مارب برس يفتح تحقيقا عن أسباب امتناع الحوثيين عن صرف المرتبات في مناطق سيطرتهم ويفنّد سردياتهم المختلفة ...من الراتب إلى الخُمس: وكيف غيّروا مفهوم الدولة والمواطنة؟
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
"لقد انهارت حياتي تماماً"، يقول محمد مانع، الموظف الحكومي في إحدى الوزارات بصنعاء، وهو يسترجع ذكريات حياته المستقرة قبل أن تنقلب رأساً على عقب عام 2016، حين توقفت رواتبه مع مئات الآلاف ممن يعتمدون على الوظيفة العامة كمصدر دخل رئيسي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين. تراكمت عليه الديون، واضطر لإعادة أسرته إلى قريته بعد عجزه عن دفع إيجار الشقة في العاصمة، وحُرم أولاده من التعليم، بينما يقضي معظم أيامه في البحث عن فرصة تسد رمق أسرته.
تسلط قصة محمد الضوء على مأساة جماعية يعيشها موظفو الدولة في تلك المناطق، في ظل تبريرات متكررة يطلقها الحوثيون، تُحمّل المسؤولية لأطراف خارج سلطتهم، على الرغم من أن الوثائق والمعلومات المتوفرة تؤكد سيطرتهم على موارد الدولة، وفرض جبايات متزايدة، دون دفع الرواتب.
يتناول هذا التحقيق، أسباب امتناع الحوثيين عن صرف المرتبات في مناطق سيطرتهم ويفنّد سردياتهم المختلفة، من خلال تحليل الموارد المالية المتاحة لهم، للكشف عن كيف تحوّلت الرواتب من استحقاق دستوري إلى ورقة ضغط تُستخدم لإعادة تشكيل المجتمع وعرقلة جهود السلام.
الخلفية والسياق
في 21 سبتمبر 2014، اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء، وأفضى ذلك إلى توقيع اتفاق "السلم والشراكة" برعاية الأمم المتحدة، مما منحهم مكاسب سياسية واسعة، لكنهم سرعان ما انقلبوا عليه، وسيطروا على مؤسسات الدولة، وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي وأعضاء حكومته، قبل أن يتمكن هادي من الفرار إلى عدن مطلع 2015.
وخلال أكثر من عام ونصف، ظل البنك المركزي بصنعاء يستقبل الموارد العامة تحت إدارتهم، في ظل هدنة غير معلنة رعتها أطراف دولية، لضمان استمرار دفع رواتب موظفي الدولة. لكن سوء الإدارة ونهب الإيرادات من قبل الحوثيين استنزف احتياطيات البنك من النقد الأجنبي بشكل كبير، مما أجبره على تجميد جميع نفقات القطاع العام، وتعليق دفع المرتبات، ودفع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا إلى اتخاذ قرار بنقل الإدارة المالية إلى عدن في سبتمبر 2016. وقد بررت الحكومة هذه الخطوة بأنها محاولة لإنقاذ النظام المالي، وتعهدت بصرف المرتبات بشرط التزام الحوثيين بتوريد الإيرادات العامة، وهو ما لم يحدث.
منذ ذلك الوقت، تبنّى الحوثيون سردية تُحمّل مسؤولية توقف الرواتب لقرار نقل البنك وشُح الموارد والحرب، إلا أن هذه المبررات، بحسب خبراء اقتصاديين، تدحضها الوقائع.
يقول الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي في مقابلة خاصة "رفض الحوثيين صرف الرواتب ليس نتيجة عجز مالي، بل هو جزء من سياسة ممنهجة. إنهم يستخدمون معاناة العاملين كورقة ضغط ووسيلة ابتزاز، بينما تُوجَّه الإيرادات لدعم المجهود الحربي وترسيخ سلطتهم، بدلًا من الوفاء بأبسط التزامات الدولة".
ما وراء مبررات الحوثيين
أولاً: نقل البنك المركزي
يحاول الحوثيون حصر السبب الأساسي لتوقف الرواتب في قرار نقل البنك من صنعاء إلى عدن، لكن البيانات المتاحة تكشف أن الأزمة كانت قد بدأت قبل ذلك.
وفقا لتقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن لعام 2017، كان البنك قد وصل مرحلة العجز عن الوفاء بالتزاماته المالية، بما في ذلك صرف الرواتب، في يوليو/تموز 2016، أي قبل شهر ونصف من صدور قرار النقل. وبحسب ذات المصدر، تراجعت احتياطاته من النقد الأجنبي من 4.05 مليارات دولار في ديسمبر 2014، إلى 1.56 مليار دولار في ديسمبر 2015، وصولا إلى 700 مليون دولار، في سبتمبر 2016.
ويُرجع الفريق، هذا التآكل إلى سوء الإدارة وتوجيه الموارد نحو دعم المقاتلين الحوثيين وبعض قياداتهم وتمويل أنشطتهم العسكرية.
توضح هذه المعطيات أن استنزاف الحوثيين للموارد، تسبب في نشوء أزمة الرواتب، وأن نقل البنك كان نتيجة لا سبب لها.
ثانياً: شُح الموارد
من بين أبرز مبررات الحوثيين لعدم دفع رواتب الموظفين، الادعاء بشُح الموارد، غير أن التقارير الرسمية والدولية تدحض هذا الزعم.
أولا: تشير بيانات وزارة الخدمة المدنية قبل اندلاع الحرب عام 2014 إلى أن عدد موظفي الدولة بلغ نحو 1.25 مليون موظف، يشكل المدنيون 38% منهم، بينما يتوزع الباقون على القطاعين العسكري والأمني بنسبة 52%، إضافة إلى العاملين في الوحدات الاقتصادية والصناديق الخاصة. وقد بلغ إجمالي الإنفاق السنوي على الرواتب حينها نحو 1.14 تريليون ريال يمني، خُصص منها ما يقارب 546.9 مليار ريال للقطاع المدني، و430.2 مليار ريال لقطاعي الدفاع والأمن.
ثانيا: يكشف تقرير فريق الخبراء لعام 2020 أن الحوثيين جمعوا أكثر من تريليون ريال يمني خلال عام 2019 من الآليات والقنوات التي تم إنشاؤها لتحصيل الموارد العامة، والتي كان يُفترض أن تُوجه إلى خزينة الدولة لدفع الرواتب وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، لكنهم بدلاً من ذلك، استخدموا هذه الموارد لتمويل عملياتهم العسكرية.
وبناءً على ما سبق، كان لدى الحوثيين القدرة المالية لتغطية فاتورة رواتب موظفي الدولة بالكامل في ذلك العام.
وبالعودة إلى الماضي القريب، وتحديدا عام 2017، كان فريق الخبراء قد وثق حصول الحوثيين على 407 مليار ريال يمني من عائدات الدولة.
هذا التناقض بين وفرة الموارد والامتناع عن الصرف، يؤكد بوضوح أن الأزمة ليست مالية بقدر ما هي سياسية، ويكفي أن نشير إلى مثال صارخ على نمط تسخير الموارد بعيداً عن وظائف الدولة؛ ففي عام 2017، أُجبرت شركة كمران للاستثمار، إحدى أكبر الشركات الوطنية، على دفع 38 مليار ريال تحت مسمّى دعم "المجهود الحربي".
ثالثاً: الحرب والحصار
لا يُمكن إنكار تأثير الحرب والحصار بدرجة أقل على الاقتصاد الوطني، إلا أن هذا لا يبرر تهرب الحوثيين من مسؤوليتهم في دفع الرواتب، خصوصاً في ظل توفر موارد مالية لديهم كان بالإمكان توجيهها لصالح موظفي الدولة عوضاً تسخيرها لأغراض سياسية وعسكرية.
في أبريل 2022، اتفقت الحكومة والحوثيين على هدنة برعاية الأمم المتحدة، لا تزال مستمرة حتى اليوم، مما أدى إلى انخفاض العمليات العسكرية بشكل كبير، لكن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية لم تتحسن كما كان مُتوقعاً.
بموجب الهدنة، حصل الحوثيون على أهم مكاسبهم، وفي مقدمتها زيادة شحنات الوقود والسلع التجارية إلى موانئ الحديدة، ورفع القيود المفروضة سابقاً، مما ساهم في انتعاش كبير في إيراداتهم. وبحسب تقرير فريق الخبراء لعام 2022، جمع الحوثيون 271.9 مليار ريال من الرسوم الجمركية خلال سبعة أشهر فقط في ذلك العام، دون تخصيص أي جزء منها للرواتب، رغم التزاماتهم بذلك بموجب اتفاق ستوكهولم.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل واستناداً لنفس المصدر، استغلوا هذه التسهيلات لخلق أزمات وقود متكررة، وبيع الصفيحة الواحدة (٢٠ لتراً) بسعر وصل إلى 24,000 ريال في السوق السوداء، ما ضاعف أرباحهم من هذا القطاع.
وفي قطاع الغاز المنزلي، أفاد الأكاديمي اليمني عبدالقادر الخراز، الذي أعد دراسات حول النفط والغاز، في مقابلة خاصة أن الحوثيين كانوا يستوردون نحو 55 قاطرة يوميًا من مأرب خلال 2022، وبلغت أرباحهم في العام ذاته حوالي 127.5 مليار ريال (بخلاف عائداتهم من الغاز المستورد من الخارج)، متجاوزة بذلك إيرادات الحكومة من هذا القطاع.
وفق تقرير الخبراء الصادر العام الماضي، بلغت عائداتهم من الوقود وحده نحو 1.34 تريليون ريال يمني بين أبريل 2022 ويونيو 2024، ذهب معظمها لأغراض عسكرية. وأفادت مصادر خاصة، أن إيرادات عام 2022 من الوقود تجاوزت 450 مليار ريال يمني، دون احتساب بقية المصادر، مشيرة إلى أن هذه الزيادة تعود إلى المكاسب التي جناها الحوثيون من الهدنة والاستقرار النسبي مقارنة بالعامين التاليين، خصوصاً العام الماضي، الذي شهد تراجعا في عائدات الوقود نتيجة انخراطهم في هجمات على الملاحة وتعرض موانئ الحديدة للاستهداف من قبل إسرائيل.
وفي نموذج آخر على استغلال الموارد بعيداً عن واجبات الدولة، تكشف وثيقة رسمية، إجبار الحوثيين لشركات الاتصالات، الخاصة والعامة، على تخصيص نسبة 1% من الإيرادات لصالح صندوق رعاية أسر قتلاهم.
وفي مجال الزكاة، أعلن رئيس الهيئة الخاضعة لهم أن العائدات تجاوزت 120 مليار ريال خلال عام 2023 فقط، ما يتيح تقديراً متحفظاً لإجمالي إيرادات القطاع منذ 2018 بنحو 680 مليار ريال.
وفي السياق نفسه، أجرى الحوثيون تعديلات على قانون الزكاة شملت استحداث ضريبة جديدة باسم "الخُمس" (20%)، فُرضت على عدد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية مثل قطاعات المعادن، والهيدروكربونات، ومصادر المياه، وصيد الأسماك، وقد خُصصت عائداتها لصالح ما يُسمّى "أهل البيت" أو "الهاشميين"، ومن بينهم عائلة الحوثي، في استنساخ لنظام الامتيازات الذي كان سائداً في عهد أئمة الزيدية. وقد أثار هذا القرار انتقادات واسعة اعتبرته تمييزاً طبقياً يتنافى مع مبدأ المواطنة المتساوية.
وعطفاً على ذلك، يتضح أنه في عام 2022 وحده، كانت لدى الحوثيين القدرة الكاملة على تغطية فاتورة الرواتب بأكملها، والتي كانت تبلغ 1.14 تريليون ريال يمني قبل الحرب، أو على أقل تقدير تمويل رواتب الموظفين في مناطقهم، ومع ذلك أمتنعوا رغم أن مبرر الحرب لم يعد قائماً في هذه المرحلة مقارنة بالسابق.
الأيديولوجيا تتجاوز السردية الاقتصادية
لفهم أعمق لأسباب امتناع الحوثيين عن صرف رواتب الموظفين، من الضروري العودة إلى الأسس الفكرية التي وضعها مؤسس الجماعة، حسين الحوثي، حول الدولة ووظائفها. في هذه الرؤية التي وردت في محاضراته، تحوّلت لاحقاً إلى منهج يُدرَّس في أطرهم التنظيمية ودوراتهم الثقافية، يُقدّم الحوثي تصوراً مختلفاً لطبيعة الحكم، يقوم على ما يُعرف بـ"الحق الإلهي" المحصور في فئة معينة تُسمّى "آل البيت"، ويعتقد أن تقديم الخدمات ليس من مسؤولية الحاكم، باعتبارها من مظاهر "الثقافة الغربية" الدخيلة.
هذا التصوّر تجلى في مواقف وتصريحات قيادات الجماعة؛ فمحمد علي الحوثي قال إن "الشعب لا يعتمد على الرواتب بل على نفسه"، معتبرًا أن الراتب مجرد استثناء، بينما وصف مهدي المشاط، الموظفين المطالبين برواتبهم بـ"الحمقى"، مؤكداً أن الأولوية للمقاتلين، وهو ما ينسجم مع نهج الجماعة الذي يحصر الاستحقاقات المالية بمن ينخرط في صفوفهم للقتال.
وفي السياق نفسه، قال مصدر حوثي، طلب عدم كشف هويته، في إجابة عن سؤال حول سبب عدم صرف المرتبات: "صرف الرواتب يعني الاعتراف بالمسؤولية، ويفتح الباب أمام الناس للمطالبة بالخدمات، وهذه مهمة الحكومة بعد انتهاء الحرب".
اعتراف متأخر ولكن لأهداف أخرى
لسنوات، رفض الحوثيون كل المبادرات الرامية لحل أزمة الرواتب، بما في ذلك مقترحات الحكومة بتوريد الموارد التي يسيطرون عليها إلى البنك المركزي بعدن، على غرار ما قامت به سابقاً حينما وافقت على توريد العائدات للبنك بصنعاء.
بالإضافة إلى ذلك، لم يلتزموا باتفاق ستوكهولم لعام 2018، والذي ينص على تخصيص عائدات ضرائب ورسوم المشتقات النفطية الواردة لموانئ الحديدة لدفع رواتب الموظفين، إذ اكتفوا بإيداع 35 مليار ريال يمني في فرع البنك بالمحافظة في البداية، وسرعان ما سحبوا الأموال بشكل أحادي، وهو ما أقر به المبعوث الأممي حينها مارتن غريفيث في إحاطته لمجلس الأمن يوم 14 مايو 2020.
وفي ختام المرحلة الأولى من الهدنة التي بدأت في أبريل 2022، أفشل الحوثيون تفاهمات جديدة بشأن الرواتب بعد أن اشترطوا صرف مرتبات مقاتليهم الذين قاموا بتوظيفهم بعد 2014، وفق تأكيدات الأمم المتحدة، في تراجع عن التفاهم السابق القاضي بالالتزام بكشف رواتب ما قبل الحرب.
وفي نهاية العام الماضي، ونتيجة للمتغيرات الجيوسياسية التي أثرت على نفوذ إيران الإقليمي في المنطقة، اعترف الحوثيون بمسؤوليتهم عن الرواتب وذلك عبر الإعلان عن "آلية استثنائية"، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، لكنها لم تفضِ إلى تغيير جوهري، إذ لم يدفعوا سوى راتبين ثم تراجعوا، ناهيك عن أنهم قسّموا الموظفين إلى ثلاث فئات، جرى تقليص رواتب البعض منهم وتقنين الصرف كل بضعة أشهر، كما قاموا بتسريح جماعي للموظفين لاسيما في السلك التعليمي والتربوي، حيث تظهر وثيقة رسمية فصل 7000 معلم بمحافظة صنعاء وحدها.
لم تكن هذه الآلية سوى اعتراف غير مباشر بوفرة الموارد، لكنها كشفت في الوقت ذاته هدفًا آخر؛ الهيمنة المالية على أكثر من 50 صندوقًا ومؤسسة عامة، كما أشار النائب الموالي للجماعة عبده بشر، الذي وصفها بأنها "مصادرة شاملة للموارد مقابل نصف مرتب كل 3 أشهر".
وقد اعتبر المحامي والباحث القانوني عمر الحميري في مقابلة خاصة الآلية انقلابًا على قانون الأجور، تهدف للتنصل من الرواتب وإنهاء حق الموظف في مرتباته المتراكمة، والتعامل معه كعامل سخرة.
فقدان ثقة الموظفين
يدرك الحوثيون جيدًا أنهم فقدوا ثقة الموظفين في أي وعود أو مبادرات تتعلق بالرواتب، بعد سلسلة من التجارب المخيبة، من أبرزها ما حدث مع "صندوق دعم المعلم" الذي أُسّس في 2018، وقدم حافزًا وحيدًا بقيمة 30,000 ريال، ثم توقف لعامين، وتحول لاحقًا إلى أداة للجباية. وفي عام 2023، وجّه "برلمان الحوثيين" بتجميد عمل الصندوق على خلفية قضايا فساد اتُّهم فيها وزير التربية حينها، يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، ومع ذلك استمرت عمليات الجباية. وتشير تقديرات متحفظة إلى أن إيرادات الصندوق السنوية تصل إلى نحو 100 مليار ريال يمني.
يقول فارس (اسم مستعار)، الذي أمضى 15 عامًا في تعليم الطلاب بمحافظة إب: "لم يعد الراتب استحقاقًا، بل أداة إذلال. نحتاج إلى جهة مستقلة تنقذ هذا الملف من يد السياسة".
أما مهيب، وهو موظف في المحويت، فيصف واقعهم بقوله: "يطلبون منا الدوام بصفتهم سلطة، وحين نطالب برواتبنا يقولون: اذهبوا لحكومة عدن".
الخلاصة
يعكس تهرب الحوثيين من صرف رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، رغم تحصيلهم الموارد العامة وفرض جبايات متعددة، استخدامهم ملف الرواتب كسلاح سياسي لإخضاع المجتمع وإحكام السيطرة عليه.
كما أن تنصلهم من تنفيذ الاتفاقات التي أُبرمت برعاية أممية، مثل اتفاق السويد، والتي نصّت على صرف الرواتب من الإيرادات المتاحة، إلى جانب رفضهم التفاعل الإيجابي مع المبادرات المحلية والدولية في هذا الشأن، يدل على غياب الجدية في السعي نحو السلام، وعدم استعدادهم لتقديم تنازلات حتى في قضية إنسانية بحتة.
ينبغي على المجتمع الدولي استخدام ما لديه من تأثير للضغط على الحوثيين من أجل حل هذا الملف الإنساني بمعزل عن التعقيدات السياسية، أسوة بما تم خلال الهدنة الاقتصادية في السنوات الأولى من الحرب.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: ملیار ریال یمنی رواتب الموظفین موظفی الدولة فریق الخبراء صرف المرتبات صرف الرواتب نقل البنک فی مناطق فی ذلک
إقرأ أيضاً:
توقيع 57 اتفاقية بين جهات وشركات سعودية وصينية في القطاعات الزراعية والمائية والبيئية بقيمة 14 مليار ريال
شهد المنتدى السعودي – الصيني لتصدير المنتجات واستدامة القطاع الزراعي، توقيع (57) اتفاقية ومذكرة تفاهم, وذلك بين 36 جهة وشركة سعودية ونظيراتها من الصين، بإجمالي استثمارات تجاوزت (14) مليار ريال، منها (26) اتفاقية للتصدير للصين, في خطوة لتعزيز التعاون في القطاعات الزراعية والمائية والبيئية.
وعُقدت أعمال المنتدى السعودي – الصيني لتصدير المنتجات السعودية، واستدامة القطاع الزراعي في العاصمة الصينية بكين، خلال الفترة من 12 إلى 14 مايو الجاري، بحضور معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي, على رأس وفد يضم معالي محافظ الهيئة العامة للأمن الغذائي المهندس أحمد بن عبدالعزيز الفارس، ومعالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية الأستاذ عبدالرحمن الحربي، وعددًا من المختصين في قطاعات منظومة البيئة بالمملكة، بمشاركة واسعة من المسؤولين والمستثمرين في القطاع الزراعي والغذائي من كلا البلدين.
وأوضح معالي وزير البيئة والمياه والزراعة، خلال كلمته في افتتاح أعمال المنتدى على هامش زيارته الرسمية للصين، أن حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية الصين الشعبية بلغ أكثر من (107) مليارات دولار، مما يجسّد ذلك متانة العلاقات بين البلدين وأهميتها الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الصين تُعد من أهم الشركاء التجاريين للمملكة, بنسبة 18% من إجمالي تجارتها الخارجية.
وقال: “إن رؤية المملكة 2030 وضعت في صميم أهدافها تعزيز الميزان التجاري وزيادة الصادرات غير النفطية، والسوق الصيني كان ولا يزال أحد أهم الأسواق التي حرصت المملكة على بناء شراكات فيها، حيث توسع نطاق الصادرات ليشمل اليوم أكثر من 20 منتجًا غذائيًا سعوديًا تدخل الأسواق الصينية”.
اقرأ أيضاًالمملكةبرئاسة سمو ولي العهد .. مجلس الوزراء يُرحب بزيارة الرئيس الأمريكي للمملكة
وأبان معاليه أن هناك المزيد من المنتجات والفرص تشمل قطاعات المياه والسدود، وتربية الثروة الحيوانية المكثفة، والدواجن ومشتقاتها، والثروة السمكية، وبخاصة الاستزراع السمكي، إلى جانب الصناعات التحويلية، والتدوير الزراعي، والمخلفات، وتنمية الغطاء النباتي، متطلعًا إلى أن يزور المملكة المستثمرون المهتمون بالقطاعات الزراعية، والبيئية، والمائية بجمهورية الصين الشعبية، للاطّلاع عن كثب على الفرص الاستثمارية المتاحة.
ونوّه بالجهود الكبيرة التي بذلتها سفارة المملكة في الصين وإسهامها في بناء جسور تواصل فعّالة مع القطاع الخاص، وتقديم التسهيلات والبيانات التي يحتاجها المستثمرون؛ مما ساعد في تسريع الخطوات العملية للتعاون والشراكة، مؤكدًا أهمية تعزيز العلاقات الزراعية بين البلدين.
وكان حفل برنامج المنتدى، قد بدأ باستعراض فرص التعاون المشترك بين البلدين، والجهود التي تبذلها المملكة في تطوير منظومة الزراعة الذكية، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال التوسع في الأسواق الدولية، لاسيما السوق الصينية التي تُعد من أهم الشركاء التجاريين للمملكة، إذ يُعد المنتدى منصة مهمة لتعزيز التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية الصين الشعبية في مجالات الزراعة والتجارة، عبر دعم تصدير المنتجات الزراعية السعودية، وبحث آفاق استدامة هذا القطاع الحيوي في ظل التحديات البيئية والاقتصادية.
وتضمن المنتدى كلمتين لممثل مجلس تنمية التجارة الدولية الصيني (CCPIT)، وممثّل اتحاد الغرف السعودية، عبّرا خلالها عن رغبة الجانبين في تعزيز التبادل التجاري والاستثماري، وأكدا أهمية بناء علاقات طويلة المدى تخدم مصالح القطاع الخاص، كما شمل المنتدى معرضًا سعوديًا للمنتجات التي تم اعتمادها للدخول إلى الأسواق الصينية.
وتشمل الاتفاقيات الموقعة عددًا من المشاريع في مجالات البيئة والمياه والزراعة وقطاع الثروة السمكية والحيوانية، أبرزها تبادل المعرفة في تدوير المياه، وتطوير برامج تنمية القدرات البشرية، وإنشاء محطات استزراع الطحالب البحرية، وإنتاج الوقود والأسمدة الحيوية، إلى جانب استخدام التقنيات المتقدمة مثل: الحوسبة السحابية في تحسين معالجة المياه.
كما شملت الاتفاقيات الموقعة بين عددٍ من الجهات في القطاعين الحكومي والخاص في كلا البلدين تطوير مدينة ذكية للأمن الغذائي بالمملكة، تضم مصانع، ومعامل، وخدمات لوجستية متكاملة، إضافة إلى العمل المشترك لإنشاء مدينة متكاملة للصناعات الأساسية والتحويلية في منطقة جازان، بما يعزز سلاسل الإمداد، ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار الصناعي المرتبط بالزراعة.
وفي قطاع الإنتاج الحيواني، جرى التفاهم بين عددٍ من شركات القطاع الخاص بالبلدين حول مشاريع لإنشاء مزارع دواجن حديثة، وتطوير قطاع الأغنام، والتوسع في التدوير البيئي, من خلال استخدام مخلفات النحل والصوف، إضافة إلى مشاريع تطوير جيني متقدم لسلالات الروبيان والزراعة العمودية.
ومن أبرز المحاور التي حظيت باهتمام كبير بين الجانبين، التوافق والتعاون في تعزيز مجال تصدير المنتجات السعودية للأسواق الصينية، خصوصًا التمور، والخضار والفواكه، والمياه المعبأة، وجرى توقيع عددٍ من العقود بين شركات من القطاع الخاص بالبلدين لتوريد وتوزيع هذه المنتجات داخل السوق الصيني.
يذكر أن حجم ونوع الاتفاقيات يعكس عمق الشراكة بين المملكة والصين، وحرص الجانبين على بناء نموذج للتعاون الذكي في مجالات الأمن الغذائي واستدامة الموارد، بما يخدم مصالح البلدين ويدعم أهداف رؤية المملكة 2030.