لجريدة عمان:
2025-06-03@10:28:13 GMT

السير على حبل ترامب المشدود في البنك والصندوق

تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT

أصبح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في موقف صعب. تأسّست المنظمتان لتعزيز القواعد العالمية ودعم التنمية، وهما الآن عالقتان بين أمريكا ذات النزعة القومية العدوانية ــ أكبر المساهمين فيهما ــ وبقية العالم. فإذا تحدث قادتهما بالحقيقة في وجه الجبروت، فإنهم يخاطرون باستفزاز غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وإذا لم يفعلوا ذلك، فإنهم يجازفون بخسارة شرعيتهم.

كان التحدي المتمثل في السير على هذا الحبل المشدود واضحا في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي. تتمثل مهمة صندوق النقد الدولي في حراسة أسعار صرف الدول وسياساتها التي تؤثر على الاستقرار المالي العالمي. وهذا يتضمن «تنبيه» أولئك الذين تؤدي أفعالهم إلى إفقار جيرانهم. ولكن حتى الآن، لم يذكر الصندوق الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الخارق الرئيسي للقواعد. ولكن قبل اجتماعات الربيع، ردت المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على سلوك إدارة ترامب الذي لا يمكن التنبؤ به من خلال الاعتراف بحالة انعدام اليقين «الخارجة عن المألوف» التي أحدثتها الرسوم الجمركية الأمريكية، مؤكدة على الحاجة إلى استقلالية البنوك المركزية، وحثت البلدان على تجنب «إحداث الأذى بنفسها». في أوائل شهر أبريل، أكد رئيس البنك الدولي أجاي بانجا على تركيز البنك على مهمته الأساسية: دفع عجلة التنمية والحد من الفقر. لعقود عديدة من الزمن، دعم البنك الدولي الجهود المبذولة ــ وبخاصة الاستثمارات في البنية الأساسية ــ لانتشال ملايين الأشخاص من براثن الفقر.

لكن تفكيك ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) تسبب في تقليص البرامج التي مكنت البنك من القيام بعمله. ولكن بدلا من معالجة هذه القضية في اجتماعات الربيع، ركز بانجا على خلق فرص العمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة في مختلف أنحاء العالم. بدأ البنك أيضا في الترويج لحلول الطاقة النووية وحلول الطاقة غير المنحازة تكنولوجيا لتملق الإدارة الأمريكية التي تتحسس من العمل المناخي. سوف تحدد الطريقة التي يتعامل بها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مع إدارة ترامب مدى فعاليتهما. وتقدم الأيام المائة الأولى من ولاية ترامب الثانية رؤى حول الاستراتيجية التي ينبغي لهما اتباعها.

أولا، ربما تكون المؤسستان مستهدفتين وينبغي لهما أن تخططا وفقا لذلك. يُظهر استيلاء ترامب على مركز جون كينيدي للفنون المسرحية في واشنطن أن أي منظمة لن تكون في مأمن ــ تستعد بعض أكبر المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية الأمريكية بالفعل لخفض التمويل. علاوة على ذلك، ذُكِـرَ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مشروع 2025، وهو مخطط رئاسة ترامب الثانية المحافظ الذي نشرته مؤسسة التراث، والذي جرى تضمينه في مراجعة المائة والثمانين يوما من مشاركة الولايات المتحدة في المنظمات الدولية التي أمر ترامب بإجرائها في الرابع من فبراير. صحيح أن الفريق الذي يشرف على المراجعة أُقيل، مما أدى إلى إرباك العملية.

لكن ذلك قد لا يشكل عائقا، نظرا لميل الإدارة الأمريكية إلى التصرف دون ضبط النفس.

ثانيا، يتعين على صناع السياسات صدّ التهديدات غير الجديرة بالثقة. عندما أصبح مارك كارني رئيسا لوزراء كندا في مارس، بعد استقالة جاستن ترودو، أصر في أول محادثة له مع ترامب على أن يعترف الرئيس الأمريكي بسيادة كندا (خاطب ترامب كارني أيضا بلقب «رئيس الوزراء»، في حين كان يشير إلى ترودو في كثير من الأحيان بلقب «الحاكم»). وكان من المفيد أن وعيد ترامب بضم كندا كان يفتقر إلى الدعم السياسي في واشنطن، ناهيك عن افتقاره إلى خطة قابلة للتنفيذ.

الوضع أكثر غموضا إلى حد ما بالنسبة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ففي اجتماعات الربيع، انتقد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت المؤسستين، لكنه قال إن الولايات المتحدة ستحافظ على دورها القيادي وتعمل على توسيع نفوذها العالمي. الآن، يتعين على الدول الأخرى أن تقرر إلى أي مدى هي مستعدة للسماح لمساهم واحد بتحديد مستقبل المؤسسات التي تعتمد على مساهماته المالية ومشاركته.

ثالثا، لا تعمل أي مؤسسة بمعزل عن غيرها. فسوف يؤثر رضوخ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمطالب ترامب، وكيفية هذا الرضوخ، على النظام البيئي الذي تعمل فيه المؤسستان. ربما ضمنت شركات المحاماة الأمريكية التي استسلمت لترامب، الذي لوّح بالتهديد بإصدار أوامر تنفيذية غير قانونية، بقاءها، لكنها قوّضت شرعية النظام القانوني الأمريكي.

وينطبق الأمر ذاته على جامعة كولومبيا، التي تسبب رضوخها للرقابة الحكومية في تقويض الحرية الأكاديمية. تعتمد قدرة صندوق النقد الدولي على تحقيق أهدافه على ثقة محافظي البنوك المركزية وصناع السياسات في مختلف أنحاء العالم، وتستلزم صيانة هذه الثقة تقديم تقارير دقيقة عن الاقتصاد العالمي. أما البنك الدولي فيعتمد من جانبه على آلاف الشركات والمنظمات المجتمعية في مختلف أنحاء العالم النامي، ويضع نهجه في التعامل مع مشاريع البنية الأساسية والطاقة معايير يحتذي بها آخرون.

رابعا، وكما اكتشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يولي ترامب أهمية كبرى للعلاقات الشخصية. لكن الاستجابة الصحيحة ليست الاستسلام. فقد تمكّنت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر من الحفاظ على علاقة عمل مع ترامب عن طريق توظيف الإطراء وتجنب الالتزامات الملموسة. وهذه منطقة غير مألوفة بالنسبة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين اعتاد قادتهما على العمل مع وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، وكذا مع الكونجرس. والآن، يتعين على مدير عام صندوق النقد الدولي ورئيس البنك الدولي الاضطلاع بدور أكثر نشاطا في إدارة العلاقات مع البيت الأبيض.

إلى جانب إدارة ترامب، يجب أن يتذكر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أصحاب المصلحة الآخرين في الولايات المتحدة: الشعب الأمريكي. على سبيل المثال، ساعد الدعم من جانب منظمات دينية لتخفيف أعباء الديون عن البلدان الأكثر فقرا في تسعينيات القرن العشرين في تمكين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من العمل على هذه القضية.

أغلقت إدارة ترامب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) على الرغم من تحذيرات مسؤولي الوكالة من أن مليون طفل سيصبحون دون علاج لسوء التغذية الحاد، وأن ما يصل إلى 166 ألف شخص سيموتون بسبب الملاريا، وأن 200 ألف طفل آخر سيصابون بالشلل بفعل مرض شلل الأطفال خلال العقد المقبل. لكن كثيرين من الأمريكيين يدعمون المساعدات الخارجية، وأكثر من نصفهم يتبرعون للأعمال الخيرية كل عام، وذلك غالبا لمساعدة الأشد فقرا في بلدان أخرى. علاوة على ذلك، يستقطع ربعهم من وقتهم للعمل التطوعي، كما خدم حوالي 240 ألف أميركي في فيلق السلام منذ عام 1961. بينما يوجه قائدا صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هاتين المؤسستين نحو المستقبل، يتعين عليهما إيجاد توازن دقيق بين مواجهة البيت الأبيض والإذعان له. لكن البقاء في صف ترامب ليس كافيا لمتابعة مهامهما: بل يتعين عليهما أيضا أن يضعوا في الحسبان العالم داخل أمريكا وخارجها.

نجير وودز عميدة كلية بلافاتنيك للحكومة في جامعة أكسفورد.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولی والبنک الدولی لصندوق النقد الدولی الولایات المتحدة اجتماعات الربیع البنک الدولی إدارة ترامب الدولی فی

إقرأ أيضاً:

رد أعباء الصادرات| وزير المالية: الشريحة الخامسة لقرض النقد سيتم صرفها بداية العام المالي

برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في موازنة 2025/2026

زيادة مضاعفة بنسبة 100% مقارنة بالمخصصات الحالية

البرنامج جرى بالتنسيق مع كافة المجالس التصديرية

أهم رسالة في مؤتمر الغد هي إعلان البرنامج قبل بداية العام المالي

أطلق أحمد كوجاك، وزير المالية، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة" المذاع على قناة ON، مساء الاثنين، نرصد أبرزها في سياق التقرير التالي.

محافظ الدقهلية: استعدادات مكثفة بجميع مراكز ومدن وقرى المحافظة لاستقبال عيد الأضحىمحافظ القاهرة يفتتح معرض بازار القاهرة الخامس.. أهلًا بالعيد

علق أحمد كوجاك، وزير المالية، على فوزه بجائزة "أفضل وزير مالية إفريقي لعام 2025" من مجلة African Leadership Magazine، تكريمًا لجهوده في دعم الإصلاح الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة في مصر والقارة الإفريقية، قائلاً :"أي جائزة هي ثمرة عمل جماعي، وليست مجهودًا فرديًا، بل هي نتاج جهود فرق العمل داخل الوزارة، التي تعمل ليل نهار لصالح البلد."

وعن المؤتمر المزمع عقده غدًا بالتعاون بين وزارة المالية ووزارة الاستثمار والتجارة الخارجية للإعلان عن تفاصيل البرنامج الجديد لرد أعباء الصادرات، قال كوجاك خلال مداخلة هاتفية في برنامج "كلمة أخيرة" المذاع على قناة ON:"أهم ما يميز مؤتمر الغد هو أن البرنامج الجديد لدعم الصادرات سيتم الإعلان عنه قبل بداية العام المالي 2025/2026، وسيكون موجودًا وممولًا بالكامل من الموازنة، ما يعكس العودة إلى النهج الطبيعي في التخطيط المبكر. البرنامج سيكون واضحًا، ممولًا، ولا يتسبب في اي ـاخير ، ما يعني وضوح الرؤية للمصدرين وتجنب أية أزمة في السداد."
وأضاف:"المشهد الأهم هو إعلان البرنامج بالتعاون مع وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، وهو ما يعكس مستوى عالٍ من التنسيق والتكامل. وهذا هو النهج الصحيح، أن نعمل كفريق واحد في إطار شراكة حقيقية."
وأوضح كوجاك أن البرنامج الجديد تم الاتفاق  من خلال التنسيق الكامل مع كافة المجالس التصديرية، مشيرًا إلى أن:"فرق العمل في الوزارتين — المالية، والاستثمار والتجارة الخارجية — عملوا على البرنامج لفترة طويلة  متواصلة، بمنتهى التعاون والجدية."

وعن أهم ملامح البرنامج الجديد  قال  : "تشمل: مضاعفة التمويل إلى 45 مليار جنيه في موازنة 2025/2026، مقارنة بـ 23 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري.

وأشار إلى أن البرنامج  سيمتد لمدة ثلاث سنوات قابلة للمراجعة.
وزير المالية يكشف أخر مستحدات المفاوضات مع صندوق النقد وموعد صرف اشلريحة الخامسة من القرض

كشف أحمد كجوك، وزير المالية، عن موعد صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي، وهذا بعد المفاوضات المستمرة التي عقدتها مصر مع المسؤولين في الصندوق.

وقال كجوك، إن الأمور تسير بشكل إيجابي مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن الشريحة الخامسة من القرض سيتم صرفها في بداية العام المالي المقبل.

وأكد، أن كل المؤشرات الاقتصادية تدعم التعاون مع صندوق النقد الدولي وصرف الشريحة الخامسة.

إختتم : " الأمور تسير بشكل إيجابي مع صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن الشريحة الخامسة من القرض سيتم صرفها في بداية العام المالي المقبل.
 

طباعة شارك المالية أحمد كوجاك كوجاك وزير المالية

مقالات مشابهة

  • رد أعباء الصادرات| وزير المالية: الشريحة الخامسة لقرض النقد سيتم صرفها بداية العام المالي
  • وزير المالية يكشف موعد صرف الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد
  • وزير المالية: كل المؤشرات الاقتصادية تدعم التعاون مع صندوق النقد الدولي
  • وزير المالية يكشف آخر مستجدات المفاوضات مع صندوق النقد وموعد صرف الشريحة الخامسة من القرض
  • المالية استكملت المفاوضات مع صندوق النقد
  • هذا ما بحثه وزير الطاقة مع الإدارة الأميركية والبنك الدولي
  • انتعاش اقتصادي.. صندوق النقد يعود إلى سوريا وسوق دمشق للأوراق المالية تفتح أبوابها
  • صندوق النقد يختتم زيارته لمصر| تقدم في المراجعة الخامسة.. وخبير يؤكد انعكاسات إيجابية على الاقتصاد والاستثمار
  • وزير المالية يستقبل بعثة فنية من صندوق النقد الدولي في إطار الدعم الفني وتقديم المشورة
  • الحكومة تتخبط اجتماعياً بفرض الضرائب.. ودعم صندوق النقد مؤجل