سجلت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال عام 2024 أعلى معدل زيادة سنوي في التاريخ، في تطور اعتبره العلماء تحذيرا صارخا من تراجع قدرة النظم البيئية الطبيعية على امتصاص التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية، وفق صحيفة واشنطن بوست.

وأظهرت بيانات صادرة عن "مختبر الرصد العالمي" التابع للإدارة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (إن أو إيه إيه) أن تركيز ثاني أكسيد الكربون ارتفع العام الماضي بمقدار 3.

75 جزء في المليون، وهي أكبر قفزة سنوية منذ بدء تسجيل القياسات، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2015 بنسبة 27%.

وبهذا يصل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى مستويات لم يشهدها كوكب الأرض منذ أكثر من 3 ملايين عام، وفق المصدر السابق.

البيئة تحت الضغط

ورغم أن حرق الوقود الأحفوري يبقى المصدر الرئيسي لغازات الاحتباس الحراري، فإن العلماء يشيرون إلى أن هذه الزيادة القياسية لا يمكن تفسيرها فقط بانبعاثات الفحم والنفط والغاز.

إذ تشير دراسة جديدة إلى أن الغابات المطيرة والنظم البيئية الأرضية الأخرى عانت في عام 2024 من ضغوط شديدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، مما أثر على قدرتها على امتصاص الكربون.

إعلان

وقال الباحث في الإدارة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي جون ميلر، إن ما حدث "يشير إلى أن تغير المناخ بدأ يُضعف قدرة الأرض على التصدي له"، بحسب ما نقلته واشنطن بوست.

وأضاف أن الأرض والمحيطات امتصت تاريخيا نحو 50% من الانبعاثات التي يسببها الإنسان، ولولا هذه "الأحواض الطبيعية للكربون"، لكانت درجات الحرارة العالمية قد ارتفعت إلى الضعف تقريبا مقارنة بالمستويات الحالية.

الغابات المطيرة تواجه مشاكل خطيرة تهدد توازنها وقدرتها على امتصاص الكربون (شترستوك) حرائق وجفاف عالمي

وتشير التحليلات الأولية إلى أن موجات الجفاف وحرائق الغابات في مناطق مثل الأمازون ووسط أفريقيا أطلقت كميات هائلة من الكربون المختزن، مما ألغى فعليا الفائدة البيئية التي كانت تقدمها تلك الغابات.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أن الغطاء النباتي في العديد من المناطق الاستوائية كان أكثر هشاشة من المعتاد، مع انخفاض كبير في امتصاص أشعة الشمس، وهو ما يعكس تراجع عملية التمثيل الضوئية التي تستخدمها النباتات لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

وقال أحد الباحثين المشاركين بالدراسة إنه "كان هناك مزيج كارثي من ظاهرة النينيو القوية تلتها موجات جفاف حادة. النباتات لم تحصل على أي فرصة للتعافي".

الوقود ليس المتهم الوحيد

ورغم أن انبعاثات الوقود الأحفوري وصلت إلى مستويات قياسية عام 2024، فإن الزيادة لم تتجاوز 0.8% مقارنة بالعام السابق، وفق تقديرات مشروع الكربون العالمي. وهي نسبة لا تبرر وحدها هذا الارتفاع المفاجئ في تركيز ثاني أكسيد الكربون.

كما لم تُسجل مؤشرات عن تراجع كبير في امتصاص الكربون من قبل المحيطات التي تُشكل تقليديا أحد أبرز مصارف الكربون على كوكب الأرض.

ويثير هذا الارتفاع تساؤلات بين العلماء عما إذا كانت الأرض تقترب من نقطة تحول مناخية، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إطلاق مزيد من الكربون من التربة والنباتات، مما يسرّع الاحترار بشكل متسارع.

حرائق غابات الأمازون تدمر ملايين الأشجار سنويا وتطلق كميات هائلة من الكربون إلى الغلاف الجوي (رويترز) إنذار حقيقي

لا يزال العلماء يعملون على تحليل البيانات النهائية لعام 2024، وينتظرون المؤشرات الأولى من عام 2025 لمعرفة ما إذا كان هذا التغير يمثل حالة استثنائية أم بداية لنمط جديد.

لكنهم متفقون على أن ما حدث يمثل جرس إنذار حقيقي. فكلما استمرت الانبعاثات دون كبح، تزداد احتمالات أن تفقد الطبيعة قدرتها على حمايتنا من أسوأ آثار تغير المناخ.

إعلان

وقال ميلر "نحن محظوظون لأن لدينا أنظمة طبيعية تمتص جزءا كبيرا من التلوث. لكن ليس هناك ما يضمن أنها ستستمر إلى الأبد. ما رأيناه في 2024 مثال على هشاشة هذا التوازن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ثانی أکسید الکربون عام 2024 إلى أن

إقرأ أيضاً:

رصد حركة غير طبيعية في الغلاف الجوي لأكبر أقمار زحل

رصد علماء ظاهر غريبة في الغلاف الجوي المحيط بـ"تيتان"، أكبر أقمار زحل، تمثلت في أنه لا يبقى ثابتا بشكل دائم مع سطح القمر، بل يتمايل مع تغير الفصول.
وتوصل فريق علمي من جامعة بريستول في المملكة المتحدة، إلى هذا الاكتشاف بعد تحليل دقيق لبيانات الأشعة تحت الحمراء التي جمعت على مدار 13 عاما؛ إذ اكتشفوا تغيرات غير مسبوقة في درجة الحرارة وتركيب الغازات في الغلاف الجوي للقمر.
وقالت الدكتورة لوسي رايت، عالمة الكواكب في الجامعة، إن سلوك الغلاف الجوي لتيتان يشبه إلى حد كبير حركة الجيروسكوب (البوصلة الدوامة) في الفضاء؛ إذ يحافظ على توازنه بطريقة غامضة أثناء الدوران.
وأضافت أن الأكثر إثارة هو أن الفريق وجد أن مقدار هذا التمايل يتغير مع تعاقب الفصول على القمر.
ويعتقد أن هذه الظاهرة قد تكون مرتبطة بالدورة المدارية الطويلة لتيتان حول الشمس، والتي تستغرق ما يعادل 30 سنة أرضية، ما يؤدي إلى تغيرات مناخية كبيرة على سطحه، لكن اللغز الحقيقي هو أن اتجاه هذا التمايل يبقى ثابتاً دائما، رغم أن مقداره يتغير، وهو ما جعل العلماء في حيرة من أمرهم، لأنهم كانوا يتوقعون أن يتأثر اتجاه التمايل بجاذبية زحل أو الشمس.
وطرح العلماء عدة فرضيات لتفسير هذه الظاهرة، من بينها احتمال تعرض تيتان في الماضي البعيد لاصطدام هائل تسبب في هذه الحركة الغريبة لغلافه الجوي، ما أدى إلى تغيرات مناخية كبيرة على سطحه.
ويأتي هذا الاكتشاف في توقيت بالغ الأهمية، حيث تستعد وكالة ناسا لإطلاق مهمة "دراغون فلاي" في عام 2034، والتي تهدف إلى استكشاف تيتان عن قرب.
وسيكون فهم هذه الظاهرة الجوية حاسما لضمان هبوط المركبة الفضائية بنجاح على سطح هذا القمر ذي الأجواء المضطربة.
ويؤكد العلماء أن أهمية دراسة تيتان لا تقتصر على هذا القمر الغريب فحسب، بل قد تقدم مفاتيح لفهم تطور الأغلفة الجوية للكواكب بشكل عام، بما في ذلك الأرض، نظرا للتشابه النسبي بين الغلاف الجوي لتيتان ونظيره الأرضي.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • السعودية للكهرباء: ثاني أيام عيد الأضحى يسجل 358 ميجاوات في منى
  • الدفاع الجوي يتوج بلقب أندية العراق المفتوحة للباغوت في أربيل
  • مشعر منى يسجل أعلى زيادة في استهلاك الكهرباء بنسبة 5.5% (فيديو)
  • دراسة: الأنهار تسرّب كمية هائلة من الكربون المخزّن
  • موسم الحج 1446.. مشعر منى يسجل أعلى زيادة في استهلاك الكهرباء بنسبة 5.5٪
  • الادعاء البرازيلي يسعى إلى إلغاء خطة تعويض الكربون
  • رصد حركة غير طبيعية في الغلاف الجوي لأكبر أقمار زحل
  • احذر دمجها معًا| أطعمة قد تضر بجهازك الهضمي.. هتصدمك
  • لأول مرة.. علماء يتمكّنون من الكشف عن بنية الكربون السائل
  • ابتكار محفز نانوي يحول ثاني أكسيد الكربون إلى كحول