يعرفه أبناء الجيل السابق، يعرفه أبناء التسعينات، "سأحادثك عبر سكايب" كان يومًا ما جملةً تنبض بالحداثة، تحمل معها بوادر ثورة في عالم الاتصال. كان "سكايب" السبَّاق، نافذةً جديدة أتاحت للناس أن يروا ويسمعوا أحبّاءهم عن بُعد، قبل أن تصبح الهواتف الذكية في كل يد. يكفي أن تجلس في مقهى إنترنت صغير، ترتشف قهوتك، وتحادث صديقًا بعيدًا أو تتعرف على وجه جديد من قارة أخرى.

واليوم، وبعد أن أدى دوره في إعادة تشكيل مشهد التواصل الإنساني، يودعنا هذا الوسيط العريق، لتتسلم رايته تطبيقات أخرى، تكمل رحلة التطور المتسارعة.

نهاية عصر… وبداية آخر

في إعلانٍ مفاجئ، كشفت شركة مايكروسوفت يوم الاثنين، 5 مايو 2025، عن قرارها إيقاف تطبيق سكايب نهائيًا، واضعة بذلك نقطة النهاية لمسيرةٍ امتدت أكثر من عشرين عامًا، خدم خلالها ملايين المستخدمين حول العالم.
وأكدت الشركة الأمريكية، في بيان رسمي، أن التطبيق سيتوقف عن العمل بشكل كامل خلال الأشهر القليلة المقبلة، ودعت مستخدميه إلى الانتقال نحو منصتها الأحدث، Microsoft Teams، التي وصفتها بأنها "أكثر توافقًا مع متطلبات العصر الحديث في العمل والتعليم والتواصل الشخصي."

وأوضحت مايكروسوفت أن هذا القرار يندرج ضمن استراتيجية أوسع لتوحيد أدوات الاتصال والتعاون الرقمي، حيث تخطط لتركيز جهودها على تطوير "Teams" ليصبح المنصة الشاملة للمراسلات النصية، والمكالمات الصوتية والمرئية، وتنظيم الاجتماعات الافتراضية، بدلًا من توزيع خدماتها على عدة تطبيقات.

من القمة إلى الأفول… ماذا حدث لسكايب؟

وُلد "سكايب" عام 2003، وحمل معه آنذاك ثورة حقيقية في عالم الاتصالات؛ مكالمات مجانية، محادثات صوتية ومرئية، بل وحتى مكالمات دولية بأسعار رمزية، مما جعله في صدارة أدوات الاتصال خلال العقد الأول من الألفية.
وعندما استحوذت عليه مايكروسوفت عام 2011 مقابل 8.5 مليار دولار، بدا كأنه سيواصل صعوده، مدعومًا بعملاق البرمجيات. لكن المشهد سرعان ما تغيّر… فقد بدأ التطبيق يفقد بريقه تدريجيًا، لا سيما مع صعود منافسين جدد مثل Zoom، Google Meet، وWhatsApp Video Call، الذين قدموا تجربة أكثر سلاسة وتكاملًا مع بقية المنصات الرقمية.
حسب مراقبين، لم يستطع "سكايب" مواكبة التحولات السريعة في تجربة المستخدم، ولم ينجح في ترسيخ نفسه كمنصة للأعمال، رغم محاولات مايكروسوفت المتكررة لتعزيز قدراته وتكامله مع خدماتها الأخرى.

طمأنة للمستخدمين… والبديل جاهز

وفي خطوة استباقية، أكدت مايكروسوفت أن مستخدمي "سكايب" سيتمكنون من تسجيل الدخول إلى Microsoft Teams باستخدام بياناتهم الحالية، مع نقل جهات الاتصال وسجلات المحادثات تلقائيًا. كما أتاحَت خيارًا لتصدير البيانات يدويًا، فضلًا عن تقديم دعمٍ تقني للمستخدمين حتى مطلع عام 2026، لضمان انتقال سلس وخالٍ من العقبات.
لكن السؤال الذي يطرحه كثيرون:
هل يستطيع Teams أن يحمل إرث سكايب؟ أم أن عصر تطبيقات الاتصال المنفصلة قد انتهى ليبدأ عهد المنصات المتعددة الوظائف؟

هكذا، يغلق "سكايب" فصلًا من حكاية الاتصال البشري عبر الإنترنت، تاركًا أثرًا لا يُمحى في ذاكرة من عرفوه، واستخدموه في لقاءاتهم الأولى عن بعد، أو وداعهم الأخير عبر شاشة صغيرة.

وبينما يطوي العالم صفحة هذا الوسيط العتيق، يبقى التحدي قائمًا:
كيف نواكب، نحن البشر، سرعة التقنية دون أن نفقد تلك اللحظات الدافئة التي جمعتنا ذات يوم… على شاشة سكايب؟

 


 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: سكايب مايكروسوفت تطبيقات الاتصال مكالمات الفيديو التواصل الرقمي تطور الاتصالات نهاية سكايب مستقبل الاتصال اجتماعات افتراضية

إقرأ أيضاً:

شُواظ.. عبوة قسامية حطمت أسطورة الدبابة الإسرائيلية ميركافا

عبوة ناسفة فلسطينية الصنع، دخلت الخدمة لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 2005، وطورت نسخا منها، وتتميز بقدرتها التفجيرية العالية واختراقها الدروع، حتى وصفت بـ"محطمة أسطورة دبابة ميركافا" الإسرائيلية و"صائدة الميركافا".

وتُفجر العبوة من المسافة صفر وتُحدث أكبر ضرر ممكن بالآلية المستهدفة. وقد استخدمتها كتائب القسام بفعالية أثناء التصدي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

النشأة والتصنيع

بدأت أولى محاولات تصنيع عبوة شواظ (وتعني اللهب) في وحدة التصنيع العسكري التابعة لكتائب القسام مع بداية انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الفلسطينية الثانية) التي اندلعت في 28 سبتمبر/أيلول 2000، ودخلت العبوة الخدمة رسميا عام 2005.

واقتبست الكتائب اسم العبوة من الآية القرآنية من سورة الرحمن (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌۭ مِّن نَّارٍۢ وَنُحَاسٌۭ فَلَا تَنتَصِرَانِ 35). وتُصنع الصفائح المعدنية بالعبوة عادة من النحاس.

مقاتلون من كتائب القسام أثناء تجهيز عبوة ناسفة من طراز شواظ (الجزيرة) التطوير

تُعد "شواظ" جزءا من ترسانة الأسلحة محلية الصنع التي طورتها المقاومة الفلسطينية عبر مراحل مختلفة من نضالها، وأنتجت الكتائب منها 7 نماذج تميزت بتفاوت قدراتها التفجيرية.

وقد بدأت النسخ الأولى بوزن يقارب 40 كيلوغراما من المواد شديدة الانفجار، أما النسخة الأحدث "شواظ 7" فهي الأكثر تطورا، إذ تجمع بين الوزن الأخف والقوة التدميرية الأعلى.

وتحمل "شواظ 7" شحنة تفجيرية تزن 3.5 كيلوغرامات من المواد شديدة الانفجار، ويعتمد تصميمها على جهاز تفجير مكوّن من علبة تحتوي على المادة المتفجرة، مغطاة ببطانة مخروطية الشكل. وتُزرع العبوة من المسافة صفر خلف جسم الدبابة، ويُفجّرها المقاتل عن بُعد باستخدام آلية تفجير كهربائية.

وتتمتع هذه العبوة بقدرة اختراق عالية، إذ تستطيع اختراق دروع حديدية بسماكة 38 سنتيمترا و9 شظايا متفجرة، تخترق كل واحدة منها نحو 5 سنتيمترات، مما يجعلها قادرة على اختراق المركبات والدبابات شديدة التحصين، فضلا عن امتلاكها قدرة على اختراق 200 مليمتر من الفولاذ بالمركبات العسكرية.

مميزات شواظ

تتسم هذه العبوة بأنها مضادة للدبابات والعربات العسكرية والأفراد، وتُستخدم إما عبر زرعها في الأرض مع ترك مسافة 60 سنتيمترا للسماح بتشكل الموجة الانفجارية لثقب الجسم الحديدي، أو عبر وضعها على جانب الطريق ببعد لا يزيد على متر من الآلية المراد تفجيرها.

إعلان

وتتميّز عبوة "شواظ" كذلك بعدد من الخصائص التي تجعلها من أبرز الأسلحة التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية في التصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ومن أهمها:

خفة الوزن وسهولة النقل. قدرة تدميرية عالية. قدرة عالية على اختراق ناقلات الجند خاصة من نوع النمر، والدبابات خاصة من نوع ميركافا. سهولة التصنيع. قلة التكاليف (بضع عشرات من الدولارات). قصر وقت التصنيع. يمكن وضعها في أي مكان لا سيما فوق المباني وعلى أرصفة الطرق. تصيب أهدافها بدقة. عمليات نوعية

أظهرت "شواظ" فاعلية عالية في المواجهات العسكرية التي خاضتها كتائب القسام ضد جيش الاحتلال، إذ نجحت في اختراق دبابة "ميركافا" المصنفة ضمن أقوى دبابات القتال في العالم، كما تمكنت من اختراق مركبات "النمر" الإسرائيلية التي تُعد من أقوى وأغلى ناقلات الجند عالميا.

وفي 6 يوليو/تموز 2006، أعلنت كتائب القسام عن استخدام "شواظ" للمرة الأولى في تدمير دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا" وذلك في منطقة الإسراء (غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة).

وفي 18 يوليو/تموز 2014، أسفرت عملية تفجير "شواظ" في دبابة إسرائيلية عن إصابة 3 جنود.

كما نفذت وحدة النخبة في كتائب القسام يوم 24 من الشهر ذاته، هجوما استهدف مجموعة من الآليات الإسرائيلية (شرق بلدة القرارة) حيث فجرت عبوتين من طراز "شواظ" مما أدى إلى مقتل 5 جنود إسرائيليين.

وفي اليوم ذاته، أسفر تفجير عبوتي "شواظ" في آليتين عسكريتين بمنطقة كيسوفيم (وسط القطاع) عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 3 آخرين بجراح خطيرة.

واستخدمت كتائب القسام "شواظ" على نطاق واسع أثناء تصديها للعدوان الإسرائيلي على غزة الذي انطلق في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسُجّل أول استخدام ميداني لها في 31 من الشهر ذاته، حين فجرت القسام آلية إسرائيلية بعد تثبيت "شواظ" على برجها شرق حي الزيتون.

وفي ديسمبر/كانون الأول من العام ذاته، كشف الناطق باسم كتائب القسام (أبو عبيدة) أن الكتائب استخدمت هذه العبوة في محاور متعددة لمواجهة توغلات القوات والآليات العسكرية الإسرائيلية في أنحاء متفرقة من القطاع الفلسطيني.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الأول 2024، أعلنت كتائب القسام تدمير دبابة ميركافا بعبوة شواظ بمنطقة الفاخورة (غرب مخيم جباليا) شمالي القطاع. كما سبقها استهداف دبابة أخرى (شرق جباليا) في 24 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه باستخدام العبوة ذاتها.

وفي 25 يوليو/تموز 2025، أكدت القسام استهداف دبابة ميركافا مجددًا، وهذه المرة في منطقة جنوب مدينة خان يونس.

أما العملية الأبرز فكانت يوم 24 يونيو/حزيران 2025، عندما تسلل أحد مقاتلي القسام إلى قلب منطقة عسكرية إسرائيلية شديدة التحصين، وتمكن من الصعود فوق ناقلة جند مدرعة وألقى عبوة "شواظ" داخل قمرة القيادة، وفي الوقت ذاته ألصق مقاتل آخر عبوة مماثلة بآلية ثانية، قبل انسحابهما من الموقع، وأسفرت العملية عن مقتل 7 جنود إسرائيليين حرقا بينهم ضابط، وإصابة 17 آخرين.

مقالات مشابهة

  • شُواظ.. عبوة قسامية حطمت أسطورة الدبابة الإسرائيلية ميركافا
  • خوليت يهاجم "عقلية" أسطورة الأهلي حسام غالي
  • الشباب العراقي يلجأ إلى الخيار البديل والخطة B
  • ثورة تشابي ألونسو الهادئة تُشعل حماس ريال مدريد في أولى خطواته نحو المجد
  • في مثل هذا اليوم.. دي خيا يوقّع لمانشستر يونايتد ويبدأ حقبة من المجد
  • عمتي “أم غالب الغرير” مدرسة في الإستقلال الإقتصادي
  • هنا يلمع البديل الآمن بعد الإعدادية
  • أسطورة ليفربول يتولى تدريب نادِ هولندي
  • في تحديث تاريخي.. مايكروسوفت تودّع “شاشة الموت الزرقاء”
  • بعد 40 عاما.. مايكروسوفت تستبدل شاشة الموت الزرقاء بلون جديد في ويندوز