نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية نسرين مالك، قالت فيه إنّ: "عاصمة السودان أُفرغت من مضمونها وجُرّدت أجزاء منها، ودُهس شعبها تحت وطأة صراع لم ينتهِ بعد"، موضحة: "قبل عشرة أيام، وفي نقطة تحوّل رئيسية في حرب دامت قرابة عامين، استعاد الجيش السوداني العاصمة من جماعة "قوات الدعم السريع" التي استولت عليها عام 2023".

 

وتابع المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "ما نعرفه حتى الآن يرسم صورة لمدينة مزّقتها فظائع لا تُصدق؛ حيث أدّت الحرب لانزلاق السودان نحو أكبر كارثة إنسانية في العالم، متسببة في إبادة جماعية في غرب البلاد، ومجاعة هناك وفي مناطق أخرى".

وأضاف: "خاضت قوات الدعم السريع -التي تشكّلت رسميا ووُسّع نطاقها من بقايا الجنجويد- والجيش السوداني، الحليفان السابقان في السلطة، الحرب عندما انهارت شراكتهما. وكان الضحايا هم الشعب السوداني، الذي دُهست حياته تحت وطأة الحرب".

"إن مركزية الخرطوم في الحرب، سواء من حيث ازدهارها أو ما تمثله لقوات الدعم السريع كمقر للسلطة، قد جعلت المدينة عرضة لحملة انتقامية شديدة: فقد استولت قوات الدعم السريع عليها، ثم شرعت في نهبها وترويع سكانها لا حكم المدينة، بل جردت المدينة من ممتلكاتها" وفقا للمقال نفسه.

وأكّد: "يشعر أولئك الذين يغادرون منازلهم مترددين لاستقبال جنود القوات المسلحة السودانية بالجوع والعطش والمرض والخوف. يروون حصارا من السرقة والقتل، بينما أطلقت ميليشيا قوات الدعم السريع النار على من قاوموا مطالبهم. وخوفا من حمل قتلاهم إلى المقابر، دفن الناس قتلاهم في قبور ضحلة في شوارعهم وساحاتهم الخلفية. وفي أماكن أخرى، تُركت الجثث لتتحلل حيث سقطت". 

وأبرز: "وردت تقارير عن انتشار العنف الجنسي ضد السكان المدنيين منذ الأيام الأولى للحرب. ويُعد عدم وجود تقدير موثوق لعدد القتلى مؤشرا على الحصار الشامل الذي كانت الخرطوم تعاني منه".

واسترسل: "في مناطق المدينة التي شهدت أشدّ المعارك، فرّ المدنيون، تاركين وراءهم مدينة أشباح. المشاهد مُروّعة. إذ تحوّلت مباني الخرطوم ومعالمها البارزة لهياكل محترقة، واكتست شوارعها بالأعشاب والنباتات. في تجسيد صارخ لقطع شريان الحياة في البلاد، احترق المطار، الذي كان يعمل حتى الساعات الأولى من الحرب، وكانت الرحلات تستعد للإقلاع، حتى تحول إلى هيكل أسود. ولا تزال بقايا الطائرات التي أوقفتها الحرب على المدرج".


ووفقا للتقرير نفسه، فإنّ "الدمار السريع لمطار الخرطوم، يُظهر السمة الأبرز لهذه الحرب -كم كانت مُتسرّعة-. كيف انسلخت السودان من حالتها الطبيعية بسرعة وغرقت في حرب لم تتصاعد بمرور الوقت، بل انفجرت بين عشية وضحاها"، مردفا: "حمل الملايين كل ما استطاعوا من ممتلكاتهم وفرّوا مع تقدم قوات الدعم السريع. وتم نهب ما تركوه وراءهم سريعا".

وأضاف: "ما حدث في الخرطوم هو أكبر عملية نهب لمدينة أفريقية، إن لم تكن لأي عاصمة، في التاريخ الحديث. من التراث الثقافي للبلاد إلى ممتلكات شعبها، لم ينجُ شيء. أُفرغ المتحف الوطني السوداني، الذي يضم قطعا أثرية ثمينة من الحضارتين النوبية والفرعونية. دُمّر ما لم يكن بالإمكان نقله".

"نُهبت المنازل والمحلات التجارية، وسُرق كل شيء من الأثاث إلى المتعلقات الشخصية. حتى الأسلاك الكهربائية لم تسلم: نُبشت وجُرّدت لبيعها. وتُظهر صور من المدينة بقايا سيارات، جميعها بعد إزالة عجلاتها ومحركاتها" وفقا للتقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

ومضى بالقول إنّ: "حجم السطو والدمار الذي يظهر جليا يُشير إلى نهاية حصار الخرطوم، كلحظة مُبهجة وحزينة في آن واحد. إن التحرّر من آلام الاحتلال الوحشي هو مدعاة للارتياح والاحتفال، لكن حجم الخسائر، وما يتطلبه إعادة البناء، هائل ويمتد لأسس القدرات المادية والإدارية للمدينة".

وتابع: "هناك مسألة بناء الأمة وإنهاء الحرب في جميع أنحاء البلاد. لقد تفكك السودان عسكريا، واحتشد الشعب خلف القوات المسلحة السودانية لاستعادة وحدة أراضي البلاد وتخليصها من قوات الدعم السريع. لكن مسألة إخراج جميع الهيئات العسكرية من الحكم، وهو مطلب أحبطته شراكة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بعد ثورة 2019 التي أطاحت بعمر البشير".

وأبرز: "أصبحت معلقة في هذه العملية، ما دفع السودان أكثر نحو الحكم العسكري وتوحيده تحت قيادة القوات المسلحة السودانية. وتمّ استقطاب الوكلاء والمرتزقة وموردي الأسلحة، وأبرزهم الإمارات، التي دعمت قوات الدعم السريع. لقد أطالت هذه الجهات الفاعلة عمر الحرب وغرقت في الكثير من التكاليف في الصراع لدرجة أن مشاركتها ستجعل على الأرجح الانتصارات الكبيرة للقوات المسلحة السودانية غير حاسمة على المدى القصير".

وأكّد: "لقد تخلى المجتمع الدولي عن السودان تقريبا لمصيره، مع مئات الملايين من الدولارات من المساعدات التي تعهدت بها والتي لم تتحقق أبدا وتفاعلا سياسيا بائسا"، مردفا: "انتقلت ميليشيا قوات الدعم السريع الآن لمعقل في غرب البلاد، حيث تسيطر على كل مدينة رئيسية تقريبا".


وختم التقرير بالقول: "بلغ حجم العنف هناك ضد الجماعات العرقية والقبائل غير المتحالفة مع قوات الدعم السريع حد التطهير العرقي والقتل الجماعي الذي يُعيد إلى الأذهان إبادة الألفية الثانية، وتتحمّل القوات المسلحة السودانية، بقصفها المميت، مسؤولية سقوط العديد من الضحايا المدنيين، ولها نصيبها من الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

واستطرد: "ما انتهى في الخرطوم وشرق السودان لا يزال مستعرا، وبشدة أكبر، في أماكن أخرى. ربما تكون قوات الدعم السريع قد فقدت جوهرة تاجها، لكن الحرب لم تنتهِ بعد".

إلى ذلك، أكّد: "في غضون ذلك، فإن القدرة على إحصاء الخسائر، بدلا من معايشتها فعليا، هو أفضل ما يمكن أن نتمناه. وما هذه الخسائر، ليس فقط لسكانها، وليس للسودان فحسب، بل لعالم فقد مدينة جميلة وتاريخية وعريقة. لقد تمزقت الخرطوم وتناثرت أجزاؤها في جميع أنحاء السودان. ما تبقى منها يسكن في قلوب أهلها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية السودان الجيش السوداني الخرطوم السودان الخرطوم الجيش السوداني عاصمة أفريقية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م

متابعات – تاق برس- عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م

لجنة إخلاء الخرطوم تعلن حسم أي وجود عسكري داخل العاصمة.

تحالف “تأسيس” يحدد موقفه من التفاوض مع الحركة الإسلامية وواجهاتها.

الإمارات ترد على ما وصفته بـ”الادعاءات الزائفة” بشأن دورها في السودان.

مصر تفرج عن قائد “البراء” المصباح أبو زيد بعد أسبوع من احتجازه.

الحركات المسلحة تبدأ في نقل قواتها خارج ولاية الخرطوم.

برمة ناصر: لا تفاوض مع الإسلاميين والحل يتطلب مسارًا سياسيًا وعسكريًا مشتركًا.

حركة “البراء” تنفي الدعوة إلى وقفة أمام السفارة المصرية في بورتسودان.

الجيش ينفذ سلسلة غارات بطائرات مسيّرة على مدن شمال دارفور.

تصعيد غير مسبوق… الإمارات تبدأ حصارًا لوجستيًا على السودان.

الكتلة الديمقراطية تحذر من خارطة الطريق الدولية وتعتبرها تهديدًا لوحدة البلاد.

قوات الدعم السريع تعلن امتلاك دفاعات جوية متطورة في نيالا وتنفي استهداف المطار.

حزب الأمة القومي يدين هجوم الدعم السريع على قرية في غرب بارا.

برمة ناصر يقيل قيادات مؤيدة للجيش وسط تصاعد الانقسامات داخل حزبه.

زهير السراج يتهم شاحنات مصرية بنهب غابات السودان دون تصريح رسمي.

إقتصادية
أزمة غذاء خانقة في كادقلي… الأسواق فارغة والأسعار تحلق.

الإمارات توقف استيراد الذهب السوداني.

لجنة مناهضة السيانيد تتهم السلطات بمحاولة شرعنة شركات التعدين باستفتاء شعبي.

ركود تجاري بمعبر أدرى بين السودان وتشاد بسبب انهيار الجنيه أمام الفرنك.

إنسانية
السعودية تدرس إلغاء قصر 13 مهنة على مواطنيها بما يفتح المجال للوافدين.

وفاة مواطن سوداني داخل سجن في القاهرة وسط ظروف غامضة.

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم والخرطوم تحولت إلى “مدينة أشباح”.

تقديم مساعدات لمتضرري السيول في منطقة جبل النوم بالنيل الأزرق.

حكومة غرب كردفان تتابع توزيع الإغاثة على النازحين.

اجتماع تنسيقي لبدء مشاريع تمكين الشباب والمدن الإنتاجية بولاية الخرطوم.

صحية والتعليمية
ترتيبات في القضارف لحملة مكافحة حمى الضنك ونواقل الأمراض.

تزايد إصابات الكوليرا في إقليم دارفور وتجاوزها 6 آلاف حالة.

تكريم أوائل الشهادة السودانية في ولاية سنار.

والي سنار يقرع جرس انطلاق العام الدراسي الجديد.

بدء استخراج شهادات المرحلة المتوسطة في الخرطوم.

الدكتور محمد طه يحصد جائزة محمد الأمين عوض 2025 لتميّزه في طب الكلى.

رياضية
يوفنتوس يهزم بوروسيا دورتموند بثنائية كامبياسو استعدادًا للموسم الجديد.

تشيلسي يكتسح ميلان 4–1 في ختام مبارياته الودية.

كريستال بالاس يهزم ليفربول بركلات الترجيح ويتوج بدرع المجتمع الإنجليزي 2025.

برشلونة يسحق كومو بخماسية في كأس خوان غامبر رغم غياب ليفاندوفسكي.

فالنسيا يضم أرناوت دانجوما بعقد حتى 2028.

مانشستر سيتي يهزم باليرمو بثلاثية وغوارديولا يمتدح الصفقات الجديدة

أخبار السوداناخبار الصحفصحف سودانية

مقالات مشابهة

  • توجيه عاجل من “المركزي” إلى كل البنوك السودانية
  • الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية غير مسبوقة في السودان
  • القوات السودانية تصد هجوما واسعا للدعم السريع على الفاشر
  • الوجه الآخر لحرب السودان.. مرتزقة وراء البحار
  • السودان وليبيا ومصر.. هل يحول “الدعم السريع” الحدود المتوترة إلى ساحة حرب؟
  • تحذيرات دولية من كارثة إنسانية وشيكة تضرب اليمن
  • قوات الدعم السريع تقصف بالمدفعية الثقيلة الأحياء السكنية ومراكز الإيواء بالفاشر
  • عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م
  • مقابر الحرب العشوائية.. مأساة وحكايات لم تُروَ في قلب الخرطوم
  • عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الأحد