في عالمٍ يفيض بالمجاملات، ويُدار بأقنعة اجتماعية مصقولة، تبدو الصراحة وكأنها عملٌ متهور أو حتى نوعٌ من الجنون.
الصراحة، التي تُعد في أصلها فضيلة أخلاقية، أصبحت اليوم عبئاً ثقيلاً على من يتمسّك بها، وأشبه بلعنة تطارد صاحبها أينما حلّ، حتى في أقرب دوائر العلاقات الإنسانية.
أما عن مفهوم الصراحة فهي القدرة على التعبير عن المشاعر والأفكار والحقائق بوضوح، دون تزويقٍ أو خداع.
وهي لا تعني الوقاحة أو التجريح، بل تعني ببساطة قول الحقيقة، سواء كانت مريحة أو موجعة، في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب.
الإنسان الصريح لا يجيد التلاعب بالكلمات، ولا يحب اللعب على الحبال الرخوة للعلاقات الاجتماعية المعقدة.
فالإنسان الصريح هو ذلك الشخص الذي يعيش بوجهٍ واحد.
يقول ما يعنيه، ويعني ما يقوله. يتعامل مع الآخرين بشفافية، ويرفض المواربة والتلميح.
ولا يتقن فنون النفاق ولا يملك مهارات “السياسة الاجتماعية”.
وهذا ما يجعله في الغالب، موضع سوء فهم، أو هدفاً سهلاً للاتهامات بالفظاظة أو الغرور أو حتى الغباء الاجتماعي.
وفي زمنٍ أصبح الكذب نوعاً من الذكاء، والتصنّع وسيلة للنجاة، يجد الإنسان الصريح نفسه في معركة دائمة.
تُساء نواياه، وتُرفض صراحته بحجة “أنها تجرح”، وتُقابل مواقفه بالاستغراب أو بالاستبعاد.
الصراحة تُكلّف صاحبها أصدقاء، وفرص عمل، وحتى علاقات أسرية.
لأنه ببساطة لا يستطيع أن يقول ما لا يشعر، ولا يحب أن يشارك في حفلات المجاملات الاجتماعية المصطنعة.
والصراحة حين يتعلق الأمر بالحب، تكون الصراحة في كثير من الأحيان عائقاً مع الأسف الشديد فالإنسان الصريح يواجه صعوبة في بناء علاقات عاطفية، لأنه لا يبيع الأوهام، ولا يُجيد قول ما يُراد سماعه.
في عالم يفضل فيه البعض الشريك الذي “يُجيد التمثيل قليلاً” و”يعرف كيف يكذب بلطف”، يبدو الصريح صادماً، وغير جذاب، وربما حتى قاسيًا.
وهذا ما يجعل مسيرته نحو إيجاد شريك حياة حقيقي، أطول وأصعب.
همسة
إلى كل إنسان صريح
لا تندم على وضوحك، ولا تعتذر عن حقيقتك.
نعم، الصراحة قد تكون لعنة في بعض المواقف، لكنها في جوهرها هدية نادرة.
لكن!
تذكّر أن القليل من الناس يملكون شجاعة أن يكونوا حقيقيين في عالم مزيف.
تمسك بصراحتك ووضوحك، ولكن لا تنسى أن تختار اللحظة والطريقة المناسبة لقول الحقيقة
فالصراحة فن، وليست مجرد اندفاع.
.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
ترامب: الإيرانيون يتواصلون معنا.. وقد تكون لهم فرصة أخرى لإبرام اتفاق
رجال إطفاء بالقرب من مبنى متضرر في أعقاب الغارات الإسرائيلية على طهران. 13 يونيو 2025 - REUTERS
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، إن المفاوضات مع الإيرانيين بشأن إبرام اتفاق نووي "يمكن أن تستمر"، مشيراً إلى أن مسؤولين إيرانيين "يتواصلون معه.. وقد تكون لهم فرصة لإبرام اتفاق"، وذلك بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران.
وبشأن ما إذا كان يعتقد أن المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي يمكن أن تستمر، ذكر ترمب في تصريح لشبكة NBC News، أن الإيرانيين "فوتوا فرصة عقد اتفاق، والآن، قد تكون لديهم فرصة أخرى، وسنرى".
وأضاف: "إنهم يتصلون بي للتحدث" في إشارة إلى إيران. وعندما طُلب منه تحديد هوية المتصلين، قال: "نفس الأشخاص الذين عملنا معهم في المرة الأخيرة.. الكثير منهم ماتوا الآن".
ووفقاً لـNBC News، بدا ترمب "راضياً" عن الطريقة التي نفّذت بها إسرائيل الضربات على إيران، قائلاً: "كان لديهم أفضل المعدات في العالم، وهي معدات أميركية".
وشنت إسرائيل سلسلة من الضربات على أنحاء إيران، الجمعة، وقالت إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ وقتلت عدداً كبيراً من القادة العسكريين فيما قد تكون عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي.
وقال ترمب، إن إيران هي من تسببت في الهجوم برفضها المهلة الأميركية في المحادثات الرامية إلى كبح برنامجها النووي.
"لست قلقاً من اندلاع حرب إقليمية"
كما قال ترمب في تصريحات لوكالة "رويترز"، إن إدارته "كانت تعرف كل شيء عن الهجوم الإسرائيلي على إيران، وحاولت إنقاذها من الإذلال والموت".
وأضاف أن "إيران تعرضت لضربة مدمرة، وليس من الواضح ما إذا كانت لا تزال تمتلك برنامجاً نووياً"، معتبراً أن "هدف إسرائيل النهائي هو ضمان عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً".
وعبر ترمب عن عدم قلقه من "اندلاع حرب إقليمية" نتيجة للهجوم الإسرائيلي على إيران، مضيفاً أن واشنطن "لا تزال تعتزم عقد اجتماع" مع طهران، الأحد، لكنه أشار إلى أنه "غير متأكد مما إذا كان سيعقد الآن". ولكنه أضاف: "لم يفت الأوان بعد بالنسبة لإيران لإبرام اتفاق".
وفي مقابلة منفصلة مع ABC NEWS، قال ترمب: "أعتقد أنه (الهجوم) ممتاز. منحناهم فرصة ولم يغتنموها. تلقوا ضربة قاسية، قاسية جداً. تعرضوا لضربات قوية للغاية. وهناك الكثير في المستقبل. الكثير جداً".
وأضاف في منشور على منصة "تروث سوشيال": "قبل شهرين، منحت إيران إنذاراً نهائياً مدته 60 يوماً لإبرام اتفاق كان عليهم أن يفعلوا ذلك! اليوم هو اليوم 61... والآن، لديهم، ربما، فرصة ثانية!".
وتوعدت إيران برد قاس على الهجوم الليلي الذي أودى بحياة قائدي القوات المسلحة والحرس الثوري. وقالت إسرائيل إن نحو 100 طائرة مسيرة أطلقتها طهران صوب إسرائيل رداً على الهجمات، لكن مصدراً إيرانياً نفى ذلك.
وفي رسالة بثها التلفزيون، حث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الإيرانيين على الوقوف إلى جانب قادتهم، وقال إن رداً قوياً "سيجعل إسرائيل تندم على عملها الأحمق".
وأبلغت إيران مجلس الأمن الدولي، المقرر أن يعقد اجتماعاً، الجمعة، بناء على طلب من طهران، في رسالة أنها سترد بحزم وبشكل متناسب على أفعال إسرائيل "غير القانونية" و"الجبانة".
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو الأطول بقاء في السلطة، الضربات بأنها "خطوة حاسمة" لحماية إسرائيل من تهديد وجودها في المستقبل.
وقال مكتبه إنه سيتحدث مع ترمب في وقت لاحق الجمعة. وكتب الرئيس الأميركي في منشور على منصته: "منحت إيران فرصة تلو الأخرى لإبرام اتفاق".
وأضاف: "شهدنا بالفعل موتاً ودماراً هائلين، لكن لا يزال الوقت متاحاً لوقف هذا القتال بالنظر إلى وجود خطة للهجمات القادمة بالفعل والتي ستكون أكثر وحشية، على إيران إبرام اتفاق قبل أن يضيع كل شيء".