قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، إن بعض التيارات المتشددة تهاجم العلوم العقلية وتزعم أنها أضرت بالحراك العلمي الإسلامي، بينما تدعي تيارات أخرى أن العلماء أهملوا تلك العلوم وقاوموا التنوير.

وأضاف الدكتور علي جمعة، خلال بودكاست "مع نور الدين"، اليوم الخميس: "أنا موقفي، أو من رأيي، إن ماينفعش علم يغني عن علم، والأزهر عنده توازن كبير، يعني لما أراد يدرس أصول الفقه، درس معاه المنطق، ودرس البلاغة كمان، أنا اللي فهمني المنطق كان الشيخ شمس – رحمه الله، والبلاغة فهمناها على يد الشيخ شيخون – رحمه الله، وفي الأصول درسنا على الشيخ أبو النور زهير، وكمان الشيخ نور، كنا نقوله مازحين: يا مولانا، إنت لو مشيت وعرقت، هتعرق أصول! يعني ما شاء الله، يفرز جمل أصولية حتى في العرق!".

وتابع: "هو اللي فهمنا المنطق؟، هو اللي فهمنا البلاغة؟، وكان بيجيب لنا أعاجيب في البلاغة ما سمعناهاش قبل كده، والبلاغة ليها علاقة بالمنطق، لأنها كأنها عقل المنطق، واللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، والمنطق هو قوانين بترتب حركة الفكر،  سواء كانت حركة النفس في المحسوسات أو المعقولات، يعني مفيش استغناء أبدًا عن العلم، في ناس كانت بتقول إن التعمق في العلوم العقلية بيقسّي القلب، فضيّقوا عليها، لدرجة إن في فترة من الفترات الأزهر لغى تدريس المنطق!، وده خطأ، لا، ده احنا نتبحر فيه، ونتوسع فيه، ومافيش كلام".

ثم استشهد الدكتور علي جمعة بما ورد في أحد الكتب التراثية: "الزركشي، في كتابه نهاية المنثور، قال: 'إن من العلوم ما نضج واحترق'  بس إحنا بنقول: مفيش علم بيحترق!، العلم ملهوش كلمة أخيرة، العلم شغّال من المحبرة للمقبرة، وكل يوم فيه جديد في كل العلوم، توليد العلوم كان من سمات الحضارة الإسلامية،  ولما التوليد ده خف بعد القرن السادس، إحنا اتأخرنا".

وتابع:  "العَضُد مثلًا لما وضع علم الوضع، ده كان علم بيني، بين علوم اللغة والمنطق، واخترع علم أفاد في عمق الفهم، فمفيش حاجة اسمها: العلوم احترقت أو انتهت، ولا فيه حاجة اسمها: نوقف تدريس علم أو نهمّله".

وأكمل: "اللي يقول إن القرن الثامن والتاسع كانوا عصور جمود، ده مش دقيق، دول ناس شالوا العلم، وكملوا عليه، واستخرجوا مناهج جديدة من نفس العلوم،  واخترعوا كمان مناهج تانية شبيهة، ودي إضافة، وطبقوا ده في الشروح، والحواشي، والتقارير، والتعليقات، علشان يرجعوا ملكة اللغة العربية لناس كانت بدأت تبتعد عنها، كل مرحلة من مراحل العلم – سواء كانت الشرح، أو الحاشية، أو التعليق –  كانت مناسبة لعصرها.  واللي بيقول إننا في تدهور، ده مش دقيق، الموضوع أوقات بيبقى مرتبط بقرارات إدارية داخل المؤسسات، والقرارات دي ممكن تكون محل نقاش".

وتابع: "لغينا مثلًا علم الهيئة؟  أنا مش مع ده، لغينا علم الوضع؟ برضو مش مع ده، أنا ضد إلغاء أي علم من العلوم، علشان ما يتنساش، ومايبقاش فيه فجوة بيننا وبين مصطلحاته أو مراجعه". 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة التيارات المتشددة أصول الفقه علی جمعة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان من العوارض البشرية الكذب: وهو خطأ متعمد عن سوء نية، لذلك هو خطيئة ويكون لحقد أو تدبير سيء أو خجل أو نحو ذلك.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه من الكذب ايضا الذهول ويكون عن عدم تركيز الأمر وقلة العناية به، ويكون عن دهشة من أمر طارئ، ومن العوارض البشرية الإكراه من الغير سواء أكان أدبياً أو مادياً.

أجمل دعاء فى الصباح.. ردده يسخر الله لك من يقضي حاجتك ويفرج كربتكهل يُجدّد السحر في شهر صفر؟.. انتبه لـ7 حقائق واحتمي بـ 3 أدعية

واشار الى ان كل هذه العوارض التي تعتري الإنسان تجعل الأصل أنه "لا ينسب لساكت قول"، فالناقل قد يقع في شيء من العوارض البشرية، فإذا سكت المنقول عنه لا ينسب له قول ذلك القائل ولا بد من التحري ومن هنا اخترع المسلمون علوم التوثيق في جانب القرآن، وضبطوا المسألة غاية الضبط ليس فقط على مستوى الآية أو الكلمة أو الشكلة، بل على مستوى الأداء الصوتي وفي جانب السنة أبدوا أكثر من عشرين علما لضبط الرواية، والنبي ﷺ يحذر من هذا فيقول : « من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار ».

وفي جانب العلوم المختلفة أوجدوا أسانيد الدفاتر أي الكتب في العلوم جميعًا، ونراهم في جانب القضاء يؤكدون على العدالة والضبط في الشاهد، فليس كل أحد تقبل شهادته، بل لابد من حالة نأمن فيها تقليل العوارض البشرية، وضبط النقل متمثلا بالحديث النبوي الشريف فعن ابن عباس قال : « سُئل النبي ﷺ عن الشهادة. قال : هل ترى الشمس ؟ قال : نعم.  قال : على مثلها فاشهد ».

أما إذا لم يكن قد صدر عنه القول أو الفعل أصلا فهو أشد من الحالة الأولى، ولا يكلف قطعا برد كل بهتان عليه، ويذكر الإمام السخاوي في الضوء اللامع أبياتا عن شيخه يلخص فيها تلك الحالة : 
كم من لئيم مشى بالزور ينقله   ** لا يتقي الله لا يخشى من العار 

يود لو أنه للمرء يهلكه**ولم ينله سوى إثم وأوزار 

فإن سمعت كلاما فيك جاوزه ** وخل قائله في غيه ساري 

فما تبالي السما يوما إذا نبحت

** كل الكلاب وحق الواحد الباري 

وقد وقعت ببيت نظمه درر  **قد صاغه حاذق في نظمه داري 

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا   ** لأصبح الصخر مثقالا بدينار

وعلى الرغم من تقرر هذه القاعدة في الشرع نقلا وشهادة وقضاء وعلماً فإن الشرع استثنى منها شأن كل قاعدة ما يستوجب الاستثناء لغرض صحيح أخر فقال رسول الله ﷺ: « البكر تستأمر فتستحي فتسكت. قال : سكاتها إذنها ».

فأيام ما كانت الناس تستحي وكان الحياء خلقا كريماً كانت البنت تخجل عندما يتقدم لها خاطب فإذا سألها أبوها استحت فقدر الشرع هذا الحياء، والنبي ﷺ يقول : « الحياء خير كله ». فاكتفى بصمتها عن إذنها، وهي أيضًا إذا كرهته أو رفضته لا تخجل من إبداء رأيها والجهر به، ومن هنا جاء في الثقافة الشائعة (السكوت علامة الرضا) وهو علامة قاصرة على البكر التي تستحي فتعميم هذه العلامة ليس بسديد.

هل لنا أن نواصل أصولاً لحياتنا الثقافية نرجع إليها جميعا وتكون بمثابة الدستور أو بمثابة ميثاق الشرف الثقافي أو إننا سنظل هكذا في متاهة حوار الطرشان نسير من غير أصول نسعى في حياتنا الثقافية على غير هدى.

طباعة شارك الكذب عقاب من يكذب علي جمعة

مقالات مشابهة

  • كلمات حزينة عن أول جمعة بعد وفاة الأب
  • علي جمعة: حسبنا الله ونعم الوكيل ذكر يهز الكون ويكفي العبد ويطمئن قلبه
  • كانت في طريقها إلى سوريا... هذا ما ضبطه الجيش في بلدة حدودية (صورة)
  • صعدة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليمن
  • ما الفرق بين الخطأ والخطيئة وكيف نتجاوزهما؟.. علي جمعة يجيب
  • جامعة فرنسية تثير جدلا جراء إلغاء تسجيل طالبة من غزة .. و وزراء يتدخلون
  • علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا
  • علي جمعة: الرضا والتسليم والتوكل مفاتيح النجاة في عالم يملكه الله
  • «اللي بنشوفه ده عجب العجاب».. مدحت شلبي يهاجم رابطة الأندية بسبب بند الانسحاب
  • وفاة الشيخ عيسى بن صالح البوسعيدي