عربي21:
2025-05-19@22:45:34 GMT

بيانات صادمة للمصرف المركزي..اقتصاد ليبيا إلى أين؟

تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT

لأول مرة، ودون سابق إنذار، نشر المصرف المركزي الليبي بيانات صادمة ومخيفة عن الوضع المالي للدولة الليبية، مفادها المزيد من الانزلاق في مستنقع التأزيم الاقتصادي، مع غياب ضمانات كبح جماح ذلك التأزيم.

البيانات التي نشرها المصرف المركزي الليبي تخص العام المالي 2024م، والربع الأول من العام 2015م، فقد كشف المصرف المركزي أن الإنفاق العام عن السنة المالية 2024م بلغ 224 مليار دينار ليبي (نحو 47 مليار دولار)، منها 123 مليار دينار نفقات حكومة الوحدة الوطنية في الغرب، و59 مليار إنفاق مسؤولة عنه الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق، بالإضافة إلى 42 مليار دينار قيمة مبادلة النفطة بالمحروقات.

مع التنبيه إلى أن المركزي في بيانه الصادر في مطلع يناير الماضي والمتعلق بنفقات العام 2024م لم يتضمن إلا 123 مليار دينار كإنفاق عام، ولم يشر لا من قريب ولا بعيد إلى الإنفاق الموازي ومبادلة النفط بالمحروقات.

هذا الإنفاق المتضخم رتب عجزا غير مسبوق بلغ 88 مليار دينار ليبي للسنة المالية 2024م، مع التنبيه أن هذا العجز لم يظهر في بيان الإيراد والانفاق المتعلق بالعام 2024م والذي صدر عن المصرف المركزي في يناير الماضي، نظرا لعدم تضمين نفقات حكومة الشرق والبيانات الخاصة بمبادلة النفط بالمحروقات، كما سبقت الإشارة.

لأول مرة أيضا يكشف المصرف المركزي عن القيمة الصادمة للدين العام المحلي والذي بلغ 270 مليار دينار، والتي انقسمت إلى 84 مليار دينار يتحملها المصرف المركزي في الغرب، و 186 مليار مسؤول عنها سلطات الشرق، وأكد المركزي في بيانه الأخير أن إجمالي الدين المحلي سيصل إلى 330 مليار دينار مع نهاية العام الجاري، أي ما يعادل285% من الناتج المحلي الإجمالي تقريبا، وهي نسبة مقلقة جدا وبمثابة مؤشر حقيقي على استفحال الأزمة المالية.

عرض النقود بلغ حسب بيانات المصرف المركزي نحو 178 مليار دينار ليبي، وهو رقم غير مسبوق، ويشكل أبرز مظاهر التأزيم، ذلك أن التوسع في عرض النقود يدفع باتجاه ارتفاع معدلات التضخم ومضاعفة الضغط على قيمة الدينار الليبي من خلال زيادة الطلب على النقد الأجنبي.

بيانات الربع الأول من العام 2025م تسير على منوال سبقتها، بل هي أكثر انفلاتا، فقد بلغ العجز بالدولار 4.6 مليار خلال الشهور يناير فبراير مارس من العام الجاري، مما يعني أن العجز بالدولار يمكن أن يتخطى 15 مليار دولار مع نهاية العام ما لم تتخذ تدابير جادة لتصحيح الوضع.

إن استمرار الهدر والفاتورة المتضخمة في مختلف بنود الإنفاق سيقود حتما إلى وضع اقتصادي صعب للغاية، ذلك أن الهوة المتعاظمة بين الإيرادات والنفقات ستجر إلى الاعتماد استنزاف الاحتياطي الذي لن يصمد طويلا أمام هذا الانفلات، وسيكون لهذا الوضع المعقد تداعيات في شكل مزيد من التراجع في قيمة الدينار أمام الدولار، وارتفاع الأسعار وتدني الدخول الحقيقية لليبيين، وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات الحكومية تجاه الخدمات الأساسية..الخ.وكان المصرف المركزي قد قرر مؤخرا تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام الدولار والعملات الأجنبية الرئيسية وبنسبة 13.3%، ليصبح السعر الرسمي لصرف الدولار 5.56 دينار، ويتسبب هذا القرار مع عوامل مصاحبة في ارتفاع قيمة الدولار في السوق الموازي إلى نحو 7.5 دينار للدولار خلال اليومين الماضيين.

الخلاصة التي لا يختلف حولها المختصون في الاقتصاد والمالية العامة أن المؤشرات السابق ذكرها تمثل مظاهر أزمة خانقة، وأن الوضع العام مرشح إلى مزيد من التأزيم إذا ظل الحالي على ما هو عليه من انفلات الانفاق وعدم القدرة على تدبير إيرادات إضافية لمواجهة النفقات المتزايدة، والاستمرار في تبادل الاتهامات بين حكومتي الغرب والشرق وعجز المصرف المركزي على تكييف خيارات تسهم في وقف الانحدار إلى اسفل ماليا ونقديا.

المرتبات التي تمثل قرابة 60% من إجمالي الانفاق هي في زيادة مضطردة، حتى أن وزير مالية حكومة الوحدة حذر من أنها ستصل إلى 100 مليار دينار نهاية 2025م، وقد بلغت حتى نهاية العام الماضي 67 مليار دينار. كما يشكل بند مبادلة النفط بالمحروقات استنزافا كبيرا لعوائد النفط التي بلغت 18.6 مليار دولار أمريكي مع نهاية العام 2024م، ومرشحة إلى التراجع إذا ظل سعر برميل النفط عند المستوى الذي بلغه مؤخرا. ولقد ازدادات نفقات حكومة الشرق بشكل كبير لتصل إلى نحو 250 مليار دينار خلال الأعوام الماضية، برغم سداد مرتبات جل إن لم يكن كل موظفيها وموظفي الدولة العاملين في حدودها الجغرافية، وكذلك أوجه الإنفاق الأخرى بما في ذلك الإنفاق التسيير والإنفاق التنموي.

إن استمرار الهدر والفاتورة المتضخمة في مختلف بنود الإنفاق سيقود حتما إلى وضع اقتصادي صعب للغاية، ذلك أن الهوة المتعاظمة بين الإيرادات والنفقات ستجر إلى الاعتماد استنزاف الاحتياطي الذي لن يصمد طويلا أمام هذا الانفلات، وسيكون لهذا الوضع المعقد تداعيات في شكل مزيد من التراجع في قيمة الدينار أمام الدولار، وارتفاع الأسعار وتدني الدخول الحقيقية لليبيين، وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات الحكومية تجاه الخدمات الأساسية..الخ.

ورغم الصورة القاتمة، إلا أن تلافي التداعيات واحتواء الأزمة ممكن شريطة أن يتحمل الساسة المسؤولية أولا من خلال إنهاء الصراع ووقف الإنقسام ومنع الازدواجية في القرار المالي والنقدي، وضبط وترشيد الإنفاق العام والتنسيق مع المصرف المركزي لإدارة سياسات مالية ونقدية تعود بالاستقرار والانتعاش للاقتصاد الوطني، فهذه بدائل ليست صعبة، إنما تتطلب إرادة ومسؤولية ودرجة عالية من الوطنية يبدو أنها ما تزال غائبة في المنتظم السياسي الرسمي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الاقتصادي ليبيا اقتصاد رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصرف المرکزی قیمة الدینار ملیار دینار نهایة العام المرکزی فی

إقرأ أيضاً:

موديز تخفّض التصنيف الائتماني لواشنطن على وقع تصاعد الدين العام والإنفاق الحكومي

يرى خبراء أن هذه التطورات تأتي في لحظة هشة للأسواق الأميركية، خصوصًا في ظل التوترات الناتجة عن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين رئيسيين. اعلان

أعلنت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" يوم الجمعة عن خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة، من "Aaa" إلى "Aa1"، مشيرةً إلى القلق المتزايد بشأن حجم الدين الفيدرالي الذي بلغ 36.2 تريليون دولار، والفشل المستمر في كبح العجز المالي.

وقالت الوكالة في بيانها: "فشلت الإدارات الأميركية المتعاقبة والكونغرس في التوصل إلى تدابير فعّالة للحد من العجز السنوي الكبير وتكاليف الفوائد المتزايدة". كما غيّرت "موديز" نظرتها المستقبلية للولايات المتحدة من "سلبية" إلى "مستقرة".

جاء قرار التخفيض بعد ساعات من فشل الرئيس دونالد ترامب في تمرير مشروع قانون ضريبي كبير في مجلس النواب، حيث عارضه أعضاء جمهوريون متشددون بدعوى أنه لا يتضمن خفضًا كافيًا في الإنفاق العام.

Relatedلأول مرة منذ 100 عام .. روسيا تتخلف عن سداد ديونها بحسب وكالة موديز موديز: خطة الميزانية اللبنانية الجديدة لن تعالج مشاكل الدين

ويهدف القانون إلى تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، والتي كانت إحدى أبرز إنجازات ترامب التشريعية في ولايته الأولى، رغم تحذيرات محللين محايدين بأنها ستضيف تريليونات جديدة إلى الدين الوطني.

وقد أثار قرار "موديز" انتقادات من حلفاء ترامب. ووصف ستيفن مور، المستشار الاقتصادي السابق لترامب والباحث في "مؤسسة هيريتج"، القرار بأنه "شائن"، مضيفًا: "إذا لم يكن السند الحكومي الأميركي من فئة AAA، فما الذي يمكن أن يكون؟".

كما هاجم مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، كبير اقتصاديي "موديز أناليتيكس"، مارك زاندي، واصفًا إياه بأنه "خصم سياسي" لترامب، رغم أن زاندي يعمل في وحدة تحليل اقتصادي منفصلة عن وكالة التصنيف نفسها.

تداعيات اقتصادية محتملة

أدى القرار إلى ارتفاع عوائد سندات الخزينة الأميركية بعد إغلاق الأسواق، ويتوقع محللون أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التقلبات عند افتتاح الأسواق يوم الإثنين، نظرًا لحساسية المستثمرين تجاه المخاطر السيادية.

وقال داريل دافي، أستاذ المالية في جامعة ستانفورد وعضو سابق في مجلس إدارة "موديز": "هذا يؤكد أن الولايات المتحدة لديها ديون مفرطة، والكونغرس مضطر لأن ينضبط ماليًا، سواء بزيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق".

وأضاف سبنسر حكيميان، الرئيس التنفيذي لشركة "تولو كابيتال مانجمنت": "هذا الخفض يعكس اتجاهاً طويل الأمد من عدم الانضباط المالي، وسيؤدي حتمًا إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للقطاعين العام والخاص".

وتوقعت "موديز" أن يصل عبء الدين الأميركي إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مقارنة بـ98% في عام 2024، ما لم تُتخذ تدابير فعّالة وطويلة الأمد للحد من العجز.

رئيس لجنة الموازنة التابعة لمجلس النواب الأميركي جودي أرينغتونAP Photo

يُذكر أن لجنة الموازنة التابعة لمجلس النواب الأميركي، ذات الأغلبية الجمهورية، رفضت الجمعة مشروع القانون الضريبي، رغم أنه يتضمن إعفاءات ضريبية على الإكراميات والعمل الإضافي، وزيادة في الإنفاق الدفاعي، وتمويل إضافي لسياسات ترامب المتشددة تجاه الهجرة. وحدد رئيس اللجنة، النائب جودي أرينغتون، جلسة استثنائية نادرة مساء الأحد لمحاولة إعادة طرح المشروع.

ويرى خبراء أن هذه التطورات تأتي في لحظة هشة للأسواق الأميركية، خصوصًا في ظل التوترات الناتجة عن فرض رسوم جمركية على شركاء تجاريين رئيسيين، مما أثار مخاوف من حرب تجارية وتباطؤ اقتصادي.

اعلان

وقال جاي هاتفيليد، المدير التنفيذي لشركة "إنفراستركشر كابيتال أدفايزرز": "الأسواق حساسة للغاية الآن، وسيكون لهذا القرار وقع واضح مع بداية الأسبوع".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • 1.9 مليار دينار حوالات مالية عبر المحافظ الإلكترونية
  • إيرادات محفظة التنمية الوطنية بـ"جهاز الاستثمار" تتجاوز 82.8 مليار ريال بنهاية 2024
  • 50 مليار دولار قيمة الاستثمارات في 9 مشاريع هيدروجين أخضر في الوسطى وظفار
  • مصرف سوريا المركزي: نستكمل طباعة كميات من الأوراق النقدية بالتعاون مع شركة روسية متعاقد معها مسبقاً
  • 2,160 مليار دينار الإيرادات المحلية خلال الربع الأول
  • محافظ المركزي يتحرك لضمان السيولة وصرف المرتبات قبل عيد الأضحى
  • عبدالقيوم: 7 عناوين صادمة في كلمة الدبيبة منها الإنفاق على المليشيات واستخدامها  4 سنوات
  • الليمون يسجل 1.25 دينار للكيلو في السوق المركزي
  • 35 مليار دولار.. أوكرانيا ترفع قيمة إنتاج السلاح رغم الحرب
  • موديز تخفّض التصنيف الائتماني لواشنطن على وقع تصاعد الدين العام والإنفاق الحكومي