سوريا بين شبح العقوبات وترتيبات إعادة التموضع الإقليمي
تاريخ النشر: 29th, April 2025 GMT
في أروقة الأمم المتحدة وعلى مقاعد مجلس الأمن، تتشكل ملامح مرحلة جديدة في الملف السوري، لكنها لا تخلو من التعقيد والغموض. بين مطالب أميركية صارمة بقطع طريق الإرهاب، وإبعاد النفوذ الإيراني، والتخلي عن أي دور للفصائل الفلسطينية، تقف دمشق عند مفترق طرق تاريخي، تحاول من خلاله التخفيف من العقوبات الخانقة وتلميع صورة الدولة الجديدة أمام المجتمع الدولي.
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، بلغة دبلوماسية ناعمة، أعاد التأكيد أن العقوبات لا تطال النظام فحسب، بل تساهم في تفشي اقتصاد الظل وتغذية الشبكات غير الشرعية، بينما تحرم البلاد من فرص التعافي الاقتصادي والعدالة الانتقالية. في المقابل، لم تغفل الإدارة الأميركية عن طرح شروط تبدو، في بعض جوانبها، تعجيزية، مما يوحي بأن واشنطن لا تبحث فقط عن تغيير في السلوك، بل عن تغيير في البنية السياسية العميقة.
في الخلفية، تتسارع تحركات إقليمية غامضة. فقد شهدت دمشق، لأول مرة منذ عقود، زيارات حاخامات من أصول سورية إلى مسقط رأس أجدادهم، وسط ترحيب إعلامي إسرائيلي لافت. بالتوازي، جرت زيارات نادرة لشيوخ دروز إلى الأراضي المحتلة، في خطوات تبدو كمحاولات متقدمة لاختراق الحواجز النفسية بين مكونات الجغرافيا السورية وإسرائيل، استعدادًا لاحتمالات جديدة للتموضع السياسي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فتتوالى الأنباء عن جهود تقودها الرياض والدوحة لإنهاء ملف الديون السيادية السورية المتعثرة، مما يمهد الطريق لتحريك ملف إعادة الإعمار الذي ظل حتى الآن رهينة للصراعات الدولية والإقليمية. ومن المتوقع أن تسدد السعودية جزءًا من متأخرات سوريا لدى البنك الدولي، في خطوة قد تفتح الباب أمام تدفق منح وقروض بمئات الملايين لإصلاح قطاعي الكهرباء والبنية التحتية.
وفي كواليس هذه الترتيبات، تجري اتصالات سرية مع الجانب الروسي، الذي بدا أكثر انفتاحًا على تخفيف الحضور العسكري المباشر، مقابل ضمان مصالحه الاقتصادية والأمنية عبر صيغ جديدة للشراكة مع السلطة السورية ومؤسسات دولية، في مشهد يُراد له أن يعيد رسم خريطة النفوذ بطريقة أكثر مرونة وأقل صدامًا مع الغرب.
تبدو سوريا اليوم ساحة اختبار كبيرة: هل تنجح القيادة الجديدة في تجاوز إرث الماضي، والالتفاف على شروط الغرب الثقيلة؟ أم أن شبكة المصالح الإقليمية والدولية ستعيد إنتاج أزمات قديمة بثوب جديد؟
في كل الأحوال، لم يعد المشهد السوري شأنًا داخليًا خالصًا، بل أصبح قطعة شطرنج تتحرك فيها أيادٍ كثيرة في الخفاء، بانتظار اللحظة التي يتم فيها الإعلان عن قواعد اللعبة المقبلة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سوريا دمشق المشهد السوري
إقرأ أيضاً:
ميلز: الرئيس ترامب سيصدر أمراً تنفيذياً بإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا
دمشق-سانا
أكد عضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز أن الرئيس دونالد ترامب يريد لسوريا أن تكون بلداً موحداً حراً مستقراً، وسيصدر خلال أيام أمراً تنفيذياً يلغي مجموعة من العقوبات المفروضة عليها.
وقال ميلز في مقابلة اليوم مع تلفزيون سوريا: “تخلصت سوريا من نظام ديكتاتوري حكمها لأكثر من 50 عاماً، وحان الوقت لأن تكون لديها فرصة، ونريد لها أن تكون دولة موحدة مستقرة، ولن نضيع الكثير من الوقت”.
وأوضح عضو الكونغرس أنه عندما يوقع الرئيس ترامب الأمر التنفيذي، فأول ما سيحدث هو قيام وزارة الخزانة الأمريكية برفع العقوبات والسماح بالتحويلات المالية والتجارة الحرة مع سوريا، لافتاً إلى أن إبطال “قانون قيصر” يتطلب قيام لجنة التشريعات بجمع الأصوات اللازمة في الكونغرس.
وأشار ميلز إلى أن بلاده ستقوم مع دول المنطقة بمساعدة سوريا الجديدة، من خلال اتفاقيات ثنائية واقتصادية مشتركة، للمساهمة في عملية إعادة بنائها.
وقال عضو الكونغرس: “نرغب بأن تكون علاقاتنا مع سوريا إستراتيجية”، موضحاً أن رفع العقوبات الأمريكية عنها سيساعد في إعادة الإعمار والازدهار، وبناء القدرات والنمو الاقتصادي.
تابعوا أخبار سانا على