوسبة، ولكن تأسيس شبكة اتصالات آمنة وفورية لا يمكن اختراقها دون أن يُكتشف ذلك، وسنرى في السطور القادمة تفاصيل أخرى تخص هذا النوع من الإنترنت المتطور.
التقنية وبناء الإنترنت الكوانتمي
يتطلب بناء الإنترنت الكوانتمي التغلّب على تحديات تقنية متعددة تبرز تعقيداتها بوجود الغموض الذي ما يزال يحيط بظواهر فيزياء الكوانتم؛ ففي جوهره، يعتمد التواصل الكوانتمي على ظاهرة التشابك الكوانتمي (Quantum Entanglement)، وهي ظاهرة تجعل الجسيمات مترابطة بطريقة تجعل حالة جسيم واحد تؤثر بشكل فوري على حالة جسيم آخر بغض النظر عن المسافة بينهما، ولكن الحفاظ على هذه الحالة من التشابك عبر مسافات طويلة يمكن أن يُعدَّ تحديًا كبيرًا بسبب التداخل البيئي وظاهرة الانفكاك (Decoherence). حققت الأبحاثُ الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في تطوير ما يُعرف بالمكررات الكمّية (Quantum Repeaters) التي يمكن أن نعرّفها بأنها أجهزة تتيح تمديد مسافة التشابك الكوانتمي. وفقًا لأبحاث جامعة «دلفت للتكنولوجيا» -كما نُشر في موقع Science.org في دراسة بعنوان «Quantum Internet: a vision for the road ahead»- نجح باحثون في أول تجربة اتصال كوانتمي قائم على التشابك عبر مسافة تجاوزت كيلومترًا واحدًا باستعمال المكررات الكوانتمية، وحدث ذلك عن طريق تشابك الفوتونات في مواقع متباعدة واستعمال ذاكرة كوانتمية مؤقتة لتخزين الحالة الكوانتمية وإعادة إرسالها؛ ليحدّ من مشكلة الانفكاك المُشار إليها آنفا.
كذلك نرى أن تقنية النقل الكوانتمي أو النقل الآني الكوانتمي (Quantum Teleportation) تعكس إنجازًا هندسيًا ملحوظا للإنترنت الكوانتمي؛ إذ أحرز باحثون صينيون تقدمًا كبيرًا بنقل فوتونات من الأرض إلى قمر صناعي يدور على بعد 1200 كيلومتر (القمر الصناعي Micius) - وفقَ دراسة نشرت في مجلة Nature عام 2017 بعنوان «Ground-to-Satellite Quantum teleportation»-، وأثبتت هذه التجربة إمكانية إنشاء بنية تحتية فضائية للإنترنت الكوانتمي يمكنها تغطية الكرة الأرضية. مع ذلك، لا تزال ثمّة تحديات تقنية كبيرة؛ حيث يتطلب الاتصال الكوانتمي -في مستوياته التقنية الحالية- درجات حرارة منخفضة للغاية، وعزلًا شبه كامل عن التداخل البيئي، ومصادر فوتونية وكواشف فائقة الاستقرار، ولذلك يتطلب للتغلب على هذه التحديات تعاونًا متعدد التخصصات بين علماء الفيزياء الكوانتمية، ومهندسي البصريات، وعلماء المواد، وخبراء الاتصالات.
الأمن في عصر الإنترنت الكوانتمي
تتعدد مميزات الإنترنت الكوانتمي، ويمكن تحديد بعض هذه المميزات مثل قدرته العالية على توفير مستويات أمن غير مسبوقة؛ إذ تعتمد تقنيات الأمن السيبراني الحالية على التعقيد الحسابي؛ فتُصمم مفاتيح التشفير بطريقة يكون من الصعب حسابيًا كسرها بواسطة الحواسيب التقليدية، ولكننا نجد أن الحواسيب الكوانتمية تهدد هذا النموذج بقدرتها الفائقة على فك التشفير -وفقَ تقرير نشره موقع «Computer Security Resource Center» عام 2022-. يقدم التوزيع الكوانتمي للمفاتيح (Quantum Key Distribution - QKD) حلاً لهذه المشكلة؛ فيضمن تشفيرًا نظريًا غير قابل للكسر؛ حيث تعتمد بروتوكولات QKD مثل بروتوكول BB84 الذي طوّره «بينيت وبراسارد» على ميكانيكا الكوانتم في توزيع المفاتيح بطريقة آمنة، ويستند مبدأ QKD إلى أن أيّ محاولة للتنصت على الاتصال الكوانتمي ستؤدي بشكل مباشر إلى تغيير حالات الفوتونات المنقولة، وبالتالي تنبيه المستخدمين إلى وجود أي تدخل غير مرغوب فيه. في نطاق تطبيقي، نفّذت الصينُ بشكل عملي شبكةَ «أوكاد» QKD واسعة النطاق مثل خط الاتصالات الكوانتمي الممتد بين بكين وشنجهاي بمسافة تزيد عن 2000 كيلومتر الذي يربط بين المؤسسات المالية والحكومية الكبرى -كما كشفه موقع Science.org في تقرير نُشر عام 2017. كذلك تهدف مبادرة «Quantum Internet Alliance» «تحالف إنترنت الكوانتم» الأوروبية إلى إنشاء شبكة كوانتمية تمتد عبر القارة الأوروبية بأكملها لتأمين الاتصالات الحكومية والتجارية وفقَ ما كشفه موقع المبادرة (Quantum Internet Alliance, 2023). رغم هذه المبادرات، لا يمكن أن تكون الشبكات الكوانتمية آمنة بشكل كامل؛ فيمكن أن تصبح نفسها هدفًا لأنواع جديدة من الهجمات السيبرانية مثل حقن الفوتونات وهجمات رفض الخدمة الكوانتمية، وهذا ما يستدعي تطوير نماذج أمنية مبتكرة تقي مثل هذه الحوادث السيبرانية.
التحولات المجتمعية التي
يفرضها الإنترنت الكوانتمي
إلى جانب الجوانب التقنية والأمنية؛ فإن الإنترنت الكوانتمي يملك القدرة على إحداث تحولات عميقة في المجتمعات؛ فيغيّر من قواعد البحث العلمي عبر توفير قنوات اتصال فائقة الأمان بين المؤسسات البحثية عالميًا، وكذلك سيتيح تبادل البيانات الحساسة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتمويل والمؤسسات الحكومية بشكل آمن وغير مسبوق؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لقطاع الرعاية الصحية أن يستفيد بشكل كبير من نقل البيانات الطبية والجينية بوسائل فائقة الأمان، ويوفّر الإنترنت الكوانتمي حماية عالية لبيانات المرضى والمعلومات الطبية الحساسة؛ ليسهم في انتشار آمن موثوق لخدمات الطب عن بُعد. كذلك يمكن لهذا النوع من الإنترنت أن يرفد أمن العمليات المالية؛ حيث تعتمد المؤسسات المالية بشدة على الاتصالات السريعة والآمنة، وبالتالي ستساعد تقنيات الأمن الكوانتمي في منع الخسائر المالية الناتجة عن الهجمات السيبرانية.
في زوايا مجتمعية أوسع، نجد إمكانية مساهمة الإنترنت الكوانتمي في تعزيز ثقة المواطنين بالبنية التحتية الرقمية؛ فيتيح فرصًا جديدة في تطوير المدن الذكية وشبكات إنترنت الأشياء، وإدارة الحكم الرقمي بشكل آمن. لكن تظل مثل هذه التقنيات تثير تساؤلات أخلاقية مهمة، أبرزها ما يتعلق بضمان عدالة الوصول إليها؛ إذ يمكن أن تؤدي التكاليف المرتفعة لإنشاء بنية الإنترنت الكوانتمي إلى تفاقم الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية، الأمر الذي يستدعي تعاونًا دوليًا وبناء حوكمة تضمن استفادة الجميع.
أُطلِقت العديدُ من المبادرات العالمية لتسريع تطوير الإنترنت الكوانتمي مثل: مبادرة «Quantum Internet Blueprint» التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، ومبادرة «Quantum Flagship» الأوروبية، وفي آسيا، تواصل الصينُ قيادةَ المجال عبر استثمارات ضخمة وأبحاث متقدمة في هذا القطاع الواعد؛ إذ يشكّل الإنترنت الكوانتمي نقلةً نوعيةً كبرى لا تُحصر في قطاعات قليلة، ولكنها متعددة؛ فيمكنه إعادة تشكيل هندسة الاتصالات وتعزيز أمن المعلومات؛ فيحدث تحولات عميقة في البنى المجتمعية العالمية، وسيمتد ازدهاره التقني إلى الذكاء الاصطناعي وتطويراته عبر وسائل منها تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على هياكل بيانات كوانتمية تُجمع بواسطة الإنترنت الكوانتمي؛ فيقلل من تعقيد الزمن الحسابي ويمكّن من تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مدعومة بالمبدأ الكوانتمي، كذلك ستتمكن الشبكات الكوانتمية من معالجة مجموعات البيانات الكبيرة بكفاءة أعلى خصوصًا في مجالات مثل المحاكاة العلمية والأسواق المالية، ويمكن أن يسهم الإنترنت الكوانتمي في تشكيل ما يمكن أن نطلق عليه «لغة عالمية جديدة» معنية بتبادل البيانات بين الأجهزة الكوانتمية حول العالم؛ فيُسهم في دعم التجارب ذات البعد العلمي والمعرفي بشموليته ويرفع من مستويات التعاون العلمي بين الأمم. علينا أن نعي عبر ما سردناه من نقاش علمي أن المرحلة الحالية من الإنترنت الكوانتمي تحوي تطبيقات أولية مثل توزيع المفاتيح الآمن وشبكات اختبارية، ولكن الرؤية العلمية تستشف في المستقبل تطلعات إلى بنية تحتية ثورية تدعم الاتصالات فائقة الأمان، والحوسبة الكوانتمية الموزعة، وأنظمة الذكاء الاصطناعي المدعوم بالكوانتم؛ فلا تحصر وظائف الإنترنت الكوانتمي باعتباره محسنًا للإنترنت التقليدي، ولكنه يُمثّل تحولًا واسعا وشاملا في طريقة نقل المعلومات وتأمينها ومعالجتها، ومع الخطوات المستقبلية المرتبطة بنضج هذا النوع من الإنترنت؛ فمن المُرجّح أن يُصبح العمود الفقري للتقنيات المستقبلية في مجالات العلم والصناعة والمجتمع عن طريق بنيته الاتصالية الفائقة والآمنة. مع ذلك، تتطلب هذه التقنية الناشئة معالجة التحديات الفنية والأخلاقية والاقتصادية لضمان تحقيق أقصى استفادة منها، ويبقى التعاون الدولي والتنسيق متعدد التخصصات أمرًا ضروريًا لاستثمار كامل الإمكانات التي توفرها تقنية الاتصالات الكوانتمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني