مفاوضات طهران وواشنطن حول النووي.. هل يتكرر النموذج الليبي؟
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
واشنطن- من المتوقع أن يقود وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف محادثات بين إيران والولايات المتحدة، تستضيفها سلطنة عُمان يوم السبت المقبل.
ومنذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018 خلال الفترة الأولى من حكم دونالد ترامب، يطالب الأخير بتوقيع اتفاق جديد على أسس جديدة، وهو ما ترفضه إيران.
ولا يزال الغموض يحيط بتفاصيل إدارة جولة التفاوض القادمة، خاصة ما يتعلق بأي خطوط حمراء للطرف الأميركي، حيث تروج الدوائر المؤيدة لإسرائيل في واشنطن لضرورة تبني ترامب إستراتيجية متشددة لا تكتفي بتفكيك البرنامج النووي الإيراني على غرار ما جرى عام 2003 مع ليبيا بعهد رئيسها السابق معمر القذافي، بل تتمادى وتطالب بإغلاق برنامج الصواريخ الإيراني.
في المقابل، يطالب أنصار التيار الواقعي أن يتبنى ترامب خطا أحمر قائما على التحقق من منع إيران من امتلاك أو تصنيع سلاح نووي.
خطر كبيروخلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، أول أمس، قال ترامب إن الولايات المتحدة "تأمل أن تنجح تلك المحادثات، لأن البدائل شديدة السوء".
وأعرض ترامب عن التهديد بعمل عسكري ضد إيران إذا لم تنجح الدبلوماسية، وعند سؤاله عن ذلك أجاب "إذا لم تنجح المحادثات، أعتقد أن إيران ستكون بخطر كبير".
إعلانوفي السياق، تشير الأكاديمية ذات الأصول الإيرانية، وخبيرة الشؤون الخارجية الأميركية، عسل آراد، إلى وجود تفاصيل كثيرة وراء الكواليس حول المفاوضات، قد لا يكون الجمهور مطلعا عليها، مما يساعد بارتباك تفسير تصريحات الأطراف المختلفة.
وتضيف للجزيرة نت "من وجهة النظر الإيرانية، من المرجح أن يكون القول بأنهم لن يتفاوضوا بشكل مباشر تحت الضغط والتهديدات لأسباب سياسية داخلية".
ومع ذلك، تتابع آراد "هناك أيضا تقارير تشير إلى رغبة الإيرانيين في الانخراط بمفاوضات غير مباشرة في البداية لقياس جدية إدارة ترامب نظرا لأن أميركا قد تراجعت عن الاتفاقيات السابقة".
من جهتها، رأت مديرة برنامج سياسة عدم الانتشار النووي بجمعية الحد من انتشار الأسلحة بواشنطن، كيلسي دافنبورت، في حديثها مع الجزيرة نت أن إجراء المحادثات "خطوة بالاتجاه الصحيح". وقالت إنه يجب على ترامب تعظيم هذه الفرصة لتوضيح أهداف الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق وتحويل التركيز من الضغط إلى الدبلوماسية.
في حين اعتبر تاريتا بارسي نائب رئيس معهد كوينسي بواشنطن أن أنباء اللقاء بين الطرفين يعد تطورا إيجابيا. وقال للجزيرة نت إن "المتغير الأكثر، الذي لا يزال غامضا هو طبيعة الخطوط الحمراء والإستراتيجية التي يدفع بها ترامب".
#إيران: نؤمن بمبدأ المفاوضات وكما أكدنا سابقا سنخوضها إذا تمت مخاطبتنا بلغة الاحترام pic.twitter.com/HgrgzYt2NL
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 8, 2025
نموذج غير واقعيأما خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون واشنطن، باربرا سلافين، فشككت من جدوى إعلان هذه المفاوضات مبكرا وقبل حدوثها، وقالت للجزيرة نت "من المحتمل أن يؤدي الإعلان المسبق عن إجراء المحادثات لنتائج عكسية".
واعتبرت سلافين أن إشارة نتنياهو للنموذج الليبي خلال لقائه ترامب "محاولة واضحة لتخريب المحادثات خاصة مع إصرار إيران على الاحتفاظ بالقدرة على التخصيب".
إعلانفي حين ذكرت دافنبورت أن التفكيك الكامل على غرار النموذج الليبي "غير واقعي وغير ضروري". وقالت إن المطالبة بالتفكيك مرفوضة إيرانيا، وتبعث برسالة مفادها أن الولايات المتحدة ليست جادة بالتوصل لاتفاق متبادل المنفعة.
وأضافت "يمكن لمزيج من القيود والمراقبة أن يدفع إيران بعيدا عن عتبة الأسلحة النووية، ويوفر ضمانا أكبر بأن أي تحرك نحو القنبلة النووية سيتم اكتشافه بسرعة".
علاوة على ذلك، تواصل دافنبورت، فإن الإشارات للنموذج الليبي "استفزازية بلا داع. بعد سنوات من تخلي ليبيا عن برنامجها غير المشروع للأسلحة النووية، أطاحت القوات المدعومة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالقذافي. وتنظر إيران لقدرتها على التسليح كرادع ولن تخاطر بالتخلي عنها ومواجهة نفس مصير ليبيا".
وحول ذلك، قال جودت بهجت، خبير الشؤون الإيرانية، والمحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، للجزيرة نت إنه "لا يوجد نموذج ليبيا في الحالة الإيرانية التي يعد برنامجها النووي متقدما للغاية، ولا توجد طريقة للقضاء على المعرفة عند العلماء الإيرانيين، ولا بد من حل وسط من كلا الجانبين".
واتفق الخبير بارسي مع الطرح السابق، وقال إنه إذا سعى ترامب لتفكيك البرنامج النووي الإيراني على غرار ليبيا، وإغلاق برنامج الصواريخ الإيراني، وتقليص علاقات طهران مع شركائها الإقليميين، "فمن المرجح أن تكون الدبلوماسية ميتة عند وصولها".
وتابع أن هذه الإستراتيجية كان يفضلها الإسرائيليون ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو تحديدا، لأنهم كانوا يعرفون أنها "ستفشل". و"إذا كانت إستراتيجية ترامب تتمحور حول التوصل لاتفاق قائم على تحقق يمنع قنبلة إيرانية -خطه الأحمر الوحيد- فهناك سبب للتفاؤل بشأن المحادثات القادمة".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
خبيران: إيران متمسكة بخطوطها الحمراء ومفاوضات ملفها النووي معقدة
توافق خبيران في الشأنين الدولي والإسرائيلي على أن مفاوضات الملف النووي الإيراني تواجه تعقيدات بالغة، وسط تمسك طهران بخطوطها الحمراء، وعلى رأسها رفض وقف تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، ما يُصعّب مهمة التوصل إلى اتفاق، رغم مؤشرات الانفتاح النسبي على المقترحات الأميركية.
وفي حين تتجه الأنظار إلى العاصمة العُمانية مسقط حيث تُعقد الجولة السادسة من المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، أعلنت الخارجية الإيرانية تمسكها بموقفها الرافض لأي نقاش حول وقف تخصيب اليورانيوم، دون أن تغلق الباب أمام الاستماع للأفكار المطروحة.
وترى أستاذة العلاقات الدولية بجامعة كامبريدج روكسان فارمان فارمايان أن طهران رغم لهجتها الصلبة، تدرك أن الاتفاق النووي لا يزال فرصة مهمة تصب في مصلحتها الإستراتيجية، وقد يجنبها مخاطر أكبر على المدى القريب، بينها خطر اندلاع حرب إقليمية.
وتعتقد فارمايان أن الوصول إلى اتفاق قد يؤدي إلى وقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، كما يمكن أن يمنع أي تدخل عسكري أميركي محتمل، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد الإيراني وتوسيع حضور طهران السياسي في الإقليم، خاصة في منطقة الخليج.
ورغم إقرارها بأن الموقف الإيراني يبدو صلبا، تشير الخبيرة الدولية إلى إمكانية وجود مرونة تكتيكية، لا سيما أن إيران استخدمت اليورانيوم الروسي في محطة بوشهر، ويمكن أن تتقبل مقترح تخصيب اليورانيوم خارج أراضيها، إذا ضمنت الحفاظ على ماء وجهها أمام الداخل الإيراني.
إعلانفي المقابل، اعتبر الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن الولايات المتحدة توظف التلويح الإسرائيلي بالتصعيد ضد إيران كأداة ضغط تفاوضية، وتستخدم علاقتها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كمجسّ لمدى مرونة طهران أو تشددها في كل مرحلة.
ويرى جبارين أن هذه ليست المرة الأولى التي تلوّح فيها إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وهي ورقة سبق أن استُخدمت لتقوية الموقف الأميركي التفاوضي، دون أن تحظى بضوء أخضر فعلي من واشنطن.
تصدع غير مسبوقويتحدث جبارين عن تصدع غير مسبوق في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، لا سيما منذ حرب العراق، واصفا الخلاف الحالي بأنه "الأعمق منذ عقدين"، ويرتبط مباشرة بثلاثة ملفات شائكة: المشروع النووي الإيراني، وحرب غزة، والترتيبات الأمنية في الإقليم.
وفي خضم هذه الخلافات، شدد جبارين على أن إيران ما زالت تشكّل العقدة الأكبر لنتنياهو، الذي يسعى إلى استثمار هذا الملف لاستعادة زخمه السياسي محليا، في ظل أزمة داخلية تعصف بحكومته على خلفية ملف التجنيد والانتخابات المحتملة.
وكانت الخارجية الإيرانية قد أكدت أن الجولة المقبلة من المحادثات لم تصل بعد إلى طريق مسدود، وأن طهران ستقدم ردا على المقترح الأميركي، ما يبقي الباب مفتوحا لمزيد من التفاوض، رغم استمرار حالة الشك المتبادل بين الطرفين.
وترى فارمايان أن إيران قد تكون مخطئة في رهانها على خلق شقاق بين واشنطن وتل أبيب، معتبرة أن اللعب على هذا التوازن الدقيق يعقّد مهمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يسعى إلى تهدئة الجبهات وتفادي حرب مفتوحة.
وتلفت فارمايان إلى أن إيران مطالبة بخفض مستوى التخصيب جزئيا إن أرادت إبقاء المفاوضات حية، خاصة أن ترامب يفاوض على أكثر من جبهة، ويحتاج إلى تنازلات من الطرفين لتثبيت إستراتيجيته القائمة على الاحتواء.
إعلانومن وجهة نظر جبارين، فإن التلويح الإسرائيلي بالتصعيد يُحرج واشنطن، لأن أي خطوة مفاجئة من نتنياهو قد تجر الولايات المتحدة إلى مواجهة لا تريدها، وهو ما دفع ترامب -حسب مصادر إسرائيلية- إلى مطالبة نتنياهو بإخراج ملف الهجوم من التداول العلني.
وبشأن "الخطوط الحمراء" الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالتخصيب، تتوقع فارمايان أن يُطرح مقابلها عرض يتيح لإيران الحفاظ على نشاط محدود مقابل انفتاح أكبر على التفتيش الدولي، خصوصا في ظل ضغوط وكالة الطاقة الذرية التي قد تُصدر قريبا قرارا ضد طهران.
دفعة قوية للمفاوضاتوترى الخبيرة الدولية أن لدى إيران فرصة لإظهار شفافية جديدة في التعامل مع الملف النووي، عبر طرح مقترح يفتح المجال لجولة جديدة في مسقط، قد تُبنى على تفاهمات تشمل التخصيب وآليات التفتيش، وهو ما قد يمنح المفاوضات دفعة قوية.
أما جبارين، فيعتقد أن نتنياهو يراهن على إغلاق المسارات السياسية للتوجه نحو المسار العسكري، لتأكيد استقلالية قراره السياسي والأمني، خصوصا في ظل تصاعد الضغوط الأميركية واحتدام المنافسة الانتخابية داخليا.
ويشير إلى أن نتنياهو بات "أسيرا" لهذا الملف منذ أكثر من 15 عاما، ويستخدمه باستمرار للهروب إلى الأمام، ويخشى من أن يُسحب من يده كورقة ضغط إذا أفضت المفاوضات إلى اتفاق شامل في الشرق الأوسط.
ويضيف أن صفقة تهدئة شاملة قد لا تكون جذابة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بل تُضعف حججه الداخلية، ولذلك فإنه قد يُفضل إشعال جبهة طهران بدلا من الدخول في صفقة طويلة الأمد تتضمن تهدئة في غزة، حيث يشعر بأن يده مغلولة أمام الواقع الميداني والضغط الدولي.
وترى فارمايان أن احتمالية ضرب إيران من قِبل إسرائيل تبقى محدودة، طالما أن واشنطن ترفض ذلك صراحة، وتعمل على توجيه الملف نحو تسوية دبلوماسية، مشيرة إلى أن ترامب حريص على تحقيق إنجاز تفاوضي، بعد تعثره في ملفات أوكرانيا وغزة.
إعلانوفي ضوء التهديد بعرض قرار إدانة ضد إيران في اجتماع محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تؤكد فارمايان أن الوقت أصبح عاملا حاسما، خصوصا مع اقتراب أكتوبر/تشرين الأول، الموعد المحتمل لعودة العقوبات الأوروبية إذا لم يتحقق تقدم.
ويعتقد جبارين أن لدى إسرائيل 3 مستويات من القلق تجاه اتفاق محتمل في مسقط: داخلي يتمثل في خسارة نتنياهو ورقته الأقوى، وإستراتيجي يتعلق بالخوف من بقاء إيران على "عتبة القنبلة النووية"، وتكتيكي يتمثل في احتمال تراجع الضغط الأميركي على طهران.