الاقتصاد نيوز — متابعة

 

بعد أيام قليلة، ستعين حكومة نواف سلام حاكماً جديداً لمصرف لبنان المركزي، ومعه تكثر التحليلات لسياسة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري النقدية، بين من يقول إنه نجح في تأمين استقرار بحده الأدنى وسط تطورات أمنية وسياسية غير مسبوقة ومن يعد أن هذا الاستقرار كان هشاً وسط مؤشرات اقتصادية سلبية أبرزها ارتفاع التضخم وعدم تحسن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

“اندبندنت عربية” أجرت حواراً مطولاً معه حول غالبية الملفات النقدية والمالية.

منذ توليه مهام حاكم مصرف لبنان بالإنابة في أغسطس (آب) 2023، خلفاً لسلفه رياض سلامة الذي استمر في حاكمية المصرف المركزي لأكثر من 31 عاماً، تبنى الدكتور وسيم منصوري سياسة نقدية ومالية غير تقليدية، شكلت نقطة تحول في آلية عمل المصرف المركزي وعلاقته بالدولة والأسواق المالية، واليوم مع ترقب تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي من قبل حكومة الرئيس نواف سلام، تكثر التحليلات لسياسة منصوري النقدية، بين من يقول إنه نجح في تأمين استقرار بحده الأدنى وسط تطورات أمنية وسياسية غير مسبوقة ومن يعد أن هذا الاستقرار كان هشاً وسط مؤشرات اقتصادية سلبية أبرزها ارتفاع التضخم وعدم تحسن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

جولة نقدية واقتصادية

ذهبنا إلى شارع الحمراء في العاصمة بيروت، وتحديداً نحو مصرف لبنان المركزي، هناك حيث أقام مواطنون عدداً من التحركات الاحتجاجية في الأعوام الماضية احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية واحتجاز ودائع المواطنين وتراجع سعر الصرف.

ومن هناك توجهنا إلى الطابق السادس في أحد مباني مصرف لبنان المركزي، حيث مكتب الحاكم، وهناك التقينا الحاكم بالإنابة وسيم منصوري الموجود في المنصب منذ نحو سنة ونصف السنة، وقد شغل المنصب قبله خمسة حكام هم رياض سلامة، ميشال خوري، إدمون نعيم، إلياس سركيس وفيليب تقلا.

يبدأ حواره مع “اندبندنت عربية” بسرد تفاصيل النهج الذي اعتمده لضبط سعر الصرف والحفاظ على الاستقرار النقدي، مصراً على القول، “ما حصل هو استقرار لسعر الصرف وليس تثبيتاً”، من دون المساس بالاحتياطات الأجنبية لمصرف لبنان، مؤكداً أن المصرف لم يعد يقرض الدولة ولا يدعمها مالياً، وأنه أدار أموال الدولة عبر نظام شفاف ومستقل أثمر عن نتائج غير مسبوقة.

يشدد منصوري على أن من أبرز قراراته وأكثرها تأثيراً كان التوقف الكامل عن تمويل الدولة مباشرة، وهو قرار وصفه بـ”النهائي” و”الذي لا رجعة عنه” طوال فترة تحمله المسؤولية. وقد شكل هذا القرار تحولاً جوهرياً في كيفية تعامل مصرف لبنان مع المالية العامة، إذ أدى إلى ضبط العجز وتوجيه الحكومة إلى الاعتماد على إيراداتها الحقيقية لتغطية نفقاتها.

وأشار إلى أنه بفضل هذا النهج، تمكنت الدولة اللبنانية في الربع الأخير من عام 2023 من تحصيل إيرادات توازي ضعف ما جمع طوال العام، بينما أسفرت موازنة عام 2024 عن فائض مالي قدره 600 مليون دولار، وهو أول فائض تحققه الدولة منذ أكثر من عام.

ويتابع قائلاً، “مصرف لبنان بات اليوم يدير أموال الدولة وليس ممولاً لها”، موضحاً أن أموال الدولة تحصل بالليرة اللبنانية والدولار، في حين تدفع الضرائب حصرياً بالليرة، مما يدفع المكلفين إلى استبدال دولاراتهم بالليرة لدى المصارف، في عملية تعزز الاستقرار النقدي وتسهم في خلق دورة مالية منتظمة، من دون المساس باحتياطات المصرف من العملات الأجنبية”.

استيراد من دون استنزاف

يتحدث منصوري، الذي شغل منصب النائب الأول للحاكم السابق رياض سلامة، بإسهاب عن الآلية التي اعتمدها لتمويل عمليات الاستيراد من الخارج، من دون المساس بالاحتياط الأجنبي. فبعد أن كانت سياسة الدعم تتطلب تدخل المصرف المركزي في السوق وشراء الدولار، أعلن منصوري أنه منذ الأول من أغسطس (آب) 2023، لم يشتر مصرف لبنان أي دولار من السوق، ولم يضخ أية عملة أجنبية، بل عمل على إدارة الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية فقط.

وبحسب منصوري، فإن هذه السياسة مكنت التجار من الحصول على الليرة من السوق أو عبر المصارف لتسديد الضرائب، فيما يتم استخدام الإيرادات بالليرة والدولار لتغطية نفقات الدولة. هذا النظام المستحدث أدى إلى تعزيز احتياطات مصرف لبنان، التي راكمت فائضاً تجاوز ملياري دولار، في وقت لا تتجاوز فيه الكتلة النقدية المتداولة 800 مليون دولار.

الضبط النقدي

بما يتعلق بالسياسة النقدية، أوضح منصوري أن مصرف لبنان لا يعتمد على أدوات تقليدية مثل رفع الفوائد، كما هي الحال في تركيا أو مصر، إذ إن الاقتصاد اللبناني “مدولر” والودائع معظمها بالدولار، مما يجعل من رفع الفوائد خياراً غير مجد. وبدلاً من ذلك، اعتمد على تنظيم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وضبط آليات صرف الرواتب.

وكشف عن أنه قام بدفع رواتب القطاع العام بالدولار، مما أسهم في ضبط العرض النقدي وخفف من الضغط على سعر الصرف، مشيراً إلى أن الاستقرار في سعر الصرف هو الهدف الأساس وليس تثبيته، وذلك تفادياً لتكرار تجربة السعر الثابت عند 1500 ليرة التي كلفت الدولة كثيراً، ويقول “عندما يصبح استقرار سعر الصرف الراهن مكلفاً على الدولة يجب أن نعمد إلى تغييره”.

بعد “صيرفة”

قبل نحو عامين، كان لمنصة صيرفة حيز كبير في العملية النقدية في لبنان وكذلك سعر الصرف، إنما منصوري أنهى العمل بهذه المنصة، وهو ما يفتخر به. ويقول، “من أبرز القرارات التي اتخذتها كان الإنهاء النهائي لهذه المنصة”، التي وصفها بأنها كانت تلزم المصرف المركزي على شراء الدولار وضخه في السوق، مما أسفر عن ضغوط كبيرة على سعر الصرف. وأكد أن المصرف لم يعد ينافس القطاع الخاص على العملات الأجنبية، بل يعمل على تنظيم السوق من خلال سياسات مدروسة.

وأكد أن هذه الآليات، القائمة على التعاون الوثيق مع وزارة المالية والحكومة، أسهمت خلال العامين الماضيين في الحفاظ على استقرار السوق، وتحقيق فائض في الاحتياطات الأجنبية، في وقت انخفضت فيه نسبة التضخم من 300 في المئة في أبريل (نيسان) 2023 إلى 18 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع توقعات بأن تنخفض إلى ما بين ثلاثة وخمسة في المئة خلال العام الحالي، وفق الموازنة الراهنة.

الودائع مسؤولية دستورية

في معرض حديثه عن أزمة الودائع، يشدد منصوري على أن المصرف المركزي يعد نفسه شريكاً أساسياً في إيجاد حل عادل للمودعين، وقد بذل جهداً كبيراً في جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالودائع، لتحديد أنواعها وأصولها ومالكيها، سواء كانوا أفراداً، مغتربين، شركات، موظفين، أو أجانب.

وأوضح أن أي حل يجب أن يكون قائماً على قاعدة المساواة التي يكفلها الدستور اللبناني.

نسأله هنا عن مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية خصوصاً أنه مع مطالبات السلطات الجديدة في دمشق بردها وربط هذا الملف بما يحكى عن عودة النازحين السوريين في لبنان، فيقول منصوري “مصير الودائع السورية هو نفسه مصير الودائع اللبنانية، والأمر نفسه يسري على كل الودائع الأجنبية في لبنان، بناء على حقوق الملكية الفردية التي يكفلها القانون اللبناني الذي يحدد الآليات نفسها للتعامل مع كل الودائع، ورد هذه الودائع هو واجب لا بد أن نقوم به”.

ويقول، “المصرف مستعد لاقتراح أدوات مالية تتيح للمودعين استخدام أموالهم أو استثمارها مقابل أرباح، ضمن خطة زمنية مدروسة تراعى فيها قدرة الدولة على رد هذه الأموال، والمركزي جاهز للمشاركة في اجتماعات مع الحكومة لبحث صيغة قانونية واضحة لحل الأزمة”.

غسل الأموال

منصوري، بصفته رئيس هيئة التحقيق الخاصة، أشار إلى أن الهيئة وضعت خطة مفصلة من 10 نقاط، تتطلب التزام تسع وزارات وهيئات رسمية، بغية إخراج لبنان من “اللائحة الرمادية” في غضون عامين. وأكد أن المصرف المركزي والقطاع المصرفي قاما بكل ما يطلب منهما في هذا المجال”.

وأضاف أن هناك تنسيقاً دائماً مع رئاسة الحكومة، التي تولي هذا الملف أهمية قصوى، وتم إرسال خطة عمل مفصلة لكل وزارة وهيئة. ولفت إلى أن الخروج من اللائحة الرمادية ممكن، بشرط الالتزام بالإصلاحات وتعزيز الشفافية والأمر سيحتاج إلى بعض الوقت.

ملفات إلى القضاء واندماج المصارف

وفي إطار تعزيز الشفافية، أكد منصوري أنه أحال إلى القضاء ملفات مستندة إلى تقرير شركة “ألفاريز أند مارسال” المتعلق بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. 

كما أجرى المصرف تحقيقات داخلية إضافية، وتمت إحالة بعض الملفات إلى هيئة التحقيق الخاصة والقضاء المختص.

وأشار إلى وجود مطالبة بتعيين شركات تدقيق جديدة، فيما تبقى بعض القضايا قيد المعالجة القضائية، مؤكداً أن القضاء يتعاون بإيجابية وأن بعض الملفات وصلت إلى مراحل متقدمة.كثيرة هي التساؤلات التي تطرح في الداخل اللبناني اليوم عن وضع القطاع المصرف، خصوصاً أن بعض المصارف عمد إلى إقفال بعض الفروع.

عن وضع القطاع المصرفي اللبناني، أوضح منصوري أن التوجه العالمي اليوم هو نحو تحويل المصارف إلى مصارف تخصصية، وليس تجارية فقط كما في لبنان. وشدد على أن المصرف المركزي لا يدعم أي مصرف مالياً، بل على كل مصرف أن يعتمد على قدراته الذاتية، مما يعزز المنافسة، وقد يدفع إلى الاندماج أو التحول بحسب حاجة السوق.

وعد أن معيار بقاء المصرف هو قدرته على تغطية مصاريفه التشغيلية وتأمين خدماته، وليس عدد المصارف في السوق. وشدد على أن القطاع المصرفي يبقى ركيزة أساسية لإعادة بناء الاقتصاد اللبناني وتوسيعه.

عبرة قاسية

ينتقد منصوري النموذج الذي اتبعه لبنان في إدارة أزمته المالية، مشيراً إلى أن ستة أعوام مرت من دون إصدار قانون واحد، فيما دول مثل اليونان خرجت من أزماتها خلال أيام.

وعد أن التأخير في التشريعات عمق الأزمة وأدى إلى تعطيل النظام المالي والاقتصادي.

وشدد على أن استقرار سعر الصرف هو أساس أي اقتصاد متين، وأن ما تحقق حتى الآن يشجع القطاع المصرفي على خلق نشاطات جديدة وتحقيق أرباح، مما يمهد لإعادة أموال المودعين وفق شروط عادلة.

استمرارية في السياسات

في ختام حديثه، يؤكد منصوري أنه لا يتدخل في تعيين الحاكم الجديد ولا يدخل في لعبة الأسماء، لكنه جاهز للتعاون الكامل معه، وستكون عملية التسليم منظمة وشاملة. 

وشدد على أن الأهم من الشخص هو استمرار النهج الذي أرساه، الذي يقوم على “صفر استثناءات”، لا للدولة ولا للإدارات العامة ولا للأفراد أو القوى الأمنية.

وأكد أن كل التعاملات يجب أن تتم وفق إجراءات قانونية ومعتمدة، بما يضمن الشفافية والاستقرار والاستمرارية في المسار المالي والنقدي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار القطاع المصرفی المصرف المرکزی القطاع المصرف وشدد على أن مصرف لبنان منصوری أنه أن المصرف سعر الصرف فی لبنان وأکد أن من دون إلى أن

إقرأ أيضاً:

موارد دولارية مستقرة بفضل إدارة المركزي الاحترافية.. مدبولي يكشف أهداف الشراكة مع القطاع الخاص


أجاب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عما تم طرحه من أسئلة خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عقد، اليوم الأربعاء، عقب اجتماع مجلس الوزراء، بحضور المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.

وحول تساؤل عن مدى استفادة الدولة من شراكة مؤسسات القطاع الخاص في إدارة وتشغيل الشركات التي يتم تطويرها، وخاصة شركات الغزل والنسيج، أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة اتهمت في وقت من الأوقات بأنها تقوم بتصفية الشركات التابعة لها، مؤكداً في هذا الصدد النظر لهذا الأمر بنظرة شاملة، تتضمن دراسة ظروف كل شركة، وكيفية التعامل مع التحديات التي تواجهها، موضحاً أنه فيما يتعلق بصناعة الحديد والصلب كان هناك عشرات الشركات سواء من التابعة للدولة، أو تلك التابعة للقطاع الخاص التي تقوم بتصنيع نفس المنتج من خلال مصانع حديثة ومتطورة تلبي احتياجات السوق، وتقوم بتصدير الفائض.

مصنع الحديد والصلب

ولفت رئيس الوزراء، في ذات السياق، إلى أن الحالة التي كان عليها مصنع الحديد والصلب من تقادم وتهالك، والصعوبات التي تواجه عمليات تطويره، لكن على العكس من ذلك مصانع قطاع الغزل والنسيج، حيث أن هناك قيمة مضافة من خلال شركات الغزل والنسيج بدءاً من عملية حلج الاقطان وغزلها مروراً بعمليات الصباغة والنسيج وانتهاء بإنتاج منتج نهائي،  وأن هناك حلقات في هذه الدورة التصنيعية لا تقوم بها أي مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص.

اتخاذ قرار استراتيجي

ونتيجة لتدهور هذه الشركات على مدار عشرات السنين السابقة، أصبح لدينا مشكلة كبيرة في صناعة الغزل والنسيج، بعد أن كانت مصر رائدة في هذه الصناعة، وهنا تم اتخاذ قرار استراتيجي بالعمل على تطوير هذا القطاع المهم، لافتا إلى أن حجم الاستثمارات مع الانتهاء من أعمال التطوير يصل إلى 60 مليار جنيه، فضلا عن الوصول بمصانع تلك الشركة إلى أعلى مستوى من الحداثة والتطوير.

القطاع الخاص أكثر كفاءة في عمليات الإدارة والتشغيل

وقال رئس الوزراء: "يتبقى الشيء الأهم وهو إدارة وتشغيل هذه الأصول بعد تطويرها"، مؤكداً أن التجربة أثبتت أن القطاع الخاص أكثر كفاءة في عمليات الإدارة والتشغيل، فلا يعيب الدولة أن تقوم بإعداد عقود إدارة وتشغيل لمثل هذه المصانع والمنشآت، بغرض المحافظة على هذه الأصول بعد تطويرها، وتحقيق أعلي عائد للدولة منها، وهو ما يضمن استدامة هذه الأصول وعدم تعرضها لأي حالة من حالات التدهور، وهذا هو الهدف من انفاق هذا الحجم الهائل من الأموال بما يضمن استدامة هذا القطاع، مع استمرار تنفيذ برامج التدريب والتأهيل للعاملين بمختلف المصانع، وتطبيق أحدث أساليب الإدارة والتشغيل لهذه المنشآت، لعدم تكرار أي تدهور.


ورداً على سؤال حول آفاق استراتيجية مصر لتوطين صناعة السيارات، لاسيما في مجال السيارات الكهربائية، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أن الشركة المُصنعة للسيارات الكهربائية في مصر، بالشراكة مع شركة وطنية، تعد شركة عالمية لها خبرة كبيرة في هذا المجال، وتناقش الحكومة معها موضوع التسعير لهذه السيارات، لكون الحكومة مُهتمة بأن يكون هناك أكثر من مُنتج للسيارات الكهربائية، لافتاً إلى أن جزءاً من المُنتج المستهدف، سيدخل في إطار مبادرة فخامة الرئيس ضمن برنامج لاستبدال السيارات الخاصة المتقادمة وبخاصة الأجرة التي تعمل بالبنزين بسيارات كهربائية.

السيارة الكهربائية توفر بصورة كبيرة جداً من قيمة الوقود الشهري

ولفت رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى أن الدراسة التي قامت بها الحكومة، تشير نتائجها إلى أن السيارة الكهربائية توفر بصورة كبيرة جداً من قيمة الوقود الشهري، وبالتالي ستكون أكثر وفراً لسائقي سيارات الأجرة لاستبدال سياراتهم بسيارات كهربائية من أية نوعية، حيث سيمثل ذلك عائداً له في نهاية الأمر، كما ستحقق وفراً للمواطن العادي، مضيفاً ان ثمن السيارة الكهربائية سيكون عنصراً مهماً، ولكن سيرتبط ذلك ببرنامج تقسيط مناسب.

ورداً على سؤال حول عددٍ من المُؤشرات الاقتصادية الايجابية التي أبرزها تقرير البنك المركزي مؤخراً، أجاب الدكتور مصطفى مدبولي بأنه قام بمراجعة بعض التقارير الدولية، منذ قرابة 6 شهور، في وقت تجاوز خلاله سعر الدولار حاجز الـ 51 جنيهاً، وكانت تشير إلى التكهن بأن السعر سيزيد، بشكلٍ مُتوالٍ، وكان ذلك بناء على تكهنات، قد يكون لها أغراض أخرى، ولكن الواقع على الأرض حالياً، يشير إلى نتائج مختلفة، مؤكداً أنه كرئيس حكومة لن يتحدث عن الدولار، وهو أمر مسؤولية محافظ البنك المركزي، الذي يُدير السياسة النقدية للدولة باحترافية شديدة، والأهم ان اللقاء الذي جمعه مؤخراً بمحافظ البنك المركزي، تم خلاله التأكيد على أن مواردنا الدولارية من السوق المحلية تغطي احتياجات الدولة للشهر الثالث على التوالي، مُعتبراً أن هذه رسالة طمأنة للمصريين، كما أن لدى الدولة الطُموح والخطط لتحقيق نتائج أكبر، وكان هذا جزءاً من العرض على فخامة الرئيس مؤخراً، بأن الدولة المصرية تعمل خلال الفترة القادمة، على أن تفوق مواردنا استخداماتنا؛ ويكون لدينا استقرار كامل، وتأثر أقل بالعوامل الخارجية.      

وفى رده على استفسار عما إذا كان هناك توجه من الحكومة نحو تشجيع المطورين العقاريين تجاه الاستثمار العمراني في الأراضي التي لا تصلح للزراعة خلال الفترة المقبلة، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن قطاع العقارات قطاع واعد، ويتمتع بميزات تنافسية كبيرة، نتيجة حجم السوق المصرية، وجاذبية غير المصريين للدخول إلى السوق المصرية، وهناك مناطق عديدة بالفعل لضخ استثمارات في هذا القطاع، إلا أن الدولة تكون لها رؤية معينة في مناطق محددة لا تلقى إقبالا كبيرا نوعا ما من جانب المستثمرين، ولذا فالدولة تقدم نوعية معينة من الحوافز لتشجيعهم للدخول إلى هذه المناطق، كما يمكن أن نقدم لهم عددا من التسهيلات.

مصلحة مشتركة لجميع الأطراف

وفي هذا الإطار، لفت رئيس الوزراء إلى المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مدينة شرم الشيخ عام 2015، والذي تضمن توقيع عدد من عقود الاستثمار، والتي كان بعضها لأراض تقع في الصحراء، واليوم أصبحت هذه المناطق واعدة مع جهد القطاع الخاص بالشراكة مع الدولة، كما أن قيمة الأرض نفسها ارتفعت، كما ارتفعت قيمة الأراضي المحيطة، وتحققت مصلحة مشتركة لجميع الأطراف.. الدولة والقطاع الخاص.


وأجاب الدكتور مصطفى مدبولي، عن سؤال عن خطوات إعادة هيكلة إجراءات الاستثمار في مصر، والنتائج المستهدفة لها لجذب الاستثمار واستقرار السوق المحلية، حيث أكد أن ما يطمئن المستثمر أن يجد سياسة نقدية واضحة للدولة، والعملة الصعبة تدار بطريقة واضحة وبالتالي يكون لديه توقعات محددة، ويكون مطمئنا من عدم حدوث صدمات يمكن أن تحدث، وهذا ما تحقق منذ الإصلاحات الاقتصادية التي اعلناها، حيث لدينا سياسة مالية رشيدة، تمتاز بثبات ضريبي، وبالتالي يعرف المستثمر انه لن تحدث تغييرات جذرية في موضوع الضرائب، بل بالعكس تيسر الدولة الإجراءات، وهو ما تم إعلانه ويتم تنفيذه، هذا الى جانب الحوافز التي تقدمها الدولة للاستثمار، والتي ستكون دوماً لديها ديناميكية تجاه زيادة الحوافز. 

ورداً على سؤال عن متطلبات الحصول على وحدة سكنية من الإسكان الاجتماعي في هذه الآونة، أكد رئيس الوزراء أن ما تقوم به الدولة في ملف الإسكان تحديدا مهم جدا، فلن يستطيع أي قطاع خاص أن يقدم وحدة بالمواصفات التي تطرحها الدولة إذا أخذنا في الاعتبار سعر الوحدة وقيمة المقدم وفترة التقسيط، فعندما تُنفذ الدولة هذه المشروعات تنفذها ليس بغرض الربح او حتى استرداد التكلفة، فلدينا بعد اجتماعي واضح تماماً، ضمن منظومة الحماية الاجتماعية، وبالتالي فإن الدولة تقبل أن تتحمل نحو 60% من قيمة الوحدة، حيث أنها تعتبر موضوع الإسكان على مدار العشر سنوات الماضية أولوية قصوى، وتمكنت من تحقيق هذا الانجاز.

وحول فكرة دخول القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات بهذا الحجم، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أنه تم بالفعل الحديث مع عددٍ من المطورين لتدخل معهم الدولة كشريك بقيمة الأرض وتسهيلات معينة مقابل تنفيذ مشروعات كتلك، ولكنهم لن يستطيعوا تقديم الوحدة بذات السعر الذي تطرحه الدولة، و ذلك بحسابات المكسب والخسارة، التي تعد محدداً رئيسياً لعمل القطاع الخاص، في حين تعمل الدولة من أجل البعد الاجتماعي، مضيفاً أن الدولة لجأت في مراحل سابقة لطرح  وحدات بنظام الإيجار الجديد، ولكن وجدت أن رغبات المواطنين تتمثل في تملك الوحدة، حتى لو كان سيدفع قيمة أعلى.

تخفيض انبعاثات الكربون

وفي رده عن سؤال حول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية والحوافز التي تقدمها الدولة المصرية لتشجيع المستثمر المحلي والدولي للمشاركة في هذه السوق، قال رئيس الوزراء: إن هذا المجال جديد تمامًا، ونحن بالفعل وضعنا عددا من الحوافز لهذا الأمر، ونشجع تداول هذه الشهادات نظراً لكونها ميزة مهمة جدًا عند تنفيذ أي مشروع، وأن أي مشروع يستطيع أن يوفر هذا الحجم من انبعاث ثاني أكسيد الكربون فإن هذا الأمر يترجم لأموال في صورة شهادة يمكن تداولها في السوق، والأهم من ذلك أن الدولة تساعد في هذا الأمر باعتباره جزءا من المساهمات الوطنية التي تلتزم بها الدولة المصرية، مثلاً في المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر "COP27" التزمت مصر بأنها في تاريخ معين ستقلل من انبعاثاتها الكربونية، وبالتالي سواء تم تنفيذ هذا الأمر من خلال مشروعات الدولة أو من خلال المستثمرين فإن كل هذه الجهود لتخفيض انبعاثات الكربون تحسب لصالح مصر، ونتيجةً لذلك فإن الشهادات التي تصدر تكون قابلة للتداول في الأسواق ونعمل على تشجيع هذه السوق الجديدة الطوعية، كما ندرس حالياً ما يمكن تقديمه من حوافز إضافية لتشجيع التنمية المستدامة والخضراء.

طباعة شارك السوق المحلية مدبولي احتياجات الدولة البنك المركزي السياسة النقدية

مقالات مشابهة

  • تصعيد إسرائيلي في لبنان.. أي مصير لاتفاق وقف إطلاق النار؟
  • مصرف ليبيا المركزي يتولى سداد فاتورة المحروقات منهيا نظام المقايضة المثير للجدل
  • المصرف المركزي: إنفاق الدولة تجاوز 43.5 مليارا خلال 5 أشهر
  • خطوة نحو الشفافية المالية.. المصرف المركزي يصدر تقريره الشهري للإيراد والإنفاق
  • الداخلية السورية: إحباط عملية تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان
  • المركزي: إيداع التسويات اليومية لمبيعات التجار في حساباتهم خلال العطلات
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • كتلة “التوافق” بمجلس الدولة ترفض ميزانية “صندوق الإعمار” وتدعو محافظ المركزي لرفضها
  • موارد دولارية مستقرة بفضل إدارة المركزي الاحترافية.. مدبولي يكشف أهداف الشراكة مع القطاع الخاص
  • المصرف المركزي يصدر مسكوكات تذكارية بمناسبة احتفالات دبي الإسلامي بيوبيله الذهبي