في اعقاب الفتن والاحداث المؤسفة التي أعقبت وفاة الراحل د. جون قرنق (والتي اسهم النظام الكيزاني البائد في اشعالها بسبب تهاونه المقصود في عدم اتخاذ ترتيبات أمنية قبل اعلان خبر الوفاة) عقب تلك الاحداث سعى بعض الحادبين على مصلحة ووحدة واستقرار هذه البلاد في محاولة رتق الجروح التي خلّفتها تلك المأساة، اذكر منهم الأستاذ الحاج ورّاق الذي كتب عدة مقالات عن قصص وممارسات إنسانية كريمة وقعت في خضم تلك الاحداث، من اشخاص قاموا بإيواء اشخاص آخرين ينتمون لجنوب بلادنا وحمايتهم في حمى موجة الانتقام والتشفي التي سادت في اعقاب تلك الفتنة الكبرى، مما يعطي انطباعا ان المجتمع والناس ما زالوا بخير.

وان بذرة تلك المواقف المضيئة، سوف تنمو وتنتشر في الآفاق وتسهم في اعادة الصفاء والوئام بين أبناء الوطن.
ذلك هو دور المثقف الحقيقي الذي يسعى لرتق الجروح وبلسمتها، لأنه يؤمن بالإنسان وقدسية حياته، يعارض الاحتكام للسلاح لأنه يؤمن أن الوعي والحوار والتعايش السلمي هي الطرق الأفضل للحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أهلها، وإزالة اية فوارق وهمية بين المواطنين. ان الحروب لا تخلّف الا الجراحات والمحن التي يصعب في أحيان كثيرة تجاوز مراراتها. وان لا شيء يستحق ان تسفك من اجله قطرة دم انسان او تعرضه للإذلال والتعذيب وانتهاك الحرمات.
جاء في صحيفة التغيير الالكترونية (وفقا لمجموعة “محامو الطوارئ”، فقد وثقت مقاطع فيديو لتصفيات ميدانية نفذها أفراد من الجيش السوداني إلى جانب المجموعات التي تقاتل معه بحق أسرى ومدنيين في أحياء بجنوب وشرق الخرطوم ومنطقة جبل أولياء.
وأوضحت المجموعة أن تلك التصفيات يتم تنفيذها “بالتزامن مع حملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي يقودها نشطاء ومؤيدون للجيش بهدف توفير الغطاء لهذه الجرائم”.)
ارتكبت المليشيا انتهاكات جسيمة بحق المدنيين واحتجزت مواطنين دون ذنب لفترات طويلة تعرضوا خلالها للتعذيب والجوع وانعدام الرعاية الصحية، الأمر نفسه بدرجات متفاوتة حدث من طرف القوات المتحالفة مع الجيش (كتائب الإسلاميين) مثل الاعدامات الميدانية التي وقعت في الحلفايا وبعد تحرير مدني ويحدث الان في بعض الاحياء الطرفية في الخرطوم. والاستهداف يتم على أساس عرقي، كما يتم استهداف الناشطين المحسوبين على ثورة ديسمبر، ممن يعملون في التكايا وفي خدمة المرضى والنازحين.
ما يحدث الان من انتهاكات بعد تحرير الخرطوم بذريعة تعاون بعض المواطنين مع المليشيا يصب في الاتجاه المعاكس. ويثبت ما ظل الكثيرون من دعاة وقف الحرب يرددونه وهو ان هذه الفتنة انما قامت حربا على ثورة شعبنا. فالانتهاكات الجسيمة والتصفيات خارج نطاق القانون لن تساعد على تجاوز هذه الفتنة ولن تصب الا في خدمة مخططات من يسعون لنشر مزيد من الفتن وتوسيع الشقة بين أبناء الوطن تمهيدا لتقسيمه مرة أخرى.
أعداء ثورة ديسمبر المجيدة من سدنة النظام البائد، قتلة شهداء الثورة هم من أشعلوا نيران هذه الحرب وهم من يحرصون على استمرارها، لا يحرّك موت الأبرياء أو دمار حياتهم شعرة في رؤوسهم او ضمائرهم الميتة. لا يهمهم موت الناس بسبب الحرب او توابعها من اوبئة ومجاعات، لا يهمهم موت الأطفال في الصحاري بحثا عن بلد آمن يؤويهم، او النازحين الذين تطاردهم العصابات المتفلتة شرقا.
كم من الأرواح كان يمكن إنقاذها لو قبل عسكر الكيزان بالذهاب الى جدة او جنيف للتفاوض حول انهاء الحرب؟
لابد ان يتكاتف كل أبناء هذه البلاد لإنقاذها من براثن العصابة الشيطانية التي تصر على استمرار الحرب المدمرة التي ستقود حتما الى تشرذم هذه البلاد وانفراط عقد تماسك نسيجها الاجتماعي، وتقديم مرتكبي الانتهاكات للعدالة.
مالم يتم تصفية النظام القديم وتفكيكه فأنّ الحروب والفتن لن تتوقف في هذه البلاد وسيظل الأبرياء يدفعون الثمن الباهظ من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أطفالهم.
#لا_للحرب

احمد الملك

ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه البلاد

إقرأ أيضاً:

أكثر من 170 وفاة خلال أسبوع جراء تفشي الكوليرا في السودان  

 

الخرطوم- أعلنت وزارة الصحة السودانية الثلاثاء 27 مايو 2025، عن ازدياد كبير في عدد الإصابات بالكوليرا في البلاد حيث سُجّلت 2700 إصابة و172 وفاة خلال أسبوع واحد.

وقالت الوزارة في بيان إن 90% من الإصابات سجّلت في ولاية الخرطوم حيث تعطّلت إمدادات الطاقة والمياه بشدّة في الأسابيع الأخيرة جراء ضربات بالمسيّرات نُسبت إلى قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ نيسان/أبريل 2023.

وسُجّلت حالات أخرى في جنوب ووسط وشمال البلاد.

يعد وباء الكوليرا متوطنا في السودان لكنه يتفشى بشكل أسوأ بكثير وأكثر تكرارا منذ اندلعت الحرب التي أدت إلى تدهور البنى التحتية الهشة أساسا للمياه والصحة والصرف الصحي.

وقالت الوزارة الثلاثاء الماضي إن 51 شخصا لقوا حتفهم جراء الكوليرا من بين أكثر من 2300 حالة تم تسجيلها على المدى الأسابيع الثلاثة الماضية، 90 في المئة منها في ولاية الخرطوم.

شنّت قوات الدعم السريع ضربات هذا الشهر على أنحاء الخرطوم، بما في ذلك على ثلاث محطات للطاقة، قبل إخراجها من آخر مواقع كانت تسيطر عليها في العاصمة الأسبوع الماضي.

وأدت الضربات إلى خروج شبكة الطاقة ولاحقا المياه المحلية عن الخدمة، بحسب "أطباء بلا حدود"، ما أجبر السكان على اللجوء إلى مصادر المياه غير الآمنة.

وقال منسق الشؤون الطبية لدى أطباء بلا حدود في السودان سليمان عمار في بيان "انقطعت الكهرباء عن محطات معالجة المياه ولم يعد بإمكانها توفير المياه النظيفة من النيل".

وقد يؤدي وباء الكوليرا الذي يتسبب بإسهال حاد ناجم عن تلوث المياه أو الغذاء إلى الوفاة في غضون ساعات ما لم يحصل المصاب على العلاج.

لكن الوقاية منه وكذلك علاجه أمر سهل عندما تتوفر المياه النظيفة والصرف الصحي والرعاية الطبية في وقتها.

دفعت الحرب نظام الرعاية الصحية الهش أساسا في السودان إلى "نقطة انهيار"، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وأُجبرت حوالى 90 في المئة من مستشفيات البلاد في مرحلة ما على الإغلاق بسبب المعارك، بحسب اتحاد الأطباء، فيما تم اقتحام المنشآت الصحية بشكل دوري وقصفها ونهبها.

وأودت الحرب التي دخلت عامها الثالث بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى نزوح 13 مليون شخص متسببة بأكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.

 

مقالات مشابهة

  • البوسنة والهرسك.. هل تكون موطن الحرب القادمة في أوروبا؟
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • قرار حكومة عدن بشأن الدولار الجمركي وانعكاساته الكارثية على الواقع المعيشي للمواطنين
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • سودانية (24) تنضم إلى قائمة قنوات الفتنة بإمتياز بنشرها لأخبار كاذبة
  • درغام: لا يمكننا الحديث عن نزع سلاح حزب الله من دون معالجة الهواجس
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟
  • قوات الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين جنوب البلاد
  • أكثر من 170 وفاة خلال أسبوع جراء تفشي الكوليرا في السودان  
  • خدمات خمس نجمات..!!