الأسير الفلسطيني المحرر وديع عبد البادي يروي فصول التعذيب في معتقل "سدي تيمان" بمناسبة "يوم الأسير الفلسطيني"
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
في يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم الخميس، استذكر الأسير الفلسطيني المحرر وديع محمد عبد البادي (32 عامًا) من سكان بلدة بيت لاهيا شمالي غزة، تفاصيل مريرة من معاناته في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في معتقل "سدي تيمان" الإسرائيلي، الذي قضى فيه 6 أشهر من التعذيب الجسدي والنفسي.
عبد البادي الذي كان لاعب كرة قدم في نادي بيت لاهيا المحلي، يروي معاناته في سجون الاحتلال قائلًا إن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لأبشع أشكال التعذيب في ظروف غير إنسانية.
ويصف المعتقلات الإسرائيلية بأنها أماكن للحبس والحصار النفسي، حيث لا تقتصر المعاناة على التعذيب الجسدي فقط، بل يمتد الأمر إلى حرمان الأسرى من أبسط حقوقهم الإنسانية.
لحظات مريرة من حياة خلف القضبانويذكر عبد البادي أنه لم ير الشمس طوال فترة اعتقاله، قائلًا إن العذاب النفسي كان أقسى من التعذيب الجسدي.
وأضاف: "كانوا يضعوننا في أقفاص حديدية أشبه بأقفاص الطيور، ويطلبون منا خفض رؤوسنا طوال الوقت، كانت حياة مأساوية، لا أتمنى أن يعيشها أحد".
وأكد أنه كان يطلب مكالمة واحدة فقط للاطمئنان على عائلته، لكن الاحتلال كان يحرمه منها، حتى أنه عُرض عليه صور لجثث قالوا إنها لأسرته، ليكتشف لاحقًا أنها كانت أكاذيب.
من الملاعب إلى الآلامقبل الاعتقال، كان وديع عبد البادي شابًا رياضيًا طموحًا، يعشق كرة القدم، لكن نتيجة لتعذيب الاحتلال له، أصبح يعاني من إصابات في الحوض وأجزاء متفرقة من جسده.
وقال عبد البادي: "لم أعد قادرا على اللعب بعد اليوم. الرياضة كانت حياتي، لكنها سلبت مني"، كما أضاف أنه فقد جزءًا كبيرًا من وزنه، مما جعل عائلته لا تتعرف عليه في اللحظات الأولى بعد خروجه من المعتقل.
رسالة للعالموفي رسالته للعالم، قال عبد البادي: "من يدخل معتقل سدي تيمان يعتبر مفقودًا، ومن يخرج منه يولد من جديد. أطالب العالم والعرب بالتحرك لإنقاذ الأسرى هناك، لأن من يخرج لا يخرج بعقله، بل يخرج فاقدًا لكل شيء".
وأضاف: "أنا اليوم أعيش في خيمة بلا أدنى مقومات الحياة، بعدما دمرت إسرائيل منزلي بالكامل"، وأكد أن أمله الوحيد هو إنهاء الحرب وعودة جميع الأسرى الفلسطينيين إلى أحضان عائلاتهم.
يوم الأسير الفلسطيني: 14 ألف أسير في سجون الاحتلالبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، أكدت حركة حماس في بيانها أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يتعرضون لأبشع أشكال التعذيب النفسي والجسدي، حيث يتم حرمانهم من حقوقهم الأساسية.
وأضافت الحركة أن نحو 14 ألف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، يُحتجزون في سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023، ويتعرضون لانتهاكات جسيمة، فيما ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 300 شهيد منذ هذا التاريخ.
تواصل معاناة الأسرى في ظل الاعتداءات الإسرائيليةيحيي الفلسطينيون هذا العام يوم الأسير في وقت تستمر فيه الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تتواصل إبادة جماعية منذ 7 أكتوبر، أسفرت عن 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء. وتظل المعاناة مستمرة في ظل غياب الدعم الدولي الفعلي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأسير الفلسطيني سدي تيمان التعذيب النفسي معتقلات الاحتلال يوم الاسير الفلسطيني حركة حماس الأسرى الفلسطينيين غزة یوم الأسیر الفلسطینی فی سجون الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الاحتلال بالوكالة: إدارة غزة كمدخل لتفكيك المشروع الوطني الفلسطيني
تشهد القضية الفلسطينية اليوم منعطفا خطيرا على صعيد طبيعة وأدوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لم تعد تقتصر على السيطرة العسكرية المباشرة، بل توسعت لتشمل ما يمكن تسميته بـ"الاحتلال بالوكالة". في هذا السياق، يُطرح نموذج جديد لإدارة قطاع غزة، يقوم على تسليم الإدارة الفعلية لجهة عربية أو إقليمية، في محاولة إسرائيلية محسوبة لإعادة احتلال القطاع عبر وسطاء، مع إخفاء السيطرة المباشرة تحت قناع إدارة غير فلسطينية.
قانونا، يُعرف الاحتلال بكونه سيطرة فعلية من قوة أجنبية على أرض لا تخضع لسيادتها، ولا يغيّر من هذه الحقيقة تحول أساليب السيطرة أو تعديل أدواتها، طالما أن القوة المحتلة تواصل فرض إرادتها على الأرض والسكان من خلال السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية. وفي هذا الإطار، تأتي خطة نتنياهو التي تقترح تسليم إدارة غزة إلى "جهة عربية مسؤولة"، وهي ليست سوى محاولة لإخفاء الاحتلال المباشر وراء إدارة بالوكالة، ما يعكس استراتيجية تحويل السيطرة العسكرية الصريحة إلى هيمنة غير مباشرة، مع بقاء السيطرة الفعلية في يد الاحتلال.
تأتي خطة نتنياهو التي تقترح تسليم إدارة غزة إلى "جهة عربية مسؤولة"، وهي ليست سوى محاولة لإخفاء الاحتلال المباشر وراء إدارة بالوكالة، ما يعكس استراتيجية تحويل السيطرة العسكرية الصريحة إلى هيمنة غير مباشرة، مع بقاء السيطرة الفعلية في يد الاحتلال
من الناحية القانونية والسياسية، تُعد هذه المناورة محاولة لإضفاء شرعية شكلية على الاحتلال عبر إشراك طرف خارجي، ما يخلق ازدواجية في الإدارة ويخفي السيطرة الحقيقية التي تمارسها إسرائيل، خصوصا عبر التحكم في المعابر، والموارد، والفضاء الأمني. هذه الاستراتيجية لا تقلل من المسؤولية القانونية لإسرائيل، لكنها تخلق غموضا يعوق مساءلتها، ويعطل الجهود الفلسطينية والدولية الرامية لوقف الاحتلال وفرض حل سياسي عادل.
أما على الصعيد السياسي، فلا يمكن فصل هذه الخطوة عن محاولة تفكيك المشروع الوطني الفلسطيني الذي يعتمد على وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة كمكونين أساسين للنظام السياسي الفلسطيني. إسناد إدارة غزة لجهة خارجية يعمّق الانقسام الجغرافي والسياسي، ويضعف المؤسسات الوطنية كالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير. هذا الانقسام المستدام يصب في صالح الاحتلال الذي يواجه صعوبة في فرض هيمنته إذا ما واجه وحدة فلسطينية متماسكة.
وعلى المستوى الإقليمي والدولي، فهناك ميل واضح لدى بعض الأطراف لقبول أو التهاون مع هذا النموذج كحل "انتقالي" يخفف التوتر ويُبقي على استقرار نسبي، حتى وإن كان ذلك على حساب الحقوق الفلسطينية. هذه القبولات -حتى وإن كانت ضمنية- تسهم في ترسيخ وقائع جديدة على الأرض، وتعيد تشكيل المشهد الفلسطيني نحو إدارة أمنية وسياسية خارجية بدلا من دولة فلسطينية ذات سيادة.
وهنا تظهر الأبعاد الأوسع لهذا النموذج الذي لا يقتصر تأثيره على غزة فقط، بل يتعداه إلى الضفة الغربية. نجاح "الاحتلال بالوكالة" في غزة يفتح الباب أمام تطبيقه بأساليب أخرى في الضفة، من خلال تكثيف الضم الفعلي للأراضي، وفرض إدارة محلية ذات صلاحيات محدودة، وتحويل السلطة الفلسطينية إلى جهاز خدمي منزوع الصلاحيات السيادية. هذا المسار يهدد بإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحويل الصراع إلى مجرد إدارة للسكان والخدمات تحت هيمنة الاحتلال. إضافة إلى ذلك، هذا النموذج يعزز من تفتيت الجغرافيا الفلسطينية وتحويلها إلى مجموعة جُزر معزولة تخضع لرقابة صارمة على حركة السكان والبضائع، ما يكرس واقعا جديدا من الاحتلال الزاحف يصعب تجاوزه في المستقبل.
في مواجهة هذه المخاطر، يتطلب الأمر استنهاضا فلسطينيا داخليا لتعزيز الوحدة الوطنية وحماية مؤسسات الشرعية، إلى جانب تنسيق إقليمي ودولي فاعل يُعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني ويواجه هذه المناورات السياسية والقانونية بخطوات ملموسة؛ تعيد تفعيل آليات المساءلة والضغط على الاحتلال لإرغامه على الانسحاب والاعتراف بالحقوق الوطنية
في الختام، يمثل نموذج الاحتلال بالوكالة تحوّلا استراتيجيا عميقا في أدوات وأشكال السيطرة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية. إذ لم يعد الأمر يقتصر على احتلال عسكري مباشر وواضح، بل انتقل إلى هيمنة معقدة ومموهة تعتمد على وسطاء وأطراف خارجية تُدار من خلف الكواليس، بهدف تزييف الواقع السياسي وخلق شرعية زائفة للاحتلال. هذا النموذج لا يكتفي بإدامة السيطرة على غزة فحسب، بل يستهدف تقويض الأسس الوطنية الفلسطينية من خلال تعميق الانقسام الهيكلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتفكيك مؤسسات التمثيل السياسي الوطني، ما يؤدي إلى إضعاف الإجماع الفلسطيني وإضعاف القدرة على التفاوض أو المقاومة الموحدة.
إن هذا التحول في طبيعة الاحتلال يعكس قدرة الاحتلال على التكيف والاستمرار عبر أدوات أكثر تعقيدا، تستغل الفجوات في القانون الدولي والضعف في الإرادة السياسية الدولية، ما يضعف من إمكانية المساءلة القانونية ويعقّد من جهود التحرر الوطني. في مواجهة هذه المخاطر، يتطلب الأمر استنهاضا فلسطينيا داخليا لتعزيز الوحدة الوطنية وحماية مؤسسات الشرعية، إلى جانب تنسيق إقليمي ودولي فاعل يُعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني ويواجه هذه المناورات السياسية والقانونية بخطوات ملموسة؛ تعيد تفعيل آليات المساءلة والضغط على الاحتلال لإرغامه على الانسحاب والاعتراف بالحقوق الوطنية.
باختصار، التحدي الراهن يستدعي انتفاضة سياسية وقانونية شاملة لمواجهة تحوّل الاحتلال نحو نموذج أكثر ديمومة ومواربة يهدد مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بأكمله.