طوّر باحثون في جامعة آلتو الفنلندية نظرية كمومية جديدة للجاذبية تصفها بطريقة تتوافق مع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، مما يفتح الباب أمام فهم أفضل لكيفية نشأة الكون.

والجاذبية الكمومية هي إطار نظري يسعى إلى وصف الجاذبية، وفقا لمبادئ ميكانيكا الكم، ولفهم الفكرة يمكن أن نبدأ من النسبية العامة لألبرت أينشتاين، التي تشرح الجاذبية وسلوك الأجسام الضخمة جدا -مثل الكواكب والنجوم- وعلى مقاييس كبيرة جدا (الكون كله تقريبا).

على الجانب الآخر، فإن ميكانيكا الكم تشرح سلوك الجسيمات الصغيرة جدا -الإلكترونات والفوتونات والكواركات- وعلى مقاييس صغيرة جدا (دون ذرية).

كلتا النظريتين تعمل في نطاقين مختلفين، ولا تتعارض ما دامت كل منهما في مجاله، ولكن عندما يحاول العلماء وصف أشياء ثقيلة جدا وصغيرة جدا في الوقت نفسه، مثل مركز الثقوب السوداء جدا أو بداية الانفجار العظيم، يتطلب الأمر دمج النظريتين، ويظهر التناقض، لأن الرياضيات التي تعمل في النسبية العامة تفشل أمام ميكانيكا الكم، والعكس صحيح.

حسب الفرضية الجديدة فإن الجاذبية هي حقل مسطح (تمثله الشبكة التي توجهها الأسهم الخضراء)، أما انحناء الزمكان فهو حدث طارئ عليه (جامعة آلتو) نظرية قياس

في هذا السياق، اقترح الفيزيائي جوسي ليندغرين وفريقه من جامعة آلتو نهجا جديدا يُقرّب العلماء من نظرية موحدة، تجمع النسبية مع ميكانيكا الكم، ويحاول النموذج الجديد صياغة الجاذبية "كنظرية قياس"، وهي نوع من النظريات التي تشرح كيف تتصرف الجسيمات والقوى في الطبيعة، بحسب الدراسة التي نشرت في دورية "ريبورتس إن بروغرس إن فيزكس".

إعلان

الفكرة الأساسية لنظريات القياس تقول إن القوانين الفيزيائية يجب أن تبقى صحيحة، حتى لو غيرت طريقة وصفك للأشياء محليا، وكمثال للتقريب، يمكن قياس الطول بالمتر أو القدم دون أن يتغير الطول الحقيقي، في الفيزياء يمكن تغيير بعض الخصائص (كالطور الكهربائي) دون أن يتغير السلوك الفيزيائي الحقيقي للجسيمات.

وفي النموذج الذي طوره باحثو جامعة آلتو، تُعامل الجاذبية كحقل كمي موجود في زمكان مسطح. ينبثق الزمكان المنحني المألوف للنسبية العامة من السلوك المتوسط ​​(قيمة التوقع) من هذا المجال الكمي.

بمعنى أوضح، في هذه الفرضية الجديدة، فإن الجاذبية ليست مجرد انحناء في الزمكان كما قال أينشتاين، بل هي مجال كمومي يعيش في فضاء مسطح (أي ليس منحنيا)، وفي نظرية المجال الكمومي، فإن كل جسيم ليس مجرد نقطة صغيرة مستقلة، بل هو اهتزاز صغير أو تموج في شيء غير مرئي موجود في كل مكان يُسمى مجال.

كمثال للتقريب، تخيل بركة ماء: الماء نفسه هو المجال، وأي تموج أو موجة على سطح الماء هو جسيم، ومن ثم فإن الزمكان المنحني (الذي نعرفه في نظرية أينشتاين) لا يكون أساسيا، بل ينبثق كنتيجة ثانوية، بسبب متوسط تأثير هذا المجال الكمومي.

نظرية كمومية للجاذبية

يتيح هذا المنظور فهما أكثر تماسكا لكيفية عمل الجاذبية على المقاييس الكمومية، مما قد يحل التناقضات القديمة بين النظريتين الأساسيتين.

على الرغم من أن النظرية واعدة، فإن الفريق يشير إلى أن إثباتها لم يكتمل بعد، حيث تستخدم النظرية إجراء تقنيا يعمل حتى نقطة معينة -تسمى بمصطلحات "الدرجة الأولى"- لكنهما بحاجة إلى التأكد من إمكانية استمرار الحسابات بسلامة طوال العملية الحسابية بأكملها.

يُعد تطوير نظرية كمومية للجاذبية أمرا بالغ الأهمية لفهم الظواهر التي تُعدّ فيها كلٌّ من التأثيرات الكمومية والجاذبية ذات أهمية، مثل الثقوب والانفجار العظيم، ومن ثم فهم أصل الكون.

إعلان

ويمكن لنظرية ناجحة في هذا النطاق أيضا أن تُلقي الضوء على ألغاز مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، اللتين تُشكلان غالبية محتوى الكون من الكتلة والطاقة، ولكنهما لا تزالان غير مفهومتين جيدا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التی ت

إقرأ أيضاً:

بنك ليبيا المركزي يسحب نسخة من فئة 50 دينارا طبعت خارج سلطته

كشف مصرف ليبيا المركزي في طرابلس عن وجود عملة مطبوعة خارج سلطته وسلطة بنك بنغازي، تقدر بأكثر من 3 مليارات دينار ليبي من فئة 50 دينار، مطالبا النائب العام بالتحقيق في ذلك.

وقال البنك المركزي، الأحد، إن ذلك الإجراء يأتي "في إطار ممارسة المصرف للمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي وتعزيز قيمة الدينار الليبي (دينار واحد يساوي 0.18 دولارا)".

والأوراق النقدية المشبوهة طبعت قبل توحيد البنك المركزي المنقسم منذ عام 2014 حتى إعلانه في 20 آب/ أغسطس 2023 عودته كمؤسسة "سيادية واحدة" بعد اجتماع في طرابلس جمع محافظ المصرف الصديق عمر الكبير ونائب المحافظ مرعي مفتاح رحيل ومستشارين في المصرف بطرابلس وبنغازي (شرق).



وفي البيان، قال البنك المركزي إنه "سحب الإصدار الأول المطبوع في بريطانيا (طبعة البنك المركزي طرابلس) وكذلك الإصدار الثاني المطبوع في روسيا (طبعة البنك المركزي بنغازي)".

ولدواعي الإفصاح والشفافية، قال المصرف المركزي إنه يود "إعلام الجمهور بأنه ومن خلال العملية المبدئية لعد وفرز العملة المسحوبة من التداول تبين وجود فرق يتجاوز مبلغ 3.5 مليارات دينار بالنسبة للإصدار الثاني".

وأوضح أن ذلك يُشكل "استيلاء غير مشروع تسبب بضرر جسيم بالاقتصاد الوطني".

وقال البنك إنه أصدر قرارا بسحب فئة 20 دينار (قرار جديد اتخذ الأسبوع الجاري) من الإصدارين الأول والثاني "واستبدالها بعملة أكثر أمانا"، وفق البيان.


وأوضح أن قرار السحب جاء "تخوفا من وجود كميات مطبوعة من هذه الفئة (20 دينار) خارج مصرف ليبيا المركزي وتحديد يوم 30 أيلول/ سبتمبر 2025 آخر موعد لتداولها، وذلك للمحافظة على هيكلة العملة وقوتها".

وأكد مصرف ليبيا المركزي أنه اتخذ "كافة الإجراءات القانونية اللازمة" حيال الأمر، ومنها تقديم بلاغ للنائب العام وإحاطة مجلس النواب بالواقعة.

وتدير ليبيا حاليا حكومتان الأولى "الوحدة الوطنية" برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها طرابلس وتشرف منها على كامل غرب البلاد.

والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب قبل أكثر من 3 أعوام ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدنا بالجنوب.

وتجري الأمم المتحدة محاولات لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية تجدد شرعية جميع المؤسسات الليبية وتحل أزمة الصراع بين الحكومتين.

مقالات مشابهة

  • بفضل نظرية أينشتاين.. اكتشاف كوكب نادر يختبئ في حافة مجرتنا
  • بفضل نظرية أينشتاين.. اكتشاف كوكب نادر يختبئ في حافة مجرتنا 
  • البوصلة المعدنية تعزز الجاذبية السياحية لجبل سمحان
  • أمير هشام: ديمبيلي هذا الموسم بأفضل نسخة
  • بنك ليبيا المركزي يسحب نسخة من فئة 50 دينارا طبعت خارج سلطته
  • عن نظرية الردع.. اليمن أنموذجًا
  • مكتبة الإسكندرية تطلق النسخة الخامسة من سلسلة "الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية"
  • الكأس الذهبية لا تبتسم للضيوف.. السعودية ثامن المنتخبات التي تفشل في التتويج باللقب
  • الكأس الذهبية تواصل تقليدها.. الضيوف لا يُتوجون
  • انقسام حاد في مجلس الشيوخ حول خطة ترامب الضريبية