بغداد اليوم - متابعة

جثامين متفحمة وجرحى ينزفون لغياب الرعاية الطبية، هي ملامح مشهد مأساوي للقصف الجوي الذي نفذه طيران الجيش السوداني على سوق محلي في منطقة طرة بولاية شمال دارفور غربي البلاد يوم الاثنين الماضي، ليروي فصلًا جديدًا من الانتهاكات المروعة بحق المدنيين في هذا البلد العربي المنكوب.

وفي بلدة طرة الصغيرة، بقيت بعض الأنقاض وآثار المحال التجارية يكسوها سواد النيران، لتقف شاهدة على مجزرة بشعة ارتكبها طيران الجيش السوداني خلفت مئات القتلى والجرحى من المدنيين القرويين الذين يتجمعون في هذا السوق مرة واحدة في الأسبوع (كل يوم إثنين) للحصول على احتياجاتهم المعيشية وتبادل المنافع، لكن هذا الأسبوع كان هناك من يتربص بهذا التجمع فكانت المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 1000 مدني معظمهم من النساء وفق مصادر محلية.

وكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تفاصيل المجزرة التي ارتكبها طيران الجيش السوداني في بلدة طرة، واعتبرتها جريمة تضاف إلى فظائع أخرى تم الإبلاغ عنها في دارفور.

وأشار تحليل صحيفة "نيويورك تايمز" للقطات، التي تُظهر عدة جيوب من الأرض المحروقة في أنحاء السوق، إلى وقوع انفجارات متعددة. وفي مقطع فيديو صُوّر في موقع الحادث، قال شاهد عيان إن أربعة صواريخ أصابت السوق، استهدف أحدها مركزه وثلاثة صواريخ أخرى أطرافه.

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الجيش السوداني اتُهم كثيرًا بقصف عشوائي في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع؛ ما أدى في كثير من الأحيان إلى مقتل العشرات دفعة واحدة.

ويواجه الجرحى مصاعب كبيرة في تلقي الرعاية الطبية نظرًا لعدم وجود مستشفيات قريبة في المنطقة، وهم يموتون نتيجة لذلك وفق ما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيان يوم الأربعاء.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان إنه "يشعر بالصدمة الشديدة إزاء التقارير التي تفيد بمقتل مئات المدنيين وإصابة العشرات جراء غارات جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على سوق مزدحم في قرية طرة، شمال دارفور".

وأضاف "علم مكتبي أن 13 من القتلى ينتمون إلى عائلة واحدة، وأن تقارير أفادت بوفاة بعض المصابين بسبب المحدودية البالغة للحصول على الرعاية الصحية".

ونبه إلى أنه رغم تحذيراته ومناشداته المتكررة لحماية المدنيين بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني، "لا يزال المدنيون يتعرضون للقتل بطريقة عشوائية وللإصابة وسوء المعاملة بشكل شبه يومي، بينما لا تزال الأعيان المدنية هدفًا متكررًا".

من جهتها، أدانت منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، الغارة الجوية التي نفذها الجيش السوداني على سوق "طرة" في شمال دارفور.

وقالت في بيان إن الغارة الجوية استهدفت سوق منطقة "طرة"، على بُعد 40 كيلومترًا شمال الفاشر، شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات المدنيين.

وأضافت أن السوق الذي كان من المفترض أن يكون مكانًا للحياة اليومية ومصدرًا للرزق، تحول إلى مسرح موت ودمار.

وقالت إنها تشعر بالفزع والحزن العميق إزاء الهجمات المستمرة والمتزايدة على المدنيين في السودان.

أشار البيان إلى أن هناك تقارير مقلقة تفيد بأن بعض المصابين يموتون بسبب عدم القدرة على الحصول على الرعاية الطبية في الوقت المناسب في الفاشر، حيث أجبر الحصار المستمر والأعمال العدائية معظم المرافق الصحية على الإغلاق.

وحصدت مجزرة سوق طرة في ولاية شمال دارفور إدانات واسعة من القوى المدنية والحقوقية في السودان، وقال حزب المؤتمر السوداني إن ما حدث في طرة مجزرة جديدة تضاف إلى جرائم الحرب المستمرة طوال عامين.

وأضاف في بيان "ندين هذه الجريمة البشعة التي ولغ فيها سلاح طيران الجيش السوداني، ونرى أنها امتداد لسلسلة جرائم حرب ممتدة يستخدم فيها الطيران الحربي والبراميل المتفجرة التي تستهدف مرافق مدنية، من بينها الأسواق، خلال الحرب، وندعو قيادة القوات المسلحة للكف فورًا عن ارتكاب مزيد من الجرائم".

المصدر: وكالات


المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: طیران الجیش السودانی شمال دارفور

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر

الفاشر- أفادت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية تمكنوا، ظهر الخميس، من صدّ هجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في واحدة من أشرس المعارك الميدانية منذ بداية الحصار المفروض على المدينة مطلع عام 2024.

وأسفر الهجوم -وفقًا لمصادر العسكرية تحدثت للجزيرة نت- عن مقتل العشرات، ولكن لم يتم تأكيد هذه الأرقام من مصادر مستقلة، بالإضافة إلى تدمير 5 آليات قتالية والاستيلاء على مركبة محملة بالذخائر والأسلحة الثقيلة.

وقالت المصادر إن القوات الحكومية "تعاملت بحرفية مع الهجوم الذي بدأ عند الفجر بقصف مدفعي مكثف، أعقبه محاولة اختراق من المحاور الشمالية الشرقية والغربية للمدينة".

تحرك ميداني

وقال العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، في تصريح للجزيرة نت، إن الهجوم جاء بدعم من ما يُعرف بـ"قوات تحالف السودان التأسيسي"، التي دفعت بعناصرها ضمن تشكيلات الدعم السريع في محاولة للسيطرة على المداخل الشمالية للمدينة.

وأضاف العقيد حسين أن وحداتهم الميدانية كانت تراقب التحركات منذ ليلة الأربعاء وتمكنت من إحباط الهجوم قبل أن يُحقق أي اختراق.

وأكد أنهم دمروا 5 آليات واستولوا على مركبة واحدة، بالإضافة إلى عتاد عسكري كان مُعدًا للاستخدام في الأحياء المكتظة بالسكان. كما شدد على أن الفاشر لن تُترك لما وصفها بالمليشيات، وأن الكلمة الفصل تعود للميدان.

صراع دبلوماسي

ويأتي هذا التصعيد العسكري في أعقاب تعثُّر الجهود الدبلوماسية، بعد إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) المُقرَّر في واشنطن بسبب خلافات بين الأعضاء حول مقاربة حل الأزمة.

ووفقا لمصادر دبلوماسية، فإن تضارب المواقف أدى إلى تأجيل الاجتماع، مما دفع قوات الدعم السريع، بحسب مراقبين محليين، إلى تكثيف عملياتها العسكرية على الأرض، حيث استهدفت مدينة الفاشر بقصف مدفعي وهجوم بري مكثف خلال يومي الأربعاء والخميس.

أزمة إنسانية

ورغم نجاح القوات المشتركة في صد الهجوم، فإن الأحياء المدنية لم تسلم من تداعيات المعركة؛ حيث سقطت قذائف عشوائية على أحياء وسوق أبو شوك، إضافة إلى مخيم أبو شوك للنازحين شمال الفاشر، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين وتدمير المتاجر ومرافق خدمية في السوق، الذي يُعتبر المنفذ التجاري الوحيد الذي يعمل جزئيًا في المدينة.

إعلان

وفي هذا السياق، قال سليمان أرباب، أحد سكان حي أبو شوك، للجزيرة نت: "لقيت امرأة في العشرينيات من عمرها مصرعها جراء القصف على الحي، وأصيب 3 آخرون".

وأضاف: "دمرت القذائف عددا من المنازل وألحقت أضرارا بالغة بالمحال التجارية في سوق أبو شوك. الناس كانوا يبحثون عن الغذاء وعلف الحيوانات أو الماء، فوجدوا الموت يتساقط من السماء".

نداء استغاثة

وتعيش مدينة الفاشر منذ أبريل/نيسان الماضي تحت حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، مما أدى إلى انهيار تام في الخدمات الصحية والغذائية.

ويعاني السكان من انعدام مصادر الغذاء، حيث يضطر الكثيرون للاعتماد على علف الحيوانات المعروف محليًا بـ"الأمباز".

وخلال هذا الوضع الصعب، نقلت الجزيرة نت عن المواطنة فاطمة مكي، المقيمة في حي الرديف، قولها: "نُطعم أطفالنا الأمباز كما لو أنه طعام بشري… لا دواء، لا غذاء، وحتى المياه. نحن نموت جوعا أو تحت القذائف، ولا أحد يسمعنا. وأضافت: "حياتنا تحولت إلى جحيم، ويومنا يمر دون أي أمل. نناشد المجتمع الدولي أن يمد لنا يد العون قبل فوات الأوان".

مستقبل غامض

ويرى محللون أن نجاح القوات المسلحة في صدّ الهجوم يعكس تحولا تكتيكيا في مسار المواجهة داخل مدينة الفاشر.

ويؤكد هؤلاء أن التعاون بين الجيش والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والمواطنين قد يكون مقدمة لإعادة رسم خارطة السيطرة وبناء جبهة سياسية موحدة، إذا ما استُثمر هذا النجاح ميدانيا بشكل فعّال.

ومع ذلك، يحذر بعض الناشطين المحليين من أن الانتصار العسكري وحده لن يكون كافيا لكسر الحصار عن المدينة أو إنهاء معاناة المدنيين، ما لم يُترجم إلى زحف عسكري عاجل من شمال البلاد إلى دارفور.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر
  • حرب دارفور وكردفان غير شكل !
  • 60 قتيلًا في فيضانات مدمّرة شمال الصين.. ودار للمسنين تتحول إلى مأساة جماعية
  • تعرف على بيانات طقس السودان اليوم
  • الجيش يضبط شخصا حاول اجتياز الحدود من الواجهة الشمالية
  • مراسل القاهرة الإخبارية: مجلس السلم والأمن الأفريقي رفض الحكومة الموازية ويدعم استقرار السودان
  • بارا في قبضة الجيش السوداني
  • مجلس السلم والأمن الأفريقي رفض الحكومة الموازية ويدعم استقرار السودان
  • العمليات القتالية تحتدم.. وطيران الجيش السوداني يسيطر على أجواء كردفان
  • أيُّ عصابة هذه التي تزعم حماية دارفور وتبتز أبناءها؟!