رسائل الصفعة على وجه رئيس حزب الشعب الجمهوري
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
شهدت تركيا نهاية الأسبوع الماضي حدثين متعلقين بمشروع "تركيا خالية من الإرهاب" ومستقبل الساحة السياسية التركية، وهما وفاة نائب رئيس البرلمان التركي والقيادي في حزب مساواة الشعوب والديمقراطية، سري ثريا أوندر، واعتداء أحد المواطنين على رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، أثناء مغادرته لمراسم تأبين أوندر التي أقيمت في مركز أتاتورك الثقافي بميدان تقسيم في إسطنبول.
سري ثريا أوندر كان من أهم اللاعبين في محاولات طي صفحة إرهاب حزب العمال الكردستاني، وأحد أعضاء الوفد الذي قام بزيارة زعيم التنظيم الإرهابي، عبد الله أوجلان، في محبسه بجزيرة إمرالي، ليحمل رسائله إلى قادة التنظيم والرأي العام. وكان منحازا للحوار والسلام، بدلا من التصعيد والإرهاب، كما كانت علاقاته متميزة مع أطراف مختلفة بما فيها إسلاميون، الأمر الذي أحزن رحيله تلك الأطراف التي تشكل أغلبية الشعب التركي.
مراسم تأبين أوندر شهدت مشاركة واسعة من الأحزاب السياسية ورجال الدولة. وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل، أحد هؤلاء المشاركين، وتعرض أثناء خروجه من مركز أتاتورك الثقافي، لهجوم مواطن اقترب منه وضربه على وجهه أمام الكاميرات، قبل أن يتمكن الحراس من السيطرة عليه. وسارعت كافة الأحزاب المؤيدة للحكومة والمعارضة لها، لاستنكار الاعتداء، كما اتصل به رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، ليعرب عن إدانته الشديدة للاعتداء وتمنياته له بالسلامة.
التعليق الأول على الحادثة جاء من النائب عن حزب الشعب الجمهوري، سيزغين تانري كولو، الذي زعم أنه سأل المعتدي لماذا قام بالاعتداء على أوزل، وأن الرجل أجاب قائلا "أنا حفيد العثمانيين"، إلا أن شقيق المعتدي نفى ذلك جملة وتفصيلا، وقال إن شقيقه "أتاتوركي بامتياز"، ولا يمكن أن يصف نفسه بـ"حفيد العثمانيين". ويتضح من ذلك أن النائب تانري كولو أراد أن يوجّه أصابع الاتهام إلى المؤيدين للحكومة، علما بأن النائب المذكور متهم بالعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي أي" لسنوات طويلة، كما ورد في وثائق ويكيليكس.
المعتدي على رئيس حزب الشعب الجمهوري سبق أن اعتقل عدة مرات بتهمة ارتكاب جرائم مختلفة، مثل الاعتداء الجنسي والعنف الأسري وتعاطي المخدرات، كما أطلق الرصاص على ابنه وابنته ثم طعنهما حتى يقتلهما عام 2004، وحكم عليه بالسجن المؤبد، إلا أنه خرج من السجن بعد 16 عاما بموجب قوانين "تركيا القديمة" التي غيرها حكومة حزب العدالة والتنمية عام 2005. ولو كان الرجل حكم عليه بالسجن المؤبد بموجب قوانين "تركيا الجديدة" لبقي في السجن 36 عاما. واتضح أنه في حوار أجري معه قبل خمس سنوات قام بتهديد أردوغان وأثنى على زعيم المافيا "سادات بيكر" الذي تستضيفه الإمارات. ومن اللافت أيضا أن شقيقه أحد الأعضاء المؤسسين لحزب النصر الذي يرأسه السياسي العنصري الشهير أميت أوزداغ.
الاعتداء على رئيس حزب الشعب الجمهوري لا يبدو مجرد ردة فعل قام بها رجل غاضب، حتى لو قال المعتدي إنه فقد صوابه لأنه لم يحصل على مساعدات من حزب الشعب الجمهوري، بل يحمل رسائل تحذير لحزب الشعب الجمهوري ورئيسه. ولعل أول رسالة هي تحذير أوزل من دعم الحكومة في مساعيها لدفع حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح. ومن المؤكد أن الأتراك القوميين الذين يميلون إلى حزب الشعب الجمهوري وينتمون إلى حزب النصر، منزعجون من مساعي الحكومة لجعل تركيا "خالية من الإرهاب".
الرسالة الثانية الموجهة إلى أوزل، تحذره من مغبة تخلي سياسة التصعيد التي بدأ حزب الشعب الجمهوري يمارسها جراء اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المقال، أكرم إمام أوغلو، بتهمة الفساد. ومن المعلوم أن أوزل تبنى لفترة وجيزة بعد تربعه على كرسي رئيس حزب الشعب الجمهوري، سياسة تخفيف التوتر مع الحكومة، إلا أنه اضطرّ للتخلي عنها بسبب الضغوط التي جاءت من داخل حزبه. كما أن عدم مواصلة التصعيد يؤدي إلى تراجع اهتمام الرأي العام بقضية إمام أوغلو، وهو ما لا يريده الأخير وداعموه من أقطاب "تركيا القديمة".
الرسالة الثالثة تقول لأوزل أن لا يحلم بالترشح لرئاسة الجمهورية، في ظل تحليلات وتكهنات تشير إلى أن رئيس حزب الشعب الجمهوري يخطّط لخوض الانتخابات الرئاسية كمرشح المعارضة بعد أن خرج إمام أوغلو من المعادلة بسبب إلغاء شهادته الجامعية وسجنه بتهمة الفساد، وأنه لن يرشح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش الذي يحظى بدعم القوميين المؤيدين لحزب النصر.
تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري بعد الحادثة كانت إيجابية إلى حد كبير، وبعيدة عن التصعيد أو تحميل الحكومة مسؤولية الاعتداء عليه، وذكر فيها أن الاستقطاب الحاد لن يخدم أحدا، كما قال إنه ليس غاضبا من أحد، الأمر الذي يؤكد أن أوزل سيبقى لدى المعسكر المؤيد للحكومة، الزعيم المعارض المفضل، كما صرح رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، في تموز/ يوليو 2023، قائلا إنه يفضل أن يتولى أوزل رئاسة حزب الشعب الجمهوري، بدلا من أن يتولاها إمام أوغلو.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه تركيا الشعب الجمهوري الاعتداء العدالة والتنمية تركيا العدالة والتنمية اعتداء الشعب الجمهوري مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس حزب الشعب الجمهوری إمام أوغلو
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء بريطانيا: قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد الهجوم على غزة خاطئ
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن قرار الحكومة الإسرائيلية بتصعيد هجومها على غزة خاطئ، ونحث إسرائيل على إعادة النظر في قرارها السيطرة على مدينة غزة فورا.
وقال دياب اللوح السفير الفلسطيني بالقاهرة، إنّ الوضع في قطاع غزة كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ قرابة العامين، مشيرًا إلى أن ما يحدث هو عملية تدمير وقتل ممنهجة، إضافة إلى سياسة تجويع وتعطيش بحق المدنيين العزّل، حيث تمنع إسرائيل دخول الغذاء والدواء إلى القطاع.
وأضاف اللوح، في لقاء عبر قناة القاهرة الإخبارية، أن السفارة الفلسطينية بالقاهرة نظّمت لقاءً بمشاركة قيادات وشخصيات سياسية مصرية من الأحزاب ومجلسي النواب والشيوخ، إلى جانب نخبة من الصحفيين والإعلاميين، لتسليط الضوء على هذه الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.
وتابع، أنّ ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، هو حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان، مضيفًا أن هذه الحرب لم تعد مقتصرة على قطاع غزة فقط، بل امتدت إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين.
وشدّد على أن الاجتماع الذي عُقد في السفارة، والذي شاركت فيه قامات مصرية كبيرة، حمل رسالة واضحة مفادها أن الشعب الفلسطيني ليس وحده، وأن مصر بكل مكوناتها، قيادةً وشعبًا، تقف إلى جانبه.
وفي حديثه عن الدور المصري، أشار اللوح إلى أن موقف مصر من القضية الفلسطينية هو موقف تاريخي وثابت وراسخ، وقد عبّرت عنه القيادة المصرية وعلى رأسها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كافة المحافل، حيث ترفض مصر مخططات التهجير والضم، وتؤكد دعمها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار إلى أن مصر كانت منذ اللحظة الأولى للحرب حاضرة بقوة، وبذلت كل الجهود الممكنة لوقف العدوان، ولا تزال تواصل جهودها لفرض وقف إطلاق نار دائم، والمضي نحو إعادة إعمار قطاع غزة.