أصدر البنك المركزي تقريره الشهري الذي كشف عن تطورات ملف التضخم في البلاد خلال مارس 2025. وبينما حملت الأرقام بعض الارتفاعات الطفيفة، فإن الطابع العام للتقرير يدعو إلى التفاؤل، مع تسجيل التضخم الأساسي لأول رقم أحادي منذ ثلاث سنوات، وسط تراجع نسبي في الضغوط السعرية الشهرية باستثناء بعض الارتفاعات الموسمية المتوقعة في أسعار الأغذية.

زيادة مؤقتة في أسعار الفواكه

سجل معدل التضخم السنوي في المناطق الحضرية ارتفاعًا محدودًا، حيث بلغ 13.6% في مارس مقارنة بـ12.8% في فبراير من نفس العام. ووفقًا للتقرير، فإن هذا الارتفاع كان مدفوعًا بشكل رئيسي بالزيادة المؤقتة في أسعار الفواكه الطازجة التي تجاوزت نمطها الموسمي. وعلى الرغم من هذا، تبقى معدلات التضخم مستقرة بفضل تأثير سنة الأساس وتباطؤ وتيرة الزيادات الشهرية.

أما على المستوى الشهري، فقد سجل التضخم العام 1.6% في مارس، مرتفعًا عن 1.4% في فبراير، لكنه يظل بعيدًا عن القفزات الكبيرة التي شهدها نفس الشهر العام الماضي، والتي بلغت آنذاك 10%.

التضخم الأساسي يسجل تحوّلًا نوعيًا

في مفاجأة إيجابية، كشف البنك المركزي عن تسجيل التضخم الأساسي لمعدل أحادي لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، حيث بلغ 9.4% في مارس، مقارنة بـ10% في فبراير. ويعكس هذا التحول استقرارًا نسبيًا في الأسعار عند استبعاد المكونات المتقلبة مثل الخضروات والفواكه.

وسجّل التضخم الأساسي الشهري بدوره تراجعًا واضحًا، حيث بلغ 0.9% فقط في مارس مقارنة بـ1.6% في فبراير، مما يؤكد على التباطؤ في وتيرة الزيادات السعرية للسلع غير الغذائية.

ارتفاعات طفيفة على مستوى الجمهورية

لم تكن المناطق الريفية بمنأى عن تحركات الأسعار، إذ ارتفع معدل التضخم السنوي فيها إلى 12.5% في مارس مقابل 12.2% في فبراير. وبالمثل، ارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 13.1%، مقارنة بـ12.5% في الشهر السابق.

ويرجع هذا الارتفاع، وفقًا للتقرير، إلى زيادات كبيرة في أسعار الفواكه الطازجة التي قفزت بنسبة 37.7%، وكذلك الخضروات الطازجة التي ارتفعت بنسبة 3.8%، ليساهما معًا بنحو 1.01 نقطة مئوية من مجمل التضخم المسجل في مارس، أي ما يعادل 60% من مجمل التضخم الشهري.

رمضان وأثره الموسمي على أسعار الغذاء

شهر رمضان ترك بصمته على سلة أسعار الغذاء، حيث استمرت أسعار الدواجن في الارتفاع للشهر الثالث على التوالي بنسبة 4.5%، وأسهمت بـ0.26 نقطة مئوية في معدل التضخم الشهري. كما شهدت أسعار الأرز الحر، اللحوم الحمراء، الأسماك، السكر، البقوليات، الحلوى، والشاي الحر زيادات إضافية تراوحت مساهمتها مجتمعة بـ0.07 و0.06 نقطة مئوية على التوالي.

الخدمات والسلع الاستهلاكية في دائرة الزيادة

لم تقتصر التحركات السعرية على الأغذية فقط، بل امتدت إلى قطاع الخدمات الذي سجل ارتفاعًا نسبته 0.6%، وأسهم بمقدار 0.16 نقطة مئوية في التضخم الشهري، مدفوعًا بارتفاع تكاليف المطاعم والمقاهي والإيجارات.

وبالمثل، ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية، ومنها الملابس والأحذية والعناية الشخصية ومنتجات التنظيف، بنسبة 0.6%، لتسهم بـ0.09 نقطة مئوية.

 

اللافت في تقرير البنك المركزي هو استقرار أسعار السلع والخدمات المحددة إداريًا خلال شهر مارس، إذ لم تشهد أي تغييرات نتيجة غياب إجراءات جديدة لضبط المالية العامة. وبالتالي، لم تسجل هذه الفئة أي تأثير يُذكر على معدلات التضخم للشهر محل التقرير.

 إشارات استقرار

في النهاية، يُظهر تقرير البنك المركزي أن الاقتصاد المصري يشهد حالة من الاستقرار في معدلات التضخم، رغم التحديات الموسمية المرتبطة بالغذاء. ويُعد تسجيل التضخم الأساسي لمعدل أحادي بمثابة إشارة إيجابية على نجاح جهود التحكم في الأسعار، إلا أن استمرار الضغوط في بعض السلع يدعو إلى ضرورة اليقظة والمتابعة الدقيقة، خاصة في ظل الظروف العالمية المتغيرة والتقلبات المحلية.

التحدي القادم سيكمن في الحفاظ على هذا التوازن، والعمل على خفض الضغوط التضخمية دون التأثير على النشاط الاقتصادي، وهي معادلة دقيقة تتطلب سياسات نقدية ومالية متوازنة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البنك المركزي التضخم أسعار الفواكه الأسعار السلع الاستهلاكية المزيد

إقرأ أيضاً:

لماذا تراجعت أسعار السيارات في مصر رغم زيادة الطلب؟

في وقتٍ لطالما شهدت فيه سوق السيارات المصرية صعوداً متواصلاً في الأسعار وتراجعاً مؤلماً في المبيعات، تلوح اليوم في الأفق مؤشرات تحول غير مسبوق. 

فمنذ مطلع عام 2025، أخذت الأسعار مساراً هبوطياً مفاجئاً، بالتوازي مع ارتفاع ملحوظ في الطلب على الشراء، وزيادة أعداد السيارات الجديدة المسجلة لدى إدارات المرور، مما أعاد الحيوية إلى سوق خيم عليه الركود لأكثر من ثلاث سنوات. 

وهذا التحول اللافت في حركة السوق، لا يعكس فقط تحسناً مرحلياً، بل يدل على تغيرات هيكلية تقودها عوامل محلية وإقليمية، مدفوعة بتوسع الإنتاج المحلي، وعودة الانسيابية إلى حركة الاستيراد.

تراجع الأسعار ومؤشرات السوق

شهد شهرا أبريل ومايو 2025، بداية مرحلة انتعاش حقيقي في سوق السيارات المصرية، تمثلت في تراجع أسعار السيارات لأول مرة منذ ثلاث سنوات، تراجعت خلالها المبيعات إلى ما دون 50% من مستوياتها عام 2022، وجميع العلامات التجارية للسيارات – الحديثة منها والمستعملة – سجلت تراجعًا في الأسعار تراوح بين 10% و25%.

وسجلت بيانات كبار وكلاء السيارات بعض الطرازات تخفيضات غير مسبوقة، إذ انخفض سعر طراز "ستروين C5" بنسبة 25%، بواقع 240 ألف جنيه، بينما شهدت طرازات تويوتا كورولا ورينو تاليانت تخفيضات تراوحت بين 100 و220 ألف جنيه. وسارت على نفس النهج سيارات هافال وشانجان، بتخفيضات بين 35 و120 ألف جنيه.

عزا موزعون محليون هذا الانخفاض إلى عدة عوامل تراكمت على مدار العامين الماضيين، أبرزها عزوف المستهلكين عن الشراء بسبب تراجع القدرة الشرائية وارتفاع تكلفة المعيشة، ما أدى إلى تراكم مخزون ضخم من السيارات لدى الوكلاء. اليوم، وفي ظل استمرار الإنتاج وتيسير الاستيراد، أصبح من الضروري خفض الأسعار وتصريف المخزون، مدعومين بأنظمة تقسيط ميسرة، وتمديد فترات السداد، وتقليل نسب الفائدة من قبل البنوك.

فتح باب الاستيراد وعودة تدفق المعروض

أكد محللون أن قرار الحكومة بفتح باب الاستيراد التجاري أمام الأفراد والشركات، إلى جانب السماح بدخول آلاف السيارات والشاحنات المحتجزة في الموانئ منذ عام 2024 مقابل غرامات مقبولة، كان له أثر مباشر في تزايد المعروض. 

كما ساهمت هذه الخطوة في تقليص فجوة الطلب، ما دفع الوكلاء إلى إطلاق حملات ترويجية واسعة بدأت منذ عيد الفطر وامتدت إلى عيد الأضحى، مستهدفة المشترين المحليين والعائدين من الخارج.

ويضيف المحللون أن تحسن سعر الصرف، وتوفر الدولار في البنوك، ساهما بشكل كبير في تيسير استيراد السيارات وقطع الغيار، وهو ما أزال العقبة الأهم التي كانت تحول دون توفر السيارات بالسوق.

سوق متجدد ومؤشرات مبشرة
تشهد سوق السيارات المصرية اليوم نقطة تحوّل فارقة، تؤسس لمرحلة جديدة من التوازن بعد سنوات من الاضطراب السعري والركود. 

ومع استمرار الانخفاض في الأسعار، وتوسع التصنيع المحلي، وعودة قنوات الاستيراد، يجد المستهلك نفسه أمام فرصة تاريخية لاتخاذ قرار شراء مدروس، بعيدًا عن موجات الغلاء المتسارعة التي سيطرت على السوق في السنوات الماضية.

وهذا الحراك، وإن كان مرتبطًا بمستجدات اقتصادية داخلية، إلا أنه يحمل في طياته دلالات أوسع، تشير إلى نضج السوق المحلي، وقدرته على التكيف مع المتغيرات، والاستفادة من أدوات العرض والطلب في مصلحة الجميع.

طباعة شارك السيارات أسعار السيارات السيارات الجديدة

مقالات مشابهة

  • تراجع الدولار وسط تباطؤ التضخم بأمريكا
  • ترامب يطالب بخفض أسعار الفائدة نقطة مئوية كاملة
  • شما المزروعي: علاوات بدل التضخم تمنح للأسر التي يقل دخلها الشهري عن 25 ألف درهم
  • تراجع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 66 دولارا للبرميل
  • البنك الدولي يخفض توقعاته للنمو العالمي بـ 0.4 نقطة مئوية
  • البنك المركزي: استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية تصعد إلى 1.9 تريليون جنيه
  • البنك المركزي: 37.8 مليار دولار استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بنهاية مارس
  • لماذا تراجعت أسعار السيارات في مصر رغم زيادة الطلب؟
  • استطلاع: تراجع قلق الأميركيين بشأن مسار التضخم في المستقبل
  • روسيا: خفض معدل الفائدة لأول مرة منذ 3 سنوات