«مصر» تطلق صرخة الحق أمام العدل الدولية: لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
تواصل مصر تكثيف جهودها في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومنع عملية الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، سواء بالاتصالات مع مؤسسات المجتمع الدولي والدول الأوروبية والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل، أو بالوساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، سعيا منها في إدخال المساعدات الإغاثية العاجلة لأهالي غزة الذين يقاتلون في الوقت الحالي الجوع والعطش، بسبب نفاد الغذاء في كافة أماكن القطاع.
واستمرار لذلك، تقدمت مصر بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية اليوم 28 أبريل 2025، أطلق فيها الوفد المصري المتمثل في السفير حاتم عبد القادر، مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات، و المستشارة الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، تصريحات تعبر عن رسالة مصر للعالم أجمع عنوانها: «لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟»
وشدد الوفد المصري خلال المرافعة على أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل جزءاً من إجراءات واسعة النطاق وممنهجة وشاملة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتحقيق ضم فعلي للأراضي الفلسطينية، ولفت الوفد إلى أن هذه السياسة مُثبتة بالتصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك تشريعات الكنيست، فضلاً عن الإجراءات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وتجفيف مصادر تمويلها، بهدف عرقلة حق العودة للشعب الفلسطيني، والذي يشكل ركناً أساسياً من حقهم في تقرير المصير المكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأوضح الوفد المصري أن ذلك تزامن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر تحت ذريعة ما يسمى بـ «أوامر الإخلاء»، مما أدى إلى نقل الفلسطينيين قسراً إلى مناطق لا تتمتع بالمقومات الأساسية للمعيشة، وعرقلة وصول الإمدادات والخدمات الأساسية اللازمة للحياة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لخلق ظروف تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للحياة.
وأشار الوفد المصري خلال المرافعة إلى أن إسرائيل دأبت منذ أكتوبر 2023 على استخدام سياسة التجويع والحصار الكامل على غزة كسلاح موجه ضد المدنيين بالقطاع، وأمعنت إسرائيل في استخدام ذلك السلاح بإغلاقها كافة المعابر إلى غزة بشكل متعمد وتعسفي، مما حال دون دخول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والإمدادات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ويأتي ذلك في ظل استئناف إسرائيل لعدوانها الوحشي على غزة، والذي أسفر عن مقتل 52، 000 مدني بريء منذ أكتوبر 2023، غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك مع استمرار استهداف إسرائيل للمدنيين والبنية التحتية الضرورية لبقاء السكان الفلسطينيين على قيد الحياة، يُضاف إلى ذلك تكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلية لهجماتها ضد العاملين في المجالين الطبي والإنساني، الأمر الذي دفع بغزة إلى كارثة إنسانية.
وركزت المرافعة المصرية على استعراض الدفوع القانونية التي تُثبت وجود التزامات على عاتق إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الاتفاقية الخاصة بامتيازات وحصانات أجهزة الأمم المتحدة، فضلاً عن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بضمان وتسهيل توفير الإمدادات والمساعدات العاجلة دون عوائق، وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأكد الوفد المصري أن إسرائيل أخلت بالفعل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي سواء بالسياسة الممنهجة لاستهداف المدنيين وممثلي المنظمات الإغاثية، أو بالإمعان في فرض عقبات قانونية وإدارية تعيق وتقيد وصول المساعدات الإنسانية، وتوجيه هجمات مباشرة على البنية التحتية الإنسانية، بما في ذلك قصف معبر رفح الحدودي بهدف تعطيله عن العمل والاستيلاء على الجانب الفلسطيني من المعبر، وما تبعه تنفيذ إسرائيل هجومها العسكري على مدينة رفح، التي كانت ملاذاً لأكثر من مليون فلسطيني، ومركزاً رئيسياً لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالعمليات الإنسانية وزاد من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي، ومع اضطرار الوكالات الإنسانية إلى الانسحاب حفاظاً على سلامة موظفيها، توقف وصول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، والذي كان شريان الحياة لقطاع غزة.
واختتم الوفد المصري المرافعة بطلب قيام المحكمة بالإعلان في رأيها الاستشاري أن الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية يمثل انتهاكا مستمرا للقانون الدولي، وأن الالتزامات الإسرائيلية كقوة قائمة بالاحتلال تستمر في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين انتهاء الاحتلال، كذلك إقرار المحكمة بالتزام إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بجبر الضرر الذي أحدثته وذلك من خلال رفع الحصار المفروض على غزة بشكل فوري وغير مشروط، وضمان وصول الإمدادات الأساسية للمدنيين بقطاع غزة على نطاق واسع وبشكل آمن عبر كافة المعابر المؤدية للقطاع، دون معوقات أو قيود، والتنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن رقم 2735، والتوافق حول خطة إغاثة عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، وتيسير تنفيذها بكافة السُبل المتاحة، والامتناع عن إعاقة وجود ونشاطات الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك الأونروا، وكذلك الدول الثالثة التي تقدم المساعدات الإنسانية، وإلغاء القوانين غير المشروعة المتعلقة بالأونروا التي أقرتها إسرائيل، واحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة للأونروا وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، وضمان حمايتها، فضلاً عن إعلان المحكمة أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يشمل حقه في السعي لتحقيق تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أرضه، بما في ذلك الحق في تلقي مساعدات التنمية من أجل التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وعدم تهجيره أو طرده من أرضه.
اقرأ أيضاًقدم معلومات سرية لمحكمة العدل العليا.. «الشاباك» يفضح نتنياهو
عاجل| محكمة العدل الدولية تستقبل مذكرة قطر ضد إسرائيل «تفاصيل»
ابو الغيط يرحب بالتصويت الكبير في الامم المتحدة لصالح قرار احالة حظر الأونروا الى محكمة العدل الدولية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل القضية الفلسطينية قطاع غزة الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي مندوب مصر الفلسطينيين الشعب الفلسطيني محكمة العدل الدولية القاهرة الإخبارية المساعدات الإنسانیة الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
بين الصمت والتواطؤ.. الأمم المتحدة في صنعاء غطاءٍ ناعم لانتهاكات الحوثيين
في مشهدٍ أثار صدمةً واسعة وغضبًا حقوقيًا، ظهر منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن جوليان هارنيس وهو يمسك بيد القيادي الحوثي علي الهاملي – المسؤول عن إجبار موظفي الأمم المتحدة في صنعاء على ترديد الشعار الحوثي الطائفي – فيما يقف بجواره محافظ صعدة المعين من الميليشيا محمد جابر عوض، المتهم باقتحام مكاتب أممية واختطاف عدد من موظفيها.
الصورة التي التقطت خلال فعاليةٍ نظّمها الحوثيون، لخصت حجم التواطؤ والصمت الأممي أمام انتهاكاتٍ غير مسبوقة تتعرض لها المنظمات الدولية وموظفوها في مناطق سيطرة الميليشيا، حيث تجاوز عدد المختطفين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية نحو 60 موظفًا، وسط حملة ممنهجة من التحريض والاتهامات الكيدية والسطو على المقرات والوثائق الرسمية.
ويرى مراقبون أن صورة هارنيس وهو يصافح منتهكي موظفيه "لم تكن مجرد لقطة بروتوكولية، بل تجسيد رمزي لحالة الانكسار الأخلاقي للأمم المتحدة في اليمن"، مؤكدين أن استمرار هذا النهج "يكرّس واقع الإفلات من العقاب ويمنح الميليشيا شرعية زائفة على حساب كرامة الضحايا".
وعلق الناشط الحقوقي رياض الدبعي على المشهد قائلاً إن "جوليان هارنيس نسي أن وظيفته حماية موظفي الأمم المتحدة لا حماية من ينتهكونهم". وأضاف في حديثه: "في كل مرة يعتقل الحوثيون موظفًا أمميًا أو يقتحمون مقرًا تابعًا للأمم المتحدة، يخرج هارنيس بوجهٍ باردٍ ليقلل من حجم الكارثة، متحدثًا عن نسبٍ وأرقامٍ وكأنها إحصائية عابرة، لا مصير بشرٍ يُنتهك خلف القضبان. وبدلاً من أن يرفع صوته دفاعًا عن الحصانة الأممية التي سقطت في صنعاء، اختار الصمت المريب، بل وتقديم التبريرات لجماعةٍ جعلت من مقرات الأمم المتحدة غنيمة حرب".
ويرى الدبعي أن المنسق الأممي "تحوّل من شاهدٍ على الانتهاكات إلى غطاءٍ ناعمٍ لها، ومن صوتٍ للشرعية الدولية إلى صدى يتردد في أروقة سلطة الأمر الواقع"، محذرًا من أن هذا الصمت "أفقد الأمم المتحدة هيبتها الأخلاقية وجعلها طرفًا في تبرير الانتهاكات بدل التصدي لها".
فيما الناشطة الحقوقية نورا الجروي وصفت موقف الأمم المتحدة بأنه "عذر أقبح من ذنب"، مضيفة أن المنظمة التي رفعت شعار صون الكرامة الإنسانية أصبحت اليوم عاجزة عن حماية موظفيها في صنعاء.
وقالت الجروي: "ما يحدث هناك لا يقتصر على انتهاكٍ صارخٍ للحصانة الأممية، بل يكشف انهيار هيبة الأمم المتحدة أمام جماعةٍ مسلّحة تتعامل مع مكاتبها كما لو كانت مؤسسات محلية خاضعة لأوامرها. الموظفون يعيشون تحت رقابةٍ دائمة، وتُفحَص مكالماتهم وتُقيَّد تحركاتهم، وبعضهم يُستدعى للتحقيق بتهمٍ واهية قد تنتهي بالاعتقال أو الإخفاء".
وأوضحت أن الاقتحامات المتكررة لمقار الوكالات الأممية، ومصادرة الأجهزة والوثائق الرسمية، وإجبار الموظفين على التوقيع على تعهدات أمنية، "لم تعد استثناءً بل أصبحت سياسة ممنهجة"، مؤكدة أن الحوثيين "باتوا يتحكمون في مسار معظم المشاريع الإنسانية ويقررون من يتلقى المساعدات، بينما تصمت الأمم المتحدة خوفًا من فقدان قدرتها على العمل الميداني".
بدوره اتهم الصحفي فارس الحميري المنسق الأممي المقيم في اليمن بمحاولة "التقليل من حجم الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية". وقال الحميري إن "ما يُعرف بالحصانة الأممية في صنعاء بات مهددًا بشكل غير مسبوق، بعدما تحولت وعود الحوثيين باحترام العاملين الأمميين إلى غطاءٍ لمزيد من الانتهاكات".
وكشف أن هارنيس، خلال اجتماع ضم سفراء غربيين، زعم أن المعتقلين لا يتجاوزون 5% من إجمالي نحو 1200 موظف أممي، في محاولة لتخفيف وقع الانتهاكات. لكنه عاد ليعلن توصله إلى اتفاقٍ مبدئي مع الحوثيين للإفراج عن المحتجزين، "انهار خلال ساعات بعدما شنت المليشيا حملة جديدة طالت أكثر من خمسين موظفًا".
ووفقًا للحميري، فقد اقتحم مسلحون حوثيون خلال سبتمبر الماضي عدة مكاتب أممية بينها اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، واستولوا على وثائق ومعدات من داخلها، فيما التزم المكتب الأممي في صنعاء الصمت الكامل حيال هذه الحوادث.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن المنظمات الدولية العاملة في مناطق الحوثيين أصبحت تعمل "تحت رحمة الميليشيا"، في ظل غياب أي موقف واضح من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.