استعرض النائب محمد شوقى العنانى، عضو مجلس الشيوخ، طلب المناقشة العامة المقدم منه والموجه للدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف، لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن "سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني وتعزيز التعاون المؤسسي لنشر الفكر الوسطي،وبناء وعي ديني مستنير لدى النشء والشباب".

جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم الإثنين ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس.

وقال النائب فى طلب المناقشة، إن تجديد الخطاب الديني يُعد أحد المرتكزات الأساسية لاستقرار الدولة الوطنية وتماسك نسيجها المجتمعي، وهو ما يتطلب بناء رؤية علمية شاملة تعتمد على أسس معرفية متينة، تتجاوز الأسلوب الوعظي التقليدي، وتعلي من مقاصد الشريعة ، وتضع في اعتبارها تحولات النسق الثقافي داخل المجتمع.

طلب مناقشة عامة لاستيضاح رؤية الحكومة في تكليف خريجي الصيدلة وطب الأسنانطلب مناقشة بشأن دور الوقف الخيري في دعم المؤسسات العامة على طاولة الشيوخ.. اليومطلب مناقشة عامة بشأن سياسة الحكومة في بناء منظومة زراعية إنتاجية صناعية

وأضاف النائب، أن الأدبيات الحديثة أظهرت أن غياب خطاب ديني متماسك قد يؤدي إلى تهيئة المجال العام أمام أنماط من التدين المنفصل عن مقاصد الشريعة، أو المرتبط بسياقات أيديولوجية مغلقة مضيفا ومن ثم، تبرز أهمية التنسيق المؤسسي بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية وغيرها من الجهات المعنية لضمان تكامل المرجعيات العلمية، وتكامل الأدوار في بلورة خطاب جامع، يعكس روح الإسلام الحقيقية، وينفتح على أسئلة الواقع دون انغلاق.

وتابع قائلا: "فى ظل التغيرات العميقة التي طرأت على أنماط التلقي المعرفي لدى الأجيال الجديدة، تبرز أهمية إدماج أدوات التحول الرقمي في منظومة الخطاب الديني"،  لافتا إلى أن الشباب اليوم لا يكتفون بالمسجد أو الكتاب المدرسي كمصدر وحيد للمعرفة الدينية، بل ينفتحون على فضاءات رقمية متعددة، بعضها يفتقر إلى الحد الأدنى من الضبط الشرعي أو العلمي.

وتابع: وعليه، فإن تطوير تطبيقات تعليمية، ومنصات تفاعلية رقمية، تقدم محتوى رصينا بلغة عصرية، وتربط بين القيم الدينية ومفاهيم المواطنة، يمثل ضرورة استراتيجية لحماية الوعي الجمعي من التزييف، وتعزيز الانتماء الوطني.

وأضاف أن المعالجة الناجحة لقضية تجديد الخطاب الديني لا يمكن أن تنفصل عن البيئة المؤسسية والتشريعية الحاضنة لها، إذ ينبغي إعادة تقييم الأطر المنظمة لتأهيل الدعاة، ومعايير الترخيص بالخطابة، ومناهج المعاهد الدينية، بما يضمن إخراج كوادر دعوية قادرة على الجمع بين الدراية الشرعية والوعي الاجتماعي والثقافي.

ونوه: ولذلك يأتي هذا الطلب لاستيضاح سياسة الحكومة - ممثلة في وزارة الأوقاف - بشأن" سياسات الدولة في تجديد الخطاب الديني وتعزيز التعاون المؤسسي لنشر الفكر الوسطي، وبناء وعي ديني مستنير لدى النشء والشباب ".

طباعة شارك طلب المناقشة العامة وزير الأوقاف سياسة الحكومة تجديد الخطاب الديني الجلسة العامة لمجلس الشيوخ

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: طلب المناقشة العامة وزير الأوقاف سياسة الحكومة تجديد الخطاب الديني الجلسة العامة لمجلس الشيوخ تجدید الخطاب الدینی سیاسة الحکومة

إقرأ أيضاً:

هل نحن أمة عاجزة؟

حين نقرأ أعمال المفكر والفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حول سلطة الخطاب نجد، فوق المرتكز المعرفي، تحررًا شخصيًا؛ فالخطابات والمفاهيم تتسلط علينا، وتنشد إخضاعنا لمقولاتها وتعبئتنا لخدمة أغراضها؛ واليوم حين يحاصرنا خطاب الانهزام العربي الذي يشيع في مواقع التواصل، ويجري تبنيه وإنتاجه حتى داخل الوسائل إعلامية، بوعي أو بدون وعي، فلا شك أن حساسيتنا وريبتنا تتضاعف أكثر من تلاعبات الخطاب، بنا وبمفاهيمنا.

يعاد اليوم، بفعل مأساة فلسطين وغزة المعاصرة، إنتاج خطاب الهزيمة العربية، والأمة المهزومة، الأمة الميتة التي بلا مشاعر، والتي مات أبطالها، الأمة المثقلة بالشحم التاريخي حتى غدت عاجزة عن النهوض والقيام، الأمة المتفككة التي تتحلل، والنائمة التي يسرقها أعداؤها نهارًا جهارًا وهي غافلة وعاجزة عجزًا مريعًا عن صدهم، كل ذلك يشكل خطاب الهزيمة، وهو خطاب أسوأ أثرًا على نفسية الأمة من الهزيمة نفسها، والأنكى أن هذا الخطاب المازوشي لجلد الذات أصبحت تتبناه جهات متنفذة ذات تمويل قوي وتشيعه، فكأنها، من حيث تعلم أو لا، تقوم بترسيخ الهزيمة كواقع نفسي لا مفر منه. ولكن ما الفائدة من ذلك؟ وما الغاية؟

تلاحقنا نفس الرسالة بمختلف المواضيع والأشكال والصيغ، رسالة الأمة المهزومة والعاجزة، وهذه الرسالة رسالة سجن مفتوح لأفكارنا وأجيالنا وخيالاتنا العربية، رسالة أخطر من كارثية الوقائع، والخطاب نفسه غير جديد، بل نحمله معنا منذ قرون، والخطورة تكمن في أنه تحول إلى سلطة تحاول أن تحكم علينا وتتحكم بنا.

ما الفائدة من خطاب يريد ترسيخ العجز العربي بوصفه حقيقة واقعة؟ فيما يشهد الواقع المعاصر، دون أن نوغل في البحث الماضوي، أن الحالة العربية المعاصرة ليست حالة عجز وعقم ، بل إن القضية الفلسطينية نفسها تثبت أن العرب ليسوا أمة متبلدة المشاعر، عاجزة عن الدفاع عن حقوقها، وليست أمة منبطحة، كما يلذ لذلك الخطاب أن يروج، بل هي أمة في حراك وحيوية مستمرة، يشهد بذلك تاريخ دولها في القرن العشرين عبر حركات مقاومة الاستعمار في كل الدول بلا استثناء، رغم طغيان الإمبريالية، وتفكك الدولة العثمانية، والحروب العالمية، وقيام الدول العربية المعاصرة، فقد نهضت الشعوب العربية بطبيعتها الفطرية بمقاومة الاستعمار والظلم وكل النظم المحلية المتواطئة لاستعباد الإنسان، وفي سبيل ذلك قدمت تضيحات جسيمة لا تحصى من الشرق العربي إلى الغرب العربي بلا استثناء.

كيف إذن يمكننا اليوم القبول بخطاب التعيير الابتزازي الذي يزعم أن العرب أمة ميتة؟ وأنها بلا حياء، ولا نخوة، وأن أغلب أخلاقها الفاضلة إنما تعود للماضي، ولعصر تأسيسي قديم يعود لتأسس الإسلام وعصور الخلافة الإسلامية الأولى فحسب، وما غاية مثل هذا الخطاب غير اغتيال الحاضر، ونسف تاريخ طبيعي مديد من الحياة الإنسانية العربية والمتعددة الأوجه التي ما زالت حية إلى يومنا هذا؟ وما زال العرب منتشرين على ضفاف محيطين بين الشرق والغرب، من المحيط الهندي هنا شرقًا إلى المحيط الأطلسي في الغرب، في واقع وإثبات حي، استوعب مختلف الأطياف المحيطة، لأمم متعددة من هند وفرس آسيا إلى البربر والأمازيغ الأفارقة، وانخرطت تلك المكونات في مصهر عربي رحب، جمع مختلف الشعوب والثقافات، وكان هو النواة، وما يزال، للحضارة الإسلامية.

كيف إذًا يتكرر علينا بلا انقطاع خطاب سطحي، بلا تفكير، يريد لهذا الجيل العربي أن يسلم بانتمائه لأمة مهزومة بطبيعتها؟ وليس بحكم الظروف التاريخية، والتقدم العلمي، والنهب الاستعماري، والاحتكار الاقتصادي، والهيمنة الغربية، ويدعي أن هذه الهزيمة العربية نتاج تخلينا عن مبادئنا العليا، وبالتالي نحن محكومون بالهزيمة، وعلينا التسليم بها؛ والواقع أن هذا الخطاب خطاب سلطة ماكرة، ينشد تعزيز التبعية والاستلاب، ويريد أن يجير كل الظروف المعاصرة لإعلاء خطابه وبالتالي سلطته، بينما الواقع وإفرازاته تشهد على ثورات حيوية ومقاومة بكافة الأشكال والصعد، بما يكفي ليفضح أن تهمة الانهزام العربي هي في حد ذاتها خطاب عدائي، مهمته ترسيخ الضعف في وجداننا العربي، وبذلك يرسخ تفوق منتجيه ومنهجه.

ما زالت فلسطين، منذ منتصف القرن العشرين إلى ربع القرن الحادي والعشرين، مبتلاة بهذا الاحتلال الوحشي المعزز بالدعم الغربي المادي والمعنوي، ورغم ذلك لم يقف الفلسطيني مكتوف الأيدي، بل ظل يقاوم رغم التفاوت والبون الشاسع في النظام الأسلحة والقوة والدعم، والأخلاق، وما يزال، ها هم أهل غزة يخطون بمقاومتهم خطًا عربيًا غائرًا في الروح عن معنى الوطن والوطنية، رغم الحصار والقتل والإبادة والتجويع، ومثل ذلك فعل العراقيون حين واجهوا الاحتلال الأمريكي والبريطاني إثر سقوط نظام البعث فسطروا ملحمة خلود صادقة، ومثلهم السوريون حين وجدوا أنفسهم بين سندان نظام ديكتاتوري مستبد ومطرقة قوة عالمية تنشد الهيمنة، فقاوموا الاثنين وحاولوا ما استطاعوا النجاة وإنقاذ شجرهم ووحدتهم من البعثرة والفوضى، وهكذا يفعل اليمنيون، وما زال الليبيون يقاومون التمزيق، ومثلهم السودانيون الذين يقاومون، فهل كل تلك المقاومات المعاصرة أفعال أمة منهزمة وميتة؟ أم بالعكس أفعال أمة واعية ويقظة؟ تقاوم رغم ضخامة واستفحال الأعداء الذين يرمون لتمزيقها.

لا يفعل الخطاب الذي يريد أن يرسخ في وجداننا أننا أمة مهزومة إلا أن يسلمنا للعدمية المهلكة، فهو في الوقت الذي يزعم أنه معنا وفي صفنا، إنما يعمل بشكل صريح لخدمة وصالح أعداء الإنسان والأمة، وهذا الخطاب العدمي، الذي لا يبصر عاقبته، خطاب تجب مقاومته لأنه احتلال فكري أسوأ من الاحتلال العسكري، ويجب علينا التنبه لخطورته وما يلحقه من ضرر بتصوراتنا ومفاهيم أجيالنا عن أنفسهم وعن ذواتهم، وعن أمتهم، فلم تعد الأخطار أخطارًا متوهمة أو افتراضية، بل هي أخطار معايشة، وهي تعمل على تمزيق كل ما مثله ويمثله العرب كشعوب شرقية منفتحة على حدودها، ويرمي لتحطيم كل الرمزية العربية بقدرة انفتاحها الاستثنائية، والتي أثبتت انفتاحها عبر القرون ومقدرتها على استيعاب مختلف الثقافات، في رحابة إنسانية شاسعة، ربما لأن العربي يملك في جينات ثقافته، منذ كان في صحراء جزيرته هذه، الواقعة وسط تشكيلة ثقافية رحبة ومتنوعة، يملك ميزة الانفتاح، وأنه رغم تمزقاته وانقساماته الظاهرية، يفسح المجال بالعكس لثقافة إنسانية جذرية تستوعب مختلف الصور الإنسانية، وتؤسس بالممارسة الحية واليومية عبر طاقة روحية رحبة، للمجتمع الإنساني المفتوح الذي يستوعب الأضداد والاختلافات على أرض واحدة، خلف غاية سامية واحدة، هي نفسها غاية الطبيعة والأرض والسماء في الإنسان.

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • برلماني معارض: تركيا تحولت لدولة جريمة منظمة!
  • إضراب واسع في إسرائيل للضغط على الحكومة بشأن ملف الأسرى
  • أسعار السلع الأساسية تشير إلى اعتدال النمو العالمي مستقبلاً
  • محافظ الغربية يناقش تنفيذ تكليفات الحكومة بشأن الإيجار القديم وإزالة التعديات
  • هل نحن أمة عاجزة؟
  • رئيس الحكومة اللبنانية يرد على تصريحات نعيم قاسم بشأن الحرب الأهلية
  • هذا ما يبدد الغضب الشيعي على قرار الحكومة
  • سؤال برلماني للحكومة بشأن زيادة أسعار الكهرباء
  • برلماني: انتخابات الشيوخ 2025 أكدت كفاءة الدولة في إدارة استحقاق وطني شامل
  • مصطفى بكري: التشكيك الديني والوطني هو أحد أدوات حروب الجيل الرابع