حين تذوب الكونية ويعود الإنسان إلى جذره الأول: الوطن
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
قبل ربع قرن ويزيد من الزمن حينما كانت العولمة تَعِد بجعل العالم قرية كونية، يتنقل فيها الإنسان بخفة الحلم، ويعيش كمواطن عالمي بلا قيود جغرافية ولا أزمة هُويات قاتلة، بدا للبعض، وبينهم مفكرون ومنظرون، أن فكرة «الوطن» يمكن أن تصبح ترفا رومانسيا أو ذكرى من زمن الحدود.. تبلور في تلك المرحلة مفهوم «المواطن الكوني» الذي لا ينتمي إلى وطن بعينه أو أنه فوق مستوى الوطن ومفهومه التقليدي وشكل انتماء هذا المواطن الجديد وفق القيم التي كان النظام العالمي يرفعها شعارا له وأبرزها الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
لكن مفهوم هذا «المواطن» الكوني الذي تَشكّل في المخيال الغربي، واستوطنه من حيث القيم والمفاهيم بدأ من عدة سنوات يفقد بريقه، بل إنه آخذ في التفكك العميق، والرفض الذي بات مسموعا جدا في السياسات الغربية في العامين الآخرين سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو في ألمانيا أو حتى في المملكة المتحدة التي أقرت العام الماضي قانونا عجيبا لنقل المهاجرين إلى رواندا! حدث هذا التحول والانهيار لمفهوم «المواطن الكوني» نتيجة صعود خطاب الشعبوية والقومية والخوف من الآخر الثقافي والديني، ودخول العالم في أزمات اقتصادية خانقة على وقع موجات الهجرة إلى أوروبا وإلى أمريكا. لكن الأمر أخذ يتداعى بشكل مثير جدا مع سقوط قيم النظام العالمي مثل قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والتي كانت «المواطنة الكونية» قد تعلقت بها لحظة تبلور مفهومها خلال حقبة بروز العولمة.
اكتشف «المواطن الكوني»؛ الذي بالغ في الانسلاخ من وطنه وأرضه وجذوره، بل وحاربه وتآمر عليه في سبيل تحقيق «كونيته» الجديدة، أنّ لا شيء يعادل الوطن الحقيقي، الوطن الذي يحتوي أبناءه ولا يمن عليهم بحق الانتماء. واكتشفوا أمام صعود الجدران وعودة الحدود، وتوالي الخيبات أنهم ليسوا أكثر من «عبء» يبحث العالم كيف يجد له حلا، حتى لو كان حلا لا يليق بإنسانيتهم بل لا ينظر لهم بوصفهم بشرا وإنما أرقام في سجلات مؤسسات الهجرة. وأمام التحولات الجديدة التي يشهدها العالم سوف يزداد تفكك مفهوم «المواطن الكوني» وسيزيد «عبء» المهاجرين خاصة أولئك الذي حولوا أنفسهم إلى معارضين لأوطانهم الحقيقية وسيكتشفون حجم الوهم الذي غرقوا فيه لحظة غياب للبصر والبصيرة، وإن كان ثمة عذر لمن هاجر مضطرا من وطنه ولكن قلبه بقي عامرا بالوطن وراسخا في وجدانه فلا عزاء لمن باعوا أوطانهم بكسرة وهم، أو لذة عابرة.
ولعلّنا، في عُمان، أقدر من يدرك معنى الوطن.. فعُمان التي تسكننا قبل أن نسكنها أكبر بكثير من المعنى الجغرافي الذي تحدده الخرائط رغم حجم امتداداتها في التاريخ، إنها الحضارة التي شكلت ماهيتنا وبلورة شخصيتنا إلى حد تماهى فيه الجغرافي بالتاريخي وبالثقافي والقيمي فلا نعرف من شكل من ومن أسس لمن!
ومنذ الألفيات القديمة، والعُمانيون يكتبون وجودهم ويرسخونه على الخط الزمني لمسيرة الإنسان وحضوره المؤثر.. ولهذا صمدت عُمان، وظل كيانها الحضاري راسخا حينما تغيرت الخرائط وتحولت الجغرافيا، وتماسكت حينما تفككت المجتمعات وتبدلت الهويات.
وفي هذه اللحظة التي يعيش فيها العالم قلقا وجوديا، ينبغي أن نُرسخ في أبناء هذا الوطن ما هي عُمان، وماذا تمثل في تاريخ المنطقة وفي مسيرة إنسانها وماذا يعني أن يكون منتميا لوطن ومتجذرا فيه. من المهم في هذه المرحلة التي يمر بها العالم وتتفكك فيها المفاهيم أن نرسخ في هذه الأجيال معنى الوطن، ولماذا عليه أن يحب وطنه وأن ينتمي له، ولماذا عليه أن يُسند وطنه لا أن يخذله. ولماذا علينا أن نكون حراسا لوطننا من الداخل قبل الخارج.
لقد أثبتت التجارب والتحولات التي يشهدها العالم أمام أعيننا أن التجذّر في الأرض والانتماء الواعي لها هو صمّام الأمان للهوية والكرامة وللمستقبل، وأن من يعرف وطنه جيدا، لا تفتنه دعوات «اللاانتماء»، ولا تغرّه شعارات «الكونية» المبنية على أسس هشة ووقتية لأنها سرعان ما تتفكك وتحول المنتمي لها إلى مجرد «عبء»؛ لأن من لا يسند وطنه اليوم، قد لا يجد وطنا يسنده غدا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
في الاجتماع التنسيقي الأول للقائمة الوطنية: اللواء طارق نصير كوادر حماة الوطن جاهزة لانتخابات مجلس الشيوخ
قال النائب اللواء طارق نصير، أمين عام حزب حماة الوطن ووكيل اول لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس الشيوخ،أن حزب حماة الوطن مستعد بالمشاركة في القائمة الوطنية الموحدة "من أجل مصر "التي تضم 12 حزب بجانب تنسيقيه شباب الأحزاب والسياسيين لخوض انتخابات مجلس الشيوخ.
واضاف اللواء طارق نصير خلال مشاركة ممثلآ عن حزب حماة الوطن وممثلي الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في القائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 وذلك في الاجتماع التنسيقي الأول اننا توافقنا أن يكون هناك اكثر من لقاء لاتمام عملية التحالف،
مشيرًا إلي أن اللقاء القادم لأعضاء القائمة سيكون في مقر حزب حماة الوطن.
وأوضح نصير أن كل حزب عرض وجهت نظرة في المشاركة في العملية الانتخابية، وان جميع رؤساء الأحزاب المشاركون في الاجتماع كان لديهم حالة من التوافق التي تعبر بأن هناك وعي سياسي تتمتع به هذه الأحزاب وهذا الوعي يصب في صالح الوطن والمواطن .
ولفت إلي أنه تم الاتفاق على تخصيص مقر لإدارة العملية الانتخابية ومتابعة الاربع قوائم على مستوى الجمهورية، ويتواجد في هذا المقر لجنة قانونية وسيكون هناك متابعه مستمرة للعملية الانتخابية.
واكد نصير،على أن الوعي السياسي مطلوب ليصل لكل المواطنين وعليهم المشاركة بالادلاء باصوتهم في الانتخابات القادمة وبقوة سواء كان هذا الناخب مؤيد لمرشحى القائمة الوطنية أو للمرشحين المستقلين،
وتابع قائلا: على المواطن أن يعطي صوته للمرشح الذي يراه مناسبًا وسيلبي طموحاته.
وأكد نصير، أن حزب حماة الوطن استعد لخوض انتخابات مجلس الشيوخ القادمة من خلال كوادره التي تم إعداد ها جيدا لخوض العملية الانتخابية.
.
وأشار إلي أن مجلس الشيوخ لديه معايير خاصة في اختيار اعضاءه، فهو يختلف عن مجلس النواب حيث لا بد أن يكون المرشح لمجلس الشيوخ لدية خبرة.
وأوضح أنه سيتم مراعاة المعايير في اختيار المرشحين خاصة من الشباب والمرأة.
يذكر أن الاجتماع التنسيقي الأول للقائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات مجلس الشيوخ شارك فية أحزاب (مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية والشعب الجمهوري والوفد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والمؤتمر والإصلاح والتنمية وتنسيقية شباب الأحزاب السياسين والعدل وارادة جيل والتجمع)