إن تداعيات الحرب الضروس التي تعصف بكيان الدولة السودانية، تفرض على القيادة الانتقالية تحديات وجودية ومسؤوليات تنفيذية ، لتأتي قرارات الإعفاء الوزاري المتتالية، وآخرها إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف ضمن هذه التداعيات ، وتثير في ذات الوقت تساؤلات مشروعة حول منهجية الاختيار، ووضوح المعايير، ومستقبل العمل التنفيذي في البلاد.

اللافت أن الوزيرين لم يمضيا في منصبيهما سوى بضعة أشهر، وهي فترة لا تكفي – وفق المعايير المؤسسية – لتقييم أداء موضوعي ومؤسسي وعلمي ، إلا إذا كانت هناك مؤشرات خطيرة على الفشل أو الانحراف، أو أن التقييم تم بناء على معايير أخرى غير معلنة.
إن التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه .. هل تكمن المشكلة في آلية الاختيار نفسها؟ أم أن متغيرات الحرب تفرض ديناميكية مختلفة تتطلب مواصفات خاصة في شاغلي المناصب العليا، لا تتوافر بالضرورة في أصحاب الكفاءات الأكاديمية أو الخلفيات التقليدية؟

غياب معايير واضحة وثابتة في عملية التعيين يُنتج بالضرورة هشاشة في البنية التنفيذية، ويجعل من كل وزير “تجربة قابلة للإلغاء”، بدلاً من أن يكون “مشروع بناء مؤسسي”. كما أن القرارات المفاجئة بالإعفاء تُضعف ثقة الرأي العام في جدية الدولة، وقدرة مؤسساتها على التخطيط بعيد المدى.

ومما لا شك فيه أن من سيُعيَّن بعد الوزيرين المقالين، سيتقدم للمنصب مثقلاً بالهواجس، خائفًا من أن يلقى المصير ذاته، في ظل ضبابية المعايير. وهذا قد يؤدي إلى ارتباك في الأداء، أو إلى انتهازية في التصرف، إذ يحاول البعض إثبات الولاء بدلًا من الكفاءة وهذه في تقديري رسائل سلبية لمن يأتي بعد..

فالمرحلة التي تمر بها البلاد لا تحتمل المجاملات ولا التجارب. وعليه فإن الواجب على القيادة العليا للدولة – وخاصة في ظل ظروف الحرب – فإني أرى أن توضع معايير شفافة لاختيار القيادات ، تقوم على:-
– الكفاءة المهنية والسيرة العملية النزيهة.
– القدرة على العمل تحت الضغط، وفهم تعقيدات المرحلة الانتقالية.
– الالتزام الصارم بخطاب الدولة السياسي والإعلامي، وعدم الارتجال.
– الخضوع لتقييم دوري مبني على مؤشرات أداء واضحة.

– كما يجب أن يصاحب ذلك تصور استراتيجي لكل وزارة، يتم من خلاله تحديد المطلوب من الوزير قبل تعيينه، وليس بعد ذلك. فالفشل غالبًا ما يكون في التخطيط لا في الأفراد.
وآخراً فإن الإقالات المتسارعة، دون خطاب توضيحي شفاف للرأي العام، تُضعف الثقة، وتثير الشكوك، وتمنح خصوم الدولة مادة جاهزة للتشكيك في كفاءتها. والمطلوب اليوم ليس فقط “من يشغل الكرسي”، بل “من يحمل المشروع”، ويصمد في معركة بناء الدولة تحت نيران الحرب.

* ..بقلم د.إسماعيل الحكيم..*
*Elhakeem.1973@gmail.com*

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

“الشؤون الإسلامية” تعلن عن موعد التسجيل لموسم الحج القادم 1447هـ

هنأت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة حجاج دولة الإمارات العربية المتحدة بأداء فريضة الحج وعودتهم إلى أرض الوطن بسلامٍ، سائلةً الله أن يتقبل منهم حجهم ويوفقهم لكل خيرٍ في مسيرة حياتهم.
وأكدت الهيئة أن الدعم المتواصل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” والقيادة الرشيدة، للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ومكتب شؤون حجاج الدولة كان له كبير الأثر في التميز الذي تشهده الخدمات المقدمة لحجاج الدولة وتعزيز الجهود والكفاءة في تطبيق أعلى المعايير المتبعة في إدارة شؤون الحج والعمرة، داعيةً الله أن يمدهم بموفور الصحة والعافية وأن يوفقهم في مساعيهم لخدمة الشعب وتحقيق السعادة له.
وفي إطار خططها الاستباقية واستعداداتها المبكرة بما يمكنها من جودة الأداء والتمكن من إدارة الأمور بمهنيةٍ واحترافيةٍ كشفت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة أن موعد التسجيل لموسم الحج القادم 1447هـ /2026 سيكون في شهر سبتمبر القادم للذين لم يسبق لهم الحج من قبل من مواطني الدولة، وذلك عبر قنوات الهيئة الرسمية وفق الآلية والاشتراطات التي سيعلن عنها بمدةٍ كافيةٍ قبل بدء التسجيل، داعيةً الذين يرغبون في أداء الفريضة الاستعداد والتحضير الأمثل عبر توفير كل المتطلبات التي يتطلبها البرنامج الإلكتروني الذي يستخدم في اختيار الحجاج بحسب الاشتراطات المطلوبة، مؤكدةً مواصلة جهودها ومساعيها في اتباع أرقى الوسائل والأنظمة واستخدام أحدث البرامج المواكبة لتطورات الحياة بما يتماشى وإستراتيجية حكومة دولة الإمارات ويلبي طموحات القيادة الرشيدة ويحقق الرضا التام للمجتمع.

 


مقالات مشابهة

  • مساعد وزير الخارجية المصري السابق : الدخول في المثلث الحدودي محاولة لجر مصر للحرب في السودان
  • «الشؤون الإسلامية» تعلن عن موعد التسجيل لموسم الحج المقبل 1447هـ
  • “الشؤون الإسلامية” تعلن عن موعد التسجيل لموسم الحج القادم 1447هـ
  • الإمارات.. الإعلان عن موعد التسجيل لموسم الحج القادم 1447هـ
  • وزارة الخارجية بالحكومة الليبية: لم ننخرط في الصراع السوداني بأي شكل من الأشكال
  • أبواق الحكومة الإنتقالية تواصل في إدعاء أنها نجحت في إعفاء ديون السودان
  • خبير عسكري: مواجهة روسيا وأوكرانيا ضربت معايير الحرب التكتيكية
  • الخرطوم تطرق أبواب الاتحاد الأفريقي مجددًا.. دعم إقليمي مشروط بعودة الحكم المدني
  • هل ينجز كامل إدريس شيئاً بكتابيه؟
  • غياب الخارجية.. وانتقادات بالجملة