المخاطر محدقة بالسودان رغم انتصارات الجيش
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرا عن الانتصارات التي حققها الجيش السوداني في الآونة الأخيرة على قوات الدعم السريع، واستعادته مناطق واسعة وسط العاصمة الخرطوم.
وذكرت أن الحرب في السودان عادت إلى حيث اشتعلت أول مرة قبل عامين وسط الخرطوم، حيث تدور المعارك.
ورأت في استعادة الجيش السيطرة على القصر الجمهوري تتويجا لأشهر من الحرب الأهلية التي مال فيها الزخم بشكل حاسم لمصلحة القوات المسلحة السودانية.
وعزا خبراء ذلك -تتابع الصحيفة- إلى تحالف الجيش مع كتائب الإسلاميين التي كانت تدعم النظام السابق، وامتلاكه أسلحة ثقيلة، بالإضافة إلى تسرب بعض العناصر من صفوف قوات الدعم السريع.
ما بعد الخرطوم
وحسب التقرير، فإذا تمكن الجيش من تعزيز سيطرته على الخرطوم، فإن ذلك سيسمح لقائده الفريق أول عبد الفتاح البرهان بتشكيل حكومة انتقالية ومحاولة الحصول على اعتراف دولي أوسع.
لكن الصحيفة تستدرك قائلة إن اللحظة الراهنة تحمل في طياتها أخطارا جمة على البرهان والسودان على حد سواء، إذ أكد انتصار قوات الدعم السريع في إقليم دارفور غربي البلاد، بداية هذا الأسبوع، على خطر التقسيم الفعلي.
وفي هذا الشأن يقول سليمان بلدو، الخبير المخضرم في حل النزاعات، الذي يدير المرصد السوداني للشفافية والسياسات وهو مركز أبحاث، إن القيمة الرمزية والزخم السياسي الذي يمكن أن يحصل عليه الجيش من استعادة السيطرة على العاصمة كبيرة.
غير أنه يحذر من رجوع من شردتهم الحرب إلى ديارهم، قائلا “لا يوجد شيء يعودون إليه سوى جدران منازلهم”.
وفي هذه الأثناء، أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع اجتاحت موقعا صحراويا شمالي دارفور، مما أدى إلى قطع خط الإمداد عن القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش في مدينة الفاشر المحاصرة، مما يؤكد أن المشوار لا يزال طويلا قبل إعادة توحيد السودان.
أخطار محدقة
وتنقل الصحيفة عن نور الدين بابكر من حزب المؤتمر السوداني المعارض القول إن استعادة الجيش السيطرة على كامل الخرطوم ليست بالضرورة أمرا جيدا لمستقبل السودان، “لأنه لا يهتم بدارفور”.
واستطردت الصحيفة أن بابكر كان يلمح إلى مخاوف من أن الجيش، بمجرد سيطرته على العاصمة، ربما لا يكون راغبا أو قادرا على مواصلة القتال حتى الأقاليم الغربية.
وذكر السياسي المعارض في تصريحه لفايننشال تايمز أن الجيش، بعد سيطرته على الخرطوم، قد يقل عنده الدافع للتفاوض، مما يزيد من خطر انقسام البلاد.
ووفق الصحيفة البريطانية، فإن طرفي الحرب ارتكبا فظائع، منبهة إلى جرائم الحرب التي نفذتها قوات الدعم السريع من قبل في دارفور، وما تحدثه من خسائر فادحة في المناطق التي تنسحب منها.
وقال كاميرون هدسون، الخبير في شؤون القرن الأفريقي والزميل الأقدم في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي مقره واشنطن، للصحيفة إن “هذا هو أسلوبهم في الانتقام من السكان في أثناء انسحابهم”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
على أن التحدي الماثل الذي يواجه البرهان حاليا هو البدء في إعادة النظام والخدمات إلى العاصمة التي جُرِّدت من كل شيء، وضمان توفير الغذاء والماء والمؤن الأخرى مع بدء عودة السكان النازحين.
والمعضلة الأخرى أيضا -برأي الصحيفة- تتمثل في كيفية الحصول على الدعم الدولي اللازم لإعادة الإعمار مع توحيد جميع القوات المتباينة تحت راية الجيش.
وعلى الرغم من أن انتصارات الجيش الأخيرة حظيت بدعم الإسلاميين المتشددين -على حد تعبير فايننشال تايمز- فإن الحكومات الغربية وحلفاء الجيش لا يرغبون في رؤيتهم يعودون إلى الحكم. ومع ذلك، فإن الصحيفة تزعم أن إقصاءهم قد يثير رد فعل قويا.
الجزيرة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يبدأ ترتيبات دفاعية لاستعادة “المثلث”
البلاد ـ الخرطوم
أعلن الجيش السوداني، أمس (الأربعاء)، إخلاءه لمنطقة المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، في خطوة وصفها بـ”الترتيبات الدفاعية لصد العدوان”، بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها الكاملة على المنطقة، ووصفت تحركها بأنه “تحوّل استراتيجي” في تأمين الحدود الشمالية.
واتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالهجوم على نقاطه الحدودية في المنطقة، بمساندة قوات من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، معتبراً ذلك “تعدياً على سيادة البلاد”.
وأكد أنه سيتصدى لأي اختراقات تمس الأرض أو الشعب، غير أن الجيش الليبي سارع إلى نفي مشاركته في أي عمليات داخل السودان، واعتبر الاتهامات “مزاعم باطلة”، محذراً من الزج باسمه في “صراعات داخلية” قد تؤجج التوترات الإقليمية. وشدد على التزامه بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وتحولت المنطقة الحدودية بين السودان وليبيا ومصر، ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية، إلى ميدان جديد في الحرب المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي دخلت عامها الثالث منذ اندلاعها في أبريل 2023. ويخشى مراقبون من أن يفتح هذا التصعيد فصلاً جديداً في الحرب، قد يشعل توترات إقليمية في المنطقة الصحراوية الواسعة.
وسط التصعيد العسكري، تستمر الأزمة الإنسانية في السودان بالتفاقم، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تهجير أكثر من 13 مليون شخص، وسقوط عشرات آلاف القتلى، في ظل نقصٍ حاد في الغذاء وانهيار الخدمات الصحية. كما حذرت تقارير دولية حديثة من احتمال دخول ملايين السودانيين في مجاعة شاملة خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم وقف القتال وفتح ممرات إنسانية عاجلة.
ويرى محللون أن اتهام الجيش السوداني لقوات حفتر يعكس مخاوف من تدويل الصراع وتحويل المناطق الحدودية إلى منصات نفوذ عابرة للدول. كما يعبّر عن قلق متزايد من فقدان السيطرة على أطراف السودان الجغرافية لصالح جماعات مسلحة تسعى لتثبيت واقع عسكري على الأرض، في غياب أي تسوية سياسية حقيقية.
في حين تؤكد قوات الدعم السريع أنها “تؤمّن البلاد وتحمي المدنيين”، إلا أن معطيات الميدان تُظهر استمرار المواجهات الدامية، وتزايد الانقسامات الجغرافية والعسكرية، وسط شلل تام في العملية السياسية وغياب مسار موحد للحل.