أبوظبي - الوكالات

 لا يكتفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، الذي ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية"، بعرض الكتب، بل يقدّم تجربة ثقافية استثنائيّة يعبّر من خلالها الزوّار الأزمنة، ويصافحون حضاراتٍ لا تزال تعيش بين صفحات ورقٍ أصفر، وصورٍ تنطق بمشاهد خالدة، ليتحوّل، في أحد أركانه، إلى أرشيف نوافذه مشرعة على ذاكرة البشرية عبر مقتنيات نادرة أبرزها خريطة للعالم يتجاوز ثمنها الثلاثة ملايين درهم.

إلى ذلك، قال سعادة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب: "إلى جانب المؤلفات والموسوعات الفكرية والمعرفية، يتمتّع المعرض هذا العام باحتضانه العديد من المقتنيات النادرة التي تعكس مدى ثراء وأهمية التراث الثقافي العربي والإنساني، وسعي دور النشر للاحتفاء بهذا الموروث الثريّ، أهمها خريطة للعالم من الأندر والأغلى ثمناً بمبلغ 3 مليون و200 ألف درهم، إلى جانب مجموعة واسعة من المقتنيات التي تعكس مدى اهتمام الحدث باستعراض التراث المعرفي، والفكري، والإبداعي للإنسان على مر العصور".

وفي إحدى زوايا المعرض، تُبرز شركة "اقتناء"، لمؤسسها محمد آصف، واحدة من أقدم الصور الفوتوغرافية المعروفة لحكام الإمارات؛ صورة التُقطت في العام 1903 لحاكم الشارقة بعدسة الكابتن البريطاني تشارلز كورتني بيل، وتُعرض بسعر  250 ألف يورو  (مليون و38 ألف درهم إماراتي)، وهذه الصورة تُعد وثيقة بصرية نادرة تسجل لحظة محورية من تاريخ المنطقة، وتُعرض ضمن ألبوم استثنائي بعنوان "شيوخ الساحل المتصالح"، يضم 91 صورة رصدها بيل خلال خدمته في الخليج والهند؛ صور تنطق بما عجزت الكتب عن سرده، تظهر  الشيوخ، لا كرموز سلطة، بل كرجال حقيقيين تروي وجوههم قصص الأرض.

إلى جانبها، تُعرض صورة تاريخية تعود للعام 1930 يظهر فيها الشيخ سعيد آل مكتوم والشيخ جمعة آل مكتوم، بسعر 65 ألف يورو (270 ألف درهم)، إضافة إلى ألبوم يوثّق مراحل إنشاء سكة حديد الحجاز في العام 1905، يضم 27 صورة ويُعرض بسعر 85 ألف يورو (352 ألف درهم)، مقدّمًا سردًا بصريًا لمشروع هندسي غيّر وجه التنقل في المنطقة.

ولمن يعتقد بأن الخرائط مجرد رسومات، يقدم المعرض درسًا بصريًا مهيبًا من "عصر الذهب في رسم الخرائط"؛ أربع لوحات ضخمة من القرن السابع عشر، رسمها الفرنسي نيكولاس دي فير بدقة فنية مذهلة، تعرض خرائط القارات بحجم 114×165 سم، وتُقدّر قيمتها بـ 750 ألف يورو  (3 ملايين و200 ألف درهم).

كما يُعرض أطلس بحري هولندي نادر يعود للعام 1700 للرسّام يوهانس فان كولن، يتناول الطرق البحرية العالمية آنذاك، ويُقدَّر سعره بـ 650 ألف يورو (2 مليون و700 ألف درهم)، في دلالة على الأهمية الجغرافية والمعرفية للخرائط في فهم تطور العالم.

وفي ركن المخطوطات، تتجلى الثقافة الإسلامية في أبهى صورها: نسخة نادرة من كتاب "مقاصد الفلاسفة" للإمام الغزالي تعود إلى القرن الثالث عشر ، تقدر قيمتها بنحو 40 ألف يورو (166 ألف درهم)، وطبعة أولى نادرة من كتاب العالم الذي اختاره المعرض لهذه الدورة؛  "ألف ليلة وليلة" صادرة عن مطبعة بولاق في العام 1834  تقدر قيمتها بنحو 300 ألف يورو أي ما يعادل مليون و250 ألف درهم تخليداً لسفر أدبي عابر للأزمنة، ونسخة لاتينية من كتاب  "القانون في الطب"، الذي يصادف هذا العام مرور ألف سنة على ظهوره، وهو للعالم الموسوعي ابن سينا، الشخصية المحورية للمعرض، والتي طُبعت في فرنسا في العام 1522. وكل صفحة من هذه الكتب ليست معرفة فحسب، بل أثر روحي له ظلّ.

وتتألق رواية "قصة غنجي" اليابانية، أول رواية مكتوبة في التاريخ تعود إلى العام 1654، وقد خطها موراساكي شيكيبو بأسلوب "كانا" الياباني الكلاسيكي. وتُعرض هذه النسخة مقابل 95 ألف يورو (نحو 400 ألف درهم)، لتشكّل رابطًا أدبيًا بين الثقافات الشرقية والغربية.

وفي ركن خاص، تُعرض خمس نسخ نادرة من مقتنيات معالي نورة الكعبي، أقدمها تعود إلى العام 1706، إلى جانب مقتنيات من مجموعة معالي محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم الخاصة، التي تُعرض للمرة الأولى أمام الجمهور.

وتُستكمل الحكاية بعناصر سينمائية نادرة، من بينها ملصقات ترويجية لأفلام مصرية مقتبسة عن كتاب "ألف ليلة وليلة"، منها فيلم يروي قصة "الصياد عثمان عبد الباسط"، الذي يعثر على طفل غامض، ويخوض مغامرة سحرية بعد لقائه بجني يمنحه عصاً مسحورة.

بهذه اللوحات الفكرية والتاريخية والفنية، يجسّد معرض أبوظبي الدولي للكتاب دور الكتاب في تخليد التجربة الإنسانية، ويمدّ جسور التفاعل الثقافي بين العصور واللغات والحضارات.

في هذا الركن، لا تُعرض الكتب فحسب؛ بل تستحضر الأرواح التي كتبتها، والزمن الذي نُقش على هامشها، والأثر الذي تركته في الوعي الإنساني الجمعي. هذا العام معرض أبوظبي الدولي للكتاب يتخطى حدوده الثقافية، ليتحول إلى تجربة سردية حيّة تُروى للعالم، كما لو أن الزمن توقف قليلًا ليراجع مدوناته القديمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: معرض أبوظبی الدولی للکتاب ألف درهم فی العام ألف یورو

إقرأ أيضاً:

ثقافة وسياحة أبوظبي تعلن إطلاق فريز أبوظبي

أعلنت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عن شراكتها مع «فريز» لإطلاق «فريز أبوظبي» في خطوة تمثِّل فصلاً جديداً في دور الإمارة على الساحة الفنية العالمية.  

وخلال 17 عاماً شكّل معرض «فن أبوظبي» ركناً أساسياً في المشهد الثقافي الإقليمي، وأصبح محطة بارزة على الأجندة الفنية في المنطقة. واستمد المعرض مكانته من منظومة متكاملة من المتاحف العالمية، وبرامج الإقامة الفنية، والمؤسسات الثقافية الراسخة التي ترعى المواهب وتدعم الفنانين الناشئين. وأسهم ذلك في ترسيخ سمعته كمحفل موثوق يجذب قاعدة دولية من المقتنين الفنيين تعكس روح أبوظبي العالمية ومكانتها المرموقة.

ويأتي تطوير المعرض ليصبح «فريز أبوظبي» امتداداً لهذا الإرث، وتجسيداً للرؤية الثقافية طويلة المدى للإمارة، مع توسيع نطاق المعرض عبر شبكات فريز الدولية وخبرتها في هذا المجال.

ويواصل المعرض، في صيغته الجديدة، دوره المحوري في الحياة الثقافية للعاصمة، مع الحفاظ على نهجه القائم على الاكتشاف والحوار والانفتاح على وجهات النظر العالمية. وتمثل هذه الشراكة أول مبادرة رئيسية ضمن التعاون الجديد مع فريز، وتعكس طموحاً مشتركاً لترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً عالمياً للثقافة والإبداع، وتمنح فريز موقعاً متميزاً ضمن أكثر النظم الفنية رسوخاً في منطقة الخليج العربي.

وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «على مدى ما يقارب العقدين عكس معرض (فن أبوظبي) رؤيتنا للثقافة كمنصة للحوار والتواصل والإبداع، مدعوماً بمنظومة نابضة بالحياة من المتاحف وبرامج الإقامة والمؤسسات التي ترعى الفنانين المخضرمين والناشئين على حد سواء. ويأتي إطلاق (فريز أبوظبي) كتطور طبيعي لهذه المسيرة، إذ ينطلق من منجزات فن أبوظبي ليحملها إلى الساحة العالمية، مؤكداً مكانة الإمارة كعاصمة ثقافية، ومقدماً في الوقت نفسه لفريز بوابة فريدة إلى المنطقة. معاً، نؤسس لمعرض يتمتع بحضور دولي واسع وجذور راسخة في قيم ومقومات أبوظبي الثقافية».

أخبار ذات صلة مشاركون في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة لـ«الاتحاد»: الإمارات منصة عالمية للحفاظ على التنوع البيولوجي خطوات استباقية في «صحة أبوظبي» لبناء منظومة صحية متكاملة

وقال سيمون فوكس، الرئيس التنفيذي لفريز: «نحن فخورون بالعمل مع دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لإطلاق فريز أبوظبي. إن القيادة الثقافية التي تتمتع بها الإمارة، وما تمتلكه من متاحف ومؤسسات عالمية المستوى، إلى جانب التزامها الراسخ بالفنون، تشكل قاعدة صلبة لهذا التعاون. وبالاستفادة من شبكة فريز العالمية، يمكننا تعزيز إنجازات أبوظبي وفتح آفاق جديدة للاكتشاف، وتسليط الضوء على الممارسات الفنية في المنطقة، وتشكيل منصة حوار وتبادل فني عالمي».

ويقدِّم «فريز أبوظبي» نهجاً فريداً يواكب أسلوب «فريز» العالمي، من خلال إبراز الممارسات الفنية المعاصرة، وتسليط الضوء على المشاريع التي يقودها الفنانون، وتوفير مساحة للتفاعل بين المنطقة والمشهد الفني الدولي. وتشكِّل أبوظبي، بما تمتلكه من منظومة ثقافية لا نظير لها، السياق الأمثل لهذا التعاون. ويسلط تركيز المعرض المشترك على الاكتشاف والحوار، الضوء على قوة المشهد الثقافي للإمارة، ويعزز موقعه على الخريطة الفنية العالمية.

تنطلق النسخة الافتتاحية من «فريز أبوظبي» في نوفمبر 2026 في منارة السعديات، بمشاركة نخبة من أبرز صالات العرض من الشرق الأوسط والعالم. ويواصل «دويتشه بنك»، الشريك العالمي الرئيسي لفريز، دعمه الطويل الأمد للمعرض، في امتدادٍ لتعاونه مع جميع معارض «فريز» في العالم.

وتُقام نسخة 2025 من معرض «فن أبوظبي» وفق صيغتها الحالية كما هو مخطط، على أن تبدأ مرحلة التحول إلى «فريز أبوظبي» مع نسخة عام 2026. بما يضمن استمرارية المشاركة من قِبل صالات العرض والجمهور هذا العام، والتحضير لمرحلة جديدة في مسيرة المعرض.

مقالات مشابهة

  • منظمة التجارة العالمية: 341 مليار درهم تجارة الإمارات من الخدمات الرقمية
  • «جمارك أبوظبي» تشارك في «جيتكس 2025» بحلول ابتكارية تدعم ريادتها العالمية
  • مؤسسة شومان تطلق منصة أزرق لتعزيز المحتوى العربي الرقمي
  • يستقطب الزوار من مختلف الدول.. «كتاب الرياض».. منصة عالمية للحوار الثقافي
  • مركز تدريب تكنولوجيا المعلومات ببني سويف يبحث ضوابط منح شهادة أساسيات التحول الرقمي
  • حكومة أبوظبي تستعرض 55 مشروعاً رقمياً في «جيتكس العالمي للتقنية 2025»
  • المستشار الألماني: سنقدم 29 مليون يورو مساعدة إنسانية لغزة
  • عباس في مقابلة نادرة لقناة إسرائيلية: نأمل بالسلام
  • ثقافة وسياحة أبوظبي تعلن إطلاق فريز أبوظبي
  • ألمانيا تقدم مساعدة إنسانية لغزة بقيمة 29 مليون يورو