الجزيرة:
2025-06-27@00:02:38 GMT

أحكام التسفير.. هل عرف التونسيون الحقيقة؟

تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT

أحكام التسفير.. هل عرف التونسيون الحقيقة؟

تونس- لا تزال الأحكام القضائية الصادرة في ما يعرف بقضية تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا، والتي قضت بسجن رئيس الحكومة الأسبق علي العريض 34 عاما، تثير جدلا واسعا في الأوساط السياسية بتونس.

فبينما يرى خصوم حركة النهضة، أن الأحكام استندت إلى تحقيقات تثبت تورط العريض ومسؤولين سابقين، تعتبر الحركة أن المحاكمة ذات طابع سياسي لتصفية الحسابات معها، مؤكدة براءتها من التهم.

ووسط هذا الانقسام، يرى مراقبون، أن المحاكمة لم تكشف الحقيقة في الملف إذ غابت التفاصيل الجوهرية المتعلقة بالشبكات أو الأشخاص المتورطين أو عدد الذين جُندوا أو الذين سافروا إلى سوريا.

حقيقة محجوبة

ويرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، أن ملف التسفير يعدّ من أكثر القضايا حساسية وتعقيدا في المشهد السياسي التونسي، لكنه في المقابل يفتقر إلى المعالجة القضائية والإعلامية الشفافة.

ويؤكد للجزيرة نت، أن ما يثير الاستغراب هو أن التهم وُجهت لقيادات سياسية، وبالأساس من حركة النهضة، من دون تقديم وقائع أو قرائن مقنعة يمكن للرأي العام أو حتى القضاء أن يستند إليها لتقييم موضوعي.

ويرى أن ما يزيد من التباسات هذه القضية، هو غياب المعطيات التي تتيح للرأي العام تتبّع سير المحاكمات، قائلا إن "هذا الملف لم يكشف بالكامل، ويحوم حوله الغموض ولم تتجلّ الحقيقة بالقدر الكافي".

إعلان

وكانت دائرة مكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية أصدرت، الجمعة الماضية، حكما بالسجن 34 عاما على رئيس الحكومة الأسبق علي العريض، إضافة إلى أحكام تجاوزت 30 عاما على متهمين آخرين في القضية.

العريض حكم عليه بالإعدام وسُجن أكثر من 14 سنة، قضى معظمها في الانفرادي في فترة حكم بن علي، وبعد الثورة التونسية في 2011 تولى مناصب مهمة في الدولة فعيّن وزيرا للداخلية ورئيسا للحكومة التونسية.

ويتهمه خصوم النهضة بالمسؤولية عن اغتيال القياديين اليساريين شكري بلعيد ومحمد براهمي، والتسامح مع "السلفية الجهادية"، لكن حزبه يؤكد أنه كان رجل دولة وأنه اتخذ إجراءات كثيرة لمحاربة التطرف.

ملف متشعب

ورغم ربط بعض الأطراف السياسية ظاهرة تسفير الشباب للقتال في سوريا بفترة حكم النهضة، يرى محللون أنها أعمق زمنا وأكثر تعقيدا، وتعود بداياتها إلى عام 2003 إبّان الحرب على العراق، أي قبل الثورة.

ففي تدوينة على فيسبوك، نشر المحلل السياسي طارق الكحلاوي مقالا تحليليا عن ظاهرة التسفير، مؤكدا أن الملف معقّد ويعود إلى تراكمات طويلة وليس فقط حكرا على مرحلة حكم طرف سياسي بعينه.

وقال الكحلاوي، إن التسفير ظاهرة قديمة انطلقت في 2003 إبان غزو العراق، وتواصلت في عهد حكومة الباجي قايد السبسي في 2011 (أي بعد الثورة)، واستفحلت في فترة حكم التروكيا (حركة النهضة وحزب المؤتمر والتكتل) بدءا من نوفمبر/تشرين الثاني 2011، واستمرت بعدها.

عماد الخميري (في الصورة): تعاطي السلطة مع ملف التسفير قام على منطق الإدانة المسبقة وتكميم الأفواه (الجزيرة) إدانة مسبقة

ورغم حساسية الملف وتعقيداته، فإن قيادات حركة النهضة ترى أن هذا الملف تم تلفيقه للحركة في إطار التجاذبات السياسية والأيديولوجية، بعيدا عن كشف الحقيقة ومن دون توفير محاكمة علنية وعادلة للمتهمين.

في السياق، يقول القيادي في حركة النهضة عماد الخميري -للجزيرة نت- إن تعاطي السلطة مع ملف التسفير قام على منطق "الإدانة المسبقة وتكميم الأفواه من دون تمكين المتهمين من حقهم في الدفاع والتوضيح".

إعلان

وأكد أن الحركة طالبت بمحاكمات علنية أمام الرأي العام لكشف الحقيقة خاصة أنها ترى نفسها الطرف الأكثر تضررا من هذه القضية التي تمت فيها شيطتنها سياسيا وإعلاميا ثم حوكمت فيها سياسيا.

وأضاف أن ملف التسفير ظاهرة تعود إلى سنة 2003 إبان الحرب على العراق وتواصلت بعد مغادرة النهضة الحكم سنة 2013، مؤكدا أن القضاء لم يبحث عن كشف الملف وتفكيكه، وإنما سعى إلى إدانة النهضة.

وتابع الخميري، إن وزارة الداخلية لم تتجاوب مع طلبات هيئة الدفاع المتعلقة بالكشف عن المعطيات الدقيقة عن فترات التسفير وأعداد الذين سافروا، معتبرا ذلك تعتيما مقصودا يعيق الوصول إلى الحقيقة وراء هذا الملف.

ونقل عن هيئة الدفاع عن العريض، أن من بين 800 متهم في القضية، لم يسافر سوى 14 شابا في الفترة التي تولى فيها العريض وزارة الداخلية، وهو ما يعتبره دليلا على براءة النهضة من التهم الموجهة إليها.

تصفية المعارضين

ويرى باحثون أن فهم ظاهرة التسفير لا يكتمل من دون التطرق إلى دور تنظيم "أنصار الشريعة" الذي استغل ضعف الدولة بعد الثورة ونجح في التغلغل داخل الأحياء الشعبية والمساجد غير الخاضعة للرقابة.

وبينما يتهم خصوم النهضة الحركة بغض الطرف عن هذا التنظيم المتشدد، تؤكد النهضة وهيئة الدفاع عن علي العريض نائب رئيسها، أنه هو من صنّفه تنظيما إرهابيا في تونس وشرع في ملاحقته أمنيا.

من جانبه، يقول المحامي وأستاذ القانون عبد الوهاب معطر، إن جميع المتهمين في قضية التسفير حوكموا في غياب شروط المحاكمة العادلة ومن دون حجج وأدلة مقنعة ودون محاولة لكشف الحقيقة.

ويؤكد معطر للجزيرة نت، أن الأحكام القضائية في ملف التسفير تأتي ضمن سياق أوسع من المحاكمات السياسية التي طالت معارضي الرئيس قيس سعيد وآخرها قضية التآمر التي شملت عشرات من المعارضين.

ويقول إن "الموضوع لا يتعلق بملفات قضائية أو ملفات عدلية، الموضوع هو ببساطة احتجاز تعسفي لخصوم سعيد"، مؤكدا أن المحكمة لم تقدم أي أدلة مادية تدعم الاتهامات الموجهة إلى المعارضين السياسيين.

إعلان

وتتهم قوى المعارضة الرئيس سعيد باستخدام القضاء أداة لتصفية خصومه السياسيين، عبر الدفع نحو محاكمات توصف بالمسيّسة لاستهداف رموز المعارضة والفاعلين السابقين في المشهد السياسي.

وتشير هذه القوى إلى تكرار السيناريوهات نفسها في عدد من القضايا منها: "ملف التسفير" و"قضية التآمر على أمن الدولة" وقضية "أنستالينغو" حيث وجهت تهم ثقيلة للعديد من المتهمين أغلبهم من حركة النهضة.

في المقابل، يقول أنصار سعيد، إن القوى السياسية التي حكمت البلاد خلال العشرية الماضية قد تورطت في العديد من ملفات الفساد والإرهاب، معتبرين أن المحاكمات الجارية ضرورية لمحاسبتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حرکة النهضة من دون

إقرأ أيضاً:

عراقجي: لا خطط للمفاوضات حول الملف النووي مع واشنطن

نفى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، أن هناك اتفاقا على إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة أو تحديد أي موعد لذلك.

وأضاف  في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، أن "ما يجري حالياً ليس إلا مداولات داخلية تتعلق بمصالح الشعب الإيراني، ولم تُعتمد حتى الآن أي خطة لبدء المفاوضات"، مبينا أن واشنطن أرسلت، قبل اندلاع الحرب، مقترحا بعيدا جدا عن مطالب الجمهورية الإسلامية ومبادئها"، واصفا رفض المقترح بأنه "أمر طبيعي".

كما كشف عراقجي عن أن طهران كانت تعتزم تقديم "مقترحها المتوازن" في الجولة التالية من المفاوضات، إلا أن اندلاع الحرب حال دون ذلك. وبشأن مضمون المقترح الإيراني، أوضح وزير الخارجية الإيراني أنه كان يستند إلى ثلاثة محاور رئيسية، استمرار التخصيب داخل إيران، ورفع العقوبات، والالتزام بعدم السعي لامتلاك السلاح النووي.

وذكر عراقجي أن مضمون العرض الإيراني "يتوافق مع مبادئ الجمهورية الإسلامية"، مشددا على أنه "في حال توافر هذه الأركان الثلاثة، سيكون من الممكن التوصل إلى اتفاق".

كما أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده لم توافق على وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وإنما وافقت فقط على وقف العمليات العسكرية، موضحا أن الموقف الإيراني يستند إلى مبدأ "رد الفعل الدفاعي".



وقال عراقجي،، إن سياسة إيران "قائمة على أنه إذا ما أقدم العدو على وقف هجماته دون شروط مسبقة، فإن الجمهورية الإسلامية ستنهي أيضاً ردود أفعالها"، مبينا أن السبب في ذلك "واضح، إذ إن الطرف المقابل هو من بدأ العدوان، وإيران كانت تكتفي بالدفاع عن نفسها، وبالتالي مع توقف هجمات العدو ينتفي سبب الدفاع".

وذكر أنه خلال عودته إلى طهران من جولة إقليمية هذا الأسبوع، تلقى رسالة من "الطرف المقابل" تفيد بوقف الهجمات اعتبارا من الساعة الرابعة صباحا بتوقيت طهران، وقد "جرى اتخاذ التنسيقات اللازمة مع الجهات المعنية".

وأردف، "جرى إبلاغ الطرف المقابل بأن إيران لا تقبل بوقف إطلاق النار، لكنها في حال توقف هجمات الكيان الصهيوني فلن تواصل عملياتها هي الأخرى". 

وأكد أن إيران سترد على أي انتهاك لوقف إطلاق النار، موضحاً أنه وجّه تحذيرات بهذا الشأن للمسؤولين الأوروبيين، قائلا "إيران ليست لبنان، وسترد بقوة وحزم وسرعة في حال جرى خرق وقف إطلاق النار".

كما أعلن وزير الخارجية الإيراني أن البرلمان حظر التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرا إلى أن "أحد هذه الإجراءات كان وقف عمليات التفتيش، وهو ما جرى تنفيذه بعد الهجوم الذي استهدف المنشآت النووية".

مقالات مشابهة

  • عراقجي: لا خطط للمفاوضات حول الملف النووي مع واشنطن
  • قبل 20 يوليو.. خبير يحذر إثيوبيا من خطــ ر قادم على سد النهضة
  • العلمانية بين العالمية والخصوصية.. من سؤال النهضة إلى سؤال المفهوم (1)
  • الرئيس السيسي يصدق على تعديل بعض أحكام قانون مزاولة مهنة الصيدلة
  • "الشورى" يحيل إلى "الدولة" مشروعي تعديل بعض أحكام "التراث الثقافي" و"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"
  • طريق النهضة: التعليم والثقافة كمشروع عملي
  • تأجيل اعادة إجراءات محاكمة متهم بأحداث فض النهضة لـ 28 يوليو
  • أحكام تصل إلى 6 سنوات حبساً نافذاً لعصابة تبيع “فيزات” وجوازات سفر مزورة
  • أحكام تصل إلى 6 سنوات حبسا نافذا لعصابة تبيع “فيزات” وجوازات سفر مزورة
  • أحكام متفاوتة في حق 12 شخصا من بينهم 5 موظفين ببلدية اسطاولي