د. محمد بن خلفان العاصمي

هي ليست فقط رقعة جغرافية من سلطنة عُمان؛ بل هي تاريخ موغل من العادات والتقاليد والإرث والقيم والبطولات والصولات والجولات، هي العروس في بدايات رمال الشرقية الناعمة القاسية وهي السهول المتكئة على رواسي سلسلة جبال الحجر الشرقي، هي ملتقى قوافل البر والبحر وأول ما يزف منها إلى بقاع الأرض، هي التي توثَّقت بها عُرى الأمة وأنبتت جذر الشمائل في أديمها، وبشغف أبنائها تشبعت الأرض كرمًا ونخلًا وسافر الطامحون إلى أصقاع الأرض نشرًا للدين والعلم وطلبًا للتجارة والرزق ومازالت سواحل أفريقيا تشهد على ذلك، ومازال الأصيلون ينسجون خيوط المجد تارة في الوطن وتارة في الغمام.

لقد لبست محافظة شمال الشرقية حُلة العيد وتبخترت في مهرجان الكتاب ونبشت جزءًا يسيرًا من تاريخها الذي لا يمكن أن تحتويه الكتب والموسوعات؛ فهذه المحافظة توشَّحت العِز والريادة منذ الأزل ولا تزال مضرب المثل، وفي هذا العرس سنحت الفرصة للنشء أن يقتربوا من هذا التاريخ المتجسد في ولايات ترن أسماؤها في آذاننا منذ الصغر، ولن ننساها؛ فهي مرتبطة بجزء غير يسير من تاريخ عُمان المجيد الذي تشكلت فسيفساؤه من خلال الأحداث التي شهدتها كل قطعة من أرض هذا الوطن العزيز الذي تحزم بعروة لا انفصام لها.

لقد حرصت على أن اقترب من ركن المحافظة في معرض الكتاب وقد وجدته كما توقعته، فأبناء هذه المحافظة لا يرضون بالطبيعي والعادي ولا يُلبي طموحهم إلّا القمم والذرى من كل شيء فهم متطلبون حتى على أنفسهم ينشدون التميز في كل جانب، وقد وجدت خلية نحل تعمل في كل أركان المعرض وأينما يممت وجهي وجدتهم بين فعالية وندوة وجلسة حوارية وتدشين إصدار ولقاء عابر وعرض مرئي، لقد حاصروا أركان المعرض من الباب إلى المحراب، وكأنهم ينثرون شذا عطر في أرجائه وهم يحملون مناديس العلم والمعرفة والكرم والفخر والاعتزاز بتاريخ عريق.

وكما هي عاداتها عندما تسوق هذه المحافظة بشائر القيض قبل الجميع لأرجاء الوطن، فعندما نادى المنادي للعودة للوطن كان أبناؤها أول من أسرجوا الخيل وشدوا رحالهم ويمموا وجوههم شطر الوطن العزيز، وعندما وصلوا حملوا معول البناء وشدوا زمام الأمر، كما هو عهدهم وساهموا في نهضة الوطن، ونقلوا ما وجدوه في بلاد الاغتراب من تطور وتقدم وازدهار، كما نقلوا عاداتهم وتقاليدهم إلى تلك البلاد وحافظوا على عُمانيتهم، كما يذكرهم الأجداد دائمًا، لقد أشعلوا فتيل العلم في غربتهم وأوقدوا مصابيحهم لطلبة المعرفة، وحرصوا أيما حرص على أن تظل سيرتهم العطرة تفوح في المكان فكانوا وجهة المغتربين وملاذ العابرين التواقين إلى جزء من الوطن في أرض بعيدة.

لم تكتف محافظة شمال الشرقية فقط بالعرض التاريخي؛ فهذه المحافظة نالها من خير النهضة المباركة الكثير، وحظيت بنصيب وافر من التنمية في شتى المجالات، وتنعمت بمنجزات النهضة منذ التباشير الأولى للعهد الجديد، وشواهد النهضة الحديثة في كل جزء وركن منها، وفي كل شبر من هذه المحافظة ترى التنمية حاضرة، ولشدة ولع أهلها بالعلم وحبهم له ترى أثَر ذلك في كل تفاصيل حياتهم وفي كل جوانبها.

لقد برهنت هذه المحافظة وخلال فترة وجيزة على استيعابها للتوجيهات السامية نحو تنمية المحافظات وفلسفة الإدارة اللامركزية وحققت قفزات كبيرة في هذا الملف؛ وذلك بفضل ما تمتلكه من إمكانيات بشرية واقتصادية عالية القيمة، ولعلَّ ملف السياحة هو الملف الأبرز في هذه المحافظة التي تعج بالممكنات التي تجعلها واحدة من وجهات السياحة العالمية، وقد شهدت تزايد أعداد السياح بشكل ملحوظ خاصة وأنها قبلة سياحية لسياحة المغامرات والبرك المائية والطبيعة، ولا تقتصر قوة هذه المحافظة الاقتصادية في جانب السياحة فقط فهذه المحافظة عرفت منذ القدم بتجارتها ومازال هذا النشاط يحظى بذات القوة، وهو ما يجعل الكثير من المواطنين من المحافظات القريبة يقصدونها من اجل ذلك.

وفي الفترة الأخيرة، شهدت المحافظة عديد المشاريع التنموية على مستوى البنية التحتية وقد ساهم طريق الشرقية السريع (طريق السلطان تركي بن سعيد) في زيادة التدفق السياحي وأعطى قيمة مضافة لهذه المحافظة، ومع التوسع في المشاريع النوعية خاصة في المناطق ذات الإقبال السياحي الداخلي والخارجي كل ذلك ساهم في النمو الاقتصادي للمحافظة، وقد شهدت الأعوام القليلة الماضية إقبال أبناء المحافظة لإقامة مشاريع استثمارية متنوعة ساهمت في إيجاد فرص عمل للشباب وأعطت المحافظة قيمة اقتصادية عالية، وهذا التوجه من شأنه أن يُعزز التوجه نحو استقلال المحافظات وقدرتها على تعزيز الدخل القومي للدولة.

إنَّ تجربة محافظة شمال الشرقية جديرة بالمتابعة والاهتمام والدعم ولاشك أن خلف كل ذلك يقف فريق عمل متكامل من أبناء هذه المحافظة الذين يعملون على جعلها واحدة من أفضل محافظات سلطنة عُمان، وهذا أمر بالغ الأهمية في منظور التنمية المستدامة التي ترتكز على العنصر البشري كأهم ممكنات تحقيقها، ولا شك أنَّ محافظة شمال الشرقية نجحت بشكل واضح في تقديم نفسها بأحسن صورة في هذا التجمع السنوي الكبير وحققت أهدافها من حيث البروز والتميز، ويبقى القادم مهماً من حيث قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة نسبة النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل لأبنائها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

اجتماع برئاسة محافظ البيضاء يناقش الاستعدادات لإحياء المولد النبوي الشريف

 

الثورة نت/محمد المشخر

ناقش المكتب التنفيذي بمحافظة البيضاء اليوم برئاسة المحافظ عبدالله علي إدريس،الإعداد والتهيئة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم للعام الحالي 1447هجرية..

وتطرق الاجتماع الذي حضره وكيلاً المحافظة صالح المنصوري و عبدربة العامري،إلى خطط وبرامج الأنشطة والفعاليات المختلفة المصاحبة للاحتفال بالذكرى السنوية للمولد النبوي الشريف عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم على مستوى مركز عاصمة المحافظة ومديريات بالمحافظة.
وأقر الاجتماع،البدء في الاستعداد والاجراءات من قبل كافة الجهات بالمحافظة والمديريات وكذلك تنفيذ الأنشطة والفعاليات و اللقاءات التحضيرية للاحتفال بالمولد النبوي،على مستوى مركز عاصمة المحافظة ومديريات محافظة البيضاء.
ووجه الاجتماع،بتشكيل لجنة الرئيسية والفرعية بالمحافظة المكلفة من مدراء عموم المكاتب التنفيذية والمعنية في محافظة البيضاء حول الاستعداد الجيد للمناسبة وتجهيزات في إعلام الشارع العام والمؤسسات الحكومية والمصالح العامة وخاصة في مدينة البيضاء ومدينة رداع والمدن الثانوية بالمحافظة..

وحث المجتمعون،،جميع أبناء مديريات محافظة البيضاء إلى التفاعل الكبير والمشرف مع هذه المناسبة و احيائها بالشكل الذي يليق بمكانتها العظيمة وتعزيز الارتباط والاقتداء بالرسول الأعظم والسير على نهجه القويم..

وخلال الاجتماع أكد محافظ البيضاء عبدالله علي إدريس،أهمية التفاعل الكبير وتكاتف الجهود للإعداد والتحضير للاحتفال بالمولد النبوي الشريف بشكل غير مسبوق في الحشد و التزيين وإقامة الفعاليات والأنشطة المتنوعة بالمحافظة..
ولفت إلى أن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف يسهم في تعزيز الإرتباط بالهوية الإيمانية والصمود في مواجهة العدوان ومرتزقته،،
وشدد المحافظ إدريس،أهمية الاستعداد للاحتفاء بمولد الرسول الأعظم بما يليق بشخصيته العظيمة من خلال رفع اللافتات واللوحات والزينة،والاهتمام بأنشطة التكافل الاجتماعي.
وحث محافظ المحافظة،الجميع على التحشيد والمشاركة الفاعلة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وإقامة الفعاليات والأنشطة في مختلف أحياء ومناطق وقرى وعزل مديريات محافظة البيضاء،وكذا رفع مستوى النظافة والتوعية المجتمعية في أحياء المناسبة بالمحافظة .
وأكد محافظ البيضاء،حرص محافظة البيضاء على الاستعداد الجيد و المبكر لإقامة الفعاليات والأنشطة المختلفة في عموم مؤسساتها ومكاتبها ومديرياتها وبما يليق بسيد وخير خلق الله محمد صلوات الله عليه وآله.
ودعا الجميع إلى المشاركة الفاعلة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وإبراز التعظيم و الإقتداء برسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم..داعياً الجميع على الاحتفال الكبير بهذه المناسبة،وكذا تنظيم عرض كشفي مهيب.

مقالات مشابهة

  • اجتماع برئاسة محافظ البيضاء يناقش الاستعدادات لإحياء المولد النبوي الشريف
  • محافظة الداخلية تكشف عن مشاريع تنموية بتكلفة 41.8 مليون ريال
  • تظاهرات في السويداء تطالب السلطة السورية بسحب قواتها من المحافظة
  • إب.. مقتل مواطن وإصابة آخرين في حوادث أمنية متفرقة
  • هطول أمطار متفاوتة الغزارة على عدد من ولايات شمال الشرقية
  • تموين الشرقية تشن حملات تفتيشية لضبط الأسواق بمراكز المحافظة
  • محافظ الشرقية يُقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الفني
  • أخبار بني سويف| توريد 283 ألف طن قمح.. و628 مشروع تمكين اقتصادي لأبناء المحافظة
  • الاتحاد السكندري يشارك في احتفال المحافظة بعيدها القومي الــ 73
  • هطول أمطار متفاوتة الغزارة على ولايات محافظة شمال الشرقية