الصندوق الجزائري للاستثمار يسعى للتعريف برأس المال الاستثماري عبر البنوك وغرف التجارة
تاريخ النشر: 2nd, April 2025 GMT
يعتزم الصندوق الجزائري للاستثمار (AIF) الانتشار عبر التراب الوطني بالاعتماد على الشبكة المصرفية. لبنكين عموميين وعلى غرف التجارة.
بهدف التعريف بالصندوق وبرأس المال الاستثماري كوسيلة تمويل بديلة يقوم بموجبه بالمساهمة في رأس المال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفقا لما أكده مديره العام, مروان عليان.
وقال عليان، في تصريح خص به وكالة الأنباء الجزائرية”نعمل على الاستفادة من شبكات البنوك المساهمة في الصندوق، وهما البنك الوطني الجزائري وبنك الجزائر الخارجي اللذان يتوفران على أكثر من 300 وكالة موزعة عبر 58 ولاية في البلاد”.
ويعتبر رأس المال الاستثماري من بين البدائل التمويلية للقروض البنكية.ويمارس في الجزائر من قبل خمس شركات عمومية بما في ذلك الصندوق الجزائري للاستثمار. ويتم هذا التمويل في شكل دخول مباشر. في رأس مال المؤسسة المستهدفة (مؤسسة صغيرة ومتوسطة) عبر شراء الصندوق. لحصص اجتماعية (أسهم) فيها ما يؤدي إلى رفع رأس مال الشركة المستفيدة.
الصندوق يساهم لمدة 7 سنواتوفي إطار الشراكة بين الصندوق وأي مؤسسة، يوضح المدير العام. يصبح الصندوق مساهما لفترة تمتد بين 5 إلى 7 سنوات.مشيرا إلى أنه من بين مزايا رأس المال الاستثماري بالنسبة للمؤسسات الجزائرية. أنه “لا يتطلب أي ضمانات من المستثمر” على عكس القروض البنكية.
ويتمثل الدور الأساسي للصندوق الجزائري للاستثمار في دعم المستثمرين في عمليات إنشاء مؤسساتهم. وتطويرها وتوسيع نشاطها بهدف دعم المؤسسات المحلية وتحفيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة. والشركات الناشئة وتعزيز تطوير القطاعات الاستراتيجية في الجزائر.
وأكد السيد عليان أن الصندوق يتماشى مع سياسة السلطات العمومية الهادفة إلى تشجيع الاستثمار في المؤسسات المبتكرة. وذات الإمكانات الكبيرة مما يساهم في النهاية في تنويع الاقتصاد الوطني.
وفي الوقت الذي لا يزال رأس المال الاستثماري “أداة تمويل غير معروفة بشكل كبير” ما يتطلب تكثيف جهود التوعية والاتصال.فان الطبيعة العائلية لبعض المؤسسات قد تخلق نوعا من التردد من جانبها. تجاه هذا النوع من التمويل, الأمر الذي يستوجب من الصندوق بذل جهود لإبراز المزايا التي يتيحها هذا التمويل. حسب نفس المسؤول.
ومن بين هذه المزايا، غياب الضمانات التي عادة ما تطلبها البنوك على شكل رهون عقارية أو كفالات شخصية بالإضافة إلى أن دخول الصندوق. في رأس المال يعزز من الموارد المالية للمؤسسة فضلا عن تقديمه الدعم الاستراتيجي والخبرة.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: رأس المال الاستثماری
إقرأ أيضاً:
الرِّوائي الجزائري واسيني الأعرج: لا أفكر في جائزة نوبل لأنني مناصر للقضية الفلسطينية
في زمن تُقاس فيه القيمة الأدبية بعدد الجوائز، يؤكد الروائي والأكاديمي الجزائري واسيني الأعرج أن الرواية بمثابة رهان إنساني طويل النفس. ويقف الأعرج حاملًا قضاياه، وعلى رأسها فلسطين التي يراها جزءًا من كيانه، و"مشروعه الإبداعي الأكبر من أي تكريم خارجي".
ويقول للجزيرة نت إنَّ "التاريخ ليس مادة مستقلة"، ويطالب بأن "نقرأ هذا التاريخ من خلال مجموعة من التقاطعات المختلفة ووجهات النظر المختلفة، إلى أن نصل إلى مرحلةٍ لبلورةِ مفهومٍ أقربَ إلى المنطق والعقل عن هذا التاريخ".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2راشد عيسى: الشعر رسالة جمالية تنتصر للفكر الإبداعي وتتساءل عن هوية الإنسانlist 2 of 2أبناء الشبكة العنكبوتية.. الكافكاوية كما نعيشها اليومend of listوعن جائزة نوبل العالمية، قال الأعرج "ألا يوجد كاتب عربي يستحق جائزة نوبل بعد نجيب محفوظ؟ هذا سؤال كبير صراحة. يجعلني أُعيد النظر في مفهوم الجائزة، لأنّه بالنسبة لنا لِلجائزة مفهوم خاص".
ويعلّل صاحب "أصابع لوليتا" (2014) ذلك قائلا "إنّنا كعرب ما زال يُنظر إلينا النظرة الكولونيالية القاصرة التي لا يمكن أن تتغيّر". وبالنسبة لموقفه من القضية الفلسطينية يقول "أنا شخصٌ مناصرٌ للقضية الفلسطينية ومع فلسطين، وأَعُدّها جزءًا من كياني".
وعن طموحه بالفوز بجائزة نوبل يشير إلى أنّه "في ظلّ الهيمنة الإمبراطورية وحتى الصهيونية على هذه الجوائز ليس لديّ طموحٌ كبيرٌ صراحةً في هذا النوع من الجوائز". وعن كتابته باللغة الفرنسية يقول الأعرج: "أعتقدُ أنها مهمّةٌ، لأنّها مَدعاة للتنوع، وهذه التجربة تضعك في أُفقِ عالَمٍ آخرَ غيرِ العالَم العربيّ"، فإلى الحوار:
تحدثت في هذا الحوار عن أن الأمير عبد القادر، يشكل بالنسبة لي أول تجربة في الكتابة الروائية التاريخية، بالمعنى التاريخي، طبعًا أنا كتبت عن التاريخ سابقًا أو استعملت المادة التاريخية ضمن النصوص الإبداعية، لكن أن يتمحور النص حول شخصية، حول تاريخها وحول دورها الحضاري الإنساني المحلي والعالمي، هذا لم أفعله إلَّا مع الأمير عبد القادر عندما كتبت هذا النص الماضي.
تعوّدنا في المفاهيم العامة أن نعطي مفهومًا لوكتشيًّا إذا شئنا عن الرواية التاريخية وهي الرواية التي تشتغل على التاريخ وتعيد إنتاجه بشكلٍ من الأشكال، فصحيح أنّ الكاتب يكتب عن المادة التاريخية، ولكن يجب أيضًا ألّا يُدرج داخل هذه المادة انطباعًا خاصًّا؛ حيث يُفقد التاريخ معناه العام وعندها يصبح النظرُ إلى التاريخ من وجهة نظرٍ شخصية.
وفي التاريخ العربي كان هناك كاتب كبير وهو جرجي زيدان (1861-1914م)، كتب في الرواية التاريخية، لكن مفهومهُ تربويّ، هو كان يريد أن يوصل التاريخ حيث رأى أن الناس لا تهتم بالتاريخ، فكيف أجعل الناس يهتمون بالتاريخ؟ فوجد الحيلة، إذا شئنا أن يدرج المادة التاريخية داخل قالب قصصي عاطفي: قصة حب، إلخ.. ولكن اتضح فيما بعد أنَّ الناس يذهبون إلى الجانب العاطفي في القصة، ولا يتذكّرون التاريخ، لهذا أقول إنَّ الكتابة في الرواية التاريخية وهذا مفهوم نشأ معي وحاولت أنا أن أطوّره.
أجل، الرواية التاريخية صحيح أنها من حيث المبدأ هي التي كانت تشتغل على المادة التاريخية، لكن بوصفها المادة الغالبة على النص الأدبي، وأنَّ هناك مسافةً طبعًا بيننا وبين ذلك التاريخ قد تمتد قرنًا أو قرنين أو ثلاثةَ قرون، ربما أكثر، ليس مهمًّا، هذا أولًا.
ثم العنصر الثاني: أنَّ هذه المادة التي نظن أنها مجرد تاريخ تنطلق من مفهوم أيضًا أنَّ التاريخ يكتبه المنتصرون، المهزومون يحاربون والمنتصرون يكتبون التاريخ، هذه المقولة معروفة ومشهورة، ولكن بعض الأجيال عندما تأتي تقرأ التاريخ على أنه قداسة، على أنه مطلقٌ، لكن بالنسبة للكتابة الأدبية يجب علينا ألّا نَسقط في هذا المعطى، لأننا نُشيع نحن بدورنا مسألةَ الكذب، نضع التاريخ تحت المجهر.
إعلانفالتاريخ ليس مادةً مستقلة، إذن؛ فلنقرأ هذا التاريخ من خلال مجموعة من التقاطعات المختلفة، ووجهات النظر المختلفة، إلى أن نصل إلى مرحلةٍ لبلورةِ مفهومٍ أقربَ إلى المنطق والعقل عن هذا التاريخ. وقتها سأكتب وسأضع شخصيتي داخل هذا الميزان، وأشتغلُ عليها لأن الشخصيات ليست خطوطًا مستقيمة، بالعكس هي خطوط متعرجة أحيانًا، مستقيمة أحيانًا، لهذا يجب أن أصعد وأنزل معها، حتى أستطيع أن أفهمها.
يقول واسيني الأعرج:
المحصلة النهائية هي كيف أكتب روايةً تقول التاريخ ولكن في نهاية المطاف هي رواية وليست تاريخًا. وقد يبدو الأمر بسيطًا ولكن المعضلة الأساسية هذه؛ فالكثير من النصوص حتى تلك التي تفوز أحيانًا بالجوائز تتحول إلى مادة تاريخية وحسب، ولكن هذا لا أعتقد أنّه مهم بالنسبة لنا.
الأهم في مثل هذه الحالات هو أن نشتغل على المادة التاريخية بشكل صحيح، ولكن أن نشتغل أكثر على المادة الأدبية لأنها هي الوسيلة التي توصلنا إلى القارئ. أنا أريد أن أجعل من الأمير عبد القادر، أو من ميّ زيادة شخصياتٍ تشبهُنا اليوم وليست شخصياتٍ مُتحفيةً مُغلقًا عليها في مُتحفٍ، لا نراها إلّا من حينٍ إلى آخر، يجب أن أجعل منها شخصياتٍ تنبض بالحياة، وكأنّها تعيش معنا اليوم. وربما سلطان الرواية هو الأوحد من بين الفنون القادر على خلق هذه الحالة المهمة.
الكثير الذين قرؤوا ميّ زيادة تعاطفوا مع قضيتها، وحتى بعض الصديقات والمقرّبات شعروا كأن زمننا لم يتغيّر كثيرًا، المعضلات نفسها والمشكلات نفسها، وما زلنا نعاني منها إلى اليوم، كل عبقرية نسائية تُدفن إمّا أن تقتل وإمّا أن تُعزل وإمّا أن تُتهم بالجنون كما في حالة ميّ زيادة، وتُعزل عن أيّ نشاطٍ ثقافيٍّ، أو فكريٍّ، أو إنسانيٍّ. مثل هذه الأمور هي التي تكون في الواجهة عندما نريد أن نكتب روايةً تاريخية.
إعلانأَمَّا أن نكتب روايةً تقول التاريخ فقط دون إعطاء قيمةٍ للمعضلة التخييلية، وللمسألة الأدبية التي هي أساسية في مثل هذه الحالات، فكأننا لم نفعل شيئًا، وفي هذه الحالة سنفشل بأن نكون مؤرخين لأننا لسنا مؤرخين، وسنفشل أيضًا في أن نكون أدباء لأننا نسينا، ووضعنا جانبًا المسألة الأدبية بوصفها الميزانَ الحقيقيَّ بالنسبة للكتابات، ولهذا يجب أن نتنبَّه لهذا الأمر بالنسبة للروايات التاريخية.
ضاحكًا… شكرًا على طرح هذا السؤال عن جائزة نوبل، صدّقني لستُ منشغلًا بها، ولكن طبعًا لي وجهة نظر في هذا الموضوع كتبتها في كثير من المواقع والصحف العربية، وحتى في الصحافة الفرنسية وغيرها. لي وجهةُ نظرٍ في التعليق على هذا الموضوع، فجائزة نوبل جميلةٌ كثيرًا لكونها جائزة، ووجودها وجودٌ عالميٌّ، يرسِّخ الإنسان، ويرسِّخ الكاتب، ويعطيه مشروعيةً أدبيةً كبيرةً عالميةً، لا يبقى محصورًا في بلده، هذا مهمٌّ جدًّا، ولا يمكننا أن نُهمله.
طبعًا وهي تزكية للكاتب، وحتى للأمّة بأنها عاقلة وتكتب بصورة جيدة، ولها حضورٌ عالمي هذا في المفهوم العام، لكن في الواقع الموضوعي هل يعقل في مجتمع فيه 400 مليون عربي، وفي نخبٍ مثقفةٍ عاليةِ القمّة، سواءٌ تعيش في بلدانها أو في الخارج، لا يمكن أن يوجد كاتب عربي يستحق جائزة نوبل بعد نجيب محفوظ؟ هذا سؤال كبير صراحة، يجعلني أُعيد النظر في مفهوم الجائزة، لأنّه بالنسبة لنا لِلجائزة مفهومٌ خاص، وهذا المفهوم هو أنها عادلة في التحكيم، أي أنها تضع النص العربي ضمن مناخ النصوص العالمية كلها، ثمّ بعد ذلك يتمّ الأخذ والرد، ونصل في النهاية إلى نتيجة تسمح لنص من النصوص بأن يتفرّد، ويحصل على جائزة نوبل.
إعلانلكن الأمر ليس هكذا للأسف، أولًا: هل النص العربي يصل إلى العالم، أقصد هل العالم مستعدٌّ لاستقبال النص العربي حتى من خلال الترجمة، هناك نصوصٌ كثيرةٌ، وترجماتٌ ممتازة، لكن هل لهذه النصوص سقفٌ معيَّن لا تتخطّاه؟
السقف ليس في القيمة، السقف إنما يتحدد من خلال رؤية الآخر الذي يتأمل هذا النص، يكفي أنّه نص عربي، بحيث توجد هذه الاختلالات في التحكيم، في الحقيقة هذه النظرة هي قديمة، يعني نظرة كولونيالية للأسف، ونحن اليوم ما زلنا تحت هيمنة نظرة كولونيالية، كعرب نتكلم كناس موجودين في فترة تاريخية معينة، ما زال يُنظر لنا النظرة الكولونيالية القاصرة التي لا يمكن أن تتغيّر.
مثلًا: أتابع ندواتٍ في القنوات الفرنسية والأميركية، لا أرى أن هناك تقييمًا حقيقيًّا للمفكر العربي، والسياسي العربي، وللحاكم العربي، وبالتالي المسألة ليست أدبية فقط، المسألة شمولية تمامًا، وهل نحن موجودون في شعور ولا شعور هؤلاء الناس، لا أعتقد، وجودنا هو الذي حددوه هُم، إمّا الوجود الخرافي الذي بنوا عليه العالم الشرقي المتماهي مع ألف ليلة وليلة ومنطقها هذا أولًا، أو العالم الإرهابي الموجود اليوم، فعندما تقول: عربي ومسلم، يحكم عليك الأوروبي من خلال ذلك.
يواصل واسيني الأعرج حديثه قائلًا:
العربي ليس ألف ليلة وليلة فقط، وليس الإرهاب فقط، ولكنه إنسانٌ كبقيةِ الخلائق في المجتمع الإنساني، أخي فهم يخرجوننا من المجتمع الإنساني بهذا المنطق، فكيف من الممكن أن يفكّروا في منحك جائزة نوبل، لا أعتقد.
لكن المشكلة تتعلق بنا نحن العرب أيضًا، لأننا إلى اليوم، على الرغم من وجود جوائزَ ذاتِ قيمةٍ كبيرةٍ وعاليةٍ ومهمةٍ جدًّا، ما زلنا إلى اليوم لم نخلق جائزةً عالميةً بمستوى جائزة نوبل، من الممكن أن نخلق جائزة كجائزة نوبل، المسألة هي مسألة نظام، ومسألة أموال، وكذلك اعتماد على الناس الذين لهم تجارب سابقة في هذا المجال، وبذلك يمكن أن تتأسس هذه الجائزة عربيًّا، وتُعطى عالميًّا، لا تعطى للعرب فقط، ويمكن منحها للكاتب العربي بغض النظر عن انتمائه إلى بلد معين، المهم أن يكون نصه يتميّز عن بقية النصوص.
إعلانطبعًا هناك تصفيات وغربلة، كما نقيّم النصوص التي تُرجمت إلى اللغة العربية، حيث يوضع مقياس في التحكيم أيضًا، ليس للقيمة الأدبية ولكن أيضًا الترجمة التي انتقل إليها هذا النص، لأن النصوص المترجمة حتى الآن إلى الإنجليزية، واللغات العالمية الأخرى، واللغة السويدية، لا يمكن لها أن تحلم بجائزة نوبل، لأنّ الناس الذين يرشّحون النصوص يرشّحونها لا من موقع اللغة العربية، إنما من موقع الترجمات إذا كانت ذات قيمة، هذه هي المشكلة الكبيرة.
أنا أستطيع أيضًا في جائزة نوبل العربية -ويمكن أن أسمّيها كما أشاء- أن أخلق حولها مدًى كبيرًا، وعندها يشترك بها كتّابٌ عالميّون كبارٌ، خصوصًا إذا كانت قيمتها المادية معتبرة، كما يجب أن نكون موضوعيين ولا نكون مستلبين، أنظرُ للغرب وللولايات المتحدة على أساس أنهم الأفضل، وأنظرُ لنفسي دائمًا نظرةً دونية، لا، يجب أن أضع نفسي بوسط الندّيّة بيني وبينه، الكتابة والعبقرية ليست قاصرةً على أمّة من الأمم، والنص العظيم هو الذي سيفوز، والكاتب الكبير الذي قدَّم نصوصًا قوية هو الذي سيفوز، وبالتالي فإننا في حاجة إلى هذه الجائزة.
عربيًّا؛ عندما أرى كل تلك الأموال؛ فإنّني أتألّم، لأنّنا لم نخلق جائزةً واحدةً من هذا النوع. نستطيع أن نؤسس جائزة من هذا النوع، ولا توجد أيُّ مشكلةٍ في ذلك أبدًا، وبالتالي يجب الاعتماد على خبراء، وعلى ناسٍ حقيقيين، ويمكن الاستفادة من جائزة نوبل في هذا المجال، والذهاب إلى لجنة نوبل، ومعرفة تكوينها، وكيفية عملها داخليًّا، وبذلك نستطيع أن نصنع نموذجًا لجائزة نوبل العربية خاصًّا بها.
مشروعي الروائي أكبر من جائزة نوبل وهل فكّرَ واسيني الأعرج يومًا ما في حصوله على جائزة نوبل؟حول سؤالك لي: هل أفكر بالحصول على جائزة نوبل، اليوم أنا لا أستطيع أن أفكر في هذه الجائزة، ببساطة لأنني أنا شخصٌ مناصرٌ للقضية الفلسطينية، ومع فلسطين، وأعُدُّها جزءًا من كياني، وفي ظل الهيمنة الإمبراطورية، وحتى الصهيونية على هذه الجوائز، ليس لديّ طموح كبير صراحة في هذا النوع من الجوائز، إلا إذا تغيّر العالَمُ رأسًا على عقب، حتى يقول الإنسان ممكن أن نفكر في ذلك.
إعلانوأنا بالنسبة إليّ مستضعف على مستويين، أولًا: لكوني عربيًّا، ولكوني أكتب باللغة بالعربية، ولكوني مناصرًا بشكلٍ معلنٍ للقضية الفلسطينية، ولن أتراجع عن ذلك مهما كانت النتائج.
وبالتالي نوبل ليست قضيتي، ولكن إذا جاءت فأنا أفرح كبقية البشر، ومع ذلك لا أراها في سُلّم اهتماماتي حيث لي اهتماماتٌ أخرى، كيف أتمكن من الانتهاء من مشاريعي الأدبية والإبداعية، واليوم في هذا العمر وأنا في السنة الـ68 وأمامي مشاريع قرن قادم، وأحتاج إلى عمرٍ آخرَ، لكن مع ذلك أشتغل لكي أنجز هذا المشروع الإنساني الروائي، الذي أحلم به، وأريده، هذا أكبر رهاناتي أَمَّا الباقي إذا أتى من تلقاء نفسه، فمرحبًا، وإذا لم يأتِ، فليست مشكلة.
تعاطفي مع الشباب واجب من واجباتي كفنان وكاتب ماذا عن العلاقة المميزة التي تجمعك بالقرّاء الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي؟أنا أظن أنَّ العلاقة التي تجمعني بالكُتّاب الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي أقول إنها عادية، فأنا أستغرب كيف يعيش الإنسان في هذا العصر، ولا يندمج فيه، صعب أنك تقول: أنا فوق هذا العالم، والفيسبوك شيء تافه، وهذه الوسائط لا قيمة لها، صراحة أنا أقول: لا، بأنَّ هذه وسائط، ويجب أن أركّز على كلمة وسائط، لأنَّ فائدتها ليست في أنك تجعلها هي الهدف الأساسي، ولكنها وسيطٌ يوصلك بالآخرين.
وبالفعل عندما كنت أكتب في عزِّ فترة مرض "الكوفيد" وجدت في هذه الوسائط متنفسًا كبيرًا، بحيث كنت أتواصل مع الشباب، ومع القُرّاء الذين كانوا يُعدّون بالآلاف، وكنت أتواصل معهم بشكل مباشر، إمّا عن طريق تلك الوسائط، وكانوا يقرؤون الفصول التي كنت أنشرها من رواية "ليليات رمادة"، وكان التلاقح من أجمل ما يكون، كانت كل الأجيال تشارك، أحيانًا كانت الحوارات عنيفة، ولكني أمتلك برودة أعصاب.
هناك نوعان من القراء: نوع لديه طابع انتقامي عبثي وهذا لا يهمني، وهناك نوع ينتقد، لأن وجهة نظره هكذا، ويريد أن يعرف وجهة النظر الأخرى بصورة حقيقية ومعرفية، ومن خلال النقاشات البسيطة واللطيفة تستطيع أن تجعل من هذا الشخص صديقًا وليس عدوًّا.
تصلني العشرات من الكتابات التي يكتبها بعض الشباب، لكن كل واحد يظن أنه الوحيد الذي أرسل لك مخطوطًا. من الناحية الموضوعية لا يمكنني الاطلاع على كل الأعمال التي تصلني، إنما أطّلع على الأعمال التي تشدُّني، وأتواصل مع أصحابها، وأساعدهم، وأحيانا أبذل جهدًا في إيجاد ناشرٍ لهم، وفي بعض الأحيان النصوص قد تكون ضعيفة.
إعلانطبعًا أنا لا أقول للشخص صاحب النص الضعيف: نصُّك ضعيفٌ، ولكني أقول له: عليك إعادة النظر في النص قبل نشره. هناك وسائل تعامل مع الناس، انظر مثلًا: عندما كنت في سورية، لو قال لي يومها الأستاذ أنطوان مقدسي، أو أحدُ المسؤولين في وزارة الثقافة، كالأستاذ، حنا مينة: مخطوطتك: "وقائعُ من أوجاعِ رجلٍ غامَر صوب البحر" لا تصلح لشيء، ولن تنشرها وزارة الثقافة، ربما لكنت انكسرت نهائيًّا.
وعندما يقول لي أحدهم إن نصك في حاجة إلى تجويد. يبقى عندي خيط من الأمل، من الممكن أن أُجوّدَ هذا النص وأجعلَهُ مقبولًا، ولكن عندما يأتيك شخص، ويقول لك هذا النص لا يصلح، وعليك أن تبحث عن عملٍ غيرِ الكتابة، يكون الموقف صعبًا حينها، وأنا لست من هذا النوع كيف ما كان الحال، لا أمتلك هذه القوة، أن أقول لهذا الشخص عملك لا يصلح، فأنا أستحي من نفسي، ومن الجهد الذي بذله وهو يكتب هذا النص، هذا فيما يتعلق بهذا السؤال، وأظن أنّه مهمٌّ صراحةً، لأنّه يتعلق بمسألة الكتابة.
وأقول: إنّ الشباب مسألة كبيرة، ويجب أن يُعطى لها حقّها، وأنا تعاطفي مع الشباب هو مسألة عادية، وليست خيرًا أقوم به تجاه هؤلاء الناس، بل هي على العكس واجبٌ من واجباتي فنانًّا وكاتبًا.
نصف قرن من الكتابة.. "لا أجد عقدة في الكتابة باللغة الفرنسية" تكتب باللغتين العربية والفرنسية، هل تنتمي أعمالك إلى المدرسة الأدبية المعاصرة المُتجددة، التي لا تستقر على شكل واحد وثابت، أم هي في حالة بحث دائمة عن الأساليب التعبيرية الحيّة والحديثة؟نعم كتبت باللغتين العربية والفرنسية، وأنتجت مجموعةَ رواياتٍ باللغة الفرنسية، ودراسات باللغة الفرنسية، منها: دراسة حول ميّ زيادة، ودراسة حول التجربة الشِعرية العربية، ودراسة حول الرواية العربية أيضًا، وهي جزء من أعمالي الجامعية، وأيضًا.. أصدرت ثلاثَ رواياتٍ باللغة الفرنسية.
والجميل في هذه التجربة هي أنها تضعك في أُفقِ عالَمٍ آخرَ غيرِ العالَم العربي. حتى من الناحية اللغوية -ولو أنك تتحدث باللغة الفرنسية عن العالم العربي- فإنك تتحدث بلغةٍ أخرى، بانتماءٍ آخرَ، بهويّاتٍ متعددة، فيها الجانب العروبي، ولكن أيضًا فيها الجانب الغربي الفرنسي، وأظنّ أنها مهمة، لأنها مدعاة للتنوع، وهذا ما نتحدث عنه بأنه تعددية الأشكال تأتي أيضًا من هنا لأنك عندما تجرب أشكالًا غربيةً، ربما تتعرّف عليها عن قرب طبعًا وتمارسها أدبيًّا، هذا سينعكس على التجربة نفسها، وتصبح عندئذٍ متنوعةً، ولا تستقرُّ على صفةٍ معينة، أو على شكلٍ معين.
إعلانوالكتابة باللغة الفرنسية بالنسبة لي شخصيًّا، بصراحة تساعدني كثيرًا، حيث أكون على تماسٍّ دائمٍ بما يُكتب باللغات الأخرى، ولو كنت أعرف اللغة الصينية مثلًا لكتبت باللغة الصينية، لكن للأسف.
معرفتي باللغة الإنجليزية والإسبانية معقولة، ولكن لا تسمح لي بالكتابة، ربما يحتاج الأمر إلى جدّيّةٍ أكثرَ ممّا أنا عليه، لكن باللغة الفرنسية لا أجد مشكلة، هي لغتي في التدريس، وهي لغتي في جامعة السوربون، وهي لغتي في كثير من المحاضرات الدولية، وهي لغتي أيضًا في بعض نصوصي الكتابية.
لكنّي لا أجد عقدة داخل اللغتين، على العكس، كلتاهما توصل إلى الأخرى، لكن عندي هاجس عميق الذي هو الهاجس العربي، وأنا قريب من هذا العالَم، وأنا جزء منه، وأشعر بمتاعبه، ومآسيه، ومعنيّ بما يحدث له بقضية فلسطين والقضايا العربية، وكذلك بالانهيارات بأنظمة الحكم، أيضًا بالخسارات، بالتخلف الذي يعاني منه العالم العربي، بالموت البطيء الذي فُرض عليه من جانب القوى الدولية، وتحديدًا إسرائيل، والولايات المتحدة الأميركية، كي لا تقوم قائمة للعالَم العربي.
وهذه يجب أن ينتبهَ لها العرب، ينتبهَ لها المثقفون، وأن يناضلوا في سبيلها، ونحن نملك سلطان الكتابة، نملك سلطان التأمّل، نملك سلطان التفكير، ولا يستطيع أحدٌ أن يسرقَهُ منا، وعلينا أن ننتمي إلى هذه الحقيقية. كما أننا داخل النظام الإنساني، ونحن مع الإنسانية، ولكننا ضد الظلم، وكتابةٌ لا تقاوم الظلم ليست كتابةً، ولا تستحقُّ حتى هذه التسمية.
ويشرح الروائي الأعرج في حديثه قائلًا:
لو أنَّ المسألة ترجع إلى النُّقاد، ولكن أَعُدّ نفسي من هؤلاء الناس الذين ذكرتهم في سؤالك، الذين لا يستقرون على شكل من الأشكال، لأني أومن أنّ الاستقرار على شكل من الأشكال هو موت، لأن النص الأدبي هو ديناميكية مستمرة، أولًا ديناميكية تفرضها الحياة الطبيعية للبشر، ولكن يفرضها أيضًا المخزون الثقافي، والتحولات الداخلية داخل هذا المخزون، وكيف تتجلّى من نصٍّ إلى نص.
مثلًا: بالنسبة إلى نصوصي تتقاطع حتمًا، لأنها نصوص ناتجة عن شخصٍ واحد، ولكنها في الوقت نفسه تتبرأ من بعضها البعض، تنفصل تمامًا، ويصبح كلُّ نصٍّ مُعبّرًا عن شيء، نأخذ مثلًا فقط كمثال رواية "شرفات بحر الشمال" هي رواية تكاد تكون جنائزية، وفي الوقت نفسه فيها شيء من التفاؤل، لأنّ البطل يهاجر، ولا يستطيع الموت بوطنه، ولكن في الوقت نفسه يكتشف أنّ روابطَهُ بهذا الوطن هي روابطُ كثيفةٌ وعظيمةٌ جدًّا.
إذن نحن هنا أمام كتابة العُزلة، أمام كتابة المنفى، أمام كتابة الخيبة أيضًا، حيث يَخيب ظنُّ بطلِ الرواية بوطنه، عندما يجد نفسه مطاردًا في شوارع المدينة، وكأنه هو المجرم، بينما الذين ارتكبوا الجرائم الثقافية، والاقتصادية، والدينية، والحضارية، يتجولون في شوارع المدن، كما لو أنّه لا شيءَ حدث تمامًا. وهذا انقلاب على الضحية، فالضحية تصبح هي المجرم، والمجرم هو الضحية، وهو سيد الشأن.
إعلانوهناك الرواية التي كتبتها "ليْليَات رَمادَة" المرتبطة بمرض "الكوفيد" أثناء فترة الحجر، تتحدث عن موضوعٍ آخرَ تمامًا، ولكن في الوقت نفسه هناك تقاطعاتٌ تكوّن المافيات في المجتمع العربي إدارتها للاقتصاد، وتحالفاتها مع القوى الإجرامية الاستعمارية.
إذن، أنت عليك أن تغيّر من المادة التي تكتب بها، واللغة التي تكتب بها، ويصبح العمل الأدبي، والفني، والثقافي، والروائي تحديدًا، هو عملية متحوّلة غير مستقرة، وتستقر عندما ينتهي النص، ويبدو الأمر كذلك، ولكن عندما نبدأ بإنشاء نص آخر يختلف الأمر تمامًا، يصبح نظامًا لغويًّا آخر وتصبح تراكيب جميلة أخرى، بحسب الثيمة التي نشتغل عليها، تصبح الموسيقى الداخلية شيئًا آخر، تصبح المادة الفنية -ولو أنها تتقاطع- ولكن لها ميزتها، وتصبح بنظام مختلف تمامًا.
انتقلنا مثلًا من الميزان الشعبي إلى الميزان الموسيقي الحضاري الحديث، إلى الكلاسيكي، ولكن هذه التغيّرات تفرض أيضًا تغيراتٍ في البِنيات اللغوية، تغيراتٍ في مكونات الشخصيات، سواءٌ ثقافية، أو فكرية، التي نفترضها في نص من النصوص وآخر نص يتناول حياة هذه البطلة، ولكنه يتناولها بموقع الخسارة الفادحة، وفي الوقت نفسه نحن أمام مقاومة امرأةٍ فنانة، فالشكل الذي وضعت فيه هذا النص الأخير سيختلف حتمًا.
يقول واسيني الأعرج:
إنَّ النص الذي أنا بصدده منذ ثلاث أو أربع سنوات "حيزية"، هذه قصة الحب العظيمة التي وقعت في الجزائر، كانت عندي حيرة منذ سنوات، وأنا أتجوّل بين الأمكنة التي نشأت بها هذه القصة، وهي قصة حقيقية، وموجودة، وخلّدها الشاعر محمد بن قيطون.
ولا زلتُ إلى اليوم أبحث عن الوسيلة التعبيرية الفنية، لأنّ هذه القصة تعددت، وتعدد رواتُها، وتعددت حكاياتها، وتعددت نهاياتها بالنسبة لشخصية "حيزية"، ووجدت أنَّ نظام الحكاية الذي يعتمد على الأساطير، ويعتمد على التضخيمات، هذا فيما يتعلق بالشخصية، يبدو لي كأنه أحسنُ وسيلة للتعبير.
إعلانعندما تقرأ الرواية كأنك تقرأ حكاية، هذا الذي أنا اليوم في صدده، ولا أعرف أنني كنت سأبقى على هذا النظام أم لا، ولكنّي في صدد العمل عليه حاليًّا، ولا أعتقد أنَّه بالنسبة لقصة شعبية مثل هذه يستقيم الأمر، مع الحكيِ الحديثِ يصبح صعبًا، فكيف يمكن أن نوجد خلطةً أو نظامًا يندرج فيه الحكي الحديث لأننا أمام نصٍّ روائي ولكن في عمق حكائي أسطوري؛ حيث يعرف القارئ كيف دخل نظام الحكي الجديد، ولكنه يعرف أيضًا أنه داخل نظامٍ أسطوري، ومن يتحدث عن هذه الأسطورة يجب أن يكون في سنٍّ معينة.
إذن؛ لاحِظ التنقلاتِ المختلفة في الأنماط الحكائية، فأنا لا أستقرُّ على شكلٍ محدّد، وكما ذكرت في بداية هذا الحديث أنَّ الاستقرار على شكلٍ هو موتٌ تمامًا، فالقرّاء يتجاوبون مع الشكل الثابت عدة مرات، ولكنهم في النهاية يعزفون عن هذا الشكل، لأنهم لم يجدوا أنفسهم فيه، ولهذا يصبح الأمرُ غيرَ مفيدٍ بالنسبة إليهم، هذا الذي أحاوله، وهذا الذي أعدّه شخصيًّا أمرًا طبيعيًّا بالنسبة إلى كلّ فنان، ولكل كاتب التكرار هو رديف الموت، والحركة والتغيّر يعني بالضرورة الحياة.