اتفق محللان سياسيان على أن تحذير أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- بشأن مصير أسرى الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة يبعث رسالة مزدوجة إلى كل من القيادة الإسرائيلية والرأي العام في تل أبيب، مفادها أن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي إلى فقدان أسرى أحياء لا محالة.

وأعلن أبو عبيدة أن "نصف أسرى العدو الأحياء يوجدون في مناطق طلب جيش الاحتلال إخلاءها خلال الأيام الأخيرة"، مشيرا إلى أن الكتائب قررت إبقاءهم في أماكنهم ضمن "إجراءات تأمين مشددة، لكنها خطيرة على حياتهم"، كما حمّل حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن أي مصير يتعرض له الأسرى، وأن التفاوض هو السبيل الوحيد لحمايتهم.

وفي حديث للجزيرة، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد الأخرس أن التهديد -الذي حمله بيان أبو عبيدة- يعكس معادلة باتت راسخة في سلوك المقاومة، وهي الربط المباشر بين الواقع الميداني داخل القطاع وبين مصير الأسرى، في ظل تصعيد ميداني يضع حياة هؤلاء على المحك بشكل فعلي وملموس.

وأوضح أن السوابق الميدانية تمنح هذا التحذير مصداقية عالية، لا سيما بعد حادثة سبتمبر/أيلول 2024، عندما قُتل 6 من الأسرى الإسرائيليين في منطقة تل السلطان برفح، بسبب وجودهم في مناطق خطرة لم يُنقلوا منها، تحت ظروف مشابهة لما يجري حاليا في مناطق الإخلاء التي يطالب بها الاحتلال.

إعلان

ولفت الأخرس إلى أن المقاومة تكرس بذلك سياسة مفادها أن كل تقدم إسرائيلي نحو تلك المناطق سيحمل معه ثمنا بشريا، سواء من المدنيين الفلسطينيين أو من الأسرى المحتجزين، كما حدث في الشجاعية حين قُتل 3 من الأسرى الإسرائيليين بنيران جيشهم في ديسمبر/كانون الأول 2023.

وحسب الأخرس، فإن التلويح بمخاطر تهدد الأسرى يتعدى كونه ورقة ضغط عسكرية، ليشكل أيضا خطابا تحذيريا تجاه المجتمع الإسرائيلي، يضعه أمام مسؤولياته الأخلاقية في مساءلة حكومته عن نتائج سياساتها التصعيدية، لا سيما مع فشل المسار التفاوضي وتراجع إسرائيل عن المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة مارس/آذار الماضي.

معلومة عينية

من جهته، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن ما ورد في بيان أبو عبيدة لا تمكن قراءته فقط على أنه تصريح ميداني، بل على أنه رسالة دقيقة تحمل "معلومة عينية" ذات أثر مباشر على النقاش الداخلي الإسرائيلي، مفادها أن نصف الأسرى الأحياء معرضون للموت في مناطق العمليات العسكرية الحالية.

واعتبر مصطفى أن هذا النوع من الرسائل أكثر تأثيرا من الخطاب العام حول المخاطر، لأنه يقدّم رقما دقيقا يجعل المسألة أقرب إلى الإنذار الحقيقي، ويضع القيادة الإسرائيلية أمام مأزق كبير، خاصة أن المجتمع الإسرائيلي يدرك خطورة هذه المعطيات ويتهم الحكومة بتعريض الأسرى للخطر.

وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية لا تنظر إلى حياة الأسرى باعتبارها أولوية حقيقية، بل تعتبرها جزءا من معركة العلاقات العامة مع الشارع الإسرائيلي، وتحاول التنصل من المسؤولية عبر تحميلها لحماس، في وقت تشير فيه كل الدلائل إلى أن العمليات العسكرية هي التهديد الفعلي لحياة الأسرى.

وأضاف أن أهمية ما طرحه أبو عبيدة تكمن في أنه يعري السردية الإسرائيلية التي تزعم أن الحرب تهدف إلى تحرير الأسرى، بينما الحقيقة أنها قد تفضي إلى تصفيتهم، وهو ما يجعل نتنياهو في موضع اتهام مباشر من عائلات الأسرى والشارع الذي يتابع تطورات الحرب بقلق متزايد.

إعلان

وأشار إلى أن تسجيل الفيديوهات التي تنشرها كتائب القسام بين الحين والآخر للأسرى الأحياء تترك أثرا بالغا في الرأي العام الإسرائيلي، يفوق بكثير تأثير التصريحات الرسمية، لأنها تنقل معاناة حقيقية تُقابل ببرود رسمي واستخفاف حكومي في المقابل.

توجيه بوصلة الداخل

وأكد مصطفى أن المقاومة بهذه المعلومة العينية تعيد توجيه بوصلة الجدل داخل إسرائيل، لتجعل من استمرار الحرب قضية تهدد سلامة الأسرى، لا طريقا لتحريرهم، وهو ما يُفترض أن يرفع منسوب الضغط الشعبي على الحكومة، لكنه رهن ذلك بمدى تفاعل الشارع الإسرائيلي وتخليه عن عفويته الحالية.

ولفت إلى أن الاحتجاجات الإسرائيلية المتواصلة على الحكومة ما زالت محدودة التأثير وغير ناضجة في أدواتها، إذ تتجه نحو شخصيات عديمة التأثير كالمستشارين أو ممثلي الأجهزة، بدل أن تتحول إلى حركة ضغط حقيقية تهدد موقع نتنياهو وتفرض تعديلا في نهج الحكومة.

ورغم خطورة التحذير الفلسطيني من فقدان مزيد من الأسرى، فإن مصطفى يرى أن غياب التصعيد الشعبي الحقيقي في إسرائيل يتيح لنتنياهو الاستمرار في تجاهل هذه المخاطر، خاصة أن المجتمع الدولي لا يضغط باتجاه إنقاذ الأسرى أو استئناف التفاوض بشأنهم.

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلت اليوم عن مسؤول أمني رفيع أن ما لا يقل عن 21 أسيرا إسرائيليا في غزة ما زالوا على قيد الحياة، في حين تشير تقديرات أخرى إلى وجود 24 أسيرا حيا، بينما قتل 36 من أصل 59 أسيرا منذ بدء الحرب، وسط تضارب في الأرقام حول مصير 2 آخرين.

وحسب تقارير فلسطينية وإسرائيلية، فإن أكثر من 9500 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، بينما انتهت المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى في مارس/آذار الماضي دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، بعد تنصل إسرائيل وعودتها إلى العمليات العسكرية، التي تسببت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 في استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان العملیات العسکریة أبو عبیدة من الأسرى فی مناطق إلى أن

إقرأ أيضاً:

في مجلس الأمن فضحوا الأكاذيب الإسرائيلية

 

عدونا الإسرائيلي تقدم بشكوى إلى مجلس الأمن ضد حركة حماس، بتهمة تعذيب الأسرى، وتجويعهم، وقد سافر جدعون ساعر وزير الخارجية الإسرائيلي إلى أمريكا خصيصاً ليشارك في الجلسة، وينفث سمومه بين الأمم، وتعمد الإرهابي أن يأخذ معه أخ الجندي الإسرائيلي الأسير لدى غزة، الجندي الذي ظهر في شريط الفيديو جائعاً شاحباً متوسلاً حريته وحياته، بعد أن تناساه رئيس الوزراء نتانياهو.

وزير الخارجية الإسرائيلي حاول أن يضغط على المجتمع الدولي من خلال بكائية الجنود الأسرى الشاحبين، وعلى طريقتهم في مهاجمة كل من لا يصدق أكاذيبهم، شن وزير الخارجية جدعون ساعر هجومًا على الأمين العام للأمم المتحدة، وهاجم الإعلام العالمي، بل واتهم المجتمع الدولي كله بالانحياز إلى حركة حماس، ضد كيانه الإرهابي، وطالب مجلس الأمن بالتدخل العاجل لإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الجائعين والمعذبين في غزة.

وبعد أن نفث زير الخارجية الإسرائيلي سمومه في قاعة مجلس الأمن، انبرى له رياض منصور ممثل فلسطين في مجلس الأمن، وفند كل أكاذيبه، وقارن بين الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة، وبين 11 ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية قتل الصهاينة منهم العشرات، بل ويتفاخر بن غفير بتجويعهم، واستعرض رياض منصور بشكل إبداعي

تاريخ الإرهاب الإسرائيلي، وأحوال 2.5 مليون فلسطيني يعذبون بالجوع والقتل والنزوح.

ولكن المفاجأة في جلسة مجلس الأمن تمثلت بحديث ممثل نيجيريا، الذي رد على وزير خارجية دولة العدو الصهيوني بكل جرأة وصراحة وقوة، فقال له:

الذي يعذب أهل غزة، ويعذب جنودكم الأسرى هو أنتم، وحكومتكم

لو أوقفتم إطلاق النار على غزة، والتزمتم بصفقة تبادل أسرى، لتحرر جنودكم الأسرى منذ زمن، وانتهت معاناتهم.

لو فتحتم المعابر، ودخلت المواد الغذائية لشعب غزة، لما تعذب جنودكم الأسرى في غزة بالجوع الذي يعذب أهل غزة!

لقد أخرس الحق الذي نطق به ممثل نيجيريا وزير الخارجية الإسرائيلي، وكان المفاجأة صباح الأربعاء، حين اعترف إعلام العدو الإسرائيلي أن جلسة مجلس الأمن الذي كان هدفها محاكمة حركة حماس، تحولت إلى محاكمة للإسرائيليين.

إنه الحق الفلسطيني الأبلج، والكذب والدجل والتدليس الصهيوني الذي بات مكشوفاً على مستوى العالم، حتى داخل الأجيال الصاعدة من المجتمع الأمريكي، والذي كان يمثل قلعة الصهيونية لسنوات خلت.

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

 

مقالات مشابهة

  • أسرى من غزة مفرج عنهم يشكون التعذيب والتجويع
  • الاحتلال يفرض قيودًا مضاعفة على الطواقم القانونية التي تتابع الأسرى
  • الأمم المتحدة: قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة فصل مروع آخر من الصراع
  • تحذير دبلوماسي من رفض إيران لحل الحشد: الحكومة ستتصادم مع الفصائل
  • الداخل الإسرائيلي على وشك الانفجار: عائلات الأسرى تهدد بخطوة غير مسبوقة خلال أيام
  • متظاهرون إسرائيليون يقتحمون مقر قناة يمينية للمطالبة بتبادل أسرى
  • بيان أوروبي مشترك يشجب قرارات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة بشأن غزة
  • في مجلس الأمن فضحوا الأكاذيب الإسرائيلية
  • أمهات أسرى إسرائيليين بغزة يهددن بملاحقة نتنياهو
  • العالم يُعارِض الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة