اليوم 24:
2025-12-13@14:37:54 GMT

هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

يقوم المبعوث الأممي دي ميستورا، خلال النصف الأول من الشهر الجاري، بزيارات متتالية لأطراف النزاع حول الصحراء، ويحاول بذلك الوسيط الأممي ملء الفراغ وكسر الجمود الذي ارتبط بولايته، واستباق الزمن قبل تقديم الإحاطة أمام مجلس الأمن خلال الاجتماع المقرر يوم 14 أبريل 2025؛ وهي إحاطة من المحتمل أن لا تخرج عن شكل ومضمون “الإحاطات المعدودة” التي قدمها هذا المبعوث منذ تعيينه في أكتوبر2021.

لكن، يبدو أن المغرب لم يعد “متحمسا للإحاطات” التي قد تأتي من لدن دي مستورا، لا سيما أنه يحتفظ بذكرى سيئة جراء الإحاطة الأخيرة التي جاءت مخيبة للآمال ومعاكسة للواقع بعدما اقترح “تقسيم الصحراء”؛ وهو، بذلك، لم يكن سوى اجترار لمقترح بيكر الثالث الذي طوي في حينه بعد أن رفضه المغرب.

وبالتزامن مع زيارة دي ميستورا لكل من موريتانيا وتندوف حيث قيادات “البوليساريو” والجزائر والمغرب في ظل السياقين الإقليمي والدولي، تتناسل مجموعة من التساؤلات والقراءات حول مضمون الإحاطة المرتقبة، ودور ومستقبل هذا المبعوث الذي يبدو أنه استنفد رصيده الزمني والدبلوماسي، لا سيما أن تدبيره للملف اتسم بالتردد والرتابة والبرود؛ بل إن أسلوبه في التعاطي مع النزاع بات لا يساير التحولات الجيوسياسية الراهنة والمؤشرات الواقعية، إن على مستوى جغرافيا الصراع أو على مستوى النسيج الاجتماعي.

**إحاطة مستنسخة أم خطوة لرفع الحرج..

يتكرر شكل وصور زيارات المبعوث الأممي -حتى الهندام- إلى المنطقة المغاربية دون رتوشات أو تغيرات؛ مما يشي بأن الامر يتعلق بمهمة لرفع الحرج لا غير، مهمه سقفها لم يعد يتجاوز تقديم إحاطة أشبه ما تكون بمذكرة إخبارية – ترفع عادة لنقل أخبار أو معطيات للأخذ بالعلم أو حول واقع الحال – واقع يتخطى حلم الانفصال، وهو واقع يغني عن السؤال، ولا يمكن القفز عليه بإحاطة باردة أو إحاطات مشوهة ومستنسخة خارجة عن النص، وإن تعددت أو اختلفت تسمية صاحبها أو الجهة التي أحيطت بها.

على صعيد الأمم المتحدة، فالإحاطات تقدم بشكل دوري حول مختلف النزاعات والملفات الساخنة، وبشأن الإحاطة المقرر عرضها من طرف دي ميستورا يوم 14 من هذا الشهر؛ فمن الناحية القانونية، تعتبر هذه الإحاطة إجراء روتيني يعرض المبعوث الأممي من خلالها إحاطته نصف السنوية، حيث لا يترتب عنها أي قرار.

فبالعودة إلى الإحاطة الأخيرة التي قدمها الوسيط الأممي والتي تضمنت مقترح تقسيم الصحراء؛ فعلى الأرجح أنها تنسجم وتتطابق مع المقترح الجزائري سنة 2002. ومن المؤكد أنها جاءت تحت الطلب أو بإيعاز من جهات أوهمت المبعوث دي مستورا بجاذبية هذا المقترح؛ غير أن الفرق المسجل على مستوى التعاطي مع هذا المقترح، رغم اختلاف السياق الزمني، هو التجاهل المغربي الذي يعكس الرفض المطلق، تجاهل أفضى إلى جعل هذا المقترح حبيس بعض القصاصات الموالية لخصوم المملكة.

لذلك، فعادة ما يكون الغرض من تقديم الإحاطة هو إخبار أعضاء مجلس الأمن بكافة التطورات والمستجدات المتعلقة بالملف، وعرض كافة وجهات النظر المعبر عنها من طرف أطراف النزاع من خلال الزيارات الميدانية واللقاءات التي عقدها مع كافة المسؤولين. لذلك، فالطبيعة الإخبارية للإحاطة كإجراء رويتني تشكل مناسبة لعرض سردية كل طرف مع إبقاء المجال مفتوحا للمبعوث الاممي لتقديم توصيات أو مقترحات.

**هل تنهي رمال الصحراء مهمة المبعوث الحالي..

على الأرجح يتجه المبعوث الأممي الخاص بملف الصحراء دي مستورا نحو الباب المسدود أو نهاية الخط، أو لربما استنفد رصيده؛ فعادة ما ينصرف أو انصرف المبعوثون الأمميون السابقون إلى حال سبيلهم بمحض إرادتهم في ظل الانسداد أو الجمود أو فشل مقاربتهم ورؤيتهم للحل. كما تنتهي مهمتهم – انطلاقا من التجارب السابقة- بمجرد تسجيل تحفظ أو اعتراض على مهمتهم من أحد أطرف النزاع.

ويعتبر دي مستورا المبعوث الثامن على مدار 35 سنة، أي منذ سنة 1990 إلى اليوم. والمتوسط الزمني لولاية المبعوثون يتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات على أبعد تقدير، باستثناء، المبعوث جيمس بكر الذي استمر في مهمته سبع سنوات (1997-2004)، بالإضافة إلى المبعوث الأمريكي كريستوفر روس الذي حطم السقف الزمني المسجل، حينما امتدت ولايته لما يقارب ثماني سنوات (2009-2017)؛ وهو استثناء يمكن قراءته بشكل منفصل عن باقي البروفايلات التي تولت هذا المنصب، إذ يجد تبريراته في جنسيتهما الأمريكية التي لربما ساعدتهما على مستوى توسيع هامش التحرك والضغط بفعل ثقل الإدارة الأمريكية في هذا الملف وباقي ملفات النزاع الأخرى في العالم.

وبالعودة إلى المبعوث الحالي، الذي بات يطل على الأربع سنوات- فقط ستة شهور تفصله على ذلك- فلم يسجل طيلة هذه المدة أية مبادرة واقعية أو تصور جديد يمكن أن يشكل منطقا لحلحلة الملف؛ بل يمكن توصيف ولايته بأنها “الأكثر جمودا”، من خلال استقراء خرجاته وتصريحاته وتحركاته المحدودة والقليلة، إذ يبدو الرجل أكثر تحفظا وغير متحمس ويائس ويفتقر إلى الكاريزما المطلوبة عادة في إدارة مثل هذه الملفات وتفكيك شفراتها.

معطيات ومؤشرات تجعل من معرفة أو استبيان موقف أو وجهة نظر هذا المبعوث تجاه النزاع معقدة وصعبة، وإن كان موقفا مستبطنا -غير معلن- بحكم الحياد والتجرد الواجب التحلي بهما في مثل هذه المهمات الأممية.

وارتباطا بمعطى أو شرط الحياد، يصر دي مستورا على غض الطرف عن الحقائق على الأرض، محاولا كذلك القفز على التحولات الجيوسياسية؛ كالاعترافات الدولية الصريحة والضمنية بمغربية الصحراء، سواء أمريكا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وغيرها من الدول التي انخرطت في هذه الدينامية، ناهيك عن إقباره بعض المبادرات والتراكمات الإيجابية التي اعتمدها المبعوث الألماني الذي كان قبله هورست كوهلر مثل “الموائد المستديرة”؛ بل، بخطوات غير متوقعة ومعاكسة للواقع والجغرافيا، أعاد هذا المبعوث الأممي عقارب الساعة إلى الوراء عندما أدلى في أكتوبر من سنة 2024 ببعض التصريحات والتصورات التي تجعل من التقسيم مقترحا، إلا أنه جرى التعامل معه بحزم قوي في حينه.

تحولات جوهرية ظاهرة للعيان لم يتلقفها المبعوث الأممي، وظل وفيا لأسلوبه وطبعه الجاف والبارد، إذ لم تسعفه الدينامية الجديدة في بلورة مقترحا يراعي كافة التحولات؛ وإن كان ذلك يتطلب شيئا من الشجاعة وبعضا من الحياد، وهي صفات تحلى بها سابقوه كالمبعوث الهولندي بيتر فان فالسوم الذي أقر بأن خيار الانفصال خيارا غير واقعيا وكلفه ذلك نهاية مهمته سنة 2008 بعد اعتراض الجزائر عليه.

إن النقاش حول مستقبل المبعوث الأممي في ظل المتغيرات الراهنة بات أمر ملحا وضروريا بالنسبة للمغرب وبعض القوى الدولية المنخرطة في الدينامية الجديدة الداعمة لسيادة المملكة المغربية على أقاليمه الجنوبية، وهذا الأمر يتطلب إيجاد دعامة و”إسناد أممي” للدينامية الدولية.

من الناحية التكتيكية، من المفترض الدفع في اتجاه إحداث قنوات تعمل على تجسيد إرادة القوى الكبرى، أو بوضع خارطة طريق تحدد الهامش ومجال تحرك المبعوث الذي من المفترض أن يعمل وفق هذا “الهامش المسطر” الذي يعكس إرادة ومصالح القوى المؤثرة، عوض ترك الهوامش مبعثرة؛ فمن الناحية الواقعية، عادة ما تعبر قرارات مجلس الأمن عن مصالح الكبار أو على أقل تقدير تعكس تلك القرارات السردية التي يتباها الأعضاء الأكثر تأثيرا.

استراتيجيا، لا بد من العمل على ترجمة وتنزيل اعترافات القوى الكبرى والمؤثرة على مستوى هياكل الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن، وإلا ما فائدة هذه الدينامية أو الاعترافات إن ظلت حبيسة العلاقات الثنائية أو التعبيرات الدبلوماسية العابرة والقابلة للتغيير حسب المصالح في كل حال وحين. هنا تطرح علامة استفهام حول كيفية تخطي المفارقة الصارخة بين مواقف القوى الكبرى (فرنسا، أمريكا) وطريقة تدبير مجلس الأمن الذي لا يزال يعتمد السردية نفسه في تعاطيه مع الملف.

انطلاقا من هذا التشخيص الأولي لمهمة مبعوث أممي طالت دون تسجيل أية اختراقات في مواقف أطراف النزاع؛ فمن غير المستبعد، وفق السياقات الراهنة، أن تنتهي مهمة هذا المبعوث باستقالته. سيناريو لا يمكن استبعاده انطلاقا من مجموعة من المؤشرات والدوافع الذاتية المرتبطة بشخصية المبعوث ومواقف أطراف النزاع (المغرب والجزائر)، أو بالنظر إلى الدوافع الموضوعية المرتبطة بطريقة اشتغال الأمم المتحدة، خاصة في ظل فشل “آلية الوسطاء الأمميين” بعد مرور 35 سنة على اعتمادها، وعدم قدرة ونجاعة هذه الالية في إيجاد حل للنزاع الذي بات يقترب من نصف قرن، وبلورة تصور واقعي يمكن أن يشكل أرضية لطي الملف بشكل نهائي؛ وهو ما يحتم إعادة النظر في طريقة معالجة الملف من لدن مجلس الأمن.

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المبعوث الأممی هذا المبعوث دی میستورا مجلس الأمن دی مستورا على مستوى من خلال

إقرأ أيضاً:

رسالة تهدئة أمريكية.. زيارة عاجلة لاحتواء غضب تل أبيب وإصلاح الشرخ الدبلوماسي

قالت دانا أبو شمسية إن الزيارة المرتقبة للمبعوث الأمريكي تأتي في لحظة شديدة الحساسية، وتهدف بالأساس إلى احتواء التوتر مع إسرائيل وتقديم توضيحات تُعد بمثابة اعتذار غير مباشر، بعد الضجة التي أثارتها تصريحات باراك الأخيرة وأغضبت المسؤولين في تل أبيب.

التحيز لصالح تركيا

وخلال مداخلة لها مع الإعلامية إيمان الحويزي على قناة "القاهرة الإخبارية"، أوضحت أن باراك كان قد شكك في الادعاء بأن إسرائيل تُعد نموذجًا للديمقراطية في الشرق الأوسط، معتبرًا أن النظام الملكي هو الأكثر قدرة على حفظ الاستقرار السياسي؛ هذه التصريحات دفعت مسؤولين إسرائيليين لاتهامه بالتحيز لصالح تركيا والدفاع عن الرئيس رجب طيب أردوغان.

نتنياهو يواصل الدفاع عن لجنة "إخفاقات السابع من أكتوبر" رغم تشكيك المعارضة في نزاهتهاباحث سياسي: نتنياهو يدرك ضعف موقفه الانتخابي ويسعى لإبقاء إسرائيل في حالة حرب

وأضافت أبو شمسية أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان شديد الحدة، إذ عبّر عن غضبه خلال لقائه السفير الأمريكي، معتبرًا أن تصريحات باراك تسيء لإسرائيل وتلحق ضررًا بسمعتها، واصفًا إياها بـ"المعادية".

 زيارة المبعوث الأمريكي

وأكدت أن زيارة المبعوث الأمريكي تأتي لتوضيح الموقف الرسمي لواشنطن، وطمأنة إسرائيل بشأن متانة العلاقات الثنائية.

وأشارت إلى أن الزيارة ستتناول أيضًا ملفات إقليمية مهمة، بما فيها سوريا ولبنان وقطاع غزة، خاصة في ظل ما تتداوله وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جدول زمني متوقع للإعلان عن إنشاء "الهيئة الدولية للسلام في غزة" في الخامس عشر من الشهر الجاري، تزامنًا تقريبًا مع زيارة باراك للمنطقة.

واختتمت بتوضيح أن الإدارة الأمريكية تمارس ضغوطًا متصاعدة على حكومة الاحتلال لدفعها إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية بعد عشرة أيام من هذا التاريخ، أي في الخامس والعشرين من الشهر ذاته.

طباعة شارك تل أبيب إسرائيل تصريحات باراك تركيا أردوغان المبعوث الأمريكي نتنياهو

مقالات مشابهة

  • مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
  • "الشعبية" ترحب بالقرار الأممي بشأن إدخال المساعدات لغزة
  • المجلس الوطني يرحّب بالقرار الأممي بشأن الوضع الإنساني بغزة
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفي النزاع السوداني في جنيف
  • بري: تصريحات المبعوث الأمريكي عن ضم سوريا إلى لبنان غلطة كبيرة غير مقبولة
  • بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سوريا
  • عاجل|المبعوث الأميركي توم براك: الولايات المتحدة لا تزال ترى دورا للجيش التركي على الأرض في غزة
  • رسالة تهدئة أمريكية.. زيارة عاجلة لاحتواء غضب تل أبيب وإصلاح الشرخ الدبلوماسي
  • المبعوث الأمريكي: تركيا قادرة على المساعدة في غزة ومسار تطبيع مع إسرائيل ممكن
  • إعلام عبري: المبعوث الأمريكي يزور إسرائيل الأسبوع المقبل