قال وزير المالية الفلسطيني عمر البيطار، إن السلطة الوطنية تحتضر اقتصادياً، في ظل حرب مالية منظمة وقوية تشنها إسرائيل ضدها وتفرض تضييقات مالية متزايدة، تقوم من خلالها بسرقة أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية، سواء بتأخيرها أو بحجزها أو بفرض خصومات غير قانونية.

وشدد البيطار، خلال حوار مع صحيفة الرأي الكويتية، على ضرورة تسليط الضوء على الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها فلسطين في ظل الحرب الدائرة والظروف الإقليمية الحساسة.

ولفت، إلى أهمية انعقاد الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية، والدورة الاعتيادية الـ16 لمجلس وزراء المالية العرب، التي استضافتها الكويت أخيراً، خصوصاً في ظل ظروف صعبة تعيشها الدول العربية من أزمة اقتصادية خانقة، أشبه بـ«حرب تجارية»، ما يضاعف من معاناة الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن مشاركة فلسطين في الاجتماعات، تهدف إلى توطيد العلاقات الاقتصادية مع الأشقاء العرب، بعيداً عن الاعتبارات السياسية، وطمأنتهم حول الأوضاع الحالية في فلسطين، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بما يدعم صمود الشعب الفلسطيني.

وذكر البيطار أن هناك نحو ملياري دولار محجوزة لدى الاحتلال الإسرائيلي تحت ذرائع مختلفة، مع استمرار خصم تعويضات منها بطرق غير قانونية بسبب قانون أقره الكنيست الإسرائيلي أخيراً، يسمح بمقاضاة السلطة الفلسطينية من قبل أي مواطن إسرائيلي تعرض لإصابة أو ضرر بعد 7 أكتوبر، بغض النظر عن مكان وقوع الحادث.

ولفت إلى أن هذا القانون يمنح تعويضات كبيرة تصل إلى 3 ملايين دولار لأسرة كل قتيل، ومليون ونصف مليون دولار لكل جريح.

وأوضح أن حجم القضايا المرفوعة ضد السلطة الفلسطينية قد يترتب عليه دفع تعويضات تصل إلى 5 مليارات دولار، ما يشكل عبئاً مالياً هائلاً يمكن أن يؤدي إلى إفلاس السلطة، قبل تحقيق أي تقدم سياسي أو اقتصادي.

وأكد البيطار أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل أموال المقاصة (وهي أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية) كأداة ضغط مالية، مشيراً إلى أن إسرائيل لا تكتفي بخصم مستحقات الكهرباء والديون، بل تضيف خصومات غير مبررة، ما يزيد الأعباء على الخزينة الفلسطينية.
وأوضح البيطار أن بعض الخصومات تتم بطرق خاطئة، مثل خصم أثمان الكهرباء مباشرة من أموال المقاصة، دون تسوية المبالغ مع شركات الكهرباء، مما يضع السلطة تحت ضغوط مالية متزايدة.

وأوضح البيطار أن فلسطين تعتمد حالياً بنسبة 90 في المئة على إسرائيل في قطاع الكهرباء، و100 في المئة في قطاع البترول، وحوالي 70 في المئة من احتياجات المستهلكين.

وأكد وجود خطة واضحة لتقليل هذا الاعتماد، رغم التحديات الكبيرة، مثل الحاجة إلى بناء مخازن وقود وبنية تحتية للطاقة.

وأشار إلى أن الوضع المالي الفلسطيني يمرّ بأصعب مراحله منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، ما يتطلب ترشيد النفقات إلى الحد الأدنى والتركيز على الضروريات.

ورداً على سؤال حول وجود فساد إداري في بعض القطاعات، أوضح البيطار أن الإصلاحات الجارية تهدف إلى بناء نظام قوي للتحصيل المالي، دون الإشارة المباشرة للفساد، بل لمعالجة ضعف النظام السابق.

وأشار إلى أن الوزارة قامت بتغيير الطواقم الإدارية، خاصة في إدارات الضرائب والمالية، كجزء من خطة إصلاح شاملة.
استقلالية القرار

وأكد البيطار أن الحكومة الحالية تعتمد على الكفاءات الفنية (التكنوقراط) البعيدة عن السياسة، وتتخذ قراراتها بناءً على اعتبارات مهنية بحتة، موضحاً أن عملية الإصلاح مدعومة بقوة من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء، ما يتيح تنفيذ الخطط الإصلاحية بعيداً عن الضغوط السياسية.

إصلاح الرواتب

واستعرض البيطار الخطط المتعلقة بإصلاح قطاع الرواتب الحكومية، حيث تم تشخيص المشكلات ووضع حلول عملية لها، كما تم البدء بإصلاح صافي الإقراض، وخصوصاً فيما يتعلق بالديون المتراكمة لشركات الكهرباء والمياه، من خلال تسوية الحسابات مع البلديات والجهات المحلية.

إصلاحات صحية

وأشار البيطار إلى أن هناك خطة قوية لإصلاح قطاع الصحة، الذي كان يعاني من نزف مالي كبير، حيث جرت إعادة هيكلة القطاع، وتفعيل إدارات مالية جديدة لضمان الاستدامة المالية وتحسين جودة الخدمات، مشيداً بالدعم العربي المستمر لفلسطين، خصوصاً من السعودية والكويت، حيث تقدم الدول العربية مساهمات عبر صناديق الدعم المختلفة.

وذكر أن هناك صناديق دعم عربية قائمة منذ سنوات، تخصص لدعم قطاعات مختلفة، ما يسهم في تخفيف العجز المالي الفلسطيني.
إعادة الإعمار

وتطرق البيطار إلى الجهود الرامية لإعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان الأخير، حيث يتم التنسيق مع البنك الدولي لإعداد خطة متكاملة. وأشار إلى أن هذه الجهود ستبدأ بمشاريع الإغاثة والتعافي المبكر، وتمتد على مدى سنوات بحسب التقديرات الدولية.

وأكد أن نجاح الإعمار يعتمد على تمكين السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع، مشيراً إلى وجود اتفاقيات مبدئية مع حركة حماس لتسهيل العمل، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يضع عراقيل عديدة.

ولفت إلى أن أزمة النزوح الداخلي في الضفة الغربية تتفاقم، حيث يوجد أكثر من 50 ألف نازح داخلي من شمال الضفة (طولكرم وجنين)، ما يضيف عبئاً إضافياً على الحكومة.

وشدد البيطار على أن أفضل وسيلة للانفكاك عن الاحتلال تعزيز القدرات الذاتية الفلسطينية، عبر توطين الخدمات، وتقوية القطاعات الحيوية كالصحة والطاقة، وتقليل الاعتماد على المصادر الإسرائيلية.

مسارات عدة

وقال البيطار إنه رغم الصورة القاتمة، إلا أن الحكومة الفلسطينية لا تقف مكتوفة الأيدي، بل تعمل على مسارات عدة لمواجهة هذه الحرب المالية، منها:

• ممارسة ضغوط دبلوماسية عبر الدول الأوروبية والمؤسسات الدولية.

• استعادة 450 مليون دولار من أموال المصاريف المحتجزة بفضل الجهود الدبلوماسية.

• التوجه لتقليل الاعتماد الاقتصادي على إسرائيل بشكل جذري، خصوصاً في مجالات الطاقة والبترول والمنتجات الأساسية.

• خطط اقتصادية لتقليل الاعتماد على الاحتلال.

تطبيق القيمة المضافة اعتباراً من يونيو

قال البيطار إن الحكومة الفلسطينية وضعت خطة إصلاح شاملة لمعالجة الخلل المالي، تتضمن:

1 - تقوية جهاز الجباية الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي.

2 - مراجعة وتحديث قوانين الضرائب لتعزيز الإيرادات دون زيادة نسب الضرائب.

3 - إدخال نظام جديد للضريبة على القيمة المضافة (VAT) اعتباراً من الأول من يونيو، لتوسيع قاعدة المكلفين خصوصاً مع انتشار التجارة الإلكترونية.

4 - مكافحة الفساد الإداري وتحسين الأداء المالي.

المصدر : صحيفة الرأي الكويتية اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين "الخارجية" عن قصف المستشفى المعمداني: أبشع مظاهر الإبادة السيسي يتوجّه إلى قطر لبحث جهود وقف إطلاق النار في غزة الأونروا : الأطفال الرضع في غزة سيذهبون للنوم جائعين الأكثر قراءة إسرائيل تحتجز نائبتين بريطانيتين وتمنعهما من الدخول اليونيسيف: إغلاق نحو 21 مركزا لعلاج سوء التغذية في غزة نتيجة استئناف العدوان عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها يدخل يومه الـ76 منظمة التعاون تطالب بتحقيق عاجل في جريمة إعدام الكوادر الطبية والإنسانية بغزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان

شهدت الساعات الأخيرة داخل معسكر بورتسودان تصاعدًا لافتًا في التوتر بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقيادات الحركة الإسلامية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، بعد تفجر خلاف علني على خلفية تصريحات البرهان التي نفى فيها وجود عناصر من الإخوان المسلمين أو كوادر الحركة ضمن قواته المنخرطة في الحرب منذ أبريل 2023.

غير أن النفي لم يمرّ مرور الكرام؛ إذ ردّت قيادات الحركة الإسلامية بسلسلة تسجيلات ومقاطع فيديو تثبت—وفق روايتهم—مشاركتهم المباشرة في العمليات الجارية، بل وتظهر أنهم "العصب الرئيسي" للقتال، بينما اعتبر بعضهم أن الجيش السوداني لا يمكنه الاستمرار دون دعمهم.

وفي أحدث ردٍّ على تصريحات البرهان، قال أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد نظام البشير، إن "من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من أفراد الحركة". وأضاف بتحدٍّ: "هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟"

وأكد عباس أن الحركة الإسلامية لا تعمل في الظل، بل تمارس دورها بشكل مباشر، قائلاً: "نحن من نسند الحكومة، ونحن من يجلب لها الدعم… وحتى علاقاتها الخارجية تُحلّ عبرنا". كما شدد على أن التنظيم لا يزال يسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، رغم حلّ لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.

من جانبه، يواجه البرهان انتقادات متزايدة بعد إنكاره أي وجود للإخوان داخل السلطة التي يديرها حاليًا، رغم أن الواقع الميداني—وفق مراقبين—يشير إلى هيمنة واسعة لعناصر التنظيم على مفاصل الدولة العسكرية والمدنية. وهو ما أكده القيادي الإسلامي عبدالحي يوسف خلال ندوة في إسطنبول حين قال: "البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين لأنهم موجودون حتى في مكتبه".

تصريحات يوسف وعباس فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول حجم الشرخ بين المؤسسة العسكرية وقيادات الحركة الإسلامية التي تُعد الشريك الأبرز للجيش في الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع.

وفي تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، قال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة تفكيك التمكين، إن حديث البرهان عن عدم سيطرة الإخوان على السلطة "يكذبه الواقع"، مقدّرًا نفوذهم بما يفوق 95% من أجهزة الدولة ومؤسساتها. وأضاف أن اللجنة تمتلك من الأدلة ما يكشف حجم الجرائم والفساد الذي مارسه التنظيم وكيفية تمكين كوادره داخل قطاعات الأمن والقضاء والاقتصاد.

ويرى محللون أن هذا الجدل العلني غير المسبوق بين طرفي التحالف الحكومي–الإسلامي لا يُعد مجرد سجال إعلامي، بل يعكس أزمة بنيوية عميقة داخل المعسكر الذي يقود الحرب. فبينما يسعى البرهان لإظهار الجيش كقوة وطنية مستقلة بلا هوية أيديولوجية، يتمسك الإسلاميون بإبراز دورهم المركزي كقوة قتالية وتنظيم سياسي يريد فرض نفسه لاعبًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد الحرب.

ويحذر خبراء من أن هذا التوتر المتصاعد قد يكون مقدمة لتحولات أكبر في بنية التحالف القائم، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة، وتراجع الوضع الميداني في عدة جبهات.

ومع استمرار الحرب وتعقّد المشهد، تبدو العلاقة بين الجيش السوداني وحلفائه الإسلاميين مرشحة لمزيد من الانفجار، وسط مؤشرات على صراع نفوذ داخل السلطة المؤقتة. ففي وقت يسعى البرهان إلى تقديم نفسه للمجتمع الدولي كلاعب مستقل، يصر الإخوان على تذكيره بأنهم جزء أساسي من قوته على الأرض.

وبين الاتهامات المتبادلة والظهور العلني للتنظيم، يبدو أن الحرب في السودان لم تعد فقط مواجهة عسكرية، بل صراعًا داخليًا على السلطة والشرعية ومسار الدولة خلال المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية في قطاع غزة
  • عبد العاطي يؤكد دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية وتمكينها من قطاع غزة
  • عبد العاطي يؤكد لوزير الخارجية الفلسطيني الأسبق دعم مصر الكامل لتعزيز دور السلطة الفلسطينية
  • «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»: حماية «الأونروا» في غزة واجب للحفاظ على القضية الفلسطينية
  • صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
  • عاجل- وزير الحكم المحلي الفلسطيني: 7 أشهر بلا تحويلات مالية.. وأزمة خانقة تعصف بالسلطة الفلسطينية
  • وزير الحكم المحلي الفلسطيني: 7 أشهر بلا تحويلات مالية.. وأزمة خانقة تعصف بالسلطة الفلسطينية
  • لتحقيق الأمن.. الهباش: يجب عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة
  • رئاسة السلطة الفلسطينية تعلق على التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية
  • مدير معهد فلسطين للأمن: إسرائيل مستمرة في نهجها دون تغيير تجاه الجنوب اللبناني