قال الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلاميَّة، إنَّ العداءَ للأمَّة الإسلاميَّة ليس وليدَ اليومِ، ولا ابنَ الأمسِ القريبِ، وإنَّما هو عداءٌ قديمٌ عمرُه أربعةَ عشرَ قرنًا أو يزيد، منذ خُتمت رسالاتُ السَّماءِ بسيِّدِنا محمَّدٍ، وهو عداءٌ لا ينقطعُ، بل مستمرٌّ، ومتلوِّنٌ، بدأ بعداوةٍ صَريحةٍ في المجتمعين المكِّيِّ والمدنيِّ، ومرَّ بعداءٍ صُلبٍ اعتمدَ على قوَّةِ السِّلاحِ كما كان في الحروبِ الصَّليبيَّةِ، وانتهى إلى تغريبٍ ناعمٍ، وهو أخطرُ أنواعِ العداءِ المعاصرِ.

مرصد الأزهر يطلق دعوة لاعتماد ميثاق أخلاقي عالمي للإعلامالكرسي فارغ.. أول صور من مناقشة رسالة الدكتوراه للباحثة المتوفية في الأزهر

وأضاف الهواري -خلال كلمته بمؤتمر كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة، الذي عُقِد صباح اليوم بمركز الأزهر للمؤتمرات حول (التَّغريب في العلوم العربيَّة الإسلاميَّة)- أنَّ خطورة التَّغريبِ تظهر  في أنَّه يختبئ وراء أبواب مشروعة، فإعمالُ الفكرِ مشروعٌ، وتنويرُ العقولِ مشروعٌ، والنَّقدُ البنَّاءُ مشروعٌ، وتجديدُ النَّظرِ والرَّأيِ مشروعٌ، ولكن خلفَ هذا التَّنويرِ والتَّفكيرِ والنَّقدِ والتَّجديدِ المشروعِ يقفُ هذا التَّغريبُ الممنوعُ متدثِّرًا بعباءةِ العلمِ أحيانًا وثيابِ الحرِّيَّةِ أحيانًا وزيِّ الإصلاحِ أحيانًا أخرى، وما إلى ذلك من شعاراتٍ برَّاقةٍ انخدعَ بها كثيرون.

وأوضح الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني أنَّ من تأمَّل الواقع الآن يتوقَّفُ أمامَ إلحادٍ يزاحمُ الإيمانَ، وشكٍّ يزاحمُ اليقينَ، وهشاشةٍ وضعفٍ تقابلُ الرُّسوخَ والثَّباتَ، واضطرابٍ وقلقٍ يقابلُ السَّكينةَ والسَّلامَ، ولا تخطئُ عينٌ ما نعاني ويلاتِه من أنماطِ تفكيرٍ غريبةٍ، وأنماطِ استهلاكٍ عجيبةٍ، وأفكارٍ دخيلةٍ مريبةٍ، وتقليدٍ مذمومٍ دون مراعاةٍ لخصوصيَّةٍ ثقافيَّةٍ ولا لهُويَّةٍ دينيَّةٍ، وتهميشٍ مقصودٍ لمكوِّناتِ هُويَّتِنا من عقيدةٍ، ولغةٍ، وقيمٍ، وتاريخٍ، حتَّى وصلَ الأمر ببعضِ الشَّباب إلى أن يُقلِّدَ حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّة!

وأشار إلى أنَّ المجتمعاتِ الَّتي تتوقَّفُ عند الأوجاعِ والآلامِ دون أن تتجاوزَها مجتمعاتٌ يوشكُ أن يطويَها الزَّمنُ، وإنَّ من الصَّوابِ أن تسعى المجتمعاتُ إلى وضعِ علاجٍ ناجعٍ لأمراضِها في ضوءِ ما تملكُه، وأنَّ الوعيَ بمخاطرِ التَّغريبِ، وإدراكَ وسائلِه، ومعرفةَ مؤسَّساتِه خطوةٌ ضروريَّةٌ، ولكنَّها ليست خطوةً أخيرةً؛ بل هي بدايةٌ لطريقِ تصحيحٍ طويلٍ، ندركُ فيه الواقعَ، ونستلهمُ الماضي، ونخطِّطُ للمستقبلِ.

وتابع: من الواجبِ ونحن نواجهُ التَّغريبَ الَّذي يهدِّدُ المجتمعاتِ المسلمةَ أن نتذاكرَ أسسًا ضروريَّةً، منها: أنَّ التَّمسُّكَ بهويَّتِنا ومكوِّناتِها ضمانةٌ حقيقيَّةٌ ضدَّ أيِّ اختراقٍ، وستبقى محاولةُ فرضِ النَّموذجِ الغربيِّ بتفاصيلِه في المجتمعاتِ المسلمةِ في ميادينِ العقيدةِ، والفكرِ، والتَّعليمِ، والإعلامِ، محاولةً فاشلةً، فما تزالُ هويَّتُنا سَدًّا منيعًا حافظًا ما لم نفرِّطْ فيها، ومنها: أن نوقنَ أنَّ الإسلامَ لا ينادي بالانغلاقِ ولا بالجمودِ، بل إنَّ الإسلامَ يقرُّ التَّعدُّديَّةَ، ويحترمُ الاختلافَ، ويدعو إلى التَّعارفِ المثري، ولكنَّه لا يُلغي الخصوصيَّاتِ ولا الهويَّاتِ، ومنها: أنَّ الإسلامَ يقدِّمُ نموذجًا تربويًّا متفرِّدًا شاملًا يُعنى بالعقلِ والقلبِ، والمادَّةِ والرُّوحِ، والدُّنيا والآخرةِ، في توازنٍ وتكاملٍ وتناغمٍ فريدٍ، وذلك في مقابلِ نموذجِ حضارةِ اللَّذةِ والشَّهوةِ والمادَّةِ فحسب.

واختتم الدكتور محمود الهواري بأنه إذا كانت أدوارُ الأزهرِ الشَّريفِ متعدِّدةً فإنَّ من أهمِّ أدوارِه أن يحافظَ على تواصلِ الأجيالِ، وأنَّ الأجيالَ لا تتواصلُ ما لم يكن بينها رباطٌ وثيقٌ ينتقلُ من جيلٍ إلى جيلٍ، يفيدُ منه، ويبني عليه، وهذا هو التُّراثُ الَّذي يُعنى الأزهرُ الشَّريفُ بنقلِه ومدارسته، وأنَّ الوصولَ إلى وعيٍ فكريٍّ آمنٍ فريضةٌ دينيَّةٌ، وضرورةٌ مجتمعيَّةٌ، ومسئوليَّةٌ تضامنيَّةٌ، يجب أن يسعى لتحقيقِها الجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمود الهواري البحوث الإسلامية مركز الأزهر للمؤتمرات التغريب العلوم العربية المزيد

إقرأ أيضاً:

أكثر من 218 ألف فرد .. مؤسسة البادية تختتم مشروع الأضاحي لعام 1446هـ

شمسان بوست / حضرموت:

اختتمت مؤسسة البادية للتنمية والأعمال الإنسانية بمحافظة حضرموت، مشروع الأضاحي لعام 1446هـ / 2025م، والذي نُفذ هذا العام في 9 محافظات يمنية، بالشراكة مع 24 جهة ومؤسسة محلية، وبتمويل كريم من عدد من المنظمات الدولية وفاعلي الخير في الداخل والخارج.


وبحسب التقرير الختامي للمشروع، فقد بلغ عدد المستفيدين هذا العام 41,088 أسرة تضم نحو 218,588 فردًا، تم استهدافهم في محافظات: حضرموت، مأرب، عدن، تعز، لحج، أبين، شبوة، الضالع، والحديدة.


وشمل المشروع نحر وتوزيع 2,446 أضحية، توزعت على النحو التالي:

1,482 عجلًا، 957 رأس غنم، و7 من الجمال، تم توزيعها في أول أيام العيد وأيام التشريق، بالتنسيق مع شركاء المؤسسة في المحافظات المستهدفة، وبإشراف مباشر من فرق المؤسسة ميدانيًا.


وفي تصريح له، عبّر الأستاذ عادل بن سلم – المدير التنفيذي لمؤسسة البادية – عن بالغ شكره وتقديره للمنظمات الداعمة، وفي مقدمتها وقف الديانة التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية IHH ، والجمعية اليمنية الألمانية، وجمعية الحق التركية، إلى جانب فاعلي الخير، الذين ساهموا في تخفيف معاناة آلاف الأسر خلال هذه المناسبة المباركة.


وأكد بن سلم أن المشروع نُفّذ بتنسيق وتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومكاتب الشؤون الاجتماعية والوحدة التنفيذية للنازحين، مستهدفًا الشرائح الأشد فقرًا من: النازحين، الأيتام، الأرامل، ذوي الدخل المحدود، والفئات المتضررة.


من جانبه، أوضح الأستاذ مجدي باشعيوث – مدير إدارة المشاريع – أن تنفيذ المشروع في 9 محافظات وبالشراكة مع 24 جهة، شكّل نموذجًا رائدًا في العمل التشاركي والإنساني، حيث نُفذ المشروع باحترافية عالية، وفق المعايير الشرعية والتنظيمية والإنسانية.


ويأتي تنفيذ هذا المشروع في إطار برامج مؤسسة البادية الموسمية، وسعيها لتأمين الاحتياجات الأساسية للأسر المحتاجة، ومشاركتهم فرحة العيد، رغم الظروف الإنسانية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من 10 سنوات.

مقالات مشابهة

  • مدير صحة قنا يُناقش تفعيل الوحدات الصديقة للأم والطفل بأبوتشت
  • غريب يناقش مع وفد صيني تفاصيل مشروع تصنيع السيارات في الجزائر
  • أكثر من 218 ألف فرد .. مؤسسة البادية تختتم مشروع الأضاحي لعام 1446هـ
  • أمين البحوث الإسلامية: تواجد يومي لوعاظ وواعظات الأزهر في المطارات والموانئ لتوعية الحجاج
  • إسلام عنان: المتحور الجديد أقل خطورة.. ولكن أكثر انتشارا وتماسكا مع خلايا الجسم
  • معنى معاداة السامية
  • أمين البحوث الإسلامية يشدد على نشر الفكر الوسطي ومواجهة الأفكار الشاذة
  • أمين البحوث الإسلامية يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهمية تطوير الأداء
  • مروان عطية: مواجهة صن داونز الأخيرة أكثر مباراة شعرت فيها بالحزن.. ولكن الله عوّضنا بالدوري
  • طريق الحج الشامي… شريان روحي وحضاري امتدّ لثلاثة عشر قرناً