هل عاد عمار إلى الإسلاميين أم أُعيد قسرًا؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT
قرأت مقالًا لعمار محمد آدم بعنوان "الحركة الإسلامية: جيوب وعيوب"، حيث طرح فيه رؤيته حول أزمة الإسلاميين في السودان، متناولًا التناقضات التي تعصف بالحركة والانحراف الذي أصاب مشروعها السياسي. هذا المقال يعيد طرح الأسئلة القديمة حول مصير الحركة الإسلامية وأفرادها الذين تفرقوا بين التمرد والولاء، فهل عودة عمار إلى الإسلاميين كانت خيارًا ذاتيًا، أم أنها إعادة قسرية فرضها الواقع السياسي؟
الحركة الإسلامية السودانية لم تعد كيانًا موحدًا، بل تحولت إلى شبكات متفرقة تبحث عن موطئ قدم في المشهد السياسي.
عمار محمد آدم، الذي كان يومًا من الأصوات الناقدة للحركة الإسلامية، يثير في مقاله قضية أزمة القيادة داخلها. شخصيات مثل علي كرتي وعبد الحي يوسف لا تملك الكاريزما ولا الرؤية التي يمكن أن تعيد المشروع الإسلامي إلى الحياة. هذه القيادات جاءت في مرحلة ما بعد انهيار التنظيم الأصلي، حيث غابت الشخصيات التي كانت تمتلك حضورًا فكريًا وسياسيًا قويًا، مثل حسن الترابي. الإسلاميون اليوم يعانون من فقدان الشرعية، لا فقط بسبب ممارساتهم في الحكم، بل لأنهم لم يستطيعوا تقديم خطاب جديد يقنع السودانيين بأنهم ما زالوا يمثلون مشروعًا قابلاً للحياة.
التناقضات التي أشار إليها عمار في مقاله ليست مجرد مظاهر سطحية، بل هي تعبير عن أزمة جوهرية في بنية الحركة الإسلامية نفسها. خطاب المقاومة والجهاد الذي كان يرفع في الماضي لم يعد يتناسب مع علاقاتهم الجديدة مع بعض القوى الخارجية، كما أن الصراعات الداخلية بين أجنحة الإسلاميين باتت تدار بمنطق المصالح، لا بمنطق المشروع السياسي. السؤال هنا: هل يمكن لإسلامي سابق مثل عمار أن يجد نفسه داخل هذا الكيان مجددًا، أم أن العودة إليه ليست إلا شكلًا من أشكال الإكراه السياسي والاجتماعي؟
الانقسامات داخل الحركة الإسلامية لم تعد تقتصر على الأيديولوجيا، بل أصبحت انقسامات جهوية وقبلية. هذا يعني أن المشروع الذي كان يفترض أن يتجاوز القبلية تحوّل إلى صورة أخرى من التحالفات التقليدية. هذا الواقع الجديد يجعل عودة شخصيات مثل عمار إلى الإسلاميين تبدو وكأنها محاولة للبحث عن موقع داخل تركيبة سياسية فقدت هويتها الأصلية.
يبقى السؤال الأهم: هل عاد عمار إلى الإسلاميين بإرادته أم أُعيد قسرًا؟ السودان اليوم يعيش مرحلة لا يستطيع فيها الأفراد اتخاذ قراراتهم بحرية كاملة، فالصراع السياسي أصبح معقدًا لدرجة أن الانحياز لأي طرف قد يكون ناتجًا عن الضرورة لا عن القناعة. الإسلاميون فقدوا مشروعهم، لكنهم لم يفقدوا قدرتهم على استيعاب العائدين إليهم، إما عبر الوعود أو عبر الضغط السياسي والاجتماعي.
إذا كان عمار قد عاد إليهم، فإن ذلك لا يعني بالضرورة إيمانًا جديدًا بالمشروع الإسلامي، بل قد يكون تعبيرًا عن غياب البدائل. وإذا كان قد أُعيد قسرًا، فهذا يعني أن الحركة الإسلامية ما زالت قادرة على ممارسة نفوذها بطرق لا تعتمد على الإقناع الفكري، بل على إعادة تشكيل الولاءات في سياقات سياسية مضطربة. في كلتا الحالتين، تظل أزمة الإسلاميين قائمة، فهم لم يعودوا يمثلون الأمل الذي كانوا يروجون له، بل أصبحوا جزءًا من مأزق السودان السياسي الذي يبحث عن مخرج خارج هذه الدائرة المغلقة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الذی کان
إقرأ أيضاً:
خليل الحية: الحركة لم ترفض مقترح ويتكوف.. نتنياهو العائق أمام وقف العدوان
قال رئيس حركة حماس في غزة ورئيس وفدها المفاوض خليل الحية، إن العائق الوحيد في مسيرة مفاوضات وقف إطلاق النار، منذ بدئها هو رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يرفض كل مقترحات الاتفاق، ويصر على مواصلة العدوان لأهداف شخصية وأيديولوجية.
وقال الحية في كلمة له، مساء الخميس، إن جهود الحركة مستمرة في مسار المفاوضات، بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وانسحاب الاحتلال من غزة.
وأضاف: "أبدينا المرونة وصولا إلى اقتراح صفقة شاملة تقتضي الإفراج عن كل الأسرى لدينا، لكن الاحتلال يصر في كل جولات التفاوض على استئناف الحرب بعد الاتفاق.
وأعرب الحية عن استعداد حماس للانخراط في مفاوضات تنهي العدوان، وتسمح بدخول المساعدات إلى غزة، بشكل يحفظ كرامة الفلسطينيين ويغيثهم.
ولفت إلى أن الأمريكان، قدموا مقترحا للحركة، قبل أسبوعين، لكن الاحتلال، وشدد على أن حماس، لم ترفض مقترح ويتكوف الأخير، لكنها قامت ببعض التعديلات عليه.
وشدد على أن التواصل مع الوسطاء متواصل، والحركة مستعدة للانخراط في مفاوضات غير مباشرة، من أجل إنجاز صفقة لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان والانسحاب من القطاع.
وقال الحية، إن حماس، جاهزة لتسليم الحكومة في غزة، فورا لأي جهة وطنية فلسطينية متوافق عليها فلسطينيا.
واستهجن الحية اكتفاء الدول فقط بالبيانات الاستنكارية في ظل استمرار جرائم الاحتلال، كما استنكر الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضد مشروع قانون لوقف الحرب بغزة.
ووجه رئيس حماس في غزة، التحية لحركة أنصار الله في اليمن، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ رغم ما يتعرضون له عدوان الاحتلال.
ومنذ فجر اليوم الخميس، استشهد 23 فلسطينيا في غارات على مختلف أنحاء القطاع المحاصر، فضلا عن عشرات الإصابات، في ظل انعدام المقومات الصحية والطبية، وعملية تجويع وحشية يتعرض لها سكان غزة.