قال الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف أدر منذ وقت مبكر أن الإلحاد ليس مجرد انحراف عقدي طارئ، وإنما نتيجة تراكمات فكرية ونفسية واجتماعية معقدة، وأن التعامل معه لا يجوز أن يكون انفعاليًّا أو تقليديًّا، بل يستوجب إعداد رؤية علمية متكاملة، تجمع بين الفهم العميق للأسباب، والتخطيط الدقيق للمواجهة، بأساليب تعتمد على العقل والحوار والمعرفة، لا على الإدانة والتجريم.

وأضاف وزير الأوقاف في تصريح خاص لـ" صدى البلد" أن الوزارة تبنت استراتيجية شاملة لمعالجة هذا التحدي، تقوم على فهم دقيق لجذوره، فقد أظهرت دراساتنا وتحليلاتنا المستمرة أن أحد أبرز أسبابه بين الشباب هو التشويه الذي لحق بصورة الدين بفعل جماعات التطرف والتشدد، التي ربطت بين الدين والعنف، حتى ظن بعض الشباب أن التدين لا يكون إلا قهرًا واستعلاءً واستباحة للدماء، فكان الرد الطبيعي من بعضهم هو الرفض الكامل، لا للتطرف فحسب، بل لفكرة الدين ذاتها.

وأوضح الأزهري كشفت دراستنا عن تأثر فئة من الشباب بالحضارة الغربية من باب الانبهار، لا من باب الإقناع، فحين يرون تفوقًا ماديًّا وتقدمًا علميًّا واقتصاديًّا في مجتمعات تنكر الألوهية، بينما تعاني بعض المجتمعات المسلمة من التخلف والضعف، يختلط لديهم ميزان المفاضلة، ويقعون في فخ التعميم، دون وعي بحقيقة العلاقة بين الدين والتقدم، ودون إدراك بأن الأزمة ليست في الدين، بل في غياب تطبيقه على الوجه الصحيح.

وزير الأوقاف لـ "صدى البلد": الإعلان عن مسابقة للأئمة والعمال مرهون بتوفير درجات مالية جديدةمفتي ولاية بيراك لـ وزير الأوقاف: نلجأ إلى مصر لمواجهة التشددِّ والأفكار المنحرفةوزير الأوقاف لـ " صدى البلد" : قرار إلغاء صناديق التبرعات من المساجد لا رجعة فيهوزير الأوقاف لـ صدى البلد: خطة توعوية لتثقيف الحجاج وتأهيل الأئمة والواعظات المرافقين للبعثةوزير الأوقاف: تنويع صكوك الأضاحي هذا العام لملاءمة مختلف القدرات..والدفع بحساب بنكي| خاص

ولم تغفل استراتيجيتنا السبب الثالث، وهو الأمية الدينية، فالكثير من الملحدين – خصوصًا من فئة الشباب – يفتقرون إلى الحد الأدنى من المعرفة الصحيحة عن الإسلام، فتتلقفهم الشبهات ويُغرَون بسطحية الفكر الإلحادي الذي يقدّم لهم إجابات سريعة لمعارك فكرية لم يخوضوها من قبل، وهنا تأتي أهمية نشر الوعي الديني الوسطي، القائم على الفهم العميق والشرح العقلاني، لا على مجرد التلقين أو الحفظ

أما العامل الرابع الذي واجهناه بجدية، فهو الفضاء الإلكتروني المفتوح، والذي بات مساحة خصبة لترويج الأفكا الإلحادية وتداول الشبهات، إذ يتفاعل الشباب مع محتوى رقمي مؤثر، دون وجود خطاب ديني رقمي موازٍ، يستطيع أن يخاطب عقولهم بلغتهم، ويفنّد تلك الشبهات بحكمة وعلم وثقافة عالية.

واستكمل: شرعت الوزارة في خطوات عملية متعددة، أبرزها إعداد خطاب ديني عقلاني وعصري، يعتمد على البرهان العقلي، ويخاطب الفئات الشابة بلغتهم الفكرية، بعيدًا عن الأسلوب الوعظي التقليدي الذي لم يعد مؤثرًا في كثير من الأحيان، كما شرعنا في تفكيك الشبهات الفكرية التي تُبث في مجالات علمية كعلم الكونيات والأحياء والأعصاب، من خلال إعداد محتوى متخصص، يقدّم تفسيرًا علميًّا دقيقًا لما يثيره الفكر الإلحادي في هذه المجالات.

كما توسعنا في تنظيم اللقاءات الفكرية في المدارس والجامعات، وحرصنا على أن تكون تلك اللقاءات مفتوحة وحوارية، لا تلقينية أو وعظية، كي نفتح المجال للعقل الشاب أن يُسائل ويبحث ويُناقش، ونرد عليه بمنهجية تحترم فكره، وتزوده بأدوات الفهم السليم.

وزير الأوقاف لـ صدى البلد: قانون ضبط الفتوى يقضي على فوضى الإفتاءوزير الأوقاف لـ "صدى البلد": بناء الإنسان المصري جوهر مشروع تجديد الخطاب الديني

واختتم وزير الأوقاف تصريحاته قائلا: في ظل سطوة الإعلام الجديد، عززنا الحضور الرقمي للمحتوى الديني المستنير، من خلال منصات متخصصة على وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم محتوىً جذّابًا وموثقًا، يعالج القضايا الفكرية بأسلوب يناسب العقل المعاصر، ويواجه الفكر بالفكر، والحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان.

وقطعنا في هذا الطريق أشواطًا متقدمة، بفضل الله، واستطعنا استعادة ثقة الكثير من الشباب، وفتحنا أمامهم أبوابًا جديدة لفهم الدين، لا بوصفه طقوسًا مغلقة، بل رؤية شاملة للحياة والكون والإنسان، تعتمد العقل والنص معًا، وتحترم الأسئلة بدلًا من أن تقمعها، وتقدم الدين في صورته الحقيقية: رحمةً، وعدلًا، وحكمةً، وسموًّا إنسانيًّا.

طباعة شارك الإلحاد وزير الأوقاف جماعات التطرف الفضاء الإلكتروني

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإلحاد وزير الأوقاف جماعات التطرف الفضاء الإلكتروني وزیر الأوقاف لـ صدى البلد

إقرأ أيضاً:

مباحثات مثمرة عقدها وزير الأوقاف اليمني مع عدد من نظرائه في الدول العربية والإسلامية

  

بحث وزير الأوقاف والإرشاد، الدكتور محمد شبيبة، مع عدد من نظرائه في الدول العربية والإسلامية، على هامش مشاركته في الحفل الختامي لموسم حج عام 1446هـ، الذي نظمته وزارة الحج والعمرة السعودية، سبل تعزيز التعاون الثنائي، وتبادل التجارب في إدارة شؤون الحج والعمرة، وتعزيز التنسيق بما يخدم الخطاب الديني المعتدل، ويسهم في ترسيخ القيم الإسلامية الجامعة.

 

وتبادل الوزير شبيبة مع نظيره السوري، الدكتور محمد أبو الخير شكري، الرؤى حول دور المؤسسات الدينية في مواجهة الأخطار المحدقة بالأمة، وفي مقدّمتها خطر الطائفة السياسية التي يغذيها المشروع الإيراني، سعيًا لإضعاف النسيج العربي والإسلامي من الداخل، عبر أدوات الفوضى والتطييف المذهبي.

 

وأكد الجانبان أن اليمن وسوريا، بما لهما من عمق حضاري وديني، لن تكونا ساحة مستباحة لهذه المشاريع، بل حصنًا منيعًا في وجه كل محاولات تشويه الإسلام وتفكيك مجتمعاته. وأشارا إلى أن دمشق، كما عادت إلى الحضن العربي من براثن المشروع الصفوي، ستعود صنعاء بإذن الله، وأن وحدة الكلمة والموقف بين علماء البلدين تمثل خطوة مهمة في استعادة التوازن الفكري والديني، في مواجهة موجات التطرف والغلو والانقسام.

 

كما بحث معالي الوزير مع فضيلة رئيس الشؤون الدينية في الجمهورية التركية، البروفيسور علي أرباش، سبل تعزيز التعاون في مجالات الإرشاد وتبادل الخبرات، بما يخدم حاضر الأمة ومستقبلها.

 

وخلال اللقاء، أشار معالي الوزير شبيبة، إلى عمق العلاقات التاريخية بين اليمن وتركيا، الممتدة بحكم وحدة الدين والرسالة والمصير، مؤكدًا أن توافق الخطاب الديني لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة استراتيجية في ظل التحديات المتزايدة، وتشويه المفاهيم.

 

وقال: “لقد بات من واجب القيادات الدينية أن تسهم في صياغة خطاب رشيد، يعزز الهوية الإسلامية الجامعة، ويُحيي في النفوس معاني الرحمة والاعتدال، ويقف بوعي وحزم في وجه محاولات تفتيت الأمة، ومشاريع التغريب أو التطييف التي تعبث بوعي الأجيال”.

 

واتفق الجانبان على ضرورة الدفاع عن قضايا الأمة العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بكل ما تحمله من رمزية دينية وإنسانية، وأن يبقى الجميع أوفياء للحق، بعيدًا عن التوظيف والاصطفاف.

 

وفي السياق ذاته، جدّد الوزير شبيبة، خلال لقائه وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى نجم، موقف الجمهورية اليمنية الثابت، قيادةً وشعبًا، إلى جانب فلسطين وأبنائها المرابطين، مؤكدًا أن ذلك ليس تفضلاً ولا منّة، بل التزام أخلاقي وعقائدي وانتماء طبيعي لهوية الأمة التي لم تتخلّ عن قضاياها، مهما كانت التحديات.

 

وشدّد معاليه على وقوف اليمن الكامل إلى جانب الأشقاء في فلسطين، داعيًا مكونات الأمة كافة إلى رفع الصوت ضد الجرائم الجارية في غزة، والعمل من أجل وحدة الصف وتعزيز التضامن، بعيدًا عن لغة المحاور والمزايدات.

 

وأوضح أن موقف اليمنيين مع فلسطين، تاريخيًا، كان قولًا وفعلًا، دون استثمار سياسي رخيص أو توظيف طائفي مبتذل كما تفعل مليشيا الحوثي، التي ترفع شعار “القدس” بلسان، وتطعن خاصرة اليمن بخنجر الطائفية والوصاية الإيرانية بيد أخرى. مؤكدًا أن مقاومة الاحتلال لا تكون بخطف أوطان أخرى، أو تبرير الجرائم الداخلية بشعارات زائفة، بل عبر المواقف الصادقة، والانحياز الحقيقي للحقوق، والدعم النزيه للقضية الفلسطينية بلا أجندات.

كما التقى معالي الوزير بكل من، وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الجمهورية الجزائرية، الدكتور يوسف بلمهدي، ووزير الشؤون الدينية في الجمهورية التونسية، أحمد البوهالي، ووزير الإرشاد والحج والأوقاف في جمهورية أفغانستان الإسلامية، الدكتور نور محمد ثاقب. وجرى خلال هذه اللقاءات بحث آفاق التعاون المشترك في مجالات الأوقاف والإرشاد الديني، وتبادل التجارب في إدارة شؤون الحج والعمرة، وتعزيز التنسيق بما يخدم الخطاب الديني المعتدل، ويسهم في ترسيخ القيم الإسلامية الجامعة، وتعزيز الروابط الأخوية بين بلداننا وشعوبنا.

مقالات مشابهة

  • مباحثات مثمرة عقدها وزير الأوقاف اليمني مع عدد من نظرائه في الدول العربية والإسلامية
  • رئيس بورفؤاد يكشف لصدى البلد تفاصيل تطوير شاطئ المدينة لزيادة الجذب السياحي
  • الأوقاف تنظم أمسية ثقافية في مسجد العلي العظيم بحضور وزراء وشخصيات عامة
  • بحضور عدد من الوزراء.. الأوقاف تقيم أمسية ثقافية بمسجد العلي العظيم
  • وزير الأوقاف ينعي خالد محمد شوقي الذي افتدى "بجسده "أهل العاشر من رمضان
  • وزير الأوقاف اليمني: نتابع شكاوى الحجاج بمسؤولية.. ولا نُحاكم بلا بينة
  • سوريا.. وزير الأوقاف يشعل ضجة بما قاله أمام محمد بن سلمان ورد فعل الأخير
  • الأوقاف تنظم احتفالية دينية بمسجد العلي العظيم بحضور وزير الأوقاف
  • وزير الأوقاف السوري: قلبي يحدثني بأن يكون توحيد كلمة المسلمين على يد ولي العهد
  • وزير أوقاف سوريا: "قلبي يحدثني بأن يكون توحيد كلمة المسلمين على يد ولي العهد"