الثورة نت:
2025-12-13@16:28:19 GMT

أطفال غزة.. حُبٌّ للحياة يغالب صُنّاع الموت

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

أطفال غزة.. حُبٌّ للحياة يغالب صُنّاع الموت

الثورة  / متابعات

من فتحة صغيرة بين البنيان المتهدّم فوق رأس أصحابه بعد أن دكّته قنبلة أمريكية الصنع من طائرة يقودها إسرائيلي، يظهر طفل لا يتجاوز العامين، بل ربما لا تظهر منه إلا بعض ملامح وجهه.. ينظر إلى من يقفون حوله من الأهالي وطواقم الدفاع المدني.. يحاول أن يصدر صوتًا يُعبّر به عما بداخله لكن يحول دون ذلك عمره الصغير الذي يصعب فيه على الطفل نقل مشاعره للآخرين.

وعلى شاشات التلفاز تخرج أبواقٌ إسرائيلية مثل وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، يزيدون صوت هذا الطفل حجبًا، بل ويتقوّلون على لسانه أنه ضمن أطفال ليسوا من البشر، بل هم -في نظر الصهاينة- يحبون الموت ويكرهون الحياة، فليس لهم بعد ذلك من حقوق الإنسانية شيء.

لم ينته مشهد الطفل الذي يقبع تحت الأنقاض؛ حيث مُحيّاه البريء يأبى إلا أن يبتسم وهو في هذه الحالة البئيسة.. ربما لأنه لا يستوعب ما هو فيه.. لكنه بإخراج يده (صغيرة الحجم) من تلك الفتحة الصغيرة، استطاع أن يُفهم العالم ما لم يقله بلسانه: أنا طفل يريد الحياة.. أحبها.. أرغب أن أعيشها بكل ما فيها من ملذات اللهو واللعب ومتعة العبث وتحطيم المحتويات كما يفعل كل أطفال العالم.

يعيشون تاريخ بلدهم

تقول الدكتورة وفاء أبو موسى- المستشارة النفسية والحاصلة على الدكتوراه في الدعم النفسي للأطفال، إن أطفال العالم يتعلمون التاريخ من الكتب في المدارس.. يدرسون منهاجًا على الورق، لكن أطفال فلسطين يعيشون تاريخ بلدهم لحظة بلحظة، يعيشون جميع أنواع العدوان عليهم وعلى طبيعة الحياة التي يعيشونها.

وتوضح وفاء في حوار لها مع شبكة “الجزيرة” أن الحصار المتواصل والأزمات المتكررة تخلق منهم أطفالا يحملون المسؤولية ولديهم هدف واضح، يساندون بعضهم بعضا ليصيروا أقوياء. ومع ذلك فهم يحملون في قلبهم جرحًا كبيرًا لوطنهم.

وتقول وفاء إن حياة الحرب تضيف إلى أطفال غزة جزءًا لا يعرفه أطفال العالم الآخرون، وهذا يجعلهم واعين ربما حينما تنتصر فلسطين ستكون نهاية قصة كفاحهم الطويلة.

وتضيف “نحن نصاب بالهلع والخوف نتيجة القصف وهي مشاعر طبيعية، نحن لسنا حديدا، نحن نتألم كالآخرين ولكن لدينا قوة المواجهة والصبر على المصيبة والتعاطف والمساندة الاجتماعية مع بعضنا. الأهم أننا ننسى كل مشاكلنا الخاصة في حالة العدوان والحرب، ونوحّد صفوفنا وهدفنا على العدو”.

حياة تغيظ العدو

مشاهد أطفال غزة في مختلف مظاهر حياتهم، تصيب عدوهم بالحقد والرغبة في التخلص من هذا الجيل الذي يحمل روحًا وثَّابة إلى الحياة التي يعمل الاحتلال -بكل طاقته- إلى القضاء عليها.

إقبال هؤلاء الأطفال على الحياة ورغبتهم في أن يعيشوها بأجمل ما فيها، يُمثّل للاحتلال قنبلة موقوتة يرى أنها ستنفجر في وجهه المتغطرس لا محالة، فمن يُحب الحياة يأبى المذلة ويصنع المجد، وهذا ما يتعارض مع مخطط الاحتلال الذي قام بناءه على سحق الفلسطينيين جيلا بعد جيل.

ومهما بدا من البراءة في شخص طفلٍ، فإنه يكفي أن يكون فلسطينيًّا حتى يستحق الموت والإعدام في نظر قادة الاحتلال وساسته، وهذا ما صرح به مؤخرًا الدبلوماسي الإسرائيلي دافيد روت، سفير الاحتلال لدى النمسا، والذي دعا إلى “إعدام الأطفال الفلسطينيين”، لكونهم -في نظره- غير مدنيين.

صناعة المستقبل

تقول المستشارة وفاء أبو موسى: “نحن نشاهد أطفال شهداء انتفاضة عام 1987م وقد صاروا شبابًا مسؤولين عن أسرهم، فأطفال فلسطين يصنعون الحياة من الألم، وبالرغم من كل ما يمرون به، يريدون أن يكبروا ليساعدوا الجيران والأهل وجميع من يعانون، لذلك يلجؤون إلى التعليم، فالجميع في فلسطين يهتم بالتعليم، لأنه السلاح لمحاربة العدو والتفوق عليه”.

عامان دراسيان مضيا خلال تلك الحرب البربرية ضد غزة وأطفالها، لكن هؤلاء الأطفال لم يكونوا مثل غيرهم منتظمين في مقاعدهم الدراسية؛ فهم بين شهيد وجريح ونازح، وذلك ما تسبب في تحسُّر أطفال غزة على ما فاتهم من التحصيل والانتظام الدراسي.. ذلك أن العلم يمثل لهم مستقبلا يتمنون أن يبلغوه وليس كما يروج مجرمو الحرب بأنهم لا يعشقون سوى الموت.

تجارب تصنع الوعي

في غزة أطفال يتعجب العالم من طريقة تفكيرهم وإيمانهم وفصاحتهم، كأنه يرى رجالًا أشداء حكماء لكنهم أطفال.

فلدى الأطفال في قطاع غزة المدمر تجربة حياة مختلفة تمامًا عن سائر أطفال العالم، فهم يكبرون سريعًا بسبب وعيهم وتشربهم الواقع من حولهم، وبسبب التجارب التي يمرون بها وخصوصًا تجارب الحروب التي تؤلمهم وتجعلهم صامدين وأكثر شجاعة وإحساسًا بالمسؤولية.

نتعاطف معهم ونتألم حينما نراهم يصرخون متألمين من الفقد تارة ومن الإصابة تارة أخرى، ولكنهم مع ذلك يعيشون الحياة رغمًا عن كل المصاعب والظروف التي وضعها الاحتلال أمامهم ولم يستسلموا يومًا أبدًا.

من الألم يصنعون الأمل، ومن المحن يحاولون استدعاء شيء من اللهو، حتى إن أنقاض منازلهم تحولت إلى ملهى يتزلجون على أسقفها، وكأنهم يسخرون من قاتليهم الذين أرادوا تحويل حياتهم إلى جحيم، بالقول: إننا سنعيش رغمًا عنكم وبالطريقة التي نريدها لا التي أردتموها لنا.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: أطفال العالم أطفال غزة

إقرأ أيضاً:

وفيات بينها أطفال نتيجة المنخفض الجوي في غزة وحصار الاحتلال

أكدت مصادر طبية فلسطينية، اليوم الجمعة، وقوع وفيات بينها أطفال نتيجة البرد الشديد والمنخفض الجوي في قطاع غزة، وذلك تزامنا مع استمرار الحصار الإسرائيلي عقب حرب إبادة مدمرة استمرت لمدة عامين.

وذكر مصدر طبي أن طفلين جديدين توفيا نتيجة البرد في غزة، ووصل جثمانيهما إلى مستشفى الشفاء غرب المدينة، وذلك في ظل الأوضاع الكارثة التي يعيشها النازحون وغرق خيامهم إثر الأمطار الغزيرة.

وفي وقت سابق، لقى 3 فلسطينيين بينهم شقيقان مصرعهم، وأصيب آخرون، جراء انهيار جدار ومنزل متضرر من قصف إسرائيلي سابق بمناطق مختلفة من قطاع غزة، وذلك جراء غزارة الأمطار المصاحبة لمنخفض جوي تشهده المنطقة منذ الأربعاء.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر طبية، أن الشقيقين خضر وخليل إيهاب حنون، استشهدا إثر انهيار جدار على خيمتهما نتيجة كثافة الأمطار وسط مدينة غزة.

انهيار منزل
فيما قال الدفاع المدني في بيان مقتضب، إن طواقمه بمحافظة شمال القطاع انتشلت فلسطينيا وإصابتين لطفلين، نتيجة انهيار منزل لعائلة بدران في منطقة بئر النعجة في بلدة جباليا، مشيرا إلى مواصلة العمل لانتشال المزيد من المصابين من تحت أنقاض المنزل، دون الإشارة لعددهم.



ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لجأ فلسطينيون للعودة للسكن داخل منازلهم التي قصفتها إسرائيل خلال الحرب أو على أنقاضها، في ظل انعدام توفر البدائل خاصة البيوت المتنقلة (الكرفانات).

ورغم المخاطر الكبيرة، إلا أن الفلسطينيين يقولون إن العيش داخل المنازل المقصوفة يبقى أقل قسوة من البقاء في الخيام المصنوعة من الأقمشة البالية، والتي لا تحمي من مياه الأمطار شتاء ولا تقي من البرد.

ارتفاع عدد الضحايا
ويرتفع بذلك عدد ضحايا المنخفض خلال الـ24 ساعة الماضية إلى 5 وعدد من المصابين، بعد وفاة فلسطيني بانهيار منزله في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، وطفلة جراء البرد وغرق خيمة ذويها بمياه الأمطار في خان يونس جنوبي القطاع.

والليلة الماضية، عاش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين أوقاتا صعبة داخل خيام مهترئة بمختلف مناطق القطاع، مع استمرار تأثير المنخفض الجوي "بيرون" على القطاع لليوم الثالث على التوالي، وسط أمطار غزيرة ورياح وسيول.

وفي حادثة أخرى، أعلن الدفاع المدني إصابة عدد من الفلسطينيين، بينهم أطفال، إثر انهيار خيمة تؤوي نازحين في منطقة الميناء غربي مدينة غزة، بفعل شدة الأمطار والرياح.



وفي بيان سابق، أعلن الدفاع المدني، إخلاء عدد من العائلات النازحة عقب انهيار جزئي لمنزلين في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، دون الإشارة لوقوع إصابات.

ومنذ الخميس، انهار 10 مبان في مناطق مختلفة من غزة بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي تضرب القطاع منذ الأربعاء، وسط تحذيرات أطلقها الدفاع المدني من مخاطر انهيار المباني المتضررة والآيلة للسقوط التي لجأت إليها عائلات نازحة.

وتعيش نحو 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، تواجه البرد والسيول داخل خيام مهترئة، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني.

وكانت مئات الخيام قد غرقت، الخميس، في مناطق مختلفة من القطاع، مع استمرار تأثير هذا المنخفض.

ورغم انتهاء حرب الإبادة بسريان وقف إطلاق النار في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لم يشهد واقع المعيشة لفلسطينيي غزة تحسنا جراء القيود المشددة التي يفرضها جيش الاحتلال على دخول شاحنات المساعدات، منتهكا بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.

وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت لعامين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.

مقالات مشابهة

  • "اليونيسيف" يحذر من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • مصادر في مستشفيات غزة: 13 شهيدا بينهم 3 أطفال نتيجة البرد
  • وفيات بينها أطفال نتيجة المنخفض الجوي في غزة وحصار الاحتلال
  • ﻏﺰة.. ﺗﻮاﺟﻪ الموت ﺑﺮداً
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • رسالة إلى العالم الآخر
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • عودة: مؤتمر الفاتيكان أوربانيا صون الحياة وتعزيز الصحة والحوار الدولي