فترة سماح أميركية للبنان تحت الضغط العسكري الإسرائيلي
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
كتب غاصب المختار في" الديار":لم تهدأ الساحة السياسية اللبنانية بعد في التعاطي مع نتائج ما طرحته نائبة الموفد الأميركي الى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في زيارتها الأخيرة للبنان، ولا زالت مواقفها خلال المحادثات مع المسؤولين الرسميين وفي الإعلام مدار بحث وتقييم لتحديد كيفية التعاطي معها، وسط الانقسام الداخلي بين مؤيد لطرحها في سحب سلاح المقاومة ضد الاحتلال وبين رافض لسحب أحد عناصر القوة بيد لبنان لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
ومع ان أورتاغوس أعطت لبنان الرسمي «فترة سماح» لمعالجة مسألة السلاح وفق رؤية رئيس الجمهورية جوزاف عون، فهي لم تُحدد مهلة زمنية لمعالجة مسألة السلاح ضمن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية وبالحوار تاركة له تحديد الوقت المناسب لطرح الموضوع. عدا عن ربطها أي دعم مالي واقتصادي واستثماري بموضوع السلاح وتحقيق الاستقرار والإصلاحات.
ولكن هناك المسألة الأهم وهي ان موفدة الإدارة الأميركية لم تعطِ أي تطمينات بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، بل ربطت وقفها بمعالجة مسألة السلاح واستكمال إجراءات الجيش اللبناني بزخم أكبر وتحديدا ضد حزب لله، وصولاً لاحقاً الى معالجة مسائل النقاط المحتلة في الجنوب وتحرير الأسرى والتفاوض حول تثبيت الحدود البرية. بمعنى آخر، ما زال الضوء الأخضر الأميركي مضاءً أمام إسرائيل لمواصلة عدوانها العسكري والأمني والاستخباري على لبنان، حتى يلتزم بمطالب واشنطن والكيان الإسرائيلي بنزع سلاح المقاومة والذهاب الى مفاوضات مباشرة مع هذا الكيان حول المسائل العالقة، وإن لم تتحدث أورتاغوس مباشرة عن تطبيع العلاقات، لكن مجرد فتح باب التفاوض المباشر عبر اللجان الدبلوماسية التي تطلب تشكيلها سينفتح بابٌ آخر لإستكمال التفاوض حول الأمور السياسية وصولا للتطبيع. وهنا يمكن أن تواصل الإدارة الأميركية ضغوطها السياسية على لبنان بالتوازي مع الضغوط العسكرية الإسرائيلية.
كل مؤشرات مواقف أورتاغوس الواضحة تدلّ انها تتكلم بلغتين وبوجهين، وجه لبناني في بيروت هادىء ولكن حاسم وتحت التهديد المبطّن في تحديد ما تريد ولو بطريقة ألطف من السابق حول موضوعي السلاح والإصلاحات. ووجه إسرائيلي في تل أبيب جازم وصريح بتبنّي كل ما يطرحه الكيان الإسرائيلي حتى في ما تعتبره الإدارة الأميركية «حقّه» في استخدام القوة والعدوان، من دون السماح للبنان بإستخدام حقّه بمواجهة أي اعتداء إسرائيلي ولو كان بسيطاً. ومع ذلك، سيستفيد لبنان من «فترة السماح» الأميركية هذه لترتيب وضعه الداخلي عبر الحوار مع حزب لله حول مصير السلاح وسبل الدفاع عن لبنان، عبر آلية الحوار الرئاسية التي جرى الكلام عنها. مواضيع ذات صلة مهلة سماح محدَّدة للبنان قبل إجراءات أميركية حاسمة Lebanon 24 مهلة سماح محدَّدة للبنان قبل إجراءات أميركية حاسمة
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الضغط العسکری هذا ما
إقرأ أيضاً:
محللون للجزيرة نت: زيارة عباس للبنان تمهّد لنزع سلاح المخيمات
بيروت- في زيارة رسمية تستمر 3 أيام، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى العاصمة اللبنانية بيروت، واستهل جولته بلقاء مع الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون في قصر بعبدا، على أن يجتمع غدا مع رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام.
وتأتي الزيارة في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوتر على الحدود الجنوبية للبنان، مما أضفى بُعدا سياسيا وأمنيا بالغ الأهمية على المحادثات.
وأكد الجانبان، في بيان مشترك، رفض العدوان على غزة ولبنان، ودعوا المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وإلزام تل أبيب بتنفيذ اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وقرار مجلس الأمن 1701.
وناقش الطرفان مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لتحسين أوضاع المخيمات، وسط تأكيد فلسطيني على احترام السيادة اللبنانية "وإنهاء مظاهر السلاح الخارج عن سلطة الدولة".
وتُعد هذه الزيارة الأولى لعباس في عهد الرئيس عون، وتفتح الباب أمام مقاربة جديدة لملف السلاح الفلسطيني، في ظل تحوّلات إقليمية وضغوط داخلية ودولية متزايدة.
إعادة السيادةويرى الكاتب الصحفي يوسف دياب، أن من يقرأ بين سطور البيان المشترك اللبناني الفلسطيني الصادر عقب الزيارة، يدرك تماما أن ملف السلاح الفلسطيني في لبنان قد انتهى إلى حد كبير وبشكل لا رجعة فيه.
إعلانوينص البيان صراحة -حسب دياب- على أن موضوع السلاح غير الشرعي في لبنان أصبح من الماضي، مما يعني أن العمل الفلسطيني المسلح في لبنان لم يعد قائما، وهي المرة الأولى -منذ اتفاق القاهرة عام 1969 الذي أقرَّ العمل المسلح من جنوب لبنان- التي يُعلن فيها عن نهاية دور السلاح الفلسطيني في لبنان.
ويضيف دياب للجزيرة نت أن الأمر لا يقتصر على السلاح الفلسطيني فقط، بل يشمل اللبناني أيضا، كسلاح حزب الله، وهو ما يتوافق مع ما أعلنه الرئيس عون في خطاب القسم، حيث أكد لبنان قراره العودة إلى اتفاق الهدنة الموقع عام 1949، أي عدم وجود أية "أعمال عدائية" من جنوب لبنان تجاه إسرائيل، ومنع مهاجمة الأخيرة لبنان.
ويصف دياب زيارة عباس إلى لبنان بـ"التاريخية"، خاصة وأن البيان المشترك أعلن إنهاء كل الأعمال المسلحة داخل لبنان، فلسطينية كانت أو من أطراف أخرى، مما يعني أن الدولة اللبنانية استرجعت زمام المبادرة وأصبحت صاحبة القرار في ملف الحرب والسلم.
ويضيف أن الزيارة أرست مرحلة جديدة في العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وأسست لنظرة لبنانية مختلفة تجاه فلسطين كقضية محقة، ولكن دون أن يكون لبنان منطلقا لأي عمل عسكري ضد إسرائيل، إلا ضمن إجماع عربي شامل، حينها سيكون لبنان جزءا من مواجهة عربية موحدة مع إسرائيل.
وأشار دياب إلى مسار جديد دخله لبنان في بناء الدولة، وأن زيارة عباس "فتحت طريق ترميم ما تعرضت له العلاقات اللبنانية الفلسطينية من تشويه" وأكدت أن الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير هي التي باركت وأشرفت على إنهاء الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان، مع بقاء ملف اللاجئين معلّقا بانتظار تسوية سياسية شاملة وكبرى.
آلية ضبط السلاحمن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية، أن المبدأ العام المتوافق عليه هو أن حصرية حمل السلاح يجب أن تكون بيد الدولة اللبنانية، ويحظى ذلك بإجماع الكل، خاصة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التي "لا تعارض ضبط السلاح داخل المخيمات بل تؤيد تنظيمه، شرط وجود جهة مشرفة على التنفيذ بالتنسيق مع السلطات اللبنانية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لها".
إعلانويقول قمورية للجزيرة نت، إن الوضع في مخيم عين الحلوة ومخيمات الجنوب يختلف عن سواه، إذ لا تقتصر السيطرة على منظمة التحرير، بل تتقاسمها فصائل أخرى مثل حركة حماس، والجهاد الإسلامي، وحركات إسلامية منها "عصبة الأنصار" وغيرها.
وهذه الفصائل -حسب قمورية- لديها خلافات مع قوات الأمن الوطني الفلسطيني، ولا ترتاح لفكرة أن تتولى هذه القوات المسؤوليات الأمنية داخل المخيمات.
وبرأي المحلل "هذه الفصائل ستخلق ذرائع عدة لرفض تسليم سلاحها ما لم تحصل على ضمانات غير متوفرة حتى اللحظة". ولفت إلى أن هناك ارتباطا واضحا بين مسألة سلاح المخيمات وسلاح حزب الله، وأن "الحزب يبرر احتفاظه بالسلاح انطلاقًا من معادلة: لا يمكن تسليم سلاحنا طالما هناك سلاح خارج إطار الدولة، وما دامت المخاطر قائمة" حسب قمورية.
ويشير قمورية إلى أن أي معالجة لسلاح الفصائل الفلسطينية لا يمكن فصلها عن سلاح حزب الله، وأن "عدم حسم ملفات سلاح الطرفين سيبقي الأمر مطروحا للنقاش، دون حلول قريبة أو سهلة".
وفي المخيمات التي تشرف عليها منظمة التحرير، خاصة في الشمال والبقاع وبيروت، يوضح قمورية، أن الوضع مختلف، حيث تتولى القوات الفلسطينية مسؤولية الأمن بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وسط ضمانات تتعلق بالسلاح والاستقرار، لكنه يلفت إلى أن حقوقا مشروعة للاجئين، كالعمل والتملك، يجب توفيرها لضمان حياة كريمة لهم.
ولذلك، يعتبر المحلل السياسي أن ملف سلاح الفصائل ليس طارئا أو عاجلا، ويجب أن يعالج بهدوء وروية، لأن أي خطوة متسرعة قد تؤدي إلى مشاكل كبيرة، نظرا لحساسية المخيمات، ولا يمكن للبنان مواجهة الملف بمفرده، وأنه لا بد من تفاهمات واتفاقات واضحة قبل أي خطوة تنفيذية.
مخاوف وتحديات
من جانبه، يرى الكاتب الفلسطيني ظافر الخطيب، في حديث للجزيرة نت، أن زيارة عباس إلى لبنان، من حيث المبدأ "تمثل جهدا ضروريا ومطلوبا" في سبيل صياغة تفاهمات لبنانية فلسطينية. ويضيف "ينظر للزيارة وما تمخض عنها من بيان مشترك، كخطوة تأسيسية نحو بناء تفاهم شامل على مختلف المستويات بين الجانبين".
إعلانويشير الخطيب إلى أن تعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية يبقى أمرا بالغ الأهمية، لكون لبنان جارا لفلسطين ويحتضن أعدادا كبيرة من اللاجئين. ورغم اعتباره أن البيان المشترك، خطوة في الاتجاه الصحيح، فإن المخاوف لا تزال قائمة، خاصة في ظل الوضع الإقليمي المتقلب، حسب وصفه.
وحذَّر الخطيب من اختزال العلاقة مع الفلسطيني ببعدها الأمني فقط، وهو ما عانى منه الفلسطينيون طويلا، متخوفا من أن يكون الهدف الحقيقي هو نزع سلاح الفصائل الفلسطينية.
ويؤكد في المقابل على ضرورة منح الفلسطينيين حقوقهم المدنية والاجتماعية، مبينا أنه ورغم أن البيان أشار إلى تحسين أوضاعهم، فإن الأسئلة تبقى مطروحة: كيف سيتم ذلك؟ وبأي آليات؟.
لكن الخطيب، ورغم تقييمه الإيجابي، يشير إلى جملة من الحقائق التي تستدعي التوقف عندها:
أولا: تأتي هذه الزيارة في سياق حرب كرّست -ظاهريا- ما يُعرف بـ"منطق الشرق الأوسط الجديد"، وهو منطق يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية. لكن هذا لا يعني أن المقاومة قد مُنيت بهزيمة نهائية أو أن الطرف الآخر حقق نصرا حاسما، وما تزال المنطقة تغلي، ولم تنضج بعد تسوية نهائية تفتح الباب أمام استقرار حقيقي. ثانيا: الطرفان الرسميان، اللبناني والفلسطيني، يتحركان تحت وطأة ضغوط خارجية وشروط مفروضة عليهما. ثالثا: البيان المشترك جاء كاستثمار في التوازنات الجديدة التي فرضتها المرحلة، ففي الوقت الذي استطاع فيه لبنان إعادة انتظام مؤسساته الدستورية، لا تزال الحالة الفلسطينية تراوح مكانها، عاجزة عن تحقيق أي تقدّم على صعيد الوحدة الوطنية.