تعقيب علي مقال د.الوليد ادم مادبو: عن الخديعة الكبرى وذاكرة العنصريين الصغرى
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
هذا المقال يوجّه نداءً واضحًا إلى مثقفي السودان بأنّ الوقت قد حان لمعالجة الأزمة السودانية بوضوح وشجاعة، بهوية متصالحة مع ذاتها، وهوية تستمد قوتها من عمقها الحضاري والإنساني، لا من التطلعات الزائفة نحو اعترافٍ لا يأتي. فقد أمضينا أكثر من سبعين عامًا ننظر إلى من لا يهتم لأمرنا إلا بمقدار ما يستثمر في هشاشتنا، وأهملنا في المقابل مواردنا الذاتية، وأهدرنا فرص بناء كرامة إنسانية متجذّرة في أرضنا.
لقد رسّخنا دون وعي مفاهيم التبعية والانبهار الزائف، حتى بتنا نُبخس مقاديرنا الذاتية، ونتعامل مع المواطن السوداني كأنه من الدرجة الثانية. وهذه المأساة الفكرية والوجودية نشأت من فقداننا لهويتنا الجامعة، وسعينا المحموم نحو اعترافٍ عروبي، لا يرى فينا إلا تابعًا أو هامشًا. والنتيجة أننا أهملنا تراب قرانا، وخنقنا أصواتنا، ودفنا كنوزنا الروحية والمعرفية بأيدينا.
نعم، كما كتب الدكتور وليد آدم مادبو، نحن سودانيون، أفارقة حاميون، نوبيون، نمتلك تراثًا إنسانيًا وحضاريًا ضاربًا في جذور التاريخ. لسنا بحاجة إلى ختم خارجي يحدد قيمتنا. نحن ورثة كوش ومروي ودنقلا وسوبا، ومن شاء أن يتتبع الأصول، فليبدأ من الأميرة النوبية الحامية هاجر، أم إسماعيل ام القريشيين، وأصل العرب المستعربة ، كما أشار الباحثون الجادّون في أنساب المنطقة وتاريخها.
لقد آن الأوان للاطمئنان بأنّ حوّاء السودانية ليست مسيلمة الكذاب، ولا عبد الله علي إبراهيم، المتذاكي في التبرير للنخب المتسلطة، باسم الحداثة ولا خوارج الإسلامويين الجدد أمثال محمد جلال هاشم، الذين ارتدوا ثوب الثورة ثم باعوا دماء الشهداء في سوق التنازلات.
إنّ هذا المقال يعيد الأمور إلى نصابها، حين يضع الأصبع على الجرح الحقيقي: العقل المركزي المحتكر للامتيازات والمعطوب أخلاقيًا. عقلٌ يتذاكى على الشعب باسم التاريخ، ويتعامى عن تحولات الواقع. والمطلوب الآن هو القطيعة الكاملة مع هذا الخطاب، لا التفاوض معه. المطلوب هو الانطلاق من الريف، من السودان الحقيقي، من غربه وشرقه ووسطه وجنوبه، لبناء وطن لا تُحتكر فيه الوطنية ولا تُباع فيه الذاكرة.
نحتاج إلى مشروع وطني يربط الجنينة ببورتسودان، والفاشر بعطبرة وكوستي بسنار .لا بخطاب القبائل والامتيازات، بل بسكك الحديد، والعدالة الانتقالية، والتنمية المتوازنة، والانتماء المشترك. نحتاج إلى حلف استراتيجي بين الأقاليم المقصيّة، ليُسقط وهم المركز ويُعيد للسودان روحه المخطوفة.
نعم، لقد تغيّر السودان، ومن لم يدرك ذلك من النخب القديمة، فسيجد نفسه خارج المعادلة، يتباكى على وطنٍ لم يعد يشبهه، ولن يُعاد تشكيله وفق خياله المتعالي.
**ملاحظة توضيحية بشأن مفهوم "المركز"**؛
مع كامل التقدير لما ورد في مقال د. وليد آدم مادبو من تحليل نقدي للمركزية السودانية، أجد من الضروري التنبيه إلى أنّ ما يُطلق عليه أحيانًا "المركز الشمالي" لا يُختزل في الجغرافيا وحدها، ولا يجوز اختزاله في الشمال النيلي تحديدًا. فقد أوضحتُ في كتاباتي أن ما نواجهه هو عقلية "خرطومية" لا جهوية؛ عقلية تشكّلت في أروقة الحكم والامتيازات، وارتدت عباءة التمدّن والفوقية، فاستقرت حيث تلتقي السلطة بالريع، لا حيث تنبت الجغرافيا بالضرورة.
إنها حفنة هجينة من النخب، وجدت في الخرطوم بيئة ملائمة لتكريس خطاب الهيمنة، وهي نخب منتشرة بكثافة في مدن مثل الأبيض، الضغين، ود مدني، الرصيرص، وًكوستي ، كسلا، وبورتسودان (قبل أن يستولي عليها الكيزان). إنها ليست نخبًا شمالية بالضرورة، بل نخب استبدادية عابرة للجهات، تستمد شرعيتها من علاقتها بالمركز السلطوي، لا من مشروع وطني عادل.
ولذلك، فإن الحديث عن "المركز" يجب ألا يُفهم باعتباره اتهامًا لجهة جغرافية بعينها، بل بوصفه بنية سلطوية مركبة، سكنت الخرطوم (و بعض المدن (لا باعتبارها عاصمة، بل *كمعقل استراتيجي" للامتيازات الزائفة، و"موقع رمزي" لإعادة إنتاج الخطاب الإقصائي باسم القومية والدولة الحديثة.
نواصل
د احمد التيجاني سيداحمد
٢١ أبريل ٢٠٢٥؛ روما نيروبي
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
أمطار رعدية.. حالة الطقس اليوم الأربعاء في القاهرة والمحافظات
حالة الطقس اليوم.. أطلقت الهيئة العامة للأرصاد الجوية بياناً بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء 2 يوليو، في القاهرة والمحافظات، ونوهت عن تكاثر السحب الرعدية وتتوافر فرص الأمطار التي قد تكون رعدية.
وفي هذا الصدد، توفر «الأسبوع»، لزوارها ومتابعيها كل ما يخص حالة الطقس اليوم، وذلك من خلال خدمة إخبارية شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من هنـــــــــــــــا.
حالة الطقس اليومكشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، عن حالة طقس اليوم الأربعاء، مشيرة إلى أنه شديد الحرارة، رطب نهارًا على أغلب الأنحاء، مائل للحرارة رطب ليلًا وفي الصباح الباكر.
وأوضحت هيئة الأرصاد أنه من المتوقع سقوط أمطار رعدية على القاهرة والدقهلية ومدن القناة (الإسماعيلية- بورسعيد- السويس)، وشمال سيناء والعاصمة الإدارية وبدر، والشرقية، وشرق القاهرة، وتمتد إلى الجيزة، وشددت الأرصاد الجوية على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والاستعدادات اللازمة للحد من الآثار الناجمة عن الظواهر الجوية المتعلقة.
ورغم سقوط الأمطار نشهد طقسًا شديد الحرارة ورطوبة خلال فترة النهار وتسجل درجة الحرارة أعلى معدلاتها والتي تكون محسوسة أكثر من المُعلنة في مناطق: القاهرة الكبرى الوجه البحري جنوب سيناء وجنوب البلاد بينما تكون الأجواء أقل حدة على السواحل الشمالية مع طقس حار.
توقعات الطقس درجات الحرارة اليوموأوضحت هيئة الأرصاد درجات الحرارة العظمى والصغرى المتوقعة، اليوم الأربعاء على بعض المحافظات:
- درجة الحرارة في القاهرة العظمى 36 درجة، الصغرى 26 درجة.
- الطقس في الإسكندرية العظمى 31 درجة، الصغرى 22 درجة.
- درجة الحرارة في مطروح العظمى 30 درجة، الصغرى 23 درجة.
- درجة الحرارة في سوهاج العظمى 41 درجة، الصغرى 25 درجة.
- درجة الحرارة في قنا العظمى 42 درجة، الصغرى 26 درجة.
- درجة الحرارة في أسوان العظمى 42 درجة، الصغرى 27 درجة.
اقرأ أيضاًأجواء شديدة الرطوبة والحرارة.. حالة الطقس اليوم الأربعاء 2-7-202
أمطار غزيرة تضرب هذه المناطق.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأربعاء
رطب ليلاً.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025