محمذ عثمان إبراهيم يكتب: إعلان هام
تاريخ النشر: 29th, March 2025 GMT
زمان كان في صحفي فاشل كدة إسمه مصطفى سري كان عامل فيها الطبال الخصوصي ودرق سيده بتاع ياسر عرمان.
كلما أكتب حاجة تنتقد الحركة أو أحد قياداتها، يرسل لي إيميل يشتمني وكان معاه واحد تاني، بس داك اعتذر لي لاحقاً بمرارة شديدة وأسف وقبلت عذره، لذلك أمسك عن ذكر اسمه.
المهم كنت أرد عليهم ببرود برسائل من نوع “شكراً على رسالتك .
في صحيفتي كنت أواصل انتقاداتي لأسيادهم موفراً وقتي وطاقتي لما هو أهم.
المهم انتهت تلك المرحلة وذهب أبطالها وطباليهم إلى النسيان.
*منذ فترة أواجه بصبر وجلد بعض المضايقات من معارف أرعى معرفتهم.. بعضهم يطالبني بعدم الكتابة عن علاء، وبعضهم يتواصل طالباً الكف عن البرهان، وقلة تتوسط لفلان، وغداً لو دفع لهم فلان أو علان لطالبونا أيضاً بتمجيده والكف عنه.*
الحكاية شنو يا أخواننا؟
هي مجرد منشورات في الفيسبوك نحاول بها التقويم والمناصحة قدر استطاعتنا بدون أي مزاعم أو أوهام.
الكثير منكم لا تعجبني كتاباتهم وتملقهم وتلقيكم للرشا، ومدكم لأيادبكم السفلى لقبض ما يجود به الراشون، لكنني لم أنصح فيكم أحداً، ولم أطلب من أحد منكم أن يطعم نفسه وأهله بشرف وكرامة.. على كيفكم ياخ.
*أنا أكتب عن أفكاري الأصيلة دون توجيه أو طلب من أي جهة، وأنتم تزعجونني بمطالبكم إرضاء لمن يدفع لكم؟*
هل يدفع لكم مقابل خدماتكم أم مقابل منع الآخرين من مناصحته وتبصيره ونقده ومقاومته؟
لا تتعجلوا فلن يمر وقت طويل حتى يقرأ الناس أسماءكم على الجدران، وكل واحد منكم معلقة رقبته من مبلغ قبضه.
ستطوقون أعناق أولادكم وأحفادكم بالعار، وسيسخر الناس منكم علناً مثلما يسخرون الآن منكم في المجالس الخاصة.
نحن لا نزعم أننا نستطيع تغيير العالم فخذوا الموضوع بهدوء، وإذا لم يعجبكم شئ مما كتبنا فلا تقرأوا مرة أخرى.
يا أخواننا إعلان هام:
ما في زول يقول لي أكتب في فلان أو ما تكتب عن فلان؟
إنتو قولوا الفي راسكم وأنا أقول الفي راسي والحكم هو القارئ الراشد الحصيف.
أي زول يدخل في هذا الحيز الممنوع الدخول، لن أرد عليه إلا كما رددت على المذكور في أول هذا الإعلان، لكن ردي سيذهب إلى السيد الذي منه تقبضون وعنه تدافعون فهو سبب وجودكم في هذا الموقف أو ذاك.
محمذ عثمان إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: الفتوى والعقل في عصر الرقمنة
في لحظة حضارية مشتبكة بين طغيان التقنية وارتباك الخطاب، جاءت مبادرة دار الإفتاء المصرية لتنظيم المؤتمر الدولي العاشر للامانة العامة لدور و هيئات الافتاء في العالم بمثابة إعلان معرفي رصين عن انخراط المؤسسة الدينية الرسمية في واحد من أعمق النقاشات الإنسانية: سؤال الفتوى في زمن الذكاء الاصطناعي.
فالذي يُطل على واقع الإفتاء من أعالي التحولات الرقمية، يدرك حجم التحدي: كيف نُبقي على روح الاجتهاد حيّة، وسط تقنيات تَعد بالاستغناء عن الإنسان ذاته؟ وكيف نحافظ على جوهر الفتوى، لا كمنتَج يُصدر، بل كحُكم يتخلق في رحم العقل الشرعي الرشيد، في زمن تُستبدل فيه السلطة المعرفية بمنصات وتطبيقات وخوارزميات؟
في هذا السياق، لم يكن انعقاد المؤتمر العاشر محض تكرار سنوي لفعالية مؤسسية، بل يمكن اعتباره لحظة انبثاق واعٍ لمفهوم جديد في التفكير الديني، تسعى فيه دار الإفتاء إلى إعادة تشكيل صورة المفتي لا بوصفه ناقلًا للحكم، بل بانيًا لقراره داخل بنية مركبة من المقاصد، والسياقات، وحكمة التنزيل. فالمبادرة لم تُركّز على أدوات الذكاء الاصطناعي بوصفها تهديدًا، بل كأفق وجب على المفتين الاقتراب منه، لا للتماهي معه، بل لترشيده، ومساءلته، بل وإعادة ضبط تمثلاته داخل منظومة الفعل الشرعي.
وفي قلب هذا الطموح، تبرز شخصية فضيلة المفتي الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، لا بوصفه موظفًا على رأس مؤسسة فقهية كبرى، بل كعقل فقهي متمرّس يُدرك بوعي رفيع أن الاجتهاد المعاصر لا يمكن أن يبقى أسيرَ معجمٍ قديم، ولا أن يتخلى عن أخلاقياته أمام خوارزميات الحداثة السائلة. فالرجل – في خطاباته العلمية ومداخلاته الرفيعة – يُعيد الاعتبار لفكرة “العقل الإفتائي”، لا كتمرين بلاغي، بل كوظيفة حضارية تحرّر المفتي من أسر الحرفية وتضعه في مدارات الفهم الكلي، المتصل بمقاصد الشريعة، لا المفصول عنها بجمود اللفظ أو فوضى الذوق. ومن يمعن النظر في طريقة بناءه لمفهوم “المفتي الرشيد”، يدرك أنه لا يسعى لتدريب المفتي على التقنية كمهارة، بل لتجذيره في وعي توازنيّ يميّز بين ما تُنتجه الآلة من أجوبة صورية، وبين ما تستوجبه الفتوى من استبطان مقاصدي للواقع وتقدير سديد للحُكم بمناطه الكامل.
كان بإمكان دار الإفتاء أن تظل واقفة على تخوم النقاش، مترددة بين الإدانة أو الترقب، لكنها قررت أن تُعلن انخراطها في عمق التحول، ولكن لا بصفتها تابعا مبهورًا، بل مرشدًا متبصّرًا. إنها ليست تُنتج فتوى رقمية، بل تُهذّب العقل الذي يصوغها، ولا تهدف إلى “رقمنة” المفتي، بل إلى عقلنة الفتوى في زمن الرقمنة. وهذا فارق جوهري.
ولعل هذا ما يجعل من هذه المبادرة نموذجًا لما يمكن تسميته بـ”فقه التدبير المعرفي”، حيث لا يُكتفى بالمحافظة على تراث الفتوى، بل يُعاد بناؤه من داخل الأسئلة التي يفرضها العصر. فالتحول الرقمي، في قراءة هذا المؤتمر، لا يُراد له أن يبتلع المجال الديني، بل أن يُستوعَب داخل مشروع إصلاحي أشمل يُعيد للفتوى بُعدها التأصيلي لا التنميطي، ويُعلي من دور المفتي لا كخازن للأقوال، بل كمُهندس للمآلات. وهنا تتجلّى عبقرية المؤتمر، لا في محاورة التقنية بوصفها خطرًا، بل في التعامل معها بوصفها حافزًا لتجديد منطق الإفتاء نفسه، ومساءلة بنيته ومفاهيمه وأدواته.
من هنا، فإن السؤال الذي طرحه المؤتمر لم يكن سؤالًا تقنيًا، بل سؤالًا أنطولوجيًا: ما معنى أن تُفتي في زمن تتقاطع فيه حدود الإنسان مع الذكاء الاصطناعي؟ وهل ما زال للمفتي أن يُنصت لنداء التكليف الأخلاقي، في زمن تتكاثر فيه المنصات وتتشظى فيه الأجوبة؟ بهذا المعنى، لا يُعد المؤتمر مجرد مناسبة معرفية، بل هو إعلان ميلاد جديد لنموذج المفتي الذي لا يتهيب العصر، بل يشتبك معه، حاملًا في قلبه أدوات التمييز، وموازين المقاصد، وضمير الفتوى الحي.
إنها مصر، إذًا، التي أرادت أن تقول للعالم الإسلامي: لسنا متفرجين على الثورة الرقمية، بل فاعلون فيها، نصوغ فيها صورة المفتي لا كظل لماضيه، ولا كصوت لتقنيته، بل كمَلَكَة عقلانية تربط الحكم بمناطه، والواقع بمقاصده، والفتوى بمستقبلها. وهل هذا إلا جوهر الفقه حين يكون وعيًا لا تكرارًا، وقيادة لا استتباعًا؟