ضجة قراءة الفاتحة على البابا فرنسيس.. فيديو رئيس اندونيسيا السابق يجدد جدل الترحم على غير المسلمين
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أشعل الرئيس الإندونيسي السابق، جوكو ويدودو، تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مقطع فيديو نشره خلال حضور جنازة بابا الفاتيكان الراحل، فرنسيس، وقراءة الفاتحة على نعشه.
View this post on InstagramA post shared by Joko Widodo (@jokowi)
وكان الرئيس الإندونيسي قد نشر مقطع فيديو على صفحته المعرّفة بمنصة "انستغرام" يظهر ملخصا من حضوره للمراسم ومنها لقطة قراءة الفاتحة على نعش البابا فرانسيس الأمر الذي جدد الجدل حول حكم الترحم على غير المسلمين.
وهناك انقسام حول جواز الترحم والصلاة والدعاء وغيرها من الأمور المتعلقة بالميت إذا كان غير مسلم، فممن قالوا بعدم جواز ذلك هو مفتي المملكة العربية السعودية الراحل، عبدالعزيز بن باز، الذي قال في إجابة على سؤال منشور على موقعه الرسمي: " ما من مات من اليهود أو النصارى أو عباد الأوثان وهكذا من مات تاركًا للصلاة أو جاحدًا لوجوبها هؤلاء كلهم لا يدعى لهم ولا يترحم عليهم ولا يستغفر لهم؛ لقول الله: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة:113]، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه استأذن ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له سبحانه مع أنها ماتت في الجاهلية لم تدرك الإسلام لكنها ماتت على دين قومها على عبادة الأوثان، فاستأذن ربه فلم يأذن له أن يستغفر لها، فإذا كان امرأة ماتت في الجاهلية على دين الأوثان لم يؤذن له أن يستغفر لها وهي أمه، فكيف بغيرها عليه الصلاة والسلام؟ فالذي مات على الكفر لا يستغفر له ولا يدعى له، لا تارك الصلاة، ولا عابد القبور، ولا اليهودي، ولا النصراني، ولا الشيوعي، ولا القادياني، ولا أشباههم ممن يتعاطى ما يكفره ويخرجه من دائرة الإسلام".
بالمقابل، قال المدير العام السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة بالمملكة العربية السعودية، عبدالعزيز الغامدي بتصريحات سابقة العام 2021 إنه لا "وجود لأدلة تمنع الترحم على الكافر"، موضحا: "أرى أنه يجوز الترحم على الكافر لأنه ليس استغفارا، وقد فرق الله سبحانه وتعالى، وإنما نهى على الاستغفار ’ ما كان للنبي والذين آمنو أن يستغفروا للمشركين‘ وهذا نهي عن الاستغفار فقط.."
وتابع الغامدي حينها قائلا: "أما الرحمة فهي أوسع، رحمة الله وسعت كل شيء وليس مقتضى الرحمة أن يخرج الكافر من النار أو أنه يدخل الجنة وإنما تكون بالتخفيف من عذابه، كما سُئل النبي صل الله عليه وسلم عن عمه، قال قل نفعت عمك بشيء فقد كان يدافع عنك؟ قال نعم هو في ضحضاح من النار ولولاي لكان في الدرك الأسفل منها"، لافتا إلى أن "الترحم غير الاستغفار والترحم جائز وليس فيه غضاضة بل هو فيه إظهار لعظمة رحمة الله وأنها وسعت كل شيء كما قال جل وعلا.."
وردا على حديث النبي محمد حول طلب الاستغفار لأمه، قال الغامدي في تدوينة نشرت العام 2021: "حديث ان الله لم يأذن للرسول ان يستغفر لامه ضعيف الاسناد منكر المتن فأم رسول الله من أهل الفترة ماتت قبل ان يبعث الرسول، وفي سنده مروان بن معاوية مدلس تكثر روايته عن الضعفاء والمجهولين وفيه يزيد بن كيسان قال أبو حاتم :لا يحتج به، ولينه يحيى القطان قليلا وقال ابن حبان يخطئ ويخالف".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الإسلام البابا فرنسيس الحرم المكي المسيحية النبي محمد تغريدات مكة وسائل التواصل وسائل التواصل الاجتماعي الترحم على
إقرأ أيضاً:
لبنان بين ابتسامة بارّاك وعدوان إسرائيل: قراءة في الرسائل الأمريكية المبطّنة
لم يكن من السهل على الوفد اللبناني الرسمي أن يقرأ بدقّة ما حمله الموفد الأمريكي توماس بارّاك خلال زيارته الثانية إلى بيروت، لكنّ من تابع تعابير وجه الرجل، وتقلّبات جسده خلال اللقاءات الرسمية، كان بإمكانه أن يدرك أن ابتسامته الدائمة لم تُخفِ حقيقة الرسائل المقلقة التي جاء بها. فقد أطلّ علينا بديبلوماسية هادئة ولطيفة، لكنّها كانت محمّلة بما يكفي من الإشارات "الساخنة" التي لا يمكن إغفالها.
بكلمات قليلة، قالها أمام الرؤساء اللبنانيين: "دبّروا رؤوسكم"، لا قرارات حاسمة من الخارج، ولا جدول زمنيا ملزما من واشنطن، بل "افعلوا ما تقدرون عليه بأنفسكم". وتلك الجملة وحدها تختصر تماما المقاربة الأمريكية الجديدة لملف سلاح "حزب الله": المسؤولية لبنانية أولا، ولا أحد في الخارج مستعدّ لخوض هذه المعركة بالنيابة عنكم.
وبعيدا عن اللهجة التصعيدية التي كانت تتوقّعها بعض الجهات اللبنانية، اختار بارّاك أن يلعب لعبة الرسائل المشفّرة. فبدلا من التصريحات الحادّة والتهديدات المباشرة، عمد إلى تكريس سياسة "الإدارة الهادئة للأزمات" التي تتّبعها إدارة ترامب في المدى الراهن، ريثما تتّضح مسارات الحرب في غزة واليمن وإيران. لكنه، رغم ذلك، أطلق أربع إشارات واضحة:
بعيدا عن اللهجة التصعيدية التي كانت تتوقّعها بعض الجهات اللبنانية، اختار بارّاك أن يلعب لعبة الرسائل المشفّرة. فبدلا من التصريحات الحادّة والتهديدات المباشرة، عمد إلى تكريس سياسة "الإدارة الهادئة للأزمات" التي تتّبعها إدارة ترامب في المدى الراهن، ريثما تتّضح مسارات الحرب في غزة واليمن وإيران
1- شرعنة يد إسرائيل في الجنوب: أقرّ عمليا بحق إسرائيل في أن تفسّر وقف إطلاق النار كما تشاء، في ظل غياب أي لجنة مراقبة فاعلة، وفي ظل استمرار الغارات المحدودة والخرق المنهجي للقرار 1701.
2- تحديد مكان لبنان في الخريطة الإقليمية الجديدة: أوضح بارّاك أن سوريا الجديدة قد حجزت مكانها في التوازنات المقبلة، أما لبنان فهو على حافة الخروج منها ما لم يقدّم تنازلات فعلية، سياسية وأمنية واقتصادية.
3- تبرير الضغط الدولي القادم: أشار إلى أن الحزب والدولة سيتعرّضان لضغط متصاعد، سواء عبر العقوبات أو عبر التضييق على المساعدات أو عبر التحريض الدولي.
4- فتح الباب لصدام داخلي حول السلاح: حملت زيارته بذور الفتنة الوطنية، حين ألقى الكرة مجددا في ملعب اللبنانيين، داعيا إياهم إلى الاتفاق فيما بينهم حول مصير السلاح، وكأن هذا الملف لم يكن جوهر النزاعات السياسية منذ عام 2005.
وكان توقيت زيارة بارّاك متقاطعا مع لقاء نتنياهو- ترامب في واشنطن، ووسط أجواء تفاؤلية غير مسبوقة بعد الضربة التي أصابت إيران في عمق بنيتها النووية والصاروخية. وهذه اللحظة تُعتبر لدى واشنطن وتل أبيب "فرصة ذهبية" يجب استغلالها لتوجيه ضربة استراتيجية إلى "حزب الله"، ضمن ما تصفه إسرائيل بـ"إزالة التهديد شمالا".
لقد فقدت إيران الشريان السوري الذي كان يربطها عسكريا بـ"الحزب"، كما أن تركيزها بات اليوم منصبّا على إعادة بناء دفاعاتها، لا على دعم الحلفاء. أما مفهوم "وحدة الساحات"، فقد تلقّى أكثر من ضربة قاتلة، من بيروت إلى صنعاء. وخاض "الحزب" آخر معاركه، قبل شهور، من دون أن يتلقى دعما مباشرا يُذكر من أي من محوره، ما جعل واقعه القتالي أكثر هشاشة.
وفي ظل ذلك، تدفع إسرائيل، وبدعم أمريكي غير معلن، نحو تغيير قواعد الاشتباك. فبعدما قصفت البنية التحتية لحزب الله في الجنوب والداخل، قد تكون المرحلة المقبلة مخصّصة لضرب الهيكل القيادي والتكتيكي للحزب، بالتوازي مع تسريع الضغط السياسي والاقتصادي على الحكومة اللبنانية، التي باتت أمام معادلة شبه مستحيلة: إرضاء الأمريكيين والإسرائيليين من دون الاصطدام بالحزب.
جزء مهم من خطة بارّاك -كما فُهم من ورقته الأولى- يركّز على أسلحة "حزب الله" النوعية: الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة ومصانع التطوير والتصنيع. هذه الأسلحة موجودة بمعظمها في مناطق شمال الليطاني، وتشكّل الخطر الحقيقي على إسرائيل. لكن اللافت أن لا حديث أمريكيا واضحا عن السلاح الفردي والمتوسط في تلك المناطق، ما يثير سؤالا مقلقا: هل تُترك هذه الأسلحة لتتحوّل إلى عنصر تفوّق داخلي يستخدمه الحزب في السياسة؟ أم أن تركها جزء من تفاهم غير معلن لضمان بقاء "الحزب" كقوة سياسية مؤثرة شرط التخلي عن القدرة الهجومية؟
في المقابل، يتهيّأ المشهد السياسي الداخلي لصدام جديد. فبين قوى لبنانية تعتبر أن المرحلة مناسبة لحسم ملف السلاح، وأخرى متمسّكة بالمقاومة كخيار لا بديل له، يصبح من الصعب رسم أي "تفاهم داخلي" قريب. في هذا السياق، لمّح بارّاك إلى أن مسار الدعم المالي الخارجي سيُربط بتنفيذ الإصلاحات، ولكن أيضا بتقديم تنازلات في ملف السلاح، وهو ما قد يفاقم الضغوط على الحكومة ويدفع "الحزب" إلى إعادة تقييم موقعه.
ومع ذلك، لا مؤشرات على قرب تنازل جذري من طرف "حزب الله". بل إن السيناريو الأقرب، وفق التقديرات، هو أن تصعّد إسرائيل عملياتها، وأن تردّ واشنطن بمزيد من الضغوط غير المباشرة، بينما يتمسّك "الحزب" بسلاحه، ولو مقابل خسائر ميدانية كبيرة.
لبنان اليوم أمام لحظة مفصلية: فإما أن يبتكر تسوية سياسية تنقذ ما يمكن إنقاذه، أو يدخل في مسار الفوضى، حيث لا أحد يمكنه التنبؤ بنتائج الانهيار. أما "حزب الله"، فهو أمام خيار وجودي: إما أن يقدّم تنازلات مرحلية تضمن له البقاء في اللعبة، أو يواجه خطر التصفية في لحظة إقليمية متحوّلة لا ترحم أحدا
وكل ما قاله بارّاك في زيارته الأخيرة بدا مهادنا، من دعوته للحوار إلى حديثه عن عدم وجود جدول زمني صارم. لكن خلف هذه اللغة، يمكن رصد استراتيجية واضحة: إفساح المجال للضغط الإسرائيلي، ورفع اليد الأمريكية عن الدولة اللبنانية في حال لم تُنفذ المطلوب.
وفي الكواليس، تحدثت مراجع دبلوماسية أن ما قاله بارّاك عن "عدم وجود مهلة زمنية" هو مجرد ستار دخاني. فخطة نزع السلاح التي عُرضت في حزيران/ يونيو الماضي تضمنت مراحل واضحة، يفترض أن تنتهي في تشرين الأول/ أكتوبر، لذا فإن "كل ما يجري هو محاولة لإبقاء لبنان في حالة ترقّب، بينما تُحضّر إسرائيل لجولة جديدة من التصعيد".
وبارّاك ليس مجرد ديبلوماسي لبق، هو رجل مهمة، ويعرف تماما ما يريد. وقد أكّد بوضوح أنّ بلاده تقف إلى جانب إسرائيل، وأن على اللبنانيين أن "يدبّروا أمورهم" قبل فوات الأوان. وهو قال صراحة إن أمام لبنان ثلاثة أشهر فقط قبل أن تتغيّر المعادلات: إما تقدّم حقيقي في ملف السلاح، أو لا مساعدات ولا إعادة إعمار، بل فوضى قد تقلب المعادلة برمّتها.
وأخطر ما في زيارة بارّاك ليس في مضمون الورقة التي حملها، ولا في مواقفه التي أطلقها، بل في انكشاف حجم التناقض بين الداخل اللبناني والخارج. ففي الوقت الذي تتقدّم فيه تل أبيب نحو "معادلة أمنية جديدة" في الشمال، تتخبّط بيروت في نقاشات دستورية حول صلاحيات الرؤساء، وبينما تستعد واشنطن لجولة مفاوضات جديدة مع طهران، يجهد اللبنانيون لترقيع ردّهم على الورقة الأمريكية.
لذا، فإن لبنان اليوم أمام لحظة مفصلية: فإما أن يبتكر تسوية سياسية تنقذ ما يمكن إنقاذه، أو يدخل في مسار الفوضى، حيث لا أحد يمكنه التنبؤ بنتائج الانهيار. أما "حزب الله"، فهو أمام خيار وجودي: إما أن يقدّم تنازلات مرحلية تضمن له البقاء في اللعبة، أو يواجه خطر التصفية في لحظة إقليمية متحوّلة لا ترحم أحدا.