طريق الشيطان وطريق الرحمن.. علي جمعة يوضح الفرق بين نظرة علماء المسلمين والغرب للنفس الأمارة
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أحد علماء النفس ذكروا أن «النفس أمّارة بالسوء»، وقام بتأليف كتب كثيرة في وصف النفس الأمّارة بالسوء.
وأضاف د.علي جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أننا نحن المسلمون نقول إن النفس عندنا سبع درجات، أولها النفس الأمّارة بالسوء، ولذلك هو لم يضف لنا شيئًا جديدا، لأننا مؤمنون بهذا، ولكنه يقول إن علاج النفس الأمّارة بالسوء يكون بأن تستمر في السوء، وتبيع نفسها للسوء حتى تهدأ وتستقيم مع الحياة الدنيا، وإلا فسيصيبها اكتئاب.
وتابع: وهنا نتوقف، لأنه يوجد اختلاف بيننا وبينه، فطريقه يختلف عن طريقنا، هو في طريق الشيطان ونحن في طريق الرحمن.
ونوه: النفس كلما أعطيتها طلبت المزيد، ولا ترتاح، بل تتعب أكثر؛ فأكبر نسبة انتحار تجدها فيمن اتبع هذا الفكر، يظل يعطي نفسه ما تريد ويفعل ما تشتهي، ثم لا يجد نفسه في النهاية قد وصل إلى ما يبحث عنه من سعادة وإشباع فينتحر، لكن عندنا أن بعد هذه النفس الأمّارة بالسوء يصل المرء إلى النفس اللوّامة التي تنهاه وتلومه، والنفس اللوّامة تُسلمه إلى النفس المُلهمة، والنفس المُلهمة إلى الراضية، والراضية إلى المَرضيَّة، والمرضية إلى المطمئنة، والمطمئنة إلى الكاملة، وليس كما يزعم فرويد أن النفس فقط أمّارة بالسوء.
واسترسل: نعم، إن النفس الأمّارة بالسوء موجودة، ولكن ليس معنى ذلك أن نُسَلّمها إلى السوء، بل نسلّم النفس إلى ربها، نُقَوّمها ونضغط عليها ونجعلها تحت أقدامنا، فتستقيم وتثبت؛ لأنها مثل الطفل، كما يقول البوصيري في بردته:
والنَّفْسُ كالطِّفْلِ إنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى * حُبِّ الرَّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
فَحَاذِرِ النَّفْسَ والشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا * وَإِنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ
وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْمًا وَلاَ حَكَمًا * فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الْخَصْمِ وَالْحَكَمِ
فلا تُطِعْ هذه النفس بسهولة ولا تَسِرْ وراءها، بل يجب أن تُقَوِّمَها، فإذا وقعت في المعصية فلا تيأس، وثق بالله، وارجع، وتُبْ (خيرُ الخطّائين التوّابون)، بادر بالمغفرة، وفِرَّ إلى الله، وسارع إلى المغفرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: درجات النفس علي جمعة المزيد
إقرأ أيضاً:
عين الشيطان على الدولار الأمريكي
بدر بن علي بن سعيد الهادي
منذ عقود، تسعى إسرائيل، بدعم أمريكي وغربي، إلى تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى” الممتد من النيل إلى الفرات. واليوم، نشهد تسارعًا غير مسبوق في خطوات الاحتلال نحو تنفيذ هذا المشروع، لكن لماذا الآن تحديدًا؟ ولماذا باتت المواجهة مع الدول العربية أكثر شراسة؟ الحقيقة أن إسرائيل لا تتحرك فقط بدافع التوسع، بل بدافع الخوف من انهيارها الداخلي، حيث تواجه أزمة سياسية تهدد وجودها.
في 7 أكتوبر 2023، نفذت حماس عملية عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن سرعان ما تحولت هذه العملية إلى فرصة ذهبية لإسرائيل لتنفيذ خططها الجيوسياسية:
كل ذلك يشير إلى أن إسرائيل لم تُفاجأ بالهجوم؛ بل ربما سمحت به أو استغلته لتبرير إبادة غزة وتهجير أهلها نحو مصر أو الأردن، كخطوة أولى لضم القطاع إلى أراضيها.
إسرائيل ليست في وضع مستقر؛ بل تعاني من صراعات داخلية تهدد كيانها؛ حيث الصدام بين التيارات السياسية يزداد حدة، خاصة بين اليمين المتطرف واليسار، وبين العلمانيين والمتدينين، وحتى داخل الجيش الإسرائيلي، هناك تصدعات وانقسامات خطيرة.
لذلك، تحاول القيادة الإسرائيلية الهروب إلى الأمام من خلال:
• مواصلة إشعال حرب واسعة ضد غزة ولبنان وسوريا، لإشغال الإسرائيليين عن خلافاتهم الداخلية.
• استخدام الحرب كذريعة لفرض حالة الطوارئ ومنع تفكك المجتمع الإسرائيلي.
• توجيه الغضب الشعبي نحو “العدو الخارجي” بدلًا من التركيز على فشل الحكومة.
• تحقيق انتصار عسكري يرسخ سلطة اليمين المتطرف ويمنع أي تغيير سياسي داخلي.
بعبارة أخرى، إسرائيل تسابق الزمن، لأن انهيارها من الداخل قد يصبح واقعًا قريبًا إن لم تحقق مكاسب توسعية الآن.
وبعد أن أنهكت سوريا والعراق وليبيا، جاء الدور على مصر؛ حيث نقرأ تصريحات متزايدة من مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين تُظهر أن الاحتلال يسعى إلى:
• إضعاف الجيش المصري عبر استدراجه إلى معركة استنزاف.
• إجبار مصر على استقبال اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، مما يتيح لإسرائيل قصف المنطقة المصرية بحجة “محاربة الإرهاب”.
• إيجاد مبرر لتدخل أمريكي-إسرائيلي مباشر لضرب قدرات الجيش المصري.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد تم استخدامها مسبقًا في سوريا والعراق وليبيا، والآن يتم تطبيقها على مصر.
واشنطن - عين الشيطان - تدرك أن أي قوة عربية قادرة على مواجهة إسرائيل يجب تحييدها قبل أن تصبح تهديدًا حقيقيًا. لذلك، يتم تنفيذ خطة تقوم على:
• تفكيك الجيوش العربية القوية (كما حدث مع العراق وسوريا وليبيا).
• إشغال الشعوب العربية بالأزمات الاقتصادية والداخلية، حتى لا تتمكن من دعم فلسطين أو مقاومة الهيمنة الأمريكية.
• تحويل الصراع في الشرق الأوسط من صراع عربي-إسرائيلي إلى صراع عربي-عربي وطائفي.
والعين الموجودة على الدولار الأمريكي، والمعروفة بـ”عين العناية الإلهية”، ليست مجرد رمز عابر، إنها تمثل الهيمنة الأمريكية الصهيونية على العالم من خلال الدولار، الذي يُستخدم كسلاح اقتصادي لتركيع الدول.
الولايات المتحدة، عبر سيطرتها على النظام المالي العالمي، تستطيع فرض عقوبات وتجويع الشعوب وإشعال الثورات. والدول التي تحاول الفكاك من هذه الهيمنة، مثل روسيا والصين وبعض الدول العربية، تُحارَب بكل الوسائل الممكنة.
لذلك، فإن خطة إسقاط الدول العربية لا تعتمد فقط على القوة العسكرية؛ بل أيضًا على الحرب الاقتصادية؛ حيث يتم:
• إبقاء الدول العربية معتمدة على الدولار؛ مما يسهل التحكم في اقتصاداتها.
• خلق أزمات اقتصادية تؤدي إلى احتجاجات وفوضى داخلية.
• إغراق الدول بالديون والقروض المشروطة التي تُستخدم كأداة ابتزاز سياسي.
لذا يجب على القيادات العربية إدراك أن المخطط أضحى واضحًا؛ فالمعركة ليست عسكرية فقط.. بل معركة وجودية، معركة بين الإسلام والكفر.
وإسرائيل وأمريكا تدركان أن المنطقة تمر بمرحلة حاسمة، وأن أي تغيير في ميزان القوى قد يعني انهيار المشروع الصهيوني، لذا، يسعون لتسريع مخططاتهم قبل فوات الأوان، لكن إذا وعينا هذه اللعبة، وأدركنا أن الحرب ليست فقط ضد غزة؛ بل ضد جمهورية مصر العربية وبعدها الخليج العربي والمنطقة بأكملها، فسنكون قادرين على إفشال المشروع الصهيوني وإنقاذ الأمة من مؤامرة كبرى تهدف إلى محو سيادتها واستعباد شعوبها.
إسرائيل اليوم ليست في موقع قوة؛ بل في موقع ضعف يجعلها أكثر شراسة، الدعم الأمريكي اللامحدود ليس دليلًا على الاستقرار؛ بل على الخوف من انهيار إسرائيل من الداخل. لذلك، تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تصفية أي تهديد محتمل قبل أن يصبح واقعًا.
وإذا لم تتحرك الدول العربية بحذر، فقد تجد نفسها أمام سيناريو مُشابه لما حدث في العراق وسوريا وليبيا؛ حيث تم تدمير الجيوش وخلق فراغ استراتيجي مكّن إسرائيل وأمريكا من فرض سيطرتهما.
لكن الوعي هو السلاح الأهم.. ومن يقرأ التاريخ بوعي، يدرك أن مشروع إسرائيل الكبرى لن يتحقق إلا إذا استسلمنا له.